عقيلة بني هاشم زينب الكبرى عليها السلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ سنةخزي الذين لا يعترفون للمرأة بالكرامة، ويصغّرون قدر المرأة. تعال وانظر كيف كرّم الله سبحانه وتعالى زينب الكبرى سلام الله عليها، وأعطها العلم والفهم والمعرفة والشجاعة والفصاحة والصبر الجميل، وكل ما يعرف من كرامة وفضائل.
نعم، هذه بنت علي وفاطمة عقيلة الهاشميين سلام الله عليهم أجمعين، فكما لبس الحسين عليه السلام رداء أبيه علي عليه السلام في مواجهة الباطل، فقد لبست زينب عباءة أمها فاطمة، ووقفت إلى جنبه تنصر الدين، حتى تصبح أسوة وقدوة لكل امرأة ورجل في طلب الحق والحقيقة ومواجهة الباطل بكل قدرة وبسالة.
عقيلة بني هاشم
العقيلة هي المرأة الكريمة، وهي لقب للسيدة المتزوجة، وهي لقب أطلق على زينب الكبرى عليها السلام، فكانت تسمى بعقيلة بني هاشم، فهذا ليس اسما لها، بل هو لقبا لها. وأول ما ورد على لسانه اسم العقيلة كان عبدالله بن عباس، الذي روي عنها كلام أمها فاطمة عليها السلام، في قضية فدك، فقال: «حدثتنا عقيلتنا»(1) أي زينب بنت على عليها السلام.
فكلمة العقيلة تدل على العظمة، والحشمة، والجلالة، والوقار، والسيادة، كما ورد ذلك على لسان العرب، فالعقيلة من النساء هي الكريمة المخدرة، التي لا يرى الناس لها ظلا، ولا يسمع لها صوتاً.
عالمة غير معلّمة
العلم من أفضل السجايا الإنسانية، وأشرف الصفات البشرية، به أكمل اللّه أنبيائه المرسلين، ورفع درجات عباده المخلصين، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (2) وقرن اهل العلم بنفسه وبملائكته في آية أخرى فقال سبحانه وتعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾،(3) وإنما صار العلم بهذه المثابة؛ لأنه يوصل صاحبه إلى معرفة الحقائق، ويكون سببا لتوفيقه في نيل رضى الخالق، ولذلك لما سئل رسول اللّه صلى الله عليه وآله عن رجلين أحدهما عالم والآخر عابد، فقال صلى الله عليه وآله: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ رَجُلاً».(4) وكان صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل بيته عليهم السلام يحثون الأمة على طلب العلم، وكانوا يغذون أطفالهم العلم كما يغذونهم اللبن.
أما زينب المتربية في مدينة العلم النبوي، المعتكفة بعده ببابها العلوي، المتعذية بلبانه من أمها الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليها، وقد طوت عمرا من الدهر مع الأمامين السبطين يزقانها العلم زقا، والتي اعترف بها عدوهم الألد يزيد الطاغية بقوله في الإمام السجاد عليه السلام (إنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا).(5) وقد نص لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين عليه السلام: «أنت بحمد الله عالمة غير معلمة فهمة غير مفهمة».(6) يريد بذلك أن مادة علمها من سنخ ما منح به رجالات بيتها الرفيع، أفيض عليها إلهاما لا بتخرج على أستاذ، وأخذ عن مشيخة وإن كان الحصول على تلك القوة الربانية بسبب تهذيبات جدها وأبيها وأمها وأخويها.
بعض ما وصل إلينا من روايات السيدة زينب عليها السلام
من الواضح أن السيدة زينب عليها السلم قد ترعرعت في أحضان النبوة والإمامة، وقد سمعت ما لا يُحصى من الأحاديث من جدّها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأبيها الإمام علي عليه السلم وأخويها سيدي شباب أهل الجنة وعن أمها الصديقة الكبرى عليها السلام.
خطبة الزهراء عليها السلام فقد روت هذه القصة كاملةً بحذافيرها وما جرى، حيث رافقت أمها إلى المسجد، وسجّلت الخطبة كلّها في قلبها وذكراتها؛ لتكون راويةً لخطبة أمّها، ولتكون همزة وصل في إيصال صوت أمّها إلى مسامع الأمم والمِلَل، وجهازاً إعلاميّاً في بثّ هذه الخطبة إلى العالم.
حديث أم أيمن حديث يَقشَعرّ منه الجلود، وتتوتّر منه الأعصاب؛ لأنّه إخبار عن مُستقبل محاط بشتّى أنواع الفجائع والكوارث، وهو مقتل أخيها الإمام الحسين عليهالسلام وأُسرته وأهل بيته. إذن، لم تكن فاجعة كربلاء للسيدة زينب مفاجأة، بل كانت على عِلم بهذه المقدّرات التي كتبتها المشيئة الإلهية.
إليك بعض كلمات هذه الرواية
وقد ورد عنها صلوات الله عليها أنها قال: «وينصبون لهذا الطفّ عَلَماً لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يُدرَس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام.
ولَيَجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً، وأمره إلا علوّاً.
فقلتُ: وما هذا العهد وما هذا الخبر؟؟
فقالت: نعم، حدّثتني أمّ أيمن أن رسول الله صلى الله عليه وآله زارَ منزل فاطمة عليها السلام في يوم من الأيام، فعَمِلَت له حريرة، وأتاهُ علي عليهالسلام بطبقٍ فيه تمر».(7)
ورُوي عنها عليها السلام أيضاً قائلة: يقول جدّي الرسول الكريم: «إذا صلّت المرأةُ خَمسَها، وصامَت شَهرها، وحَفَظت فرجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: أُدخُلي الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئتِ»(8)
ورَوى الإمام زين العابدين عن عمّته زينب عليهماالسلام عن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام أنّها قالت: «دَخَلَ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ولادة ابني الحسين، فناولتُه إيّاه،... ثم قال: خُذيه يا فاطمة! فإنّه إمـام ابنُ إمـام.. أبو الأئمّة التِسعـة، مـِن صُلبه أئمّة أبرار، والتاسع قائمهم».(9)
لقد رُويَ عن السيدة حكيمة بنت الإمام محد الجواد عليهما السلام أنّها قالت: إنّ الحسين بن علي عليهالسلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي عليهما السلام في الظاهر، وكانَ ما يَخرجُ من علي بن الحسين من عِلمٍ يُنسَبُ إلى زينب سِتراً على علي بن الحسين عليهما السلام.(10)
نعم، هذه بنت علي وفاطمة عقيلة الهاشميين سلام الله عليهم أجمعين، فكما لبس الحسين عليه السلام رداء أبيه علي عليه السلام في مواجهة الباطل، فقد لبست زينب عباءة أمها فاطمة، ووقفت إلى جنبه تنصر الدين، حتى تصبح أسوة وقدوة لكل امرأة ورجل في طلب الحق والحقيقة ومواجهة الباطل بكل قدرة وبسالة.
عقيلة بني هاشم
العقيلة هي المرأة الكريمة، وهي لقب للسيدة المتزوجة، وهي لقب أطلق على زينب الكبرى عليها السلام، فكانت تسمى بعقيلة بني هاشم، فهذا ليس اسما لها، بل هو لقبا لها. وأول ما ورد على لسانه اسم العقيلة كان عبدالله بن عباس، الذي روي عنها كلام أمها فاطمة عليها السلام، في قضية فدك، فقال: «حدثتنا عقيلتنا»(1) أي زينب بنت على عليها السلام.
فكلمة العقيلة تدل على العظمة، والحشمة، والجلالة، والوقار، والسيادة، كما ورد ذلك على لسان العرب، فالعقيلة من النساء هي الكريمة المخدرة، التي لا يرى الناس لها ظلا، ولا يسمع لها صوتاً.
عالمة غير معلّمة
العلم من أفضل السجايا الإنسانية، وأشرف الصفات البشرية، به أكمل اللّه أنبيائه المرسلين، ورفع درجات عباده المخلصين، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (2) وقرن اهل العلم بنفسه وبملائكته في آية أخرى فقال سبحانه وتعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾،(3) وإنما صار العلم بهذه المثابة؛ لأنه يوصل صاحبه إلى معرفة الحقائق، ويكون سببا لتوفيقه في نيل رضى الخالق، ولذلك لما سئل رسول اللّه صلى الله عليه وآله عن رجلين أحدهما عالم والآخر عابد، فقال صلى الله عليه وآله: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ رَجُلاً».(4) وكان صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل بيته عليهم السلام يحثون الأمة على طلب العلم، وكانوا يغذون أطفالهم العلم كما يغذونهم اللبن.
أما زينب المتربية في مدينة العلم النبوي، المعتكفة بعده ببابها العلوي، المتعذية بلبانه من أمها الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليها، وقد طوت عمرا من الدهر مع الأمامين السبطين يزقانها العلم زقا، والتي اعترف بها عدوهم الألد يزيد الطاغية بقوله في الإمام السجاد عليه السلام (إنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا).(5) وقد نص لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين عليه السلام: «أنت بحمد الله عالمة غير معلمة فهمة غير مفهمة».(6) يريد بذلك أن مادة علمها من سنخ ما منح به رجالات بيتها الرفيع، أفيض عليها إلهاما لا بتخرج على أستاذ، وأخذ عن مشيخة وإن كان الحصول على تلك القوة الربانية بسبب تهذيبات جدها وأبيها وأمها وأخويها.
بعض ما وصل إلينا من روايات السيدة زينب عليها السلام
من الواضح أن السيدة زينب عليها السلم قد ترعرعت في أحضان النبوة والإمامة، وقد سمعت ما لا يُحصى من الأحاديث من جدّها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأبيها الإمام علي عليه السلم وأخويها سيدي شباب أهل الجنة وعن أمها الصديقة الكبرى عليها السلام.
خطبة الزهراء عليها السلام فقد روت هذه القصة كاملةً بحذافيرها وما جرى، حيث رافقت أمها إلى المسجد، وسجّلت الخطبة كلّها في قلبها وذكراتها؛ لتكون راويةً لخطبة أمّها، ولتكون همزة وصل في إيصال صوت أمّها إلى مسامع الأمم والمِلَل، وجهازاً إعلاميّاً في بثّ هذه الخطبة إلى العالم.
حديث أم أيمن حديث يَقشَعرّ منه الجلود، وتتوتّر منه الأعصاب؛ لأنّه إخبار عن مُستقبل محاط بشتّى أنواع الفجائع والكوارث، وهو مقتل أخيها الإمام الحسين عليهالسلام وأُسرته وأهل بيته. إذن، لم تكن فاجعة كربلاء للسيدة زينب مفاجأة، بل كانت على عِلم بهذه المقدّرات التي كتبتها المشيئة الإلهية.
إليك بعض كلمات هذه الرواية
وقد ورد عنها صلوات الله عليها أنها قال: «وينصبون لهذا الطفّ عَلَماً لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يُدرَس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام.
ولَيَجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً، وأمره إلا علوّاً.
فقلتُ: وما هذا العهد وما هذا الخبر؟؟
فقالت: نعم، حدّثتني أمّ أيمن أن رسول الله صلى الله عليه وآله زارَ منزل فاطمة عليها السلام في يوم من الأيام، فعَمِلَت له حريرة، وأتاهُ علي عليهالسلام بطبقٍ فيه تمر».(7)
ورُوي عنها عليها السلام أيضاً قائلة: يقول جدّي الرسول الكريم: «إذا صلّت المرأةُ خَمسَها، وصامَت شَهرها، وحَفَظت فرجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: أُدخُلي الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئتِ»(8)
ورَوى الإمام زين العابدين عن عمّته زينب عليهماالسلام عن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام أنّها قالت: «دَخَلَ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ولادة ابني الحسين، فناولتُه إيّاه،... ثم قال: خُذيه يا فاطمة! فإنّه إمـام ابنُ إمـام.. أبو الأئمّة التِسعـة، مـِن صُلبه أئمّة أبرار، والتاسع قائمهم».(9)
لقد رُويَ عن السيدة حكيمة بنت الإمام محد الجواد عليهما السلام أنّها قالت: إنّ الحسين بن علي عليهالسلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي عليهما السلام في الظاهر، وكانَ ما يَخرجُ من علي بن الحسين من عِلمٍ يُنسَبُ إلى زينب سِتراً على علي بن الحسين عليهما السلام.(10)
1ـ مقاتل الطالبيين / ابو الفرج الإصفهاني / المجلّد: 1 / الصفحة: 60.
2ـ سورة المجادلة: الآية 11.
3ـ سورة آل عمران: الآية 18.
4ـ البرهان في تفسير القرآن / السيد هاشم البحراني / المجلّد: 1 / صفحه: 11.
5ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد: 45 / الصفحة: 138 / ط دار الاحیاء التراث.
6ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد: 45 / الصفحة: 164 / ط دار الاحیاء التراث.
7ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد: 28 / الصفحة: 57 / ط دار الاحیاء التراث.
8ـ زينب الكبرى عليها السلام من المهد إلى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني / المجلّد: 1 / الصفحة: 582.
9ـ زينب الكبرى عليها السلام من المهد إلى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني / المجلّد: 1 / صفحه: 584.
10ـ الغيبة / الشيخ الطوسي / المجلّد: 1 / الصفحة: 230.
التعلیقات