أخطار الموسيقى المحرَّمة
المرأة والاسلام
منذ 10 ساعاتالإنسان بطبعه يبحث عن الراحة والسكينة بعد تعب الحياة ومشقّاتها، ولكن ليس كل طريق يؤدّي إلى الراحة طريقاً آمناً. من أخطر المسالك التي تترك آثاراً مدمِّرة على القلب والروح هو الاستماع إلى الموسيقى المحرَّمة، تلك الألحان التي ارتبطت بمجالس اللهو والباطل.
لقد كشفت الروايات الشريفة عن نتائج خطيرة لهذا السماع: الفقر، النفاق، قساوة القلب، وضياع نور الإيمان. وفي مقابل ذلك، توجد طرق أخرى للترويح عن النفس والطمأنينة : (ثلاث يذهبن الحزن: الماء والخضراء والوجه الحسن).
معنى مناسبة الموسيقى لمجالس اللهو
ليس المقصود من عبارة « مناسبة الموسيقى أو الغناء لمجالس اللهو واللعب » هو مجرّد كون اللحن مفرحاً أو مبهجاً، بل المراد أنّ السامع الخبير يميّز أنّ هذا اللحن مستعمل في تلك المجالس أو مشابِه لها. وهنا يكون الخطر، لأنّ هذه الألحان تجرّ القلب إلى الغفلة وتُبعده عن ذكر الله.
الغناء في القرآن الكريم
سئل عن الامام الصادق عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ (1) ، فَقَالَ: « الرِّجْسُ مِنَ الْأَوْثَانِ: اَلشِّطْرَنْجُ، وَ قَوْلُ الزُّورِ: الْغِنَاءُ » (2).
فالقرآن نفسه سمّى الغناء زوراً وباطلاً، وأمر بالاجتناب عنه، لما فيه من فساد وخطر على الإيمان.
الغناء بذرة للفقر والنفاق
الروايات تبيّن بوضوح أنّ الغناء المحرَّم لا يمرّ بلا أثر، بل يترك في النفس والمجتمع نتائج سلبية:
قال الإمام الصادق علیه السّلام: « الْغِنَاءُ يُورِثُ النِّفَاقَ وَ يُعْقِبُ الْفَقْرَ» (3).
وقال أمير المؤمنين علیه السّلام: « كثرة الاستماع إلى الغناء يورث الفقر» (4).
وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « أَرْبَعٌ يُفْسِدْنَ الْقَلْبَ وَ يُنْبِتْنَ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الشَّجَرَ: اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ، وَ الْبَذَاءُ، وَ إِتْيَانُ بَابِ السُّلْطَانِ، وَ طَلَبُ الصَّيْدِ » (5).
هذه النصوص تكشف أنّ الغناء لا يقتصر على تسليةٍ وقتية، بل هو سمٌّ يزرع الفقر ويُنبِت النفاق في القلوب.
قساوة القلب وضياع النور
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبيطاب عليه السلام: « يا علي ثَلَاثَةٌ يُقْسِينَ الْقَلْبَ اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ ... » (6).
أخطر ما يتركه الغناء في حياة الإنسان أنّه يسلب القلب رقّته وصفاءه. فالمستمع يجد نفسه شيئاً فشيئاً أقلّ خشوعاً في الصلاة، أبعد عن التأثر بالذكر، أثقل على العبادة. القساوة التي تنبت في القلب هي أعظم خسارة، لأنّها تحجب نور الإيمان وتطفئ شعلة الهداية.
الموسيقى المحرَّمة ليست مجرّد لحن يُسمع، بل هي مدخل للحرمان الروحي والمادي. الفقر، النفاق، قساوة القلب… هذه ثمارها كما صرّحت بها الروايات.
وقد يكون ترك عادة الاستماع إلى الغناء صعباً على بعض النفوس، لكنّ سهولته تبدأ حين يتذكّر المؤمن أنّ في هذا الترك رضى الله تعالى. بل إنّ الله وعد عباده المخلصين بما هو أعظم وأجمل من كل لحن دنيوي: فقد رُوي عن الامام علي بن موسى الرضا علیه السلام: « مَنْ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ الْغِنَاءِ فَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّيَاحَ أَنْ تُحَرِّكَهَا فَيَسْمَعُ لَهَا صَوْتاً لَمْ يَسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَ مَنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ عَنْهُ لَمْ يَسْمَعْهُ » (7).
هنا تتجلّى الرحمة الإلهية: من يصبر على ترك الغناء المحرَّم، ينال لذّةً أبدية، وصوتاً سماوياً لا يشبهه شيء، فيرتاح قلبه في الدنيا، وتغمره أنغام الجنّة في الآخرة.
ختاماً
إنّ خطر السماع للموسيقى المحرَّمة لا يقتصر على لهوٍ عابر، بل يترك آثاراً روحية واجتماعية عميقة: فقرٌ، نفاقٌ، قساوةٌ، وضياع نور الإيمان. وفي المقابل، وعد الله من يصبر على تركها بلذّةٍ أبدية وأنغامٍ سماوية في الجنة.
فلنجعل من هذه المعرفة خطوةً عملية في حياتنا: أن نستبدل أصوات اللهو بذكر الله، ونعوّد بيوتنا على القرآن والأنغام الطاهرة.
إنّها فرصة لنربّي قلوبنا على الصفاء، ونغرس في نفوسنا وأهلنا بذور النور والبركة.
الاسئلة والاجوبة
١. ما معنى أن تكون الموسيقى «مناسبة لمجالس اللهو»؟
الجواب: ليس المقصود أنّ كل لحن مفرح هو محرَّم، بل العبرة أن يكون اللحن معروفاً بأنّه يُستعمل في مجالس اللهو والباطل أو مشابهاً لها، وهنا يكون الاستماع محرَّماً لما يجرّه من غفلة عن ذكر الله.
٢. كيف نظر القرآن الكريم إلى الغناء؟
الجواب: القرآن وصف الغناء بأنّه «قول الزور» كما في تفسير الإمام الصادق عليه السلام لقوله تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾، وأمر بالابتعاد عنه لما فيه من فسادٍ وخطرٍ على الإيمان.
٣. ما أبرز الآثار السلبية للغناء المحرَّم بحسب الروايات؟
الجواب: الروايات صرّحت أنّ الغناء يورث الفقر، ويُنبِت النفاق في القلب، ويُقسي القلب حتى يفقد رقّته وخشوعه.
٤. لماذا يُعتبر قساوة القلب أخطر نتائج الغناء؟
الجواب: لأنّ القلب إذا قسا، يفقد قدرته على التأثر بالذكر والصلاة والعبادة، فيُحجب نور الإيمان ويُطفَأ شعاع الهداية في حياة الإنسان.
٥. ما الجزاء الإلهي لمن يترك الغناء المحرَّم صبراً وابتغاءً لرضا الله؟
الجواب: وعد الله من نزّه نفسه عن الغناء أن يسمع في الجنة صوت شجرةٍ تحرّكها الرياح، فيسمع لحناً سماوياً لم يُسمع بمثله قط، وهو جزاء أعظم وأجمل من أي لحن دنيوي.
1. حج : 30.
2. البرهان في تفسير القرآن / البحراني، السيد هاشم / المجلد : 3 / الصفحة : 881.
3. الخصال / الشيخ الصدوق / المجلد : 1 / الصفحة : 24.
4. وسائل الشيعة / ط الإسلامية / الشيخ حرّ العاملي / المجلد : 11 / الصفحة : 276.
5. الخصال / الشيخ الصدوق / المجلد : 1 / الصفحة : 227.
6. روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه( ط- القديمة) /المجلسي، محمد تقى / المجلد : 12 / الصفحة : 223.
7. الكافي /ط الاسلامية / الشيخ الكليني / المجلد : 6 / الصفحة : 434.
التعلیقات