نفي الصفات الزائدة على ذاته
الشيخ جعفر السبحاني
منذ 13 سنةنفي الصفات الزائدة على ذاته
اتّفق أهل الحديث والكلابيّة وتبعهم الشيخ الأشعري على أنّ لله سبحانه صفات ذات كماليّة قديمة ، زائدة على ذاته.
قال القاضي : « وعند الكلابيّة إنّه تعالى يستحقّ هذه الصفات لمعان أزليّة ، وأراد بالأزلي القديم ، إلّا أنّه لمّا رأى المسلمين متّفقين على أنّه لا قديم مع الله تعالى لم يتجاسر على إطلاق القول بذلك ، ثمّ نبغ الأشعري و أطلق القول بأنّه تعالى يستحقُّ هذه الصّفات لمعان قديمة لوقاحته و قلّة مبالاته بالإسلام والمسلمين» (1) ورائدهم في هذه العقيدة هو الظّواهر القرآنية. قال سبحانه : ( أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) [ النساء : 166 ] ، وقال تعالى : ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ) [ فاطر : 11 ]. وقال عزّ من قائل : ( ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) [ الذاريات : 58 ].
قالوا : إنّ ظواهر هذه الآيات تعرب عن أنّ هنا ذاتاً ولها علم ولها قدرة كلاهما يغايران ذاته. ولو كانا نفس ذاته لما صحّ التعبير بقوله ( أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) أو ( ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) ومثلها سائر الآيات الظاهرة في مغايرة الصّفات للذات (2).
هذا دليل أهل الحديث والكلابيّة والأشاعرة ونرجع إلى تبيين مفاد الآيات بعد الفراغ من دليل المعتزلة.
تثنية القديم في نظريّة أهل الحديث
إنّ هذه النظريّة الّتي يتبنّاها أهل الحديث اغتراراً بظواهر النّصوص ، تؤدّي إلى تعدّد القديم المنتهي إلى تعدّد الواجب حسب عدد الصفات ، وأيّ ثنويّة أسوأ من هذه ؟ فلو قالت الثنويّة بأصلين أزليّين هما النور والظلمة ، وقالت المانويّة بأنّ العالم مركّب من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة ، أو قالت النّصارى بالأقانيم الثّلاثة فقد قال هؤلاء الأشاعرة بقدماء كثيرين بحسب تعدّد الصفات.
وبذلك تقف على أنّ الحافز على التركيز على نفي الصّفات الزائدة ، هو التحفّظ على التوحيد ووحدانيّة الواجب والقديم ، ونفي المثيل والنّظير له أخذاً بقوله سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) و ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ).
فمن المحتمل عند البعض أنّ المعتزلة أرادوا بهذا ، الردّ على فكرة الأقانيم لدى النّصارى ، فإنّ القول بأنّ الذات الإلهيّة جوهر يتقوّم بأقانيم أي صفات هي الوجود والعلم والحياة ، قد أدّى إلى الاعتقاد باستقلال الأقانيم عن الجوهر ، وإلى اعتبار الصّفات أشخاصاً ، وإلى تجسّد « الاقنوم الثاني » ـ اقنوم العلم ـ في الابن. فلموا جهة هذا الاعتقاد نفى المعتزلة وصف الله بأنّه جوهر واعتبروا الصّفات هي الذات غير مغايرة لها ، فصفات الله ليست حقائق مستقلّة وإنّما هي اعتبارات ذهنيّة ، ويمكن أن تختلف وجوه الاعتبارات في النظر إلى الشيء الواحد دون أن يلزم من ذلك التعدّد في ذاته ، فيقال عالم ونعني إثبات علم هو ذاته ، ونفي الجهل عن ذاته ، ويقال : قادر ونعني إثبات ذاته ونفي العجز ، فالله حيّ عالم قادر بذاته لا بحياة وعلم وقدرة زائدة على ذاته (3).
يلاحظ عليه : أنّه إنّما يصح لو كانت الصّفات الذاتيّة منحصرة في الثلاث : العلم والقدرة و الحياة حتّى يقال إنّ الهدف من القول بالعينيّة نفي توهّم التثليث ، بل الصفات الذاتيّة أكثر من ذلك.
أضف إلى ذلك أنّ تفسير عقيدة المعتزلة في باب الصّفات بأنّها ليست حقائق مستقلّة وإنّما هي اعتبارات ذهنيّة ، غير تامّة ناشئة من تفسير خصومهم بما ذكر ، بل الحقُّ أنّ مرادهم هو أنّ واقعيّة خارجيّة بسيطة تجمع هذه الواقعيات ببساطتها ووحدتها ، لا أنّها اعتبارات ذهنيّة ، وليست للصفات واقعيّة خارجية ، فإنّه لا ينطبق إلّا على القول بالنيابة.
محاولة الأشاعرة لتصحيح تثنية القديم
لمّا كان ما استند إليه أهل الاعتزال من البرهان في نفي الصفات الزائدة برهاناً دامغاً قاطعاً للنزاع ، حاول أهل التفكير من الأشاعرة نقده ، ولكن أتوا بالعجب العجاب. فهذا هو القاضي عضد الدين الإيجي يجيب عن البرهان في مواقفه بقوله : « إنّ الكفر إثبات ذوات قديمة لا ذات وصفات » (4) وقد أقرّه شارحه الشريف الجرجاني. وهو من الوهن بمكان ، إذ هو أشبه بتخصيص القاعدة العقليّة ، والقاعدة العقليّة لا تخصّص. إذ لسائل أن يسأل : أيّ فرق بين الذات والوصف حتّى يكون القول بتعدّد الأوّل موجباً للكفر دون الثاني ، مع أنّ ملاك الكفر موجود في كلا الموضعين ، فإنّ القول بتعدّد القدماء قول بتعدّد الواجب ، قول بتعدد الغنيّ بالذات المستغني عن غيره ، قول بتعدّد من يكون وجوده عن ذاته لا عن غيره ، وهذا كلّه من صفات الباري عزّ اسمه ، فلو كانت صفاته غير ذاته وكانت قديمة ، تكون واجبة غنيّة عن كلّ شيء ، واجدة لوجودها.
وهناك محاولة ثانية للتخلّص عن تعدّد القدماء وهي القول بأنّ الصفات لا هو ولا غيره (5) وهذا أشبه باللّغز مع أنّ العقائد الإسلاميّة تتّسم بسمة الوضوح والسهولة ، لا التعقيد والغموض الّذي ربّما ينتهي في المقام إلى رفع النقيضين.
ولو قال بحدوث الصفات ـ ولن يقول أبداً ـ يكون الفساد أفحش ، والمصيبة أعظم ، لأنّ اتّصافه بالقدرة الحادثة مثلاً إمّا بالاختيار وإمّا بالإيجاب. والأوّل محال لاستلزامه محذور التسلسل في صفاته ، لأنّ الكلام ينتقل إلى القدرة الثانية. فهل اتّصافه بها عن اختيار أو بإيجاب ؟ فعلى الأوّل يعود السؤال فيلزم التسلسل. وعلى الثاني يلزم أن يكون فاعلاً موجباً بالذات ، وأيُّ نقص أعظم من تصوير مبدأ الكمال والجمال وخالق القدرة والإختيار في الإنسان ، فاعلاً موجباً في اتّصافه بصفاته ، فلو صحّ كونه موجباً في مورد ، فليصحّ في سائر الموارد ككونه فاعلاً موجباً بالقياس إلى مصنوعاته.
وهذه الاُمور هي الحوافز الحقيقية الّتي دعت المعتزلة إلى القول بالتوحيد والتنزيه في باب الصفات ونفي الصفات الزائدة والمعاني القائمة بذاته ، ولم يكن الحافز إلّا الفرار عن الثنويّة وتوابعها.
ومن الجسارة الواضحة بل الظلم الفاحش اتّهام هذه الفرقة بما كتبهم عنه أهل الملل والمقالات. فهذا الأشعري يتّهمهم بقوله « أرادت المعتزلة أن تنفي أنّ الله عالم قادر حيّ سميع بصير ، فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك ، فأتوا بمعناه ، لأنّهم إذا قالوا : لا علم لله ولا قدرة له ، فقد قالوا : إنّه ليس بعالم ولا قادر ووجب ذلك عليهم ، وهذا إنّما أخذوه عن أهل الزندقة والتعطيل ، لأنّ الزنادقة قال كثير منهم إنّ الله ليس بعالم ولا قادر ولا حيّ ولا سميع ولا بصير ، فلم تقدر المعتزلة أن تفصح بذلك فأتت بمعناه وقالت : إنّ الله عالم قادر حيّ سميع بصير من طريق التسمية « الكتاب والسنّة » من غير أن يثبتوا له حقيقة العلم والقدرة والسّمع والبصر.
وحاصل (6) تحليل الشيخ أنّ المعتزلة كانت بصدد نفي الأسماء والصفات وفاقاً للزنادقة ، فلم يقدروا عليه خوفاً من السلطة ، ولكنّهم نفوا العلم والقدرة والحياة حتّى يتسنّى لهم نفي الأسماء والصفات « العالم والقادر » بالملازمة ، فمثلهم كمثل من خرج من الباب موهماً للانصراف ثمّ دخل من النافذة.
تلك والله جرأة في الدين و جسارة بلا مبرّر ، والآثار الباقية من المعتزلة تبيّن لنا جهة إصرارهم على نفي الصفات الزائدة على الذات. وليست الغاية نفي أسمائه وصفاته وتصوير كونه سبحانه غير عالم ولا قادر ، بل الغاية نفي الثنويّة وتعدُّد الواجب.
قال القاضي : « لو كان عالماً بعلم ، لكان لا يخلو إمّا أن يكون موجوداً أو معدوماً ، لا يجوز أن يكون معدوماً ، وإن كان موجوداً فلا يخلو إمّا أن يكون قديماً أو محدثاً ، والأقسام كلُّها باطلة ، فلم يبق إلّا أن يكون عالماً بذاته على ما نقوله » (7).
وقال أيضاً : « لو كان يستحقّ هذه الصفات لمعان قديمة ، وجب أن تكون هذه المعاني مثلاً لله تعالى ... إلى آخر ما أفاده » (8).
كلّ ذلك يعرب عن أنّ الداعي لنفي الصفات الأزليّة هو تنزيهه سبحانه عن المثل بل الأمثال. تعالى عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً.
نعم هناك حافزان آخران صارا سببين لنفي الصفات الزائدة على الذات نشير إليهما :
1 ـ تركيب الذات مع الصّفات ، فإنّه سبحانه كما هو واحد لا نظير له ولا مثيل فهو عزّ وجلّ « أحد » بسيط لا جزء له ، والتركيب حليف الإمكان ، لأنّ المركّب متقوّم بالأجزاء ، والمتقوّم لا يكون واجباً ولا غنياً.
2 ـ استلزام القول بالصفات الزائدة على الذات كونه سبحانه ناقصاً مستكملاً بالخارج عن ذاته وحيطة وجوده ، مع أنّه سبحانه كلّ الجمال والكمال ، لا يشذُّ كمال عن حيطة وجوده ، ولا جمال عن حدِّ ذاته.
ولأجل هذين الأمرين مع ما تقدّم من حديث تعدّد القدماء اشتهرت المعتزلة بنفاة الصفات « الصفات الزائدة على الذات » كما اشتهرت الأشاعرة بالصفاتيّة ، متظاهرين بأنّ هناك ذاتاً ووصفاً ، والذات غير الوصف ، وكلاهما قديمان.
إذا عرفت موقف المعتزلة في نفي الصفات الزائدة على الذات ، فهلمّ معي نقرأ بحثاً آخر من هذا المقام وهو تبيين كيفيّة حمل الصّفات على ذاته سبحانه على مذهبهم ، إذ كيف يمكن توصيفه سبحانه بأنّه عالم وقادر مع القول بعدم الصفات الزائدة على الذات أيّ عدم العلم والقدرة المغايرين لها.
وهذا هو البحث المهمّ في المقام ، فنقول : إنّ لهم في تبيين كيفيّة الحمل آراء مختلفة بين صحيح وزائف وإليك الإشارة إلى عناوين مذاهبهم إلى أن نأخذ بالتّفصيل.
أ ـ مذهب أبي الهذيل : إنّه عالم بعلم هو هو.
ب ـ مذهب أبي عليّ الجبّائي : إنّه يستحقُّ هذه الصفات الأربع الّتي هي كونه قادراً ، عالماً ، حيّاً ، موجوداً لذاته.
ج ـ مذهب أبي هاشم : إنّه يستحقّها لما هو عليه في ذاته (9).
هذه هي مذاهبهم الثلاثة في تبيين كيفيّة الحمل ، وقد حاق بها الإبهام ، وإليك التوضيح :
توضيح مذهب أبي الهذيل
إنّ أبا الهذيل من كبار رجال الاعتزال وأحد شيوخ مدرسة البصرة ، توفّي سنة 235 هـ ، ويعتبر أوّل من نظم قواعد الإعتزال ووضع اُصوله ، ولكنّ الزّمان عبث بكتبه ، ولأجل ذلك طرأ على مذهبه الإبهام حتّى إنّ القاضي عبد الجبّار أرجعه إلى مذهب أبي عليّ الجبّائي وقال : « أراد أبو الهذيل ما ذكره الشيخ أبو عليّ إلّا أنّه لم تتلخّص له العبارة » (10).
لكن ما نقل عنه حول مذهبه في علم الباري يدفعنا إلى القول بأنّ مذهبه في باب الصفات يغاير مختار الجبّائي وإليك هذه الكلمات : قال الشيخ الأشعري : « والفرقة الهذيليّة يزعمون أنّ لله علماً هو هو ، وقدرة هي هو ، وحياة هي هو ، وسمعاً هو هو ، وكذلك قالوا في سائر صفات الذات » (11).
قال الشهرستاني : « انفرد أبو الهذيل بعشر قواعد ، الاُولى : إنّ الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته ، قادر بقدرة وقدرته ذاته ، حيّ بحياة وحياته ذاته ، وإنّما اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة الّذين اعتقدوا أنّ ذاته واحدة لا كثرة فيها بوجه ، وإنّما الصفات ليست وراء الذات معاني قائمة بذاته بل هي ذاته » (12).
ولو صحّ نقل هذه الكلمات عن أبي الهذيل فهو لا يهدف إلى إنكار أسمائه كالعالم والقادر والحيّ ، ولا إلى إنكار صفاته من العلم والقدرة والحياة ، بل يعترف بهما معاً ، غير أنّه يقول باتّحاد الصفات مع الذات وجوداً وعينيّة ، وتغايرهما مفهوماً دفعاً للإشكالات المتوجّهة إلى القول بالزيادة.
ولأجل إيقاف القارئ على مرام الشيخ أبي الهذيل نأتي بالتوضيح التالي :
إنّ المتبادر من قولنا « عالم ، قادر ، حيّ » في نظر أهل اللّسان هو الذات الموصوفة بالعلم والقدرة والحياة ، بمعنى أنّه يتبادر مفهوم بسيط ينحلّ إلى ذلك المركّب مآلاً. فتكون هناك اثنينيّة باعتبار أنّ هناك موصوفاً ومعروضاً ووصفاً وعرضاً.
هذا هو المتبادر في الاستعمالات العرفيّة ، ولا يمكن إنكار ذلك أبداً. ولكنّه بهذا المعنى لا يصحّ إطلاقه على الله ، لاستلزامه تثنية الواجب أوّلاً ، وتركّبه من شيئين ثانياً ، واستكماله بغيره ثالثاً. فلأجل ذلك يجب أن يصار في توصيفه سبحانه إلى فرض آخر يحفظ معه أمران :كونه سبحانه واجداً لحقيقة العلم والقدرة والحياة حتّى لا يلزم التّعطيل ، وكونه واحداً بسيطاً غير مركّب من شيء وشيء حتّى لا ترد الإشكالات الثلاثة الماضية ، والتحفّظ على هذين الأمرين لا يحصل إلّا بالقول بأنّ أوصافه سبحانه ونعوته كلّها موجودة بوجود واحد وهو وجود الذات ، وهي بمفردها مصداق لهذه النعوت ، ويكفي نفس وجودها في حمل هذه الصفات الكماليّة عليها بلا طروء تعدُّد في مرحلة الذات. ولأجل تقريب المطلب وأنّه يمكن أن تحمل صفات كثيرة على شيء واحد ، وينتزع منه مفاهيم عديدة ، نأتي بمثال وإن كان الفرق بين المثل والممثّل عظيماً ، ولكنّ الهدف هو التقريب لا التشبيه.
إذا تصوّرنا الإنسان الخارجي وفرضنا له ماهيّة ، فلها ذاتيّات ـ كالحيوان والناطق ـ يعدّان من الاُمور الذاتيّة بالنسبة إلى ماهيّته ، فهذه الذاتيات موجودة بوجود واحد شخصي من دون أن تكون حيثيّة الحيوان في الخارج غير حيثيّة الناطق ، بل الإنسان الخارجي كلّه بوحدته مصداق للحيوان ، كما هو كلّه مصداق للناطق.
فهنا شيء واحد وهو الشخصية الخارجيّة الّتي هي مصداق الإنسان ، يصحّ أن ينتزع منه مفاهيم كثيرة من دون أن تنثلم وحدته.
وعلى ضوء هذا المثال نقول : إنّ ذاته سبحانه بوحدتها وبساطتها ، مصداق لكونه عالماً وقادراً وحيّاً ، وليست حقيقة العلم في ذاته تغاير واقعيّة القدرة فيه. كما أنّ كليهما لا يغايران حقيقة الحياة. بل الذات الواحدة بما أنّها موجود بسيط ، مصداق لهذه الكمالات من دون أن تضمّ إلى الذات ضميمة أو تطرأ كثرة.
وبهذا البيان تحفظ على بساطته ، كما تحفظ على كونه واجداً لحقيقة الصفات الكماليّة. ولا يهدف هذا البيان إلى إخلاء الذات عن حقيقة هذه الصّفات ، ولا تعطيلها عن الاتّصاف بها ، بل يريد أنّ الذات لأجل كونها كلّ الكمال وكلّ الجمال ، وليس فوقها موجود أكمل وأجمل ، بوحدتها وبساطتها واجدة لحقيقة هذه الصفات. والفرق بين كونه سبحانه عالماً وكون زيد عالماً ، بعد اشتراكهما في كونهما واجدين لحقيقة هذا الوصف ، هو أنّه سبحانه ببساطته واجد لهذا الكمال ، وذاته مصداق للعلم ، ولكنّ زيداً بذاته غير واجد لهذا الكمال وإنّما وصل إليه في مرتبة بعدها.
نعم ، كونه سبحانه عالماً بهذا المعنى يخالف ما هو المتبادر منه لفظ « العالم » وأشباهه ، فإنّ المتبادر منه هو الذات المتّصفة بالمبدأ لا الذات البسيطة المتحقّق فيها المبدأ ، والقسم الثاني مصداق جديد لم يتعرّف عليه العرف كما لم يتعرّف عليه الواضع ، وإنّما هو مصداق كشف عنه العقل بدقّته وغفل عنه العرف لمسامحته ، ولكنّه لا يضرّ بالإطلاق ، لأنّ العرف لا يتوجّه إلى هذه الدّقائق ، وأهل الدقّة غير غافلين عن هذا الفرق ، وارتكاب خلاف الظواهر بهذا المقدار فراراً عن الإشكالات العقليّة كثير النظير (13).
ثمّ إنّ القائلين بوحدة الصّفات مع الذات لا يعنون منها الوحدة من حيث المفهوم والموضوع له ، بداهة أنّ ما يفهم من لفظ الجلالة في قولنا « الله عالم » غير ما يفهم من المحمول كلفظ « العالم » وإنّما يعنون بها الوحدة من حيث العينيّة والتحقّق ، بمعنى أنّ ما هو المصداق للفظ الجلالة هو المصداق للفظ العالم ، وهكذا سائر الصفات.
برهان بديع لإثبات الوحدة
ثمّ إنّ لأهل التّحقيق في إثبات الوحدة العينيّة براهين دقيقة نكتفي بذكر واحد منها :
« إنّ بديهة العقل حاكمة بأنّ ذاتاً ما إذا كان لها من الكمال ما هو بحسب نفس ذاتها ، فهي أفضل وأكمل من ذات لها كمال زائد على ذاتها ، لأنّ تجمّل الاُولى بذاتها ، وتجمّل الثانية بصفاتها. وما تجمّل بذاته أشرف ممّا يتجمّل بغير ذاته ، وإن كان ذلك الغير صفاته. وواجب الوجود يجب أن يكون في أعلى ما يتصوّر من البهاء والشّرف والجمال ، لأنّ ذاته مبدأ سلسلة الوجودات وواهب كلّ الخيرات والكمالات ، والواهب المفيض لا محالة أكرم وأمجد من الموهوب المفاض عليه ، فلو لم يكن كماله بنفس حقيقته المقدّسة ، بل مع اللّواحق لكان المجموع من الذات واللّواحق أشرف من الذات المجرّدة ، والمجموع معلول فيلزم أن يكون المعلول أشرف وأكمل من علّته وهو محال بيّن الاستحالة » (14).
هذا هو واقع النّظرية وحقيقتها ، وأنت إذا لاحظت دليلها وما أوضحناها به تقف على أنّ ما ردّ به تلك النظرية ناش عن عدم الوقوف على مراد القائل ، ولو أنّهم كانوا واقفين على مصدر هذه النظريّة لما وجّهوا إليها سهامهم المرقوشة ، وإليك تلك الردود واحداً بعد الآخر.
1 ـ قال الأشعري : « وألزم أبو الهذيل فقيل له : إذا قلت إنّ علم الله هو الله فقل : يا علم الله اغفر لي و ارحمني فأبى ذلك ، فلزمته المناقضة ».
2 ـ وقال : « إنّ من قال عالم ولا علم ، كان مناقضاً ، كما أنّ من قال علم ولا عالم كان مناقضاً » (15).
يلاحظ عليه : أمّا أوّلاً : فإنّ أبا الهذيل لم يقل بالوحدة من حيث المفهوم وإنّما قال بالوحدة من حيث التحقق والعينيّة وما ذكره من النّقض إنّما يرد على الوجه الأوّل لا على الوجه الثاني. فلا يصحّ أن يقال « يا علم الله اغفر لي » ، لأنّ المفهوم من لفظ علم الله غير المفهوم من لفظ الجلالة ، فلا يصحّ أن يوضع « علم الله » من حيث المفهوم مكان لفظ « الله » ويدعى بمفهوم غيره ، ولأجل ذلك لا يصحّ أن يقال يا موجود ، ويقصد به الله سبحانه ، بحجّة أنّ ماهيّته إنيّته ، ووجوده نفس ماهيّته.
وأمّا ثانياً : فبأنّ الشيخ الأشعري خلط بين نظريّة أبي الهذيل ونظريّة الجبّائي الّذي تتلمذ عليه الشيخ الأشعري سنين متمادية إلى أن رفضه ورفض مذهبه ، وانسلك في عداد الحنابلة. فتصوّر أنّ مذهب أبي عليّ نفس مذهب أبي الهذيل. ففي مذهب أبي عليّ ، الذات خالية من الصّفات الحقيقيّة ، غير أنّها نائبة منابها ، ولأجل هذه النيابة يصحّ الحمل ، ويجيء توضيحه عمّا قريب ، بخلافه على مذهب أبي الهذيل.
3 ـ قال البغدادي : « الفضيحة الرابعة من فضائحه ـ أبي الهذيل ـ قوله بأنّ علم الله سبحانه و تعالى هو الله وقدرته هي هو ، ويلزمه على هذا القول أن يكون الله تعالى علماً وقدرة ، ولو كان هو علماً وقدرة لاستحال أن يكون عالماً قادراً ، لأنّ العلم لا يكون عالماً والقدرة لا تكون قادرة » (16).
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من الاشكال مبنيٌّ على اقتناص المعارف الإلهيّة من اللّغة والعرف ، أو من باب مقايسة الواجب بالممكن ، فيما أنّ العلم والقدرة في الإنسان عرض والإنسان معروض لهما ، تخيّل أنّ العلم والقدرة في جميع المراتب أعراض لا تخرج عن حدِّها ، ولكنّه غفل عن أنّ للعلم والقدرة والحياة مراتب ودرجات. فالعلم منه عرض كعلمنا بالأشياء الخارجيّة ، ومنه جوهر كعلمنا بذاتنا وحضور ذاتنا لدى ذاتنا ، ومنه واجب قائم بنفسه كعلم الله سبحانه بذاته. فعند ذلك لا مانع من أن يكون هناك علم قائم بالذات وقدرة مثلها وحياة كذلك.
وهناك كلمة قيّمة للحكيم الفارابي حيث يقول : « يجب أن يكون في الوجود وجود بالذات ، وفي العلم علم بالذات ، وفي القدرة قدرة بالذات ، وفي الارادة إرادة بالذات ، حتّى تكون هذه الاُمور في غيره لا بالذات ».
ومصدر هذه الكلمات العجيبة هو مقايسة الغائب بالشاهد وتصوّر أنّ علمه سبحانه أو قدرته وحياته كعلم الممكنات وقدرتها وحياتها. فذلك هو التشبيه الّذي هو الأساس لمذهب أهل الحديث ومن لفّ لفّهم (17).
4 ـ ذكر الشهرستاني أنّ أبا الهذيل اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة الّذين اعتقدوا أنّ ذاته واحدة لا كثرة فيها بوجه (18).
يلاحظ عليه : أنّه رجم بالغيب ومن الممكن أنّه وصل إليه من خطب الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كما سيوافيك كلامه ، وقد عرفت أنّ المعتزلة في التوحيد والعدل عالة على خطب الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ.
5 ـ قال القاضي الايجي : « لو كان مفهوم كونه عالماً حيّاً قادراً نفس ذاته ، لم يفد حملها على ذاته ، وكان قولنا : « الله الواجب » بمثابة حمل الشيء على نفسه ».
6 ـ وقال أيضاً : « لو كان العلم نفس الذات والقدرة نفس الذات لكان العلم نفس القدرة فكان المفهوم من العلم والقدرة واحداً » (19).
يلاحظ عليه : أنّ الاشكالين من الوهن بمكان ، حتّى إنّ المستشكل لم يقبله. وأساس الاشكال هو الخلط بين الوحدة المفهوميّة والوحدة المصداقيّة ، والقائل يقول بالثاني لا بالأوّل. ولأجل ذلك يقول الايجي في دفع الاشكال الأوّل : « وفيه نظر ، فإنّه لا يفيد إلّا زيادة هذا المفهوم على مفهوم الذات ، وأمّا زيادة ما صدق عليه هذا المفهوم على حقيقة الذات فلا ».
وعند ذلك يصحّ لشيخ الاعتزال أن يتمثّل و يقول :
وكم من عائب قولاً صحيحاً * وآفتـه مـن الفهـم السقيــم
كلام الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في عينيّة الصفات مع الذات
قد ورد في خطب الإمام ـ عليه السلام ـ ما يدلّ على نفي زيادة الصفات لله تعالى بأبلغ وجه و آكده حيث قال في خطبة من خطبه المشهورة : « أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصِّفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصِّفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال فيم فقد ضمّنه ، ومن قال علام فقد أخلى منه » (20).
وتوضيح هذه الجمل الدّريّة تدفعنا إلى البسط في الكلام ولكنّ المقام لا يقتضيه وإنّما نشير إلى بعضها.
قال ـ عليه السلام ـ : « وكمال توحيده الإخلاص له » ، يريد تخليصه سبحانه من الزوائد والثواني حتّى لا يكون خليطاً مع غيره ، ثمّ فرّع على ذلك قوله : « وكمال الإخلاص له نفي الصّفات عنه » يريد نفي الصّفات الّتي وجودها غير وجود الذات لا نفي حقائقها عن ذاته ، فإنّ ذاته بذاته مصداق لجميع النعوت الكماليّة والأوصاف الإلهيّة من دون قيام أمر زائد على ذاته ، فعلمه وقدرته و .... كلُّها موجودة بوجود ذاته الأحديّة مع أنّ مفاهيمها متغايرة.
وقال ـ عليه السلام ـ : « لشهادة كلِّ صفة أنّها غير الموصوف ... » إشارة إلى برهان نفي الصفات العارضة ، سواء فرضت قديمة كما عليه الكلابيّة و الأشاعرة أو حادثة. فإنّ الصفة إذا كانت عارضة كانت مغايرة للموصوف بها.
فعندئذ يترتّب عليه قول : « فمن وصفه فقد قرنه » أيّ من وصفه بصفة زائدة فقد قرنه بغيره ، فان كان ذلك الغير مستقلّاً في الوجود يلزم أن يكون له ثان في الوجود ، وإن كان غير مستقلّ فبما أنّه جزء له فقد جعله مركّباً ذا جزأين وإليه يشير بقوله : « ومن ثنّاه فقد جزّأه » ومن المعلوم أنّ من جزّأه فقد جهله ، ولم يعرفه على ما هو عليه. ومن جهله بهذا المعنى فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، لأنّ الإشارة إلى الشيء حسّيّة كانت أو عقليّة تستلزم جعله محدوداً بحدّ خاصّ ، ومن حدّه بحد معيّن فقد جعله واحداً بالعدد ـ إلى آخر ما أفاده.
هذا هو توضيح نظريّة أبي الهذيل وهو المختار لدى الإماميّة وعليه خطب الإمام وكلمات أئمّة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وعندئذ يحين وقت إيضاح النظرية الثانية المنسوبة إلى أبي علي الجبّائي.
توضيح مذهب أبي عليّ الجبّائي
إنّ أبا عليّ الجبّائي يقول : إنّه تعالى يستحقّ هذه الصّفات الأربع الّتي هي كونه قادراً عالماً حيّاً موجوداً لذاته. فهو يهدف إلى نظريّة اُخرى يليق أن يتّهم معها بالتعطيـل.
وقد أوضح الشهرستاني الفرق بين هذه النظريّة والنظريّة السابقة بقوله : « والفرق بين قول القائل : « عالم بذاته لا بعلم » وبين قول القائل : « عالم بعلم هو ذاته » ، أنّ الأوّل هو نفي الصفة ، والثاني إثبات ذات هو بعينه صفة ، أو إثبات صفة هي بعينها ذات » (21).
ولقد أحسن في التّوضيح وأصاب الغرض. فعلى هذا القول ليست الذات واجدة لواقعيات الصّفات ، غير أنّ ما يترقّب من الذات المتّصفة بها ، يترتّب على ذاته سبحانه وإن لم تكن هناك تلك الصفات. مثلاً أثر الذات الموصوفة بالعلم هو إتقان الفعل وهو يترتّب على ذاته سبحانه بلا وجود وصف العلم فيه ، وقد اشتهر عندهم « خذ الغايات واترك المبادئ ».
وصاحب النظريّة توفّق في الجمع بين الأمرين الخطيرين. فمن جانب اتّفقت الشرائع السماويّة على أنّه سبحانه عالم حيّ قادر. ومن جانب آخر واقعية الصفة لا تنفكّ عن القيام بالغير بحيث لو لم تكن قائمة به لما صدق عليه الوصف. فعندئذ يدور الأمر بين الاُمور التالية :
1 ـ نفي كونه عالماً قادراً حيّاً ... وهذا يكذّبه اتّفاق الشرائع السماوية ووجود آثار الصفات في أفعاله من الإتقان والنظم البارزين.
2 ـ كون صفاته زائدة على ذاته وهو يستلزم المفاسد السابقة من تعدّد القدماء وغيره.
3 ـ كون صفاته عين ذاته كما عليه شيخ المعتزلة في عصره « أبي الهذيل » وهو لا يتّفق مع واقعيّة الصِّفات ، فإنّ واقعيّتها نفس قيامها بالغير لا صيرورتها نفسه ، فتعيّن القول التالي :
4 ـ كون ذاته نائبة مناب الصّفات وإن لم تكن هناك واقعيّتها. وممّن اختار هذا القول قبل الجبّائي هو عبّاد بن سليمان المعتزلي. قال: « هو عالم ، قادر ، حيّ ، ولا أثبت له علماً ، ولا قدرة ، ولا حياة ولا أثبت سمعاً ولا أثبت بصراً. وأقول : هو عالم لا بعلم ، وقادر لا بقدرة ، وحيٌّ لا بحياة ، وسميع لا بسمع ، وكذلك سائر ما يسمّى به من الأسماء الّتي يسمّى بها » (22).
تقييم نظريّة النيابة
إنّ هذه النظريّة من الوهن بمكان ، فإنّ أبا عليّ لو تأمّل في واقعيّة الصفات الكماليّة لما أصرّ على أنّ واقعيّتها في جميع المجالات والمراحل ، واقعية القيام بالغير. وإنّما هي واقعيتها في بعض المراتب كعلم الإنسان وقدرته وحياته ، وليس في جميع المراتب كذلك. وذلك لأنّ الكمالات ترجع إلى الوجود، وله شؤون و عرض عريض. فكما أنّ منه وجوداً رابطاً ورابطيّاً وجوهراً ، فكذا العلم. فمنه عرض قائم بالغير ، ومنه جوهر قائم في نفسه كعلم الإنسان المدرك بذاته ، ومنه ممكن ومنه واجب ، وهكذا سائر الصِّفات. وعلى ذلك فالاصرار على واقعيّة واحدة تجمع شتات العلم ، إصرار في غير محلِّه. فإنّ للعلم وكلّ كمال مثله ، إطارات وقوالب ومظاهر ومجالات تختلف حسب اختلاف المراتب.
إذا وقفت على مذهب الوالد ـ أبي عليّ ـ فهلمّ معي ندرس مذهب الولد في باب حمل الصفِّات الذاتيّة عليه سبحانه.
مذهب أبي هاشم
إنّ لأبي هاشم في كيفيّة استحقاق الصفِّات مذهباً خاصّاً عبّر عنه القاضي بقوله : « وعند أبي هاشم يستحقّها لما هو عليه في ذاته » وعبّر عن نظرية أبيه بقوله : « إنّه يستحقّها القديم تعالى لذاته » (23).
وقد حاول البغدادي تبيين الفرق بقوله : « إنّ أبا عليّ جعل نفس الباري علّة لكونه عالماً وقادراً ، وخالف أبو هاشم أباه وزعم أنّ الله عالم لكونه على حال ، قادر لكونه على حال وزعم أنّ له في كلِّ معلوم حالاً مخصوصاً ، وفي كلِّ مقدور حالاً مخصوصاً. وزعم أنّ الأحوال لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا أشياء » (24).
و أوضحه الشهرستاني بقوله : « قال الجبّائي : عالم لذاته ، قادر حيّ لذاته ، ومعنى قوله : « لذاته » أيّ لا يقتضي كونه عالماً ، صفة هي علم أو حال توجب كونه عالماً ، وعند أبي هاشم : « هو عالم لذاته » بمعنى أنّه ذو حالة هي صفة معلومة وراء كونه ذاتاً موجوداً ، وإنّما تعلم الصِّفة على الذات ، لا بانفرادها. فأثبت أحوالاً هي صفات لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة ، أيّ هي على حيالها لا تعرف كذلك بل مع الذّات » (25).
وأنت تعلم أنّ هذه المحاولات تزيد في الغموض ، وقد أصبحت نظريّته لغزاً من الألغاز لم يقف عليه أحد. قال الشريف المرتضى : «سمعت الشيخ المفيد يقول : ثلاثة أشياء لا تعقل وقد اجتهد المتكلّمون في تحصيل معانيها من معتقديها بكلِّ حيلة ، فلم يظفروا منهم إلّا بعبارات يناقض المعنى فيها مفهوم الكلام : اتّحاد النّصرانية ـ التثليت مع ادّعاء الوحدة ـ ، وكسب النّجارية و أحوال البهشميّة » (26).
ممّا يقال ولا حقيقة عنــــــده * معقولة تدنو إلـــى الأفهـــــــام
الكسب عند الأشعري والحال * عند البهشمي وطفرة النظام (27)
وبما أنّ تحقيق نظريته مبنيّ على تحقيق « الأحوال » الّتي يتبنّاها أبو هاشم فلنكتف بهذا المقدار.
الهوامش
1. شرح الاُصول الخمسة : ص 183.
2. لاحظ : الابانة للشيخ الأشعري : ص 107.
3. نهاية الاقدام في علم الكلام للشهرستاني : ص 192 ـ 194 ، و « في علم الكلام » قسم المعتزلة للدكتور أحمد محمود صبحي ، ص 123.
4. المواقف : ص 280.
5. أوائل المقالات : ص 17.
6. الابانة : ص 107 ـ 108.
7. شرح الاُصول الخمسة : ص 183.
8. المصدر نفسه : ص 195 ، ولاحظ ص 197. ولاحظ الملل والنحل : ج 1 ص 46 في تبيين القاعدة الأولى من القواعد الأربع الّتي اختارها واصل بن عطاء ، ترى فيها التصريح منه بأنّ الغاية لنفي الصفات هو التنزيه.
9. شرح الاُصول الخمسة : ص 182.
10. المصدر نفسه : ص 183.
11. مقالات الإسلاميين : ص 179.
12. الملل والنحل : ج 1 ، ص 49 ـ 50.
13. قال سبحانه ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّـهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ) [ الأنفال : 66 ] فهل يمكن الأخذ بظاهره البدئي في أنّه لم يكن عالماً قبله.
14. الاسفار : ج 6 ، ص 134 ـ 135.
15. الابانة : ص 108.
16. الفرق بين الفرق : ص 127.
17. تعاليق الاسفار : ج 6 ، ص 135.
18. الملل والنحل : ج 1 ، ص 50.
19. المواقف : ص 280.
20. نهج البلاغة : الخطبة الاُولى.
21. الملل والنحل : ج 1 ص 50.
22. مقالات الإسلاميين : ج 1 ، ص 225. نعم نقل القاضي في شرح الاُصول الخمسة ص 183 رأياً آخر لسليمان بن جرير وهو غير عباد بن سليمان فلا يختلط عليك الأمر.
23. شرح الاُصول الخمسة : ص 129.
24. اُصول الدين للبغدادي : ص 92.
25. الملل والنحل : ج 1 ، ص 82.
26. الفصول المختارة : ص 128.
27. القضاء والقدر ، لعبد الكريم الخطيب : ص 185.
مقتبس من : كتاب « بحوث في الملل والنحل الجزء الثالث »
التعلیقات
١