في مدح أهل قم، و تكونها مركز اللعلم قرب ظهوره عليه السلام
علامات الظهور
منذ 14 سنةمن بين المدن التي ارتبط اسمها بتاريخ التشيّع ومحبّة أهل البيت عليهم السلام، تبرز مدينة قم كواحدة من أهم الحواضر العلمية والدينية في التاريخ الإسلامي. لم تكن قم مجرد مدينة، بل صارت وفق الروايات الشريفة مركزًا للعلم والفضيلة، وملجأً للمؤمنين، وحرزًا للعقيدة في زمن الغيبة الكبرى. وقد ورد في مدحها روايات عن الأئمة عليهم السلام تشير إلى موقعها المتميّز، ودورها الاستثنائي في عصر الغيبة، وقرب الظهور المبارك للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
في هذه المقالة، نعرض ثلاث روايات شريفة عن الإمام الصادق عليه السلام تبيّن عظمة هذه البلدة، مع شرح موجز لمعانيها.
الرواية الأولى :
عن عفان البصري عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « قال لي أتدري لم سمي قم ؟ قلت : الله ورسوله وأنت أعلم ، قال : إنما سمي قم لان أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه » (1).
الشرح :
هذه الرواية تبيّن أن اسم قم له دلالة غيبية مرتبطة بمستقبلها ، فهي مدينة سُمّيت بهذا الاسم لأن أهلها سيقومون وينهضون مع الإمام المهدي عليه السلام. وتشير إلى أن وفاء أهل قم ونصرتهم للإمام ستكون من أبرز خصائصهم التي تحفظ لهم هذا الشرف العظيم.
الرواية الثانية :
عن الصادق عليه السلام أنه ذكر كوفة وقال : « ستخلو كوفة من المؤمنين ويأزر [ يأرز ] عنها العلم كما تأزر [ تأرز ] الحية في جحرها ، ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم ، وتصير معدنا للعلم والفضل ، حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتى المخدرات في الحجال وذلك عند قرب ظهور قائمنا ، فيجعل الله قم وأهله قائمين مقام الحجة ، ولو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم يبق في الأرض حجة ، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب ، فيتم حجة الله على الخلق حتى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم ، ثم يظهر القائم عليه السلام ويسير سببا لنقمة الله وسخطه على العباد لأن الله لا ينتقم من العباد إلا بعد إنكارهم حجة » (2).
الشرح :
هذه الرواية تؤكد الدور العلمي لمدينة قم ، فهي معدن العلم والفضل في زمن الغيبة ، ومنها يفيض العلم إلى مشارق الأرض ومغاربها. وتوضح أن وجود قم وأهلها المؤمنين يقوم مقام الحجة على الناس قبل الظهور المبارك ، وأن هذه النعمة تحفظ الأرض من السخط والعقاب الإلهي.
الرواية الثالثة :
عن علي بن النعمان عن أبي الأكراد علي بن ميمون الصائغ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد ، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد ، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد ، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس ، ولم يدع الله قم وأهله مستضعفا ، بل وفقهم وأيدهم ، ثم قال : إن الدين وأهله بقم ذليل ، ولولا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله فلم يكن حجة على سائر البلاد ، وإذا كان كذلك لم تستقر السماء والأرض ولم ينظروا طرفة عين ، وإن البلايا مدفوعة عن قم وأهله . وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجة على الخلائق ، وذلك في زمان غيبة قائمنا إلى ظهوره ، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها ، وإن الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله ، وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدو ، وينسي الله الجبارين في دولتهم ذكر قم وأهله كما نسوا ذكر الله » (3).
الشرح :
هذه الرواية تعمّق المعنى أكثر، إذ تذكر أن قم وأهلها سيكونون حجة على العالمين زمن الغيبة ، وأن الله يصونهم ويمنع عنهم البلاء. كما تكشف الرواية عن حماية غيبية تحيط بهذه المدينة ، بحيث أن كل من أرادها بسوء قصمه الله أو صرفه عنها. وهذا يبرز دورها الاستثنائي كحرز للأمة وحافظ للعلم والدين.
الخاتمة
من خلال هذه الروايات الثلاث يتضح أن قم ليست مدينة عادية في نظر أهل البيت عليهم السلام، بل هي مركز إيماني وروحي أُريد له أن يحمل أمانة العلم والدين في زمن الغيبة، وأن يكون قاعدةً للأنصار الممهّدين لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. إنها مدينة جعلها الله تعالى مأمنًا للمؤمنين، ومركز إشعاعٍ للعلم، وموضعًا للحجة على العالمين. ولذلك فإن زيارة قم والارتباط بها لا ينفصل عن الإيمان بعقيدة الظهور المبارك، حيث تمثّل قم وعدها الصادق مع قائم آل محمد صلى الله عليه وآله.
الهوامش
1. بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 60 / الصفحة : 216 / ط مؤسسة الوفاء.
2. بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 60 / الصفحة : 212 / ط مؤسسة الوفاء.
3. بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 60 / الصفحة : 212 / ط مؤسسة الوفاء.
التعلیقات