رفع التناقض
السيد ياسين الموسوي
منذ 10 سنواتالسؤال :
لو افترضنا _ كما قلتم _ أنّ المجتمع الإنساني في وقت الظهور قد وصل إلى أعلى درجة في التكامل الإنساني ، فهناك إشكال ، وهو الحديث المشهور الذي يقول أنّه : ( سيملؤ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ) فحيث هناك تناقض _ ظاهراً _ بين الحديث والمطلوب ، نرجوا توضيح ذلك ورفع هذا التناقض جزاكم الله خير الجزاء؟
الجواب :
طبعاً عندما نتحدّث عن المجتمع قبل الظهور فهو غير المجتمع الذي سوف يكون في ما بعد الظهور.
أمّا كيفيّة امتلاء الأرض بالظلم والجور؟ فتفسير هذا الامتلاء فيه آراء كثيرة ، لكن أهم تلك التفسيرات هو أنّ هذا الامتلاء قبل ظهور صاحب الأمر عليه السلام ما يكون المقصود منه الامتلاء على مرّ التأريخ ، بحيث لم تبق منطقة لم يشملها الظلم والجور ، وهو المعبّر عنه في الروايات التي تفسّرها طبعاً الروايات الأخرى ، فإنّ الروايات تفسّر بعضها بعضاً ، كما يفسّر القرآن بالقرآن وبالرواية؛ فنفِسّر الرواية بالرواية وبالقرآن.
وهذا التفسير اعتمد على جملة من الروايات ، والموضوع يحتاج إلى تفصيل لست الآن بصدد بيانه وإنّما أشير إليه إشارة لأجيب على هذا السؤال ، وهذه الرواية تقول ما معناه : ما يبقى أصحاب ملّة إلاّ وحكموا قبل صاحبنا أو قبل حكمنا ، وفي روايات أخرى لئلاّ تكون للناس حجّة فيقولوا لو حكمنا لعدلنا. (1)
هذا المقصود من ( لو حكمنا لعدلنا ) معناه أنّ الكل سوف يحكم ، وان الكل تظهر منه مظاهر الجور والظلم بما يمتلئ به الوضع الأرضي ، ممّا يمكنه أن يمتلئ.
وأمّا امتلاء الأرض قسطاً وعدلاً بعد الظهور ، فيعني أنّ البشرية تكون متكاملة.
أمّا كيف يكون وكيف يتحقّق التكامل ، فهذا يحتاج إلى حديث مفصّل ، باعتبار أنّ التكامل الذي يظهر في دولة صاحب الأمر ويملؤ الأرض يطرح علينا سؤالاً هو : الأشرار أين يذهبون والظلاّم أين يذهبون؟ وهذا ما يجاب عنه أنّ في دولة صاحب الأمر عليه السلام يحكم بحكم داوود ، وهل يوجد في حكمه إلاّ السيف؟!
وهنا ينشق موضوع السيف والقوّة والحديد والحوار ، وهذا يحتاج إلى مجال للحديث وتفصيل عن متى يستعمل السيف؟ ومتى يستعمل الحوار؟
وهذا الموضوع له من الأهمية الكبيرة ما نحتاج إلى البحث عنه ، ولكن المقصود منه هنا هو التأكيد على أنه بعدما تتوفّر في حكمه كل الظروف لتطهير الإنسان وتطهير الأرض فسوف يتطّهر الإنسان ، وحينئذٍ يمكن للإنسان أن يصل إلى مراتب الكمال.
يوجد هنا موضوع آخر وهو قد يعبّر عنه بالتأثيرات الاجتماعية على سلوك الفرد وسلوك المجتمع ، والمعبّر عنه في علم الاجتماع بالعقل الجمعي ، هذه نظرية العقل الجمعي وتأثير العقل الجمعي على العقل المفرد أو السلوك الفردي بالنسبة للإنسان والسلوك الجماعي للأمّة كمجتمع ، سوف يتخلّص الفرد من العقل الجمعي الشرّير والجائر والظالم في دولة صاحب الأمر عليه السلام ، فلذلك يتوفّر للإنسان العقل الكامل والعقل المرشد.
[1] كتاب الغيبة للنعماني : 274 الحديث 53.
التعلیقات