الإنفاق الفاطمي (عليها السلام)
السيد حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتإنّ الله عزّ وجلّ خلق البشر على فطرةٍ مشتركةٍ، حيث يُحبّ ويميل إلى الأمور الجيدة، ويكره ويبتعد عن الأمور القبيحة. فالأولى لأولياء الله أن يتلبّس بهذه الصفات الحسنة؛ لأنّهم يمثلون الصفات الجيّدة التي أودعها الله في الفطرة البشرية، كما قال عزّ وجلّ: " قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً".(1)
من هؤلاء الخلفاء الذين خلقت السماوات والأرض لأجلهم، ويتبرك العالم بوجودهم على الأرض هي السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي تتجلّى فيها جميع الصفات السماوية الجيّدة مثل الإيمان، والعفّة، والأدب، والمحبّة، والكَرَم التي خلقها الله.
فالسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) خدمت الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله)، فمثلاً في حرب أحد كانت السيّدة الزهراء (عليها السلام)، وعدد من نساء المدينة يداوون جرحى المسلمين، كذلك بعد وفاة الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) حتى استشهادها ضحّت بكلّ ما لديها من أجل الدفاع عن الدّين والولاية. فكما كانت من الأقدمين في مجال التضحية لأجل الدّين ومساعدة المسلمين، كذلك كانت في مُقدّمة الكرماء مِن النّاس والتصدّق على الفقراء والمساكين سراً وعلانيةً وهي مصداق للآية الكريمة: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "،(2) كما أنها غيّرت المنهج الخاطئ السائد الذي هو التصدّق بأسوء الأشياء على المساكين، وبَنَت أسساً للعمل بعكس هذا المنهج، وهو التصدّق بثياب عرسها في ليلة زفافها، وقد ورد في الحديث: "أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها، وكان لها قميص مرقوع، وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوّة قميصاً خلقاً، فأرادت أنْ تدفع إليه القميص المرقوع، فتذكرت قوله تعالى: "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"،(3) فدفعت له الجديد، فلمّا قرب الزفاف نزل جبرائيل، وقال: يا محمّد، إنّ الله يقرئك السلام، وأمرني أن أسلّم على فاطمة، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنّة من السندس الأخضر".(4)
فإن السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت من مؤسسي نهضة إعطاء الصدقة والإيثار والكرم في المجتمع، لكن ليس بشكل غير متعارف حيث كانت تتصدّق بأغلى ما لديها، وليس بفاضل ما عندها مِن السلع، ومِن أعلى مواقفها في ترويج وتأسيس هذه الثقافة هي نغص الرّاحة وبذل الطّعام الذي كان قد أعد لها ولعيالها في سبيل توفير الراحة والطعام للفقراء، فتنزل الآية الشريفة بحقهم: "وَيطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکيناً وَيتيماً وَأَسيراً "(5) جزاءاً لما فعلتها؛ لأجل ترويج ونشر ثقافة التصدّق وذلك في القضية المعروفة التي هي: "مرض الحسن والحسين فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جماعة معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة جارية لهما إن برئا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام، فشفيا مما كانا فيه، فاستقرض عليّ (عليه السلام) من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من الشعير، فطحنت فاطمة صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم؛ ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم یا أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه، وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء، وأصبحوا صائمين، فلمّا أمسوا، ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا أخذ الامام عليّ (عليه السلام) بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال: ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم! وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة (عليها السلام) في محرابها قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبرئيل، ثم قال: خذها يا محمّد، هنّأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة، وفيها هذه الآية: "وَيطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکيناً وَيتيماً وَأَسيراً ".(6)
فينبغي علينا أن نُروّج هذه الثقافة - أي الصّدقة - القيمة التي تبث روح المحبّة والإيثار في مجتمعنا الذي غابت فيه هذه الثقافة، فهذه الخصلة من جهة تساعد الفقراء والمساكين وتغنيهم عن التسول والتذلل.
من هؤلاء الخلفاء الذين خلقت السماوات والأرض لأجلهم، ويتبرك العالم بوجودهم على الأرض هي السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي تتجلّى فيها جميع الصفات السماوية الجيّدة مثل الإيمان، والعفّة، والأدب، والمحبّة، والكَرَم التي خلقها الله.
فالسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) خدمت الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله)، فمثلاً في حرب أحد كانت السيّدة الزهراء (عليها السلام)، وعدد من نساء المدينة يداوون جرحى المسلمين، كذلك بعد وفاة الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) حتى استشهادها ضحّت بكلّ ما لديها من أجل الدفاع عن الدّين والولاية. فكما كانت من الأقدمين في مجال التضحية لأجل الدّين ومساعدة المسلمين، كذلك كانت في مُقدّمة الكرماء مِن النّاس والتصدّق على الفقراء والمساكين سراً وعلانيةً وهي مصداق للآية الكريمة: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "،(2) كما أنها غيّرت المنهج الخاطئ السائد الذي هو التصدّق بأسوء الأشياء على المساكين، وبَنَت أسساً للعمل بعكس هذا المنهج، وهو التصدّق بثياب عرسها في ليلة زفافها، وقد ورد في الحديث: "أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها، وكان لها قميص مرقوع، وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوّة قميصاً خلقاً، فأرادت أنْ تدفع إليه القميص المرقوع، فتذكرت قوله تعالى: "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"،(3) فدفعت له الجديد، فلمّا قرب الزفاف نزل جبرائيل، وقال: يا محمّد، إنّ الله يقرئك السلام، وأمرني أن أسلّم على فاطمة، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنّة من السندس الأخضر".(4)
فإن السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت من مؤسسي نهضة إعطاء الصدقة والإيثار والكرم في المجتمع، لكن ليس بشكل غير متعارف حيث كانت تتصدّق بأغلى ما لديها، وليس بفاضل ما عندها مِن السلع، ومِن أعلى مواقفها في ترويج وتأسيس هذه الثقافة هي نغص الرّاحة وبذل الطّعام الذي كان قد أعد لها ولعيالها في سبيل توفير الراحة والطعام للفقراء، فتنزل الآية الشريفة بحقهم: "وَيطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکيناً وَيتيماً وَأَسيراً "(5) جزاءاً لما فعلتها؛ لأجل ترويج ونشر ثقافة التصدّق وذلك في القضية المعروفة التي هي: "مرض الحسن والحسين فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جماعة معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة جارية لهما إن برئا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام، فشفيا مما كانا فيه، فاستقرض عليّ (عليه السلام) من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من الشعير، فطحنت فاطمة صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم؛ ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم یا أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه، وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء، وأصبحوا صائمين، فلمّا أمسوا، ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا أخذ الامام عليّ (عليه السلام) بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال: ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم! وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة (عليها السلام) في محرابها قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبرئيل، ثم قال: خذها يا محمّد، هنّأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة، وفيها هذه الآية: "وَيطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکيناً وَيتيماً وَأَسيراً ".(6)
فينبغي علينا أن نُروّج هذه الثقافة - أي الصّدقة - القيمة التي تبث روح المحبّة والإيثار في مجتمعنا الذي غابت فيه هذه الثقافة، فهذه الخصلة من جهة تساعد الفقراء والمساكين وتغنيهم عن التسول والتذلل.
(1) البقرة: 30.
(2) البقرة: 247.
(3) آل عمران: 92.
(4) الخصائص الفاطمية، ص387.
(5) الإنسان: 8.
(6) جامع أحاديث الشيعة، ج9، ص366.
التعلیقات