شهر صفر المظفر في الروايات الشريفة
السيد حسين الهاشمي
منذ 5 ساعاتشهر صفر المظفر في الروايات الشريفة
شهر صفر المظفر أحد أشهر التي جعلها الله سبحانه وتعالى لنا حيث قال: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ (1). وقد حان شهر صفر المظفر من عام 1447 للهجرة ولهذا قررنا أن نكتب لكم عن هذا الشهر العظيم وعن آدابه وأعماله والمناسبات الموجودة فيه.
أعمال شهر صفر
قد روي أعمال كثيرة لهذا الشهر العظيم لكننا نقتصر على بعض الأعمال المشهورة والمروية في أكثر كتب الأعمال والعبادات.
قال الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان: « إعلم أن هذا الشهر معروف بالنحوسة ولا شي أجدى لرفع النحوسة من الصدقة والأدعية الاستعاذات المأثورة » (2). في توضيح هذا القول من الشيخ القمي يجب أن نبين مدى صحة نحوسة شهر صفر وسنناقشه إن شاء الله. لكن الأدعية المأثورة والصدقة من المجربات في دفع جميع أنواع البلايا والحوادث. فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « الصدقة تدفع البلاء وهي انجح دواء ، وتدفع القضاء وقد ابرم إبراما ، ولا يذهب بالادواء إلا الدعاء والصدقة » (3). ولايجب أن تكون الصدقة بشئ ثمين أو كثير جدا بل يمكن لأيّ شخص أن يتصدق بما عنده وبما أمكنه. فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « كل معروف صدقة إلى غني أو فقير ، فتصدقوا ولو بشق تمرة ، واتقوا النار ولو بشق التمرة ، فان الله عزوجل يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يوفيه إياها يوم القيامة ، حتى يكون أعظم من الجبل العظيم » (4).
وأحد الأعمال في شهر صفر هو الدعاء المعروف بشديد القوى. قال المحدث القمي في كتابه: « من أراد أن يصان مما ينزل في هذا الشهر من البَلاءِ فليقل كل يوم عشر مرّات كما روى المحدث الفيض وغيره: يا شَدِيدُ القُوى وَياشَدِيدَ المِحالِ يا عَزِيزُ يا عَزِيزُ يا عَزِيزُ ذَلَّتْ بِعَظَمَتِكَ جَمِيعُ خَلْقِكَ ، فَاكْفِنِي شَرَّ خَلْقِكَ يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفَضِّلُ يا لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَيْناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرينَ » (5).
في اليوم الثالث من شهر صفر يستحب صلاة بهذه الطريقة: « ركعتين يقرأ في الأوّلى الحمد وسورة (إنا فتحنا)، وفي الثانية الحمد والتوحيد ويصلّي بعد السلام على محمد وآله مائة ويقول مائة مرّة : اللّهُمَّ الْعَنْ آلَ أَبِي سُفْيانَ ، ويستغفر مائة مرة ثم يسأل حاجته » (6).
نحوسة شهر صفر بين النفي والإثبات
قد شاع بين الناس أنّ شهر صفر شهر نحس وقد أوردنا كلام المحدث القمي حيث قال: « إعلم أن هذا الشهر معروف بالنحوسة ». فكرة النحوسة لا تختصّ بشعبٍ من الشعوب أو بدولةٍ من الدّول، بل نجدها لدى العديد من الشعوب والدّول، فنجد من يتشاءم من أرقام معيَّنة، أو من رؤية بعض الحيوانات أو الطّيور وما إلى هنالك. ولكنّ الخطورة كل الخطورة، عندما تعطى النحوسة بعداً دينيّاً، ونحن ينبغي أن تكون لنا الحساسية من أن يوصف الدين بما يسيء إليه ويشوه صورته، كما هو الحال فيما ورد عن شهر صفر. لكن اشتهار صفر بالنحوسة أمر لا أساس له في روايات أهل البيت عليهم السلام. بل يوجد عكسه في الروايات الشريفة. فالتشاؤم بالساعات والأيام والليالي من الأمور المنهية عنه في الروايات المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام. فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « لا تسبوا الرياح فانها مأمورة ، ولا الجبال ولا الساعات ولا الأيام ولا الليالي فتأثموا ويرجع إليكم » (7). وهناك حكاية جميلة عن الإمام علي الهادي عليه السلام لا بأس بالإشارة إليها: « عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام ، أن رجلاً نكبت إصبعه ، وتلقاه راكب فصدم كتفه ، ودخل في زحمة فخرقوا ثيابه ، فقال : كفاني الله شرك فما أشأمك من يوم ، فقال أبو الحسن عليه السلام : هذا وأنت تغشانا ترمي بذنبك من لا ذنب له ، ثم قال : ما ذنب الأيام حتى صرتم تتشأمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها ، فقال الرجل : أنا أستغفر الله ، فقال : والله ما ينفعكم ولكن الله يعاقبكم بذمها على ما لا ذم عليها فيه ، أما علمت أن الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال ، فلا تعد ولا تجعل للأيام صنعاً في حكم الله » (8).
فعلى هذا ينتفي قول البعض أن هذا الشهر نحس لاستشهاد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيه أو إنه نحس لكونه بعد الأشهر الحرم وفيه يبدأ القتال بين الناس. لأن استشهاد النبي صلى الله عليه وآله لا يستدعي أن يكون الشهر نحسا. وبدأ القتال في شهر صفر أيضا من فعل الناس. فعلى الناس أن يجتنبوا الحروب ما أمكن. وهذا لا يوجب نحوسة شهر صفر.
مناسبات شهر صفر المظفر
في شهر صفر مناسبات كثيرة. سنذكر البعض منها حسب الكتب الموجودة والمعروفة.
اليوم الأول
فيه في السنة السابعة والثلاثين ابتدي القتال في واقعة صفين. وفيه على بعض الأقوال في السنة الحادية والستين أدخل دمشق رأس سيد الشهداء عليه السلام ، فجعله بنو أُمية عيداً لهم ، وهو يوم تتجدد فيه الأحزان.
كانَتْ مَآتِمُ بِالعِراقِ تَعدُّها * أَمَويةُ بالشامِ مِن أَعْيادِها
وفيه أيضاً على بعض الأقوال أو في الثالث منه في السنة الحادية والعشرين بعد المائة استشهد زيد بن علي بن الحسين عليه السلام. (9)
اليوم السابع
استشهد فيه في سنة خمسين الإمام الحسن المجتبى عليه السلام على قول الشهيد والكفعمي وغيرهما. وفيه في سنة ١٢٨ كانت ولادة الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في الأبواء ، وهو منزل بين مكة والمدينة (10).
اليوم العشرون
يوم الأَرْبعين وهو يوم ورود جابر بن عبد الله الأنصاري كربَلاء لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وهو أول من زاره ويستحب فيه زيارته عليه السلام. عن الإمام العسكري عليه السلام قال:« علامات المؤمن خمس: صلاة احدى وخمسين الفرائض والنوافل اليومية وزيارة الأَرْبعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم » (11).
وهناك زيارة مختصة للإمام الحسين عليه السلام في يوم الأربعين مذكورة في كتب الأدعية والعبادات مثل مفاتيح الجنان. رزقنا الله وإياكم زيارة سيدالشهداء عليه السلام في الدنيا والمشاية إلى حرمه الشريف وشفاعته في الآخرة.
اليوم الثامن والعشرون
سنة إحدى عشرة يوم شهادة خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله وقد صادف يوم الاثنين من أيام الأسبوع باتفاق الآراء وكان له عندئذ من العمر ثلاث وستون سنة.
وفي رواية أنّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها أخذت تراب قبر أبيها بعد شهادته فوضعته على عينيها وقالت: « ماذا على المُشتَمِّ تُربَة أحمدَ * أن لايَشَمَّ مَدى الزَّمانِ غَوالِيا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصائِبُ لَوْ أَنَّها * صُبَّتْ عَلى الأيامِ صِرْنَ لَيالِيا» (12).
اليوم الأخير
في سنة ثلاث ومائتين على رواية الطبرسي وابن الأثير استشهد الإمام الرضا عليه السلام بعنب دس فيه السم وكان له من العمر خمس وخمسون سنة. (13).
هذه كانت جملة من الأمور المرتبطة بشهر صفر المظفر. إذا كنتم تعلمون أعمالا أو أدعية أخرى في هذا الشهر العظيم، أكتبوا لنا في التعليقات.
1) سورة التوبة / الآية: 36.
2) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 379 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
3) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 96 / الصفحة: 137 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
4) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 96 / الصفحة: 122 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
5) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 380 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
6) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 380 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
7) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 7 / الصفحة: 508 / الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث – قم / الطبعة: 2.
8) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 7 / الصفحة: 508 / الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث – قم / الطبعة: 2.
9) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 380 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
10) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 380 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
11) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 380 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
12) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 381 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – طهران / الطبعة: 1.
13) أعلام الورى (للشيخ الطبرسي) / المجلد: 1 / الصفحة: 328 / الناشر: مؤسسة آل البيت – قم / الطبعة: 1.
التعلیقات