آداب الدخول إلى الاُسرة وآداب الجماع (٢)
عبّاس الذهبي
2024 Sep 19ب ـ آداب الجماع :
ولقد وضع الإسلام للجماع آداباً خاصة ، تبدأ منذ دخول الرّجل على زوجته
، فقد جاء في وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام : « يا علي ، إذا أُدخلت العروس بيتك ، فاخلع خفّها حين تجلس ، واغسل رجليها ، وصُبّ الماء من باب دارك إلى أقصى دارك ، فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون من الفقر ، وأدخل فيها سبعين ألف من الغنى ، وسبعين لوناً من البركة ، وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس عروسك .. » (١).
وقال الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه : « إذا أُدخلت عليك أهلك فخذ بناصيتها ، واستقبل بها القبلة ، وقُلْ : اللّهمَّ بأمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللت فرجها ، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً سوياً ، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ».
ومن كتاب النجاة المروي عن الأئمة عليهم السلام : « إذا قرب الزفاف يُستحب أن تأمرها أن تصلي ركعتين ، وتكون على وضوء إذا أُدخلت عليك ، وتصلي أنت أيضاً مثل ذلك ، وتحمد الله ، وتصلي على النبي وآله .. وتقول إذا أردت المباشرة : اللّهمَّ ارزقني ولداً واجعله تقياً ذكياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان ، واجعل عاقبته إلى خير. وتسمي عند الجماع » (٢).
فالملاحظ أن السيرة العطرة تُسدي نصائحها القيمة للزوجين عند المباشرة ، وتكشف في الوقت عينه عن العلل والآثار المترتبة عليها ، والتي يمكن تصنيفها والاشارة إليها في الفقرات التالية :
١ ـ تجنب الجماع في أوقات معينة : جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام : لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره ، فإن الجنون والجذام والخبل يُسرع إليها وإلى ولدها.
ثم قال : يا علي ، لا تجامع امرأتك بعد الظهر ، فإنّه إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول .. (٣)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، وعليك بالجماع ليلة الاثنين ، فإنّه إن قضى بينكما ولد يكون حافظاً لكتاب الله ، راضياً بما قسم الله عزَّوجلَّ لـه.
ياعلي : « إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء ، فقضى بينكما ولد ، فإنّه يُرزق الشهادة .. » (٤).
٢ ـ تجنب الجماع في أماكن معينة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، لاتجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون جلاّداً ، أو قتّالاً ، أو عريفاً » (٥).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، لا تجامع أهلك على سقوف البنيان ، فإنّه إن قضى بينكما ولد يكون منافقاً ، مرائياً ، مبتدعاً » (٦).
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام : « لا تجامع في السفينة ، ولا مستقبل القبلة ولا مستدبرها (٧).
٣ ـ تجنب الجماع في أوضاع معينة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « يا علي ، لاتجامع امرأتك من قيام ، فإن ذلك من فعل الحمير ، وإن قضى بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش ، كالحمير تبول في كل مكان » (٨).
٤ ـ تجنب الجماع في حالات معينة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوماً أو أبرص فلا يلومنَّ إلاّ نفسه » (٩).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً : « يا علي ، لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن ، فإنّه إن قضى بينكما ولد يكون عوناً لكلِّ ظالم » (١٠).
٥ ـ تجنب الكلام عند الجماع والنظر : فمن وصايا أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا أراد أحدكم غشيان زوجته فليقلَّ الكلام ، فإنَّ الكلام عند ذلك يورث الخرس ، ولا ينظرنَّ أحدكم إلى باطن فرج المرأة فإنّه يورث البرص .. » (١١).
وهكذا نجد أن السيرة المطهّرة لم تغفل عن بيان آداب الجماع والعواقب المترتبة على أوضاعه وحالاته وأوقاته ، التي تنعكس ـ سلباً أو إيجاباً ـ على الأولاد سواءً في صحتهم وسلامتهم أو مستقبلهم ومصيرهم.
_____________________
١) أمالي الصدوق : ٤٥٥ مؤسسة الأعلمي ط ٥.
٢) من وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام / مكارم الأخلاق : ٢٠٨ ـ ٢١٢الفصل العاشر : في آداب الزفاف والمباشرة.
٣) مكارم الأخلاق : ٢٠٩.
٤) المصدر السابق : ٢١١.
٥) المصدر السابق : ٢١٠.
٦) مكارم الأخلاق : ٢٠٩ ـ ٢١١.
٧) المصدر السابق : ٢١٢.
٨) المصدر السابق : ٢١٠.
٩) مكارم الأخلاق : ٢١٢.
١٠) مكارم الأخلاق : ٢١١ ـ ٢١٢.
١١) تحف العقول : ١٢٥ وصايا أمير المؤمنين عليه السلام.
التعلیقات