هند آكلة الأكباد
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتشهدت هند معركة أحد مع المشركين، وكانت تحرضهم على قتال المسلمين، وهي تقرأ الأبيات التالية:
نحن بنات طارق ***نمشي عَلَى النمارق
والمسك فِي المفارق ***والدر فِي المجانق
إن تقبلوا نعانق ***ونفرش النمارق
أَوْ تدبروا نفارق ***فراق غير وامق
وقرأتْ أبياتا بعد المعركة بشأن انتقام أقاربها في معركة بدر؛(1) فإن أباها عتبة وعمها شيبة، وأخاها الوليد، قتلوا فيها،(2) ومِن هنا كانت هند تحرض قريش بعد معركة بدر للثأر من المسلمين.
أسلمت هند يوم فتح مكة، وكان إسلامها بعد إسلام زوجها أبي سفيان، وشككت بعض المصادر في إسلامها، واعتبرته غير حقيقي.(3)
فلما جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؛ لتجري على لسانها الشهادتين، سترت وجهها، وبعد ذكر الشهادتين، كشفت عن وجهها.
وكما كتب ابن عساكر قال رسول الله لها: «لا تشركي بالله، ولا تزني، ولا تسرقي.
فردت هند: أتزني الحرة؟
قال النبي صلى الله عليه وآله: لا تقتلي ولدك، فردت هند: ربينا أولادنا صغارا وقتلتهم كبارا.
قال: قتلهم الله يا هند». (4)
وجاء في بعض المصادر أن هنداً كانت في مكة مشهورة بالزنا، وقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه: (وكانت هند تذكر في مكة بفجور وعهر .
و قال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار كان معاوية يعزى إلى أربعة إلى مسافر بن أبي عمرو، وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة، وإلى العباس بن عبد المطلب، وإلى الصباح مغن كان لعمارة بن الوليد. قال: قد كان أبو سفيان دميماً قصيراً وكان الصباح عسيفاً (5) لأبي سفيان شاباً وسيما، فدعته هند إلى نفسها فغشيها .
و قالوا إن عتبة بن أبي سفيان من الصباح أيضا، وقالوا إنها كرهت أن تدعه في منزلها، فخرجت إلى أجياد، فوضعته هناك، وفي هذا المعنى يقول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين والمشركين في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله:
لمن الصبي بجانب البطحا *** في الترب ملقى غير ذي مهد
نجلت به بيضاء آنسة *** من عبد شمس صلتة الخد (6)
أمرت هند في معركة أحد غلامها وحشيا بقتل أحد الثلاثة: محمد صلى الله عليه وآله، أو علي عليه السلام، أو حمزة عليه السلام فقتل وحشي حمزة، وبقرت هند صدره وبطنه، (7) وأخرجت كبده فمضغتها بأسنانها، ثم ذهبت بأعضاء حمزة التي مثّلت بها إلى مكة.
وأنشدت أبياتا في تمثيلها بجسد حمزة:
شفيت من حمزة نفسي بأحد ***حتى بقرت بطنه عن الكبد
أذهب عني ذاك ما كنت أجد ***من لذعة الحزن الشديد المعتمد (8)
وقد وصفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بآكلة الأكباد؛ وذلك عندما لاكت كبد حمزة في معركة أحد، (9) وكان أبناؤها يدعون بأبناء آكلة الأكباد.
ـــــ
1ـ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 91.
2ـ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 297.
3ـ الشوشتري، قاموس الرجال، ج 12، ص 350.
4ـ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 70، ص 178.
5ـ عسيف: أجير.
6ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد:ج 1، ص 336.
7ـ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 530.
8ـ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 92.
9ـ المجلسي، بحار الأنوار، ج 30، ص 296.
التعلیقات