لمحات.. من الكمالات الزينبية
الجلال الزينبيّ
منذ 16 سنةشاء الله تبارك وتعالى أن يسكب من أنواره، على أحب خلقه إليه.. محمّد وآله صلوات الله عليهم، وشاء " سبحانه " ـ ومشيئتُه نافذة ـ أن يُضفي من جلاله على أعزّ خلقه إليه.. محمّد وآله صلوات الله وسلامه عليهم، فتجلّت فيهم معاني العبادة والشرف، ومكارم الاخلاق ومعالي الخصال، توارثوها عن بيت الوحي والرسالة، فكانوا ـ بحق ـ الدعاةَ إلى الله، والأدلاّء على مراضاة الله، والمستقرّين في أمر الله، والتامّين في محبّة الله، والمخلصين في توحيد الله
،
والمُظهرين لأمر الله ونهيه.. وكانوا، كذلك عبادَه المُكرَمين، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، وقد بذلوا أنفسهم في مرضاته، وصبروا على ما أصابهم في جَنْبِه.
هذه هي الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية، وقد كانت زينبُ عليها السّلام أحدَ غصونها، فاستطالت بأصلها: المحمّدي العلوي الفاطمي، شرفاً وعزّاً وجلالاً، فأكبرَتْها العقول والنفوس، واشرأبّت إليها الأعناق، ورَمَقتْها العيون بنظرات التوقير والاحترام.. حتّى قال الشاعر فيها:
هيَ الحوراء زينبُ عن علاها سليلةُ أحمد مولى المَوالـي فمهما تبلغُ الألبـابُ علمـاً وكم قال ابن عباس فخـوراً: | لَتقصرُ كلُّ ذاتِ يدٍ طويلـةْ ألا نِعَمت لأحمدَ مِن سليلـةْ فلن تُحصي مواهبَها الجليلةْ عقيلتُنا، ويا نِعمَ العقيلة !(1) |
أجل، فقد كان عبدُ الله بن عباس إذا تحدث عنها قال: "حدثتني عقيلتُنا زينب بنت عليّ"(2).
وذكرها ابن الأثير فقال: " كانت زينب أمرأة عاقلة، لبيبة جزلة "(3).
وقال السيوطي في رسالته الزينبية:
" وُلدت زينب في حياة جدها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكانت لبيبة جزلة عاقلة، لها قوة جَنان "(4).
بهذا عُرفت زينب بنت عليّ وبنت فاطمة وحفيدة المصطفى صلّى الله عليه وآله. حتّى اشتهرت بأنّها تاليتها في الفضائل والمقامات المعنوية، وكان الإمام الحسين عليه السّلام أخوها ـ وهو إمام معصوم ـ يقوم لها إجلالاً إذا زارته، ويُجلسها في مكانه، كما كان يفعل رسولُ الله صلّى الله عليه وآله مع ابنته الزهراء سلام الله عليها، وذاك مؤشّر واضح على رفعة المنزلة وسموّ المكانة، وجلال القدر الذي كانت تَحظى به.
ويبلغ شأن زينب عليها السّلام أن الإمام الحسين صلوات الله عليه قد ائتمَنَها على أسرار الإمامة(5)..
حتّى أوصى إليها ما أوصى قبل شهادته في كربلاء، فكانت لها نيابة خاصة عنه، وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتّى برئ زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام من مرضه(6).
ومن هنا قيل: " يُستفاد من آثار أهل البيت جلالةُ شأن زينب الكبرى ووقارها وقرارها، بما لا مزيد عليه.. وأنّها من كمال معرفتها ووفور علمها وحسن أعراقها وطيب أخلاقها كانت تشبه أمها سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السّلام في جميع ذلك، وكذا في الخَفارة والحياء، وتشبه أباها في قوّة القلب في الشدّة، والثبات عند النائبات، والصبر على الملمّات.. وكانت المهابة الموروثة من سماتها "(7).
نعم، إنها ربيبة بيت النبوّة، وسليلة الإمامة، عاشت يظلّلها العفاف من كلّ طرف، ويطوّقها الشرفُ من كل جهة.. قال يحيى المازنيّ: "كنتُ في جوار أمير المؤمنين عليه السّلام مدّةً مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فوالله ما رأيتُ لها شخصاً، ولا سمعتُ لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله تخرج ليلاً، والحسنُ عن يمينها والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسنُ مرّة عن ذلك فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب"(8).
فإذا كان سلام الله عليها قد خرجت إلى كربلاء مع الركب الحسيني المجاهد؛ فإنّما خرجت لضرورة اقتضتها مصلحة الدين، لتشاطر إمامها الحسين عليه السّلام في نهضته وثورته، وإلاّ فإن السبي كان من النوائب التي لا تطاق، والنوازل التي تتزلزل منها الجبال بعد فاجعة الطفّ بأحداثها المؤلمة، وقد تحمّلتها زينب لتُكمل ما شرع به سيّدُ الشهداء عليه السّلام، فخطبت ـ وهي الخَفِرة ـ في أهل الكوفة، وفي مجلس عبيدالله بن زياد وفي قصر يزيد لتكشف الحقائق، وتبصّر الناس وتعيد الأمّة الضالة إلى طريق الهداية، وإلاّ فانّ الأمر كما حكاه الشاعر:
وانّ مِنْ أدهى الرزايا السُودِ وقوفَهـا بيـن يـدَي يزيـدِ | أتُؤسَرُ الحرّةُ من آل العبـا عند طليقها فيا للعَجَبـا!(9) |
ولذا قالت زينب عليها السّلام ليزيد في مجلس قصره:
" ولئنْ جرّتْ عليَّ الدواهي مخاطبتَك، إنّي لأستصغرُ قَدْرك، وأستعظمُ تقريعك، واستكثر توبيخك، لكنّ العيون عبرى، والصدور حرّى "(10).
إنّها المصيبةُ الكبرى التي يقول فيها أحد الأدباء في رثاء سيّد الشهداء عليه السّلام:
له مصائـبٌ تكـلّ الألسـنُ أعظمُها رُزْءاً على الإسـلامِ وأفظعُ الخطوب والدواهـي ولـدغُ حيّـةٍ لهـا بِريقِهـا | عنها، فكيف شاهدتْها الأعينُ سبْـيُ ذراري سيّـد الأنـامِ دخولُها في مجلس الملاهـي دون وقوفها لـدى طليقِهـا |
إذا كانت النصوص الأدبية لا تتعدّى حدود الوصف والمحسّنات البديعية، ويكاد الكثير منها يخلو من المحتوى الرفيع والمعنى الشامخ والفكرة الراشدة، فيبدو فارغاً من الذوق أحياناً، فإنَّ بيانات أهل البيت عليهم السّلام ـ فضلاً عن بلاغتها وعلوّ فصاحتها ـ قد تضمّنت المعاني الجليلة من الاعتقادات الحقة والوصايا الأخلاقية، والدعوات الموجّهة إلى الخير والجهاد، معبِّرة عن أهداف الشريعة، وعن شجاعة المتحدّثين بها. فمن أحاديث المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم في مكّة المكرّمة وخطب أمير المؤمنين عليه السّلام، وخطبتَي مولاتنا فاطمة عليها السّلام.. إلى خطب أمامنا الحسن وأمامنا الحسين سلام الله عليهما.. تأتي هذه السلسلة الشريفة لتُعرب عن حكم الإسلام في صِيَغ هُنّ غُرر الحكم ولوامعُه، ودرر الكَلِم وجوامعُه.
وزينب العقيلة عليها السّلام هي وريثة هذا البيت الطاهر، حتّى جاء في إحدى زياراتها: " السّلام على المولودة في معقل العصمة والتُّقى، ومهبط الوحي والهُدى، والموروثة عظيمَ الفضل والندى. سلام على المرأة الصالحة، والمجاهدة الناصحة، والحرّة الأبيّة، واللّبوة الطالبية، والمعجزة المحمّدية، والذخيرة الحيدرية، والوديعة الفاطمية ". قال الشيخ جعفر النقديّ رضوان الله تعالى عليه:
" في الطراز المُذهَّب، عن ناسخ التواريخ أنّه قال: من معجزات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه كان يضع لسانه في فم أولاد فاطمة الرضّع فيُغنيهم عن اللبن. قال: والأولاد الرضّع يشمل الذكور والإناث، فزينب وأمّ كلثوم تشاركان الحسنَين عليهما السّلام في هذه الفضيلة.
ومن المعلوم أنَّ من الْتَقَمَ لسانَ رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ عقلِ العقول ووارثِ علوم الأولين والآخرين ـ وارتوى بمصّه، كيف يحصل على المراتب العالية، وكيف يأخذ مقامات العلم والشرف " (11).
كانت فصاحة سيدتنا زينب تجمع ـ إلى قوّة العبارة وحسن الاسلوب ـ عنصرين شريفين: المعرفة والشجاعة، لذا هيمنت كلماتُها على السامعين وجعلتهم حيارى بمَ يُجيبون، والأمثلة في ذلك وافرة:
o قال حذيم الاسدي: " لم أرَ واللهِ خَفِرةً قطّ أنطقَ منها، كأنّها تنطق وتُفْرغ عن لسان عليّ عليه السّلام، وقد أشارت إلى الناس ( أي أهل الكوفة بعد فاجعة كربلاء وقد جيء بها سبيّة ) بأن أنصتوا، فارتدّت الأنفاس، وسكنت الاجراس، ثمّ قالت: أما بعدُ يا أهل الكوفة، يا أهل الختل، والغدر والخذل، أتبكون.. فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الزفرة.. هل فيكم إلاّ الصلف(12)، والعجب، والشنف(13)، والكذب، وملق الإماء، وغمز الأعداء(14)... قد ذهبتم بعارها، ومُنيتُم بشَنارها، ولن ترحضوها(15) أبدا، وأنّى ترحضون قتلَ سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم ، ومعاذ حزبكم ؟! أتدرون ـ وَيْلَكم ـ أيَّ كبِدٍ لمحمّد صلّى الله عليه وآله فريتُم ؟ وأيَّ حُرمة له هتكتم ؟ وأيَّ دم له سفكتم ؟! لقد جئتم بها شوهاءَ(16) صلعاء، عنقاءَ سوداء، فقماء خرقاء(17).. ثمّ أنشأت تقول:
ماذا تقولون إذ قـال النـبيُّ لكـم بأهـلِ بيتـي وأولادي وتكرمتـي ما كان ذاك جزائي إذ نصحتُ لكم | ماذا صنعتم وأنـتم آخـر الأمـمِ منهم أُسارى ومنهم ضُرِّجوا بـدمِ أن تُخْلفوني بسوءٍ في ذوي رَحِمي |
قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردّوا أيديَهم في أفواههم، فالتفتُّ إلى شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلّت لحيته من البكاء وهو يقول: بأبي وأمي، كهولُهم خير كهول، ونساؤُهم خيرُ نساء، وشبابهم خير شباب، ونسلُهم نسل كريم، وفضلهم فضل عظيم. ثمّ أنشد:
كهولُـكم خيـرُ الكـهول، ونسلُـكم | إذا عُدّ نسلٌ لا يبور ولا يخزى(18) |
وحين جيء بالسبايا إلى قصر ابن زياد أخذ يستعرض عائلة رسول الله صلّى الله عليه وآله بالسؤال عن أفرادها، ثمّ سأل: مَن هذه المنحازة عن النساء ؟ فقيل: زينب بنتُ عليّ، فقال: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أُحدوثتكم. فأجابته سلام الله عليها:
" الحمدُ لله الذي أكرمنا بنبيه محمّد صلّى الله عليه وآله، وطهرنا من الرجس تطهيرا، إنّما يُفتَضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا "(19). قال ابن زياد: كيف رأيتِ فِعلَ الله بأهل بيتك ؟ قالت: " ما رأيت إلاّ جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتلَ فبرزوا(20) إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاجَّ وتُخاصَم. فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة !"(21). فغضب ابن زياد واستشاط من كلامها معه في ذلك المحتشد(22).
وحينما جيء بالسبايا إلى الشام، وأُدخلن إلى قصر يزيد.. سمعت زينب عليها السّلام يزيد يتمثّل بأبيات ابن الزِّبَعرى:
لَعبتْ هاشـمُ بالمُـلْكِ فـلا لستُ من خِنْدَفَ إنْ لم أنتقمْ | خبرٌ جاء ولا وحـيٌ نـزلْ من بني أحمدَ ما كان فعـلْ |
فانبرت له العقيلة زينب عليها السّلام وألقت خطبتها المعروفة في مجلسه، وكان منها: " أمِن العدل يا ابن الطلقاء.. تخديرُك حرائرَك وإماءَك، وسوقُك بنات رسول الله سبايا ؟!.. وكيف يُرتجى مراقبة مَن لَفَظَ فوه أكبادَ الأزكياء(23)، ونبت لحمُه من دماء الشهداء.. فوالله ما فريتَ إلاّ جِلْدَك، ولا حززتَ إلاّ لحمك، ولَتَرِدنّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله بما تحمَّلت من سفك دماء ذرّيته، وانتهكت من حرمته في عترته ولُحمته.. ألا فالعجبُ كلّ العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء... فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذِكرَنا، ولا تُميتُ وحينا، ولا يُرحَض عنك عارها، وهل رأيك إلاّ فَنَد، وأيامك إلاّ عدد، وجمعك إلاّ بَدَد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين.. ".
فقال يزيد:
يا صيحةً تُحـمَدُ مـن صوائـحِ | ما أهونَ النَّوحَ على النوائحِ(24) |
العبادة الزينبية
وهي هداية اختص الله بها عباده المخلصين، فوهب لهم الجدَّ في خشيته، والدوام في الاتّصال بخدمته، حتّى سرحوا إليه في ميادين السابقين، وأسرعوا إليه في المبادرين، إذ كانت أعمالهم وأورادهم كلها ورداً واحداً، وحالهم في خدمته سرمداً، فجعل ألسنتهم بذكره لَهِجة، وقلوبهم بحبِّه مُتيَّمة. وكانت منهم فاطمة الزهراء صلوات الله عليها،
وثانيتهما في ذلك ابنتها العقيلة زينب سلام الله عليها، فكانت تؤدّي نوافل الليالي كاملة في أوقاتها، حتّى أنَّ الحسين عليه السّلام عندما ودّع عياله الوداع الاخير يوم عاشوراء قال لها: " يا أختاه، لا تنسيني في نافلة الليل "(25). وصدق ظنه وصدقت هي، طاعة لله، فلم تترك تهجّدها حتّى ليلة الحادي عشر من المحرم وأجساد أهلها مضرجةٌ بدمائها إلى جانبها، فصلّت من جلوس وقد هدّها المصاب ـ كما روى الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام(26)، والعيال في هول وفزع وحزن مرير، وكذا هي في طريق السبي.. قال الإمام زين العابدين عليه السّلام يروي فيها: " إنّ عمّتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تَرَكت نوافلها الليلية "(27).
وعنه سلام الله عليه أيضاً أنه قال: " إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام: الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليالٍ. لأنّها كانت تقسّم ما يصيبها من الطعام على الاطفال، لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منّا رغيفاً من الخبز في اليوم والليلة "(28).
الوفاة
وبعد عمر عاشته بالآلام والأحزان.. مِن فقدها لجدّها المصطفى صلّى الله عليه وآله، إلى وفاة أمها الزهراء عليها السّلام بعد الرزايا، إلى شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام بعد ضربه في محرابه، إلى شهادة الإمام الحسن عليه السّلام بالسمّ، إلى شهادة أخيها الحسين وأطفاله وشهادة إخوتها الأربعة: العباس وإخوته، وشهادة وَلَديها وبني عمومتها، وما جرى من المصيبة العظمى في كربلاء وما بعد كربلاء من السبي والأسر وعناء الطريق إلى الكوفة ثمّ إلى الشام، ومنها إلى كربلاء في زيارة قبور الشهداء في العشرين من صفر، ثمّ إلى المدينة.. فجائع متلاحقة، ونكبات وآلام متصلة، لكنها ـ كما ذكر النسابة العُبَيدلي ـ " كانت وهي بالمدينة تؤلّب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين عليه السّلام وخلع يزيد. فبلغ ذلك أهلَ المدينة، فخطبت فيهم تؤلّبهم، فبلغ ذلك عمرَو بن سعيد فكتب إلى يزيد يُعلمه بالخبر، فكتب يزيد إلى أن فرِّق بينها وبين الناس، فأمر أن يُنادى عليها بالخروج من المدينة، فقالت: قد علم الله ما صار إلينا، قُتل خيرُنا، وحُملنا على الأقتاب، فوالله لاخَرَجْنا وإن أُهريقت دماؤنا. فقالت زينب بنت عقيل: طيبي نفساً وقَرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هَواناً ؟ إرحلي إلى بلد آمن. ثمّ اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطفن معها في الكلام وواسينها "(29).
وقيل: " إنها أُرغمت على الخروج فذهبت إلى الشام، ومرّت بشجرة عُلّق عليها رأس الإمام الحسين عليه السّلام، فتذكرت أيّام الأسر وعادت إليها لواعج الأسى والحزن، فحُمّت وتُوفّيت بالقرب من دمشق في قرية تُّسمى ( راوية )، في الخامس عشر من شهر رجب عام 62 هـ (30)، أي بعد شهادة أخيها الحسين عليه السّلام بعام ونصف تقريباً. فسلام على مَن ناصرت الحسين في جهاده، ولم تضعف عزيمتها بعد استشهاده، سلامٌ على من تضافرت عليها المصائب والكروب، وذاقت من النوائب ما تذوب منها القلوب، سلام على من شاطرت أمَّها الزهراء، في ضروب المِحَن والأرزاء، ودارت عليها رحى الكوارث والبلاء، يوم كربلاء(31).
1 ـ للأديب الفاضل الشيخ حسن الحاج وهج.
2 ـ مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الاصبهاني 60.
3 ـ في أُسد الغابة 469:5.
4 ـ عن كتاب " زينب الكبرى "، للشيخ جعفر النقدي 45.
5 ـ إكمال الدين وإتمام النعمة، للشيخ الصدوق 275.
6 ـ إكمال الدين واتمام النعمة 275.
7 ـ رياض الأحزان وحدائق الاشجان، للمولى محمد حسن القزويني، عنه النقدي 49.
8 ـ زينب الكبرى 39.
9 ـ من أرجوزة الفقيه الشيخ محمد حسين الإصفهاني.
10 ـ مقتل الحسين عليه السّلام، للخوارزمي 64:2.
11 ـ زينب الكبرى 42.
12 ـ المدح بما ليس في الممدوح.
13 ـ البغض بغير حق.
14 ـ الطعن.
15 ـ لن تغسلوها.
16 ـ قبيحة.
17 ـ حمقاء.
18 ـ الاحتجاج، لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي 31:2.
19 ـ أي أنتم.
20 ـ لعلّ المعنى أنّ الله كلفهم بالجهاد فلبَّوا داعيَ الله " سبحانه ".
21 ـ وكانت معروفة بانحرافها.
22 ـ اللهوف في قتلى الطفوف، لابن طاووس 90.
23 ـ وهي جدّته هند التي لفظت كبد حمزة رضوان الله عليه بعد شهادته في أُحد.
24 ـ الاحتجاج 34:2.
25 ـ كما ذكر البيرجندي في ( وقائع الأيّام ).
26 ـ زينب الكبرى 81.
27 ـ زينب الكبرى 81.
28 ـ زينب الكبرى 81.
29 ـ كتاب ( زينب )، للاستاذ حسن محمد قاسم.
30 ـ ذهب إلى ذلك: ابن عساكر في تاريخه، وابن طولون في الرسالة الزينبية. والشيخ محمد صبّان في إسعاف الراغبين، والشبلنجي في نور الأبصار.. وغيرهم.
31 ـ قطعة من الزيارة الزينبية.
التعلیقات