آداب الدخول إلى الاُسرة وآداب الجماع (٢)
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتب ـ آداب الجماع :
ولقد وضع الإسلام للجماع آداباً خاصة ، تبدأ منذ دخول الرّجل على زوجته
، فقد جاء في وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام : « يا علي ، إذا أُدخلت العروس بيتك ، فاخلع خفّها حين تجلس ، واغسل رجليها ، وصُبّ الماء من باب دارك إلى أقصى دارك ، فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون من الفقر ، وأدخل فيها سبعين ألف من الغنى ، وسبعين لوناً من البركة ، وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس عروسك .. » (1).
وقال الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه : « إذا أُدخلت عليك أهلك فخذ بناصيتها ، واستقبل بها القبلة ، وقُلْ : اللّهمَّ بأمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللت فرجها ، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً سوياً ، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ».
ومن كتاب النجاة المروي عن الأئمة عليهم السلام : « إذا قرب الزفاف يُستحب أن تأمرها أن تصلي ركعتين ، وتكون على وضوء إذا أُدخلت عليك ، وتصلي أنت أيضاً مثل ذلك ، وتحمد الله ، وتصلي على النبي وآله .. وتقول إذا أردت المباشرة : اللّهمَّ ارزقني ولداً واجعله تقياً ذكياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان ، واجعل عاقبته إلى خير. وتسمي عند الجماع » (2).
فالملاحظ أن السيرة العطرة تُسدي نصائحها القيمة للزوجين عند المباشرة ، وتكشف في الوقت عينه عن العلل والآثار المترتبة عليها ، والتي يمكن تصنيفها والاشارة إليها في الفقرات التالية :
1 ـ تجنب الجماع في أوقات معينة : جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام : لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره ، فإن الجنون والجذام والخبل يُسرع إليها وإلى ولدها.
ثم قال : يا علي ، لا تجامع امرأتك بعد الظهر ، فإنّه إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول .. (3)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، وعليك بالجماع ليلة الاثنين ، فإنّه إن قضى بينكما ولد يكون حافظاً لكتاب الله ، راضياً بما قسم الله عزَّوجلَّ لـه.
ياعلي : « إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء ، فقضى بينكما ولد ، فإنّه يُرزق الشهادة .. » (4).
2 ـ تجنب الجماع في أماكن معينة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، لاتجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون جلاّداً ، أو قتّالاً ، أو عريفاً » (5).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، لا تجامع أهلك على سقوف البنيان ، فإنّه إن قضى بينكما ولد يكون منافقاً ، مرائياً ، مبتدعاً » (6).
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام : « لا تجامع في السفينة ، ولا مستقبل القبلة ولا مستدبرها (7).
3 ـ تجنب الجماع في أوضاع معينة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، لاتجامع امرأتك من قيام ، فإن ذلك من فعل الحمير ، وإن قضى بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش ، كالحمير تبول في كل مكان » (8).
4 ـ تجنب الجماع في حالات معينة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوماً أو أبرص فلا يلومنَّ إلاّ نفسه » (9).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً : « يا علي ، لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن ، فإنّه إن قضى بينكما ولد يكون عوناً لكلِّ ظالم » (10).
5 ـ تجنب الكلام عند الجماع والنظر : فمن وصايا أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا أراد أحدكم غشيان زوجته فليقلَّ الكلام ، فإنَّ الكلام عند ذلك يورث الخرس ، ولا ينظرنَّ أحدكم إلى باطن فرج المرأة فإنّه يورث البرص .. » (11).
وهكذا نجد أن السيرة المطهّرة لم تغفل عن بيان آداب الجماع والعواقب المترتبة على أوضاعه وحالاته وأوقاته ، التي تنعكس ـ سلباً أو إيجاباً ـ على الأولاد سواءً في صحتهم وسلامتهم أو مستقبلهم ومصيرهم.
_____________________
1) أمالي الصدوق : 455 مؤسسة الأعلمي ط 5.
2) من وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام / مكارم الأخلاق : 208 ـ 212الفصل العاشر : في آداب الزفاف والمباشرة.
3) مكارم الأخلاق : 209.
4) المصدر السابق : 211.
5) المصدر السابق : 210.
6) مكارم الأخلاق : 209 ـ 211.
7) المصدر السابق : 212.
8) المصدر السابق : 210.
9) مكارم الأخلاق : 212.
10) مكارم الأخلاق : 211 ـ 212.
11) تحف العقول : 125 وصايا أمير المؤمنين عليه السلام.
التعلیقات