حركة الظهور المقدس
الشيخ علي الكوراني
منذ 14 سنةبداية حركة الظهور المقدس
تدل الأحاديث الشريفة على أن حركة الإمام المهدي وثورته المقدسة أرواحنا فداه ، تتم في أربعة عشر شهراً.
وأنه يكون في الستة أشهر الأولى منها خائفاً يترقب ، يوجه الأحداث سراً بواسطة أصحابه وأنصاره ، وفي الثمانية أشهر التالية يظهر في مكة ويتوجه إلى المدينة فالعراق فالقدس ، ويخوض معاركه معه أعدائه ، ويوحد العالم الإسلامي تحت حكمه ، ثم يعقد الهدنة مع الروم ، أي الغربيين. كما سيأتي.
وتؤكد الأحاديث على وقوع حدثين قبل حركة ظهور المهدي عليه السلام بنحو ستة أشهر يكونان بمثابة الإشارة الإلهية له بأن يبدأ الإعداد للظهور.
الحدث الأول : انقلاب في بلاد الشام بقيادة عثمان السفياني ، يرى فيه أعداء الأمة من اليهود والغربيين ، أنه خطوة مهمة في ضبط المنطقة المحيطة بفلسطين بيد زعامة موالية لهم ، تمنع العمليات العسكرية ضدهم ، وتقف في وجه تهديدات البلاد العربية وإيران للقدس.
أما الذين يعرفون أحاديث السفياني ، وأن أمره موعود على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله فيقولون صدق الله ورسوله ( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ) ، ويعتبرونه مقدمة لظهور المهدي الموعود ، ويستعدون لنصرته عليه السلام.
والحدث الثاني : نداء من السماء إلى شعوب العالم يسمعونه جميعاً ، أهل كل لغة بلغتهم ، قوياً عميقاً رخيماً ، آتياً من السماء ومن كل صوب .. فلا يبقى نائم إلا استيقظ ، ولا قاعد إلا نهض ، ويفزع الناس من صيحته ويخرجون من بيوتهم لينظروا ما الخبر! وهو يدعوهم إلى وضع حد للظلم والكفر والصراع وسفك الدماء ، واتباع الإمام المهدي عليه السلام ويسميه باسمه واسم أبيه!
وتذكر الأحاديث الشريفة أن أعناق البشر تخضع لهذه الآية الإلهية الموعودة ، لأنها تأويل قوله تعالى : ( إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ( الشعراء : 4 ) ولا بد أنه يعم العالم سؤال على ألسنة الناس وفي وسائل الإعلام : من هو المهدي ؟ وأين هو ؟
ولكن ما أن يعرفوا أنه إمام المسلمين ، من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وأنه سيظهر في الحجاز حتى يبدؤوا بالتشكيك بالنداء المعجزة ، وبالتخطيط لضرب هذا المد الإسلامي الجديد ، وقتل إمامه المهدي عليه السلام!
أما المؤمنون بالغيب الذين سمعوا بأحاديث هذا النداء ، فيعرفون أنه النداء الحق الموعود ( وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ) ، وتكثر أحاديثهم عن المهدي عليه السلام ، والبحث عنه ، والاستعداد لنصرته.
وأصل أحاديث هذا النداء ، وأنه يدعو الناس إلى اتباع الإمام المهدي عليه السلام ويسميه باسمه واسم أبيه ، كثيرة في مصادر الشيعة والسنة ، ولا يبعد بلوغها حد التواتر المعنوي.
وقد رواها ابن حماد في مخطوطته في الصفحات 59 و 60 و 92 و 93 وغيرها. ورواها المجلسي في البحار ج 52 ص 119 و 287 و 289 و 290 و 296 و 300 وغيرها.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إنه ينادي باسم صاحب هذا الأمر مناد من السماء : الأمر لفلان بن فلان ، ففيم القتال ) ( البحار : 52/396 ).
وعنه عليه السلام قال : ( هما صيحتان : صيحة في أول الليل ، وصيحة في آخر الليلة الثانية. قال هشام بن سالم فقلت : كيف ذلك ؟ قال : واحدة من السماء ، وواحدة من إبليس. فقلت كيف تعرف هذه من هذه ؟ قال : يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون ). ( البحار : 52/295 ).
وعن محمد بن مسلم قال : ( ينادي مناد من السماء باسم القائم فيسمع ما بين المشرق والمغرب ، فلا يبقى راقد إلا قام ، ولا قائم إلا قعد ، ولا قاعد إلا قام على رجليه من ذلك الصوت ، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين ) ( البحار : 52/290 ).
وعن عبد الله بن سنان قال : ( كنت عند أبي عبد الله ( الإمام الصادق عليه السلام ) فسمعت رجلاً من همدان يقول له : إن هؤلاء العامة يعيروننا ويقولون لنا : إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر! وكان متكئاً فغضب وجلس ، ثم قال : لا تروه عني ، واروه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك. أشهد أني سمعت أبي عليه السلام يقول : والله إن ذلك في كتاب الله عزوجل بين حيث يقول :( إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ). ( البحار : 52/292 ).
وعن سيف بن عميرة قال : ( كنت عند أبي جعفر المنصور فقال ابتداء : يا سيف بن عميرة لا بد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب. فقلت : جعلت فداك يا أمير المؤمنين ، تروي هذا! قال : إي والذي نفسي بيده لسماع أذني له. فقلت : يا أمير المؤمنين إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا. قال يا سيف ، إنه لحق. فإذا كان ذلك فنحن أول من يجيبه ، أما إنه نداء إلى رجل من بني عمنا. فقلت : رجل من ولد فاطمة عليها السلام ؟ قال : نعم ، يا سيف لولا أني سمعته من أبي جعفر محمد بن علي ولو يحدثني به أهل الأرض كلهم ما قبلته منهم. ولكنه محمد بن علي )! ( الإرشاد للمفيد ص 404 )
وفي مخطوطة ابن حماد ص 92 عن سعيد بن المسيب قال : ( تكون فتنة كان أولها لعب الصبيان ، كلما سكنت من جانب طمت من جانب ، فلا تتناهى حتى ينادي مناد من السماء : ألا إن الأمير فلان. وفتل ابن المسيب يديه حتى أنهما لتنتفضان فقال : ذلكم الأمير حقاً ، ثلاث مرات ).
وفيها : ( إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمد ، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ، ويشربون حبه ، ولا يكون لهم ذكر غيره ).
وفيها : ( حدثنا سعيد عن جابر عن أبي جعفر قال : ينادي مناد من السماء ألا أن الحق في آل محمد ، وينادي مناد من الأرض ألا إن الحق في آل عيسى أو قال العباس ، أنا أشك فيه ، وإنما الصوت الأسفل من الشيطان ليلبس على الناس. شك أبو عبد الله نعيم ).
وفي ص 60 : عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( إذا كانت صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال وتمييز القبائل في ذي القعدة ، وسفك الدماء في ذي الحجة. والمحرم وما المحرم ، يقولها ثلاثاً. هيهات هيهات يقتل الناس فيها هرجاً هرجاً. قال ، قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟ قال هده في النصف من رمضان ليلة جمعة ، فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورهن. في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل ، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا : سبحان القدوس ، سبحان القدوس ، فإنه من فعل ذلك نجا ، ومن لم يفعل ذلك هلك )
إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في مصادر الفريقين.
أما النداء الأرضي المضاد الذي تذكره الأحاديث ، قد يكون نداء إبليس حقيقة كما نادى يوم أحد : قتل محمد صلى الله عليه وآله ، ويحتمل أن يكون نداء إبليس بواسطة أعوانه أبالسة الإعلام العالمي حيث تتوصل عبقرياتهم الى مواجهة الموجة الإسلامية العالمية التي يحدثها النداء بنداء مشابه مضاد.
وأما القتال الذي يدعو النداء السماوي إلى وقفه ، فلا يبعد أن يكون الحرب العالمية التي تقدم الحديث فيها ، وذكرنا أنها قد تكون على شكل حروب متعددة ، وفقاً لما تذكره الأحاديث من أنه في سنة الظهور تكثر الحروب في الأرض.
كما ينبغي الإلفات إلى وجود تفاوت بين الروايات في وقت النداء. فقد ذكر بعضها أنه يكون في شهر رمضان كما رأيت ، وذكر بعضها أنه يكون في رجب كما في البحار : 52 ص 789 ، وذكر بعضها أنه يكون في موسم الحج كما في مخطوطة ابن حماد 92 ، أو في محرم وبعد قتل النفس الزكية كما في ص 93 ، ويفهم من بعض الروايات أنها نداءات متعددة ، بل ينص بعضها على ذلك.
وقد أوصل أحد العلماء النداءات الواردة في مصادرنا الشيعية إلى ثمانية ، وهي قريب من ذلك في المصادر السنية ، لكن المرجح أنها نداء سماوي واحد في شهر رمضان ، وأن تصور أنه يكون متعدداً نشأ من تفاوت الروايات في توقيته ، والله العالم.
بعد هاتين الآيتين ، أي بعد خروج السفياني في رجب ، والنداء السماوي في رمضان .. يكون بقي لظهور المهدي عليه السلام في محرم نحو ستة أشهر. وتذكر مصادر الحديث السنية عدداً من أعماله عليه السلام في هذه الفترة تتلخص باتصاله بأنصاره في المدينة المنورة ثم في مكة المكرمة ، والتقائه ببعض الذين يأتون من أقطار العالم الإسلامي يبحثون عنه ليبايعوه على شوق وتخوف ، ومنهم سبعة من العلماء من بلدان شتى يلتقون في مكة على غير ميعاد ، ويكون كل واحد منهم أخذ البيعة من ثلاث مئة وثلاثة عشر متديناً مخلصاً في بلده ، وجاء يبحث عن المهدي عليه السلام ليبايعه عن نفسه وعن جماعته ، طمعاً في أن يقبلهم المهدي عليه السلام ، فيكونون أصحابه الموعودين على لسان النبي صلى الله عليه وآله!
وتعتبر مصادرنا الشيعية هذه الأشهر الستة مرحلة الظهور الخفي بعد الغيبة الكبرى التامة ، وهي المقصودة بالحديث الوارد عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( يظهر في شبهة ليستبين ، فيعلو ذكره ، ويظهر أمره ) ( البحار : 52/3 ) والمعنى أنه عليه السلام يظهر أولاً بالتدريج ، ثم يتضح أمره للناس ويستبين. ويحتمل أن يكون المعنى أنه يظهر بالتدريج لكي يختبر أمره واستجابة الناس له ويستبين ذلك.
ويدل على هذه الفترة أيضاً عدة أخبار أخرى فيها صحيح السند ، ومن أوضحها التوقيع الصادر منه عليه السلام إلى سفيره علي بن محمد السمري رضوان الله عليه قال : ( وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا ومن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) ( البحار : 51/361 ). والمقصود بمن يدعي المشاهدة قبل هذين الحدثين من يدعي السفارة لصاحب الأمر عليه السلام ، وليس مجرد التشرف برؤيته دون ادعاء النيابة أو دون التحدث بذلك ، فقد استفاضت الروايات برؤيته عليه السلام من قبل العديدين من العلماء والأولياء الثقاة الأصحاء ، ولعل هذا سبب التعبير بنفي المشاهدة لا الرؤية.
ويدل التوقيع الشريف على أن الغيبة التامة الكبرى تنتهي بخروج السفياني والصيحة ، وأن الغيبة بعدها تكون اختفاء شبيهاً بالغيبة الصغرى مقدمة للظهور ، وأن الإمام عليه السلام يتصل فيها بأنصاره ، ويتشرف العديد منهم بلقائه ، وقد ينصب سفراء يكونون واسطة بينه وبين الناس.
بل يبدو من الرواية التالية أنه يظهر بعد خروج السفياني ثم يختفي إلى وقت ظهوره الموعود في محرم ، ففي رواية حذلم بن بشير عن الإمام زين العابدين عليه السلام : ( فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يظهر بعد ذلك ) البحار : 52/213 ، ولاتفسير لها إلا أنه عليه السلام يظهر للناس بعد خروج السفياني في رجب ، ثم يختفي إلى وقت ظهوره في محرم. ولم تذكر الرواية هل يكون هذا الظهور قبل النداء السماوي أو بعده.
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( لايقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلاً كلهم يجمع على قول إنهم قد رأوه فيكذبونهم ) ( البحار : 52/244 ) ، ويبدو أنهم رجال صادقون بقرينة تعبيره عليه السلام عن إجماعهم على رؤيته ، وتعجبه من تكذيب الناس لهم ، أي عامة الناس.
ويظهر أن رؤيتهم له عليه السلام تكون في تلك الفترة التي يظهر فيها في خفاء ليستبين ، فيعلو ذكره ويظهر أمره.
وعلى هذا ، فمن المرجح أنه يقوم عليه السلام في تلك الفترة بدوره القيادي بشكل شبه كامل ، ويصدر توجيهاته في تلك الظروف الحساسة إلى دولة الممهدين اليمانيين والإيرانيين ، ويتصل بأنصاره أولياء الله تعالى في شتى بلاد المسلمين.
ومن أجل أن نتصور عمله في فترة الظهور الصغرى هذه ، نتعرض باختصار لعمله في غيبته. فقد ذكرت بعض الروايات أنه روحي فداه يسكن المدينة المنورة ، ويلتقي بثلاثين ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال :
( لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ، ولا بد له في غيبته من عزلة ، ونعم المنزل طيبة ، وما بثلاثين من وحشة ). ( البحار : 52/157 ).
وتدل روايات أخرى على أنه يعيش مع الخضر عليهما السلام فعن الإمام الرضا عليه السلام قال : ( إن الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لايموت حتى ينفخ في الصور ، وإنه ليأتينا فيسلم علينا فنسمع صوته ولا نرى شخصه ، وإنه ليحضر حيث ذكر ، فمن ذكره منكم فليسلم عليه ، وإنه ليحضر المواسم فيقضي جميع المناسك ويقف في عرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا عليه السلام ويصل به وحدته ). ( البحار : 52/152 ).
ويبدو من الرواية المتقدمة وغيرها أن هؤلاء الثلاثين من أصحاب المهدي عليه السلام يتجددون دائماً ، فكلما توفي منهم واحد حل محله آخر.
ولعلهم الأبدال المقصودون بالفقرة الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام في دعاء النصف من رجب ، بعد الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله :
( اللهم صل على الأبدال والأوتاد والسياح والعباد والمخلصين والزهاد وأهل الجد والاجتهاد ). ( مفتاح الجنات : 3/50 ).
ومن المرجح أن يكون لهؤلاء الأولياء الثلاثين وأكثر ، دور في الأعمال التي يقوم بها المهدي عليه السلام في غيبته. فقد دلت الأخبار المتعددة على أنه يقوم بنشاط واسع ، ويتحرك في البلاد المختلفة ، ويدخل الدور والقصور ، ويمشي في الأسواق ، ويحضر موسم الحج في كل عام.
وأن سر غيبته لا ينكشف إلا بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة في أعمال الخضر إلا بعد أن كشفها لموسى عليهما السلام.
فعن عبدالله بن الفضل قال : سمعت جعفر بن محمد ( الإمام الصادق عليه السلام ) يقول : ( إن لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل. فقلت له : ولم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم. قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ فقال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره. إن وجه الحكمة في ذلك لاينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ، لموسى عليه السلام إلا وقت افتراقهما.
يا ابن الفضل ، إن هذا أمر من أمر الله ، وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله. ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف لنا ). ( البحار : 52/91 ).
وعن محمد بن عثمان العمري رحمه الله قال : ( والله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة ، يرى الناس ويعرفهم ، ويرونه ولا يعرفونه ). ( البحار : 51/250 ).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( وما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف ؟ أن يكون في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لايعرفونه ، حتى يأذن الله عزوجل أن يعرفهم نفسه ، كما أذن ليوسف حين قال : ( قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـ?ذَا أَخِي ) ( البحار : 51/142 ).
وبناء على هذه الروايات وأمثالها فإن حالته عليه السلام في غيبته تشبه حالة يوسف عليه السلام ، ونوع عمله فيها من نوع عمل الخضر عليه السلام الذي كشف لنا القرآن بعض عجائبه.
بل يظهر منها أنهما يعيشان معاً ويعملان معاً عليهما السلام. والمرجح أن يكون كثير من أعماله بواسطة أصحابه الأبدال وتلاميذهم ، الذين تطوى لهم الأرض والمسافات ، ويهديهم ربهم بإيمانهم ، وبتعليمات إمامهم المهدي عليه السلام.
بل وردت الأحاديث الشريفة والقصص الموثوقة بطي الأرض والمشي على الماء ، وغيرها من الكرامات ، لمن هم أقل منهم درجةً ومقاماً ، من أولياء الله وعباده الصالحين.
نعم ، إن الله تعالى أجرى الله الأمور والأحداث بأسبابها ، من أكبر حدث في هذا العالم إلى أصغره ، ولكنه سبحانه يهيمن على هذه الأسباب ويتصرف بها كيف يشاء ، بما يشاء ، وعلى يد من يشاء من ملائكته وعباده.
وإن كثيراً من الأحداث والأمور التي يبدو لنا أنها حدثت أو تحدث بأسباب طبيعية ، لو انكشف لنا الواقع لرأينا فيها يد الغيب الإلهي. فعندما أراد شرطة الملك أن يأخذوا السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام فوجدوها معيوبة وتركوها ، لم يلتفتوا إلى أن في الأمر فعلاً غيبياً!
وكذلك عندما عاش أبوا الغلام حياتهما بالايمان ، وقاما بما أراد الله تعالى منهما ، لم يعرف أن ابنهما لو بقي حياً لأرهقهما طغياناً وكفراً.
وعندما كبر اليتيمان ووجدا كنزهما محفوظاً تحت الجدار واستخرجاه ، لم يعرفا أن الخضر عليه السلام لو لم يبن الجدار لانكشف الكنز أو ضاع مكانه.
وإذا كانت هذه الأحداث الثلاثة التي كشف الله تعالى عنها في كتابه ، قد صدرت من الخضر في مرافقته القصيرة لموسى عليهما السلام ، فلنا أن نتصور أعماله الكثيرة التي يقوم بها في أيامه الحافلة وعمره المديد.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : ( رحم الله ( أخي ) موسى ، عجل على العالم ، أما إنه لو صبر لرأى منه من العجائب ما لم ير ). ( البحار : 13/301 ).
ولنا أن نتصور عمل الإمام المهدي عليه السلام في غيبته ، وهو أعظم مقاماً من الخضر عليه السلام برواية جميع المسلمين ، لأنه أحد سبعة روي إنهم سادات أهل الجنة وخيرة الأولين والآخرين ، فعن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( نحن سبعة ولد عند المطلب سادة أهل الجنة : أنا ، وحمزة ، وعلي ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، والمهدي ) ( البحار : 51/65 والصواعق المحرقة ص 158 وكثير من مصادر الفريقين ).
فالله يعلم بما يقوم به المهدي عليه السلام ووزيره الخضر وأصحابه الأبدال ، وتلاميذهم أولياء الله ، من أعمال في طول العالم وعرضه ، وفي أحداثه الكبيرة والصغيرة.
ومن الطبيعي أن لاينكشف وجه الحكمة في غيابهم وعملهم عليهم السلام ، إلا بعد ظهورهم ، وكشفهم للناس بعض ما كانوا يقومون به في عصرنا والعصور السابقة. وقد يكون أحدنا مدينا لهم بعمل أو أكثر قاموا له به في حياته ، فضلاً عن مسار التاريخ وأحداثه الكبرى.
وينبغي الإلفات إلى أن هذه العقيدة بغيب الله تعالى وعمل الإمام المهدي والخضر والأبدال عليه السلام تختلف عن نظريات المتصوفة وعقائدهم في القطب والأبدال ، وإن كانت تشبهها من بعض الوجوه.
بل حاول بعضهم أن يطبقها على المهدي وأصحابه عليهم السلام.
قال الكفعمي رحمه الله في حاشية مصباحه ، كما في سفينة البحار مادة قطب : ( قيل إن الأرض لاتخلو من القطب وأربعة أوتاد ، وأربعين بدلاً ، وسبعين نجيباً ، وثلاث مئة وستين صالحاً. فالقطب هو المهدي صلوات الله عليه ، ولا تكون الأوتاد أقل من أربعة ، لأن الدنيا كالخيمة والمهدي كالعمود ، وتلك الأربعة أطناب.
وقد يكون الأوتاد أكثر من أربعة ، والأبدال أكثر من أربعين ، والنجباء أكثر من سبعين ، والصالحون أكثر من ثلاث مئة وستين. والظاهر أن الخضر وإلياس عليهما السلام من الأوتاد ، فهما ملاصقان لدائرة القطب.
وأما صفة الأوتاد ، فهم لايغفلون عن الله طرفة عين ، ولا يجمعون من الدنيا إلا البلاغ ، ولا تصدر منهم هفوات البشر ، ولايشترط فيهم العصمة. وشرط ذلك في القطب.
وأما الأبدال فدون هؤلاء في المرتبة ، وقد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر ، ولا يتعمدون ذنباً.
وأما الصالحون فهم المتقون الموصوفون بالعدالة ، وقد يصدر عنهم الذنب فيتداركونه بالإستغفار والندم ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ).
ثم ذكر الكفعمي رحمه الله أنه إذا نقص واحد من إحدى المراتب المذكورة ، حل محله آخر من المرتبة الأدنى. وإذا نقص من الصالحين ، حل محله آخر من سائر الناس.
وما ذكره رحمه الله عن نبي الله إلياس عليه السلام ، وأنه من الأحياء الذين مد الله في عمرهم لحكمة يعلمها ، مطابق لما ذهب إليه بعض المفسرين في تفسير الآيات الواردة فيه عليه السلام ، وقد روي ذلك عن أهل البيت عليهم السلام وأن قد مد الله في عمره كالخضر عليهما السلام ، وأنهما يجتمعان في عرفات كل سنة ، وفي غيرها.
وأيّاً كان ، فالذي يفهم من الروايات الشريفة أن فترة الستة أشهر ، من خروج السفياني والنداء السماوي إلى ظهوره عليه السلام في محرم ، تكون حافلة بنشاطه ونشاط أصحابه عليهم السلام ، وتظهر للناس الكرامات والآيات على أيديهم وأيدي من يتصل بهم ، وأن ذلك سيكون حدثاً عالمياً يشغل الناس والدول على السواء.
أما الشعوب الإسلامية فتعمها موجة الحديث عن المهدي عليه السلام وكراماته واقتراب ظهوره ، ويكون ذلك تمهيداً مناسباً لظهوره.
ولكن تلك الفترة تكون أيضاً أرضية خصبة للكذابين والمشعوذين لادعاء المهدية ومحاولة تضليل الناس! فقد ورد أن اثنتي عشرة راية تدعي المهدية ترفع قبل ظهوره عليه السلام ، وأن اثني عشر شخصاً من آل أبي طالب يرفع كل منهم راية ويدعو إلى نفسه ، وجميعها رايات ضلال ، ومحاولات دنيوية لاستغلال تطلع العالم إلى ظهوره عليه السلام.
فعن المفضل بن عمرو الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام قال سمعته يقول : ( إياكم والتنويه ، أما والله ليغيبن إمامكم سنيناً ( سبتاً ) من دهركم ، ولتمحصن حتى يقال مات أو هلك ، بأي واد سلك. ولتدمعن عليه عيون المؤمنين. ولتكفؤن كما تكفأ السفن أمواج البحر ، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيده بروح منه. ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة ، لا يدرى أيٌّ من أي!
قال المفضل : فبكيت ، فقال ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ فقلت : كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية لا يدرى أيٌّ من أي ، فكيف نصنع ؟ قال ، فنظر إلى شمس داخلة في الصفة ، فقال : يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس ؟ قلت : نعم. قال : والله لأمرنا أبين من هذه الشمس ). ( البحار : 52/281 )
أي لاتخشوا أن يشتبه عليكم أمر المهدي عليه السلام بأمر من يدعي المهدية ، لأن أمره أوضح من الشمس ، بآياته التي تكون قبله ومعه ، وشخصيته التي لا تقاس بالمدعين والكذابين.
ومن ناحية أخرى ، ستأخذ الدولتان الممهدتان له ، اليمانية والإيرانية موقعاً سياسياً هاماً في أحداث العالم وتطلعات شعوبه. وتكونان بحاجة أكبر إلى توجهاته عليه السلام.
على أنه يفهم من الروايات ومن منطق الأمور أن رد الفعل السياسي الأكبر على هذه الموجة الشعبية للمهدي عليه السلام ، سيكون من أعدائه أئمة الكفر العالمي وصاحبهم السفياني ، وسيتركز عملهم كما تذكر الروايات ، على معالجة وضع العراق والحجاز ، باعتبارهما نقطة الضعف في المنطقة.
أما العراق فيخشون من نفوذ الممهدين الإيرانيين فيه وضعف حكومته. وأما الحجاز فيخضون من الفراغ السياسي فيه ، وصراع القبائل على السلطة ، ونفوذ الممهدين اليمانيين فيه.
والأمر الأهم في الحجاز أن أنظار المسلمين تتوجه نحوه ، وتنتظر ظهور المهدي منه ، حيث ينتشر بين الناس أنه عليه السلام يسكن المدينة ، وأن حركته ستكون من مكة ، فيتركز فعلهم السياسي والعسكري المضاد للمهدي عليه السلام على الحرمين ، ويبدأ السفياني حملته العسكرية على المدينة ، ويقوم باعتقال واسع لبني هاشم على أمل أن يكون المهدي من بينهم!
ولا بد أن يرافق دخول جيش السفياني للعراق والحجاز تحرك عسكري من الغربيين والشرقيين في الخليج والبحر المتوسط ، لأهمية المنطقة عالمياً.
والمرجح أن يكون نزول قوات الروم في الرملة ، ونزول قوات الترك في الجزيرة المذكورين في الروايات المتعددة ، في تلك الفترة ، أو قريباً منها. والله العالم.
أزمة الحكم في الحجاز
تتفق أحاديث مصادر الشيعة والسنة ، على أن مقدمة ظهور المهدي عليه السلام في الحجاز ، حدوث فراغ سياسي فيه ، وصراع على السلطة بين قبائله.
ويحدث ذلك على أثر موت ملك أو خليفة ، يكون عند موته الفرج. وتسميه بعض الروايات ( عبدالله ) ويحدد بعضها إعلان خبر موته في يوم عرفة ثم تتلاحق الأحداث في الحجاز بعد موته إلى ... خروج السفياني ، والنداء السماوي ، واستدعاء الجيش السوري إلى الحجاز ، ثم ظهور المهدي عليه السلام.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( من يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم. ثم قال : ( إذا مات عبدالله لم يجتمع الناس بعدة على أحد ، ولم يتناهَ هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله. ويذهب ملك السنين ، ويصير ملك الشهور والأيام. فقلت : يطول ذلك ؟ قال : كلا ). ( البحار : 52/210 ).
وعنه عليه السلام قال : ( بينا الناس وقوفاً بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة ذعلبة ، ويخبرهم بموت خليفة ، عند موته فرج آل محمد وفرج الناس جميعاً ). ( البحار : 52/240 )
ومعنى الناقة الذعلبة : الخفيفة السريعة ، وهو كناية عن الإسراع في إيصال الخبر وتبشير الحجاج به. والظاهر أن أسلوب إيصال الخبر مقصود في الرواية. وفي رواية أخرى أنهم يقتلون هذا الرجل صاحب الناقة الذعلبة ، الذي ينشر الخبر بين الحجاج في عرفات.
ويحتمل أن يكون هذا الخليفة الذي يعلن خبر موته أو قتله يوم عرفة ، عبد الله المذكور في الرواية السابقة ، ومعنى : ( يذهب ملك السنين ، ويصير ملك الشهور والأيام ) ، أنهم كلما نصبوا بعده شخصاًً لايبقى سنة كاملة ، ولا تمضي شهور أو أيام حتى ينصبوا غيره! حتى يظهر الإمام المهدي عليه السلام.
وتذكر بعض الروايات أن سبب قتل ذلك الملك قضية أخلاقية وأن الذي يقتله أحد خدمه ، وأنه يهرب إلى خارج الحجاز فيذهب بعض جماعة الملك في البحث عنه ، فيحدث الصراع على السلطة قبل أن يعودوا!
فعن الإمام الباقر عليه السلام : ( يكون سبب موته أنه ينكح خصياً له فيقوم فيذبحه ويكتم موته أربعين يوماً ، فإذا سارت الركبان في طلب الخصي لم يرجع أول من يخرج حتى يذهب ملكهم ) ( كمال الدين ص 655 ).
والأحاديث التي تصف الصراع على السلطة في الحجاز بعد قتل هذا الملك كثيرة ، وهذه نماذج منها :
عن البزنطي عن الإمام الرضا عليه السلام قال : ( إن من علامات الفرج حدثا يكون بين الحرمين. قلت وأي شئ يكون الحدث ؟ قال عصبية تكون بين الحرمين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً ). ( البحار : 52/210 ) ، أي يقتل أحد الملوك أو الزعماء خمسة عشر شخصية من ذرية ملك أو زعيم معروف.
وعن أبي بصير قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الأخرى. فقال : نعم ، ولا يكون ذلك حتى يختلف سيف بني فلان وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتد البلاء ويشمل الناس موت وقتل يلجؤون فيه إلى حرم الله وحرم رسوله ). ( البحار : 52/157 ) ، وهذه الرواية تشير إلى أن أصل الصراع يكون بين القبيلة الحاكمة نفسها.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( ولذلك آيات وعلامات ، أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز ، القاتل والمقتول في النار ). ( البحار : 52/273 ) ، والمقصود بالمسجد الأكبر المسجد الحرام ، وأن الرايات المتصارعة تتنازع حول مكة ، أو في الحجاز وتتقاتل ، وليس فيها راية حق.
وقد روى ابن حماد في مخطوطته ص 59 أكثر من عشرين حديثاً عن الأزمة السياسية الحجازية ، وصراع القبائل على السلطة في سنة ظهور المهدي عليه السلام ، منها عن سعيد بن المسيب قال : ( يأتي زمان على المسلمين يكون منه ( فيه ) صوت في رمضان ، وفي شوال تكون مهمهة ، وفي ذي القعدة تنحاز ( فيها ) القبائل إلى قبائلها. وذو الحجة ينهب فيه الحاج. والمحرم وما المحرم ).
وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( إذا كانت صيحة في رمضان فإنه تكون معمعة في شوال ، وتمييز القبائل في ذي القعدة ، وسفك الدماء في ذي الحجة ، والمحرم وما المحرم!! يقولها ثلاثاً ). ( ص 62 ).
وفي ص 60 عن عبد الله بن عمر قال : ( يحج الناس معاً ويعرفون معاً على غير إمام ، فبينا هم نزول بمنى إذ أخذهم كالكَلَب فسارت القبائل إلى بعض فاقتتلوا حتى تسيل العقبة دماً ) ، أي أخذتهم حالة مثل داء الكلب المعروف ، وجاشت حالة العداء فيهم بعد مناسك الحج دفعة واحدة ، فاقتتلوا حتى جرت دماؤهم عند جمرة العقبة!
وروايات ابن حماد هذه تتحدث عن الصراع السياسي في الحجاز بعد الصيحة والنداء السماوي ، لكن توجد روايات أخرى تدل على أمرين هامين في هذه الأزمة السياسية :
أولهما ، أنها تحدث قبل خروج السفياني ، وقد أشرنا إلى ذلك.
وثانيهما ، أنه يكون لها علاقة باختلاف أهل الشرق والغرب أي بالحرب العالمية الموعودة. فعن ابن أبي يعفور قال : قال لي أبو عبدالله ( الإمام الصادق عليه السلام ) : ( أمسك بيدك : هلاك الفلاني ، وخروج السفياني ، وقتل النفس. إلى أن قال : الفرج كله عند هلاك الفلاني ). ( البحار : 52/234 ).
وقد يناقش في كون ترتيب هذه الأحداث زمنياً كما جاء في الرواية ، ولكن عدداً من الروايات ، منها ما تقدم ، تدل على أن هلاك الفلاني وصراعهم من بعده يكون قبل خروج السفياني.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( يقوم القائم في سنة وتر من السنين : تسع ، واحدة ، ثلاث ، خمس. وقال : ثم يملك بنو العباس ( بنو فلان ) فلا يزالون في عنفوان من الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم ، فإذا اختلفوا ذهب ملكهم واختلف أهل الشرق وأهل الغرب ، نعم وأهل القبلة ، ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف ، فلا يزالون بتلك إلى الحال حتى ينادي المنادي من السماء فإذا نادى فالنفر النفر ). ( البحار : 52/235 ).
والملاحظ في هذه الرواية أنها تربط بين اختلاف آل فلان وذهاب ملكهم ، وبين اختلاف أهل الشرق وأهل الغرب ، وشمول خلافهم لأهل القبلة أي المسلمين ، وكأن هذا الصراع العالمي مرتبط أو مترتب على الأزمة السياسية التي تحدث في الحجاز.
والمقصود ببني العباس الذين يقع الخلاف بينهم قبيل ظهور المهدي عليه السلام ، آل فلان الذين ذكرت عدة روايات أنهم آخر من يحكم الحجاز قبله عليه السلام.
والحاصل من مجموع الروايات أن تسلسل الأحداث التي هي مقدمات الظهور في الحجاز ، يبدأ بنار عظيمة صفراء حمراء تظهر في الحجاز أو في شرقية وتبقى أياماً ، ثم يقتل آخر ملوك بني فلان ، ويختلفون على من يخلفه ، ويمتد هذا الخلاف إلى القوى السياسية الحجازية ، وعمدتها القبائل ، الأمر الذي يسبب أزمة سياسية في الحكم ، يكون لها تأثير على الصراع العالمي بين أهل الشرق والغرب.
ثم يكون خروج السفياني ، والنداء السماوي ، ثم دخول الجيش السوري السفياني إلى الحجاز وأحداث المدينة ، ثم أحداث مكة. إلى حركة ظهوره المقدس عليه السلام.
ونار الحجاز هذه وردت فيها عدة أحاديث في مصادر السنة ، تذكر أنها من علامات الساعة ، منها ما في صحيح مسلم : 8/180 : ( لاتقوم الساعة حتى تخرج نار بالحجاز تضئ لها أعناق الإبل ببصرى ) ، أي يصل نورها إلى مدينة بصرى في سورية.
ومنها عدة أحاديث في مستدرك الحاكم : 4/442 و 443 ، تذكر أنها تخرج من جبل الوراق أو حبس سيل أو وادي حسيل. وحبس سيل مكان قرب المدينة المنورة ، وقد يكون تصحيفاً عن وادي حسيل.
ويذكر بعضها أنها تظهر من عدن بحضرموت ، وأنها تسوق الناس إلى المحشر أو إلى المغرب.
ورواية صحيح مسلم كما ترى لاتنص على أنهم من علامات الساعة ، بل تذكر حتمية وقوعها في المستقبل.
والمرجح عندي أن النار التي هي من علامات الساعة والقيامة هي نار عدن أو حضر موت ، الوارد ذكرها في مصادر السنة والشيعة.
أما نار الحجاز الوارد أنها في المدينة المنورة فقد تكون مجرد إخبار إعجازي من النبي صلى الله عليه وآله عن وقوعها دون أن تكون علامة لشئ. وقد حدث ذلك ونقل المؤرخون ظهور بركان ناري قرب المدينة ، بقي أياماً.
وهاتان الناران غير النار التي هي من علامات الظهور ، فقد ورد في الأحاديث تسميتها بنار المشرق ، وفي بعضها نار في شرقي الحجاز ، ففي مخطوطة ابن حماد ص 61 عن ابن معدان قال : ( إذا رأيتم عموداً من نار من قبل المشرق في شهررمضان في السماء فأعدوا ما استطعتم من الطعام ، فإنها سنة جوع ).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إذا رأيتم ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليال فعندها فرج الناس. وهي قدام القائم بقليل ). ( البحار : 52/240 ).
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهردي العظيم ، تطلع ثلاثة أيام أو سبعة ، فتوقعوا فرج آل محمد صلى الله عليه وآله إن شاء الله عزوجل ، إن الله عزيز حكيم ). ( البحار : 52/230 ) ، والهردي : الثوب المصبوغ بالأخضر والأحمر.
ويحتمل أن تكون هذه النار بركاناً طبيعياً ، أو انفجاراً نفطياً كبيراً.
كما يحتمل أن تكون هي الآية الربانية التي تكون من علامات ظهور المهدي عليه السلام ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء ، وحمرة تجلل السماء ). ( البحار : 52/221 ) ، وتكون هذه النار قبل الأزمة السياسية الحجازية ، أو أثنائها. والله العالم.
فخرج منها خائفاً يترقب
ذكرت الأحاديث الشريفة أن جيش السفياني يسيطر على المدينة المنورة ، ويستبيحها ثلاثة أيام ، ويعتقل كل من تصل إليه يده من بني هاشم ويقتل العديد منهم ، بحثاً عن الإمام المهدي عليه السلام.
ففي مخطوطة ابن حماد ص 88 : ( فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش ، فيقتل منهم ومن الأنصار أربع ماية رجل ، ويبقر البطون ، ويقتل الولدان ، ويقتل أخوين من قريش ، رجل وأخته يقال لهما محمد وفاطمة ، ويصلبهما على باب المسجد في المدينة )!
وفي نفس الصفحة عن أبي رومان قال : ( يبعث بجيش إلى المدينة فيأخذون من قدروا عليه من آل محمد ( صلى الله عليه آله وسلّم ) ، ويقتل من بني هاشم رجال ونساء ، فعند ذلك يهرب المهدي والمبيض ( المنصور ) من المدينة إلى مكة فيبعث في طلبهما ، وقد لحقا بحرم الله وأمنه ).
وفي مستدرك الحاكم : 4/442 ، أن أهل المدينة يخرجون منها بسبب بطش السفياني وأفاعيله!
وعن الإمام الباقر عليه السلام في حديث جابر بن يزيد الجعفي قال : ( ويبعث ( أي السفياني ) بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً ، ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صلى الله عليه وآله صغيرهم وكبيرهم ، ولايترك منهم أحد إلا حبس. ويخرج الجيش في طلب الرجلين ). ( البحار : 52/223 ).
وهذا الرجل الذي يقتله جيش السفياني غير الغلام الذي ورد أنه يقتل في المدينة ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة. قلت : جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني؟ قال : لا ، ولكن يقتله جيش بني فلان ، يخرج حتى يدخل المدينة فلا يدري الناس في أي شئ دخل ، فيأخذ الغلام فيقتله ، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لم يمهلهم الله عزوجل ، فعند ذلك فتوقعوا الفرج ). ( البحار : 52/147 ) ، وتسمي بعض الروايات هذا الغلام النفس الزكية ، وهو غير النفس الزكية الذي يقتل في مكة قبيل ظهور المهدي عليه السلام.
ويظهر من هذه الأحاديث وغيرها أن سلطة الحجاز الضعيفة تنشط في تتبع الشيعة في الحجاز وفي المدينة خاصة ، وتقتل الغلام النفس الزكية ، إما لمجرد أن اسمه محمد بن الحسن ، الذي يصبح معروفاً عند الناس أنه اسم المهدي عليه السلام ، وإما لأنه يكون من الأبدال المتصلين بالمهدي عليه السلام.
ثم يدخل جيش السفياني فيتابع نفس السياسة ولكن بإرهاب وبطش أشد ، فيعتقل كل من يحتمل أن يكون له علاقة ببني هاشم ، ويقتل الرجل الذي اسمه محمد وأخته فاطمة ، لمجرد أن اسمه محمد واسم أبيه حسن أيضاً!
وفي هذه الظروف الملتهبة يخرج الإمام المهدي روحي فداه من المدينة خائفاً يترقب ، على سنة موسى عليه السلام كما تذكر الروايات ، يرافقه أحد أصحابه التي تسميه الرواية المتقدمة المنصور وفي رواية أخرى المنتصر ، ولعل اسم المبيض الذي ورد في الرواية المتقدمة تصحيف المنتصر.
وذكرت رواية أخرى أنه يخرج من المدينة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله وفيه سيفه ، ودرعه ، ورايته ، وعمامته ، وبردته.
ولم أجد في مصادرنا الشيعية تحديداً لوقت خروجه عليه السلام من المدينة إلى مكة ، ولكن المنطقي أن يكون ذلك بعد النداء السماوي في رمضان أي في موسم الحج. وأذكر أني رأيت في رواية أن دخول جيش السفياني إلى المدينة يكون في شهر رمضان.
وفي رواية المفضل بن عمرو الطويلة عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( والله يا مفضل كأني أنظر إليه دخل مكة ، وعلى رأسه عمامة صفراء ، وفي رجليه نعل رسول الله صلى الله عليه وآله المخصوفة ، وفي يده هراوته ، يسوق بين يديه أعنزاً عجافاً حتى يصل بها نحو البيت. ليس ثَمَّ أحد يعرفه ). ( بشارة الإسلام ص 267 ).
ومع ضعف سند هذه الرواية ، إلا أن استنفار أجهزة الأعداء في البحث عنه عليه السلام ، وكونه في غيبة واختفاء يشبه الغيبة الصغرى واختفاءها ، يجعل هذه الرواية وأمثالها أمراً معقولاً.
ومن الطبيعي أن يكون موسم الحج في سنة الظهور حيوياً ساخناً!
فما تذكره الأحاديث الشريفة عن وضع الصراع العالمي ، وأوضاع البلاد الإسلامية ، وتوتر الوضع في الحجاز ، وإعلان حالة الطوارئ فيه بدخول جيش السفياني .. كلها تجعل موسم الحج على الحكام عبئاً مخيفاً ، فلا بد أنهم سيخفضون عدد الحجاج إلى أقل عدد ممكن ، ويحشدون في مكة والمدينة ، من القوات والأجهزة الأمنية ، كل ما يستطيعون!
ولكن ذلك لايمنع الشعوب الإسلامية أن تركز أنظارها على مكة المقدسة ، تنتظر ظهور المهدي عليه السلام منها ، فيتحمس مئات الألوف ، وربما الملايين من المسلمين لأن يحجوا في ذلك العام ، ويتمكن عدد كبير منهم أن يصل إلى مكة ، رغم العقبات التي تضعها أمامهم دولهم ودولة الحجاز.
وسيكون السؤال المحبب بين الحجاج : ماذا سمعت عن أمر المهدي؟ ولكنه يكون سؤالاً خطيراً أيضاً يطرحه الحجاج بينهم سراً ، ويتناقلون آخر الأخبار والشائعات حوله همساً ، وآخر إجراءات حكومة الحجاز وجيش السفياني!
إن الرواية التالية تصور حالة المسلمين في العالم ، وحالة الحجاج ، في انشغالهم بأمر المهدي عليه السلام وبحثهم عنه.
ففي مخطوطة ابن حماد ص 95 قال : ( حدثنا أبو عمر ، عن ابن أبي لهيعة ، عن عبد الوهاب بن حسين ، عن محمد بن ثابت ، عن أبيه ، عن الحارث بن عبدالله ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن ، خرج سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد ، يبايع لكل رجل منهم ثلاثماية وبضعة عشر رجلاً ، حتى يجتمعوا بمكة ، فيلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض : ما جاء بكم ؟ فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن ، ويفتح الله له القسطنطينية ، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه وحليته ، فيتفق السبعة على ذلك فيطلبونه بمكة فيقولون له : أنت فلان بن فلان ؟ فيقول : لا ، بل أنا رجل من الأنصار ، حتى يفلت منهم ، فيصفونه لأهل الخبرة والمعرفة به ، فيقال هو صاحبكم الذي تطلبونه وقد لحق بالمدينة ، فيطلبونه بالمدينة ، فيخالفهم إلى مكة ، فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون : أنت فلان بن فلان ، وأمك فلانة بنت فلان ، وفيك آية كذا وكذا ، وقد أفلت منا مرة فمد يدك نبايعك. فيقول : لست بصاحبكم ، أنا فلان بن فلان الأنصاري ، مروا بنا أدلكم على صاحبكم ، فيفلت منهم فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عن الركن فيقولون : إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك ، هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا ، عليهم رجل من حرام ، فيجلس بين الركن والمقام ، فيمد يديه فيبايع له ، ويلقي الله في صدور الناس ، فيسير مع قوم أسد بالنهار رهبان بالليل ).
وفي هذه الرواية نقاط ضعف في سندها ومتنها ، من ذلك قضية فتح القسطنطينية التي بقيت لقرون عقدة عسكرية وسياسية أمام المسلمين ، ومصدر تهديد لجزء من الدولة الإسلامية ، حتى فتحها السلطان محمد الفاتح قبل نحو 500 سنة. وقد روى المسلمون عن النبي صلى الله عليه وآله روايات تبشر بفتحها ، تحتاج إلى تحقيق في صحتها وسقمها.
وما يخص موضوعنا منها الروايات التي تذكر أن فتحها يكون على يد المهدي عليه السلام كما في هذه الرواية ، فيحتمل أن يكون ذكر فتحها على يد المهدي عليه السلام من إضافة بعض الرواة باعتبار أنه عليه السلام يحل مشكلات المسلمين الكبرى ، وقد كانت القسطنطينية من مشكلاتهم الكبرى.
كما يحتمل أن يكون المقصود بالقسطنطينية في أحاديث المهدي عليه السلام ، عاصمة الروم التي تكون في زمان ظهوره عليه السلام ، والمعبر عنها في بعض الروايات بالمدينة الرومية الكبيرة ، والتي ورد أنه عليه السلام وأصحابه يحاصرونها ويفتحونها بالتكبير.
ولكن ، مهما يكن أمر هذه الرواية وحتى لو كانت موضوعة ، فهي نص لمؤلف معروف كتبه قبل نحو ألف ومئتي سنة ، فوفاة ابن حماد سنة 227 ، وقد نقله عن تابعين قبله ، فهو يكشف على الأقل عن تصور رواته للحالة السياسية العامة في سنة ظهور المهدي عليه السلام ، وعن انتشار خبره عند المسلمين وتطلعهم إليه وبحثهم عنه.
على أن أكثر مضامينها وردت في روايات أخرى ، أو هي نتيجة منطقية لأحداث نصت عليها روايات أخرى.
ومجئ هؤلاء العلماء السبعة إلى مكة في تلك الظروف يدل على شدة تطلع المسلمين إلى ظهوره عليه السلام من مكة ، وتوافد ممثليهم إليها للبحث عنه ، وأخذ كل واحد منهم البيعة من ثلاث مئة وثلاثة عشر من المؤمنين بالمهدي عليه السلام في بلده ، المستعدين للتضحية معه .. يدل على الموجة الشعبية في المسلمين ، وحماسهم لأن يكونوا أنصاره وأصحابه الموعودين ، على عدة أهل بدر.
وأما ما تذكره الرواية من إفلات المهدي عليه السلام منهم مرة بعد أخرى ، فلا يخلو من ضعف ، ولعل أصله ما ورد في مصادر الشيعة والسنة من أنه عليه السلام يبايع وهو كاره ، حتى أن أحد كبار أصحاب الإمام الصادق عليه السلام كان في نفسه شئ من هذه البيعة على إكراه ، الواردة في حديث النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله حتى فسر له الإمام الصادق عليه السلام معنى الاكراه بأنه غير الإجبار ، فاطمأن.
هذا عما يتعلق بحال المسلمين وتطلعهم إلى المهدي عليه السلام.
أما عن مجريات عمله عليه السلام في مكة ومبايعة أصحابه له ، فتدل الروايات على أنها تكون بنحو آخر ، يختلف عما ورد في هذه الرواية.
يجمع الله له أصحابه
ينبغي أن نلفت إلى عدة أمور في أصحاب الإمام المهدي عليه السلام.
منها ، أن عددهم الوارد في مصادر الفريقين أنه بعدد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في بدر ، ثلاث مئة وثلاثة عشر ، يدل على الشبه الكبير بين بعث الإسلام مجدداً على يده عليه السلام ، وبعثه الأول على يد جده رسول الله صلى الله عليه وآله. بل ورد أن أصحاب المهدي عليه السلام تجري فيهم عدة سنن جرت على أصحاب الأنبياء الأوائل عليهم السلام.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إن أصحاب موسى ابتلوا بنهر ، وهو قول الله عزوجل : ( إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ ). وإن أصحاب القائم يبتلون بمثل ذلك ). ( البحار : 52/332 ).
ومنها ، أن المقصود بهؤلاء الأصحاب خاصة أصحابه عليه السلام وخيارهم ، وحكام العالم الجديد الذي يقوده الإمام المهدي عليه السلام.
ولكنهم ليسوا وحدهم أنصاره وأصحابه ، فقد ورد أن عدد جيشه الذي يخرج به من مكة عشر آلاف أو بضعة عشر ألفاً ، وجيشه الذي يدخل فيه العراق ويفتح فيه القدس قد يبلغ مئات الألوف.
فهؤلاء كلهم أصحابه وأنصاره ، بل وملايين المخلصين له في عصره ، من شعوب العالم الإسلامي.
ومنها ، أنهم من حيث التنوع ، من أقطار العالم الإسلامي ، ومن أقاصي الأرض ، ومن آفاق شتى ، ومن ضمنهم النجباء من مصر ، والأبدال من الشام ، والأخيار من العراق ، وكنوز الطالقان وقم ، كما تذكر الروايات.
قال ابن عربي في الفتوحات المكية عن جنسياتهم : ( وهم من الأعاجم ما فيهم عربي ، لكن لا يتكلمون إلا بالعربية ) ، لكن الأحاديث المتعددة تدل على أن فيهم العديد من العرب ، ومنها الحديث المشهور : ( فيهم النجباء من أهل مصر ، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من أهل العراق ) ( البحار : 52/334 ) ، ويشبهه ما في مخطوطة ابن حماد ص 95 وغيره من المصادر.
كما تدل روايات أيضاً على أن فيهم العديد من العجم ، وأن عمدة جيشه عليه السلام من إيران.
ومنها ، أن بعض الروايات تذكر أن
التعلیقات