العوامل المهمة في نظام الاسرة
موقع المكتبه الشيعية
منذ 10 سنواتيرتكز النظام الأسري وروابط الرجل بزوجته على مسألتين مهمتين:
الأولى: القوانين والنظم الحاكمة لهذين الاثنين،
أعني حقوق المرأة على زوجها، وحقوقه عليها.
الثانية: هي أهم وأدق من الأولى، وهي: التفاهم والمحبة والتعاطف والتعقل.
وإذا حدث أن تخاطب الزوجان بأنا وأنت، ولماذا وكيف وسادت هذه اللغة حياتهما سيادة صارمة تذكر الذنب وتنسى العفو نُكت في صميم الأسرة نكتة سوداء تزداد سواداً كلما ازداد سوء الحساب في تلك الأسرة، حتى ينطمس ضياء تلك الأسرة وتغرق في الظلام.
قسوة القلب
قال الإمام الصادق (ع): "إذا أذنب الرجل خرجت في قلبه نقطة سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه، فلا يفلح بعدها أبداً"(10).
(ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون) سورة الروم، الآية: 10.
تقسية نظام الأسرة
وتصدق الآية المباركة أيضاً والحديث الشريف السابق لها على الأسرة، فإنها تهتز وتنهار إذا اعتراها الخلاف المستمر دون إصلاح.
ولذا نقرأ في روايات أهل البيت (ع) أنه: إذا برزت الخلافات عليكم بإزالتها بدقة، ولا تصلوا صباحكم بمسائكم حتى تنتهوا من حل جميع ما ألم بكم من مشكلات.
إن الاختلافات الجزئية تتعاظم شيئاً فشيئاً، حتى تجر إلى الطلاق فتحدث الكارثة.
والطلاق ـ كما تعلمون ـ من الأمور المبغوضة عند الله(11)، والحياة إذا كانت على هذه الهيئة من خصام وشجار، أعنف من أي سجن يعذب فيه الإنسان.
وفي كلتا الحالتين وأعني (الحياة المضطربة) أو (الطلاق) يجر الأولاد إلى مخاطر حتمية، فهم حين ينشأون في محيط متخلخل ومضطرب، يكبرون معقدين نفسياً أينما يولوا وجوههم لا يأتوا على شيء.
والفتيات غير المقتدرات على الانسجام مع الحياة الزوجية، غير قادرات على تربية النشء الصحيح.
والسريعو الغضب والسيئو الأخلاق ذوو الحدة والخشونة من الناس هم ممن تربى في أحضان أسر مضطربة قلقة أو كانوا أولاد الطلاق.
صفات النساء المحمودة
من الخصال التي تجدر النساء بها ثلاث هن: البخل، والخوف، والزهو.
ولذا قال أمير المؤمنين (ع) في معرض حديثه عن صفات المرأة المحمودة.
"خصال خيار النساء، خصال شرار الرجال: الزهو والجبن والبخل.
فإذا كانت المرأة ذات زهو لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرت من كل شيء يعرض لها"(12).
فزهو المرأة وتكبرها في مواجهة الأجنبي يشبه إلى حدٍ ما زهو الرجل وتكبره في مواجهته للعدو.
وفي الأساس، ليس هناك من داع أن تتواضع المرأة للرجل الأجنبي، بل لابد لها من أن تكون نهاية في الغرور والتكبر، لما للابتسامة والتواضع للرجل الأجنبي من دواعي الفساد.
والجبن: صفة أخرى حميدة من صفات المرأة، ولا يستلزم أن تكون المرأة شجاعة تخرج على سبيل المثال ليلاً لوحدها، فتوقعها الشجاعة في شراك الضعفاء والذين في قلوبهم مرض، فتجني على نفسها ما يبعث على إراقة ماء الوجه والدخول في مشكلات هي في غنىً عنها.
أجل، الصبر على الشدائد ومواجهة المشاكلات يدخل ضمن الشجاعة ولكن يختلف عما ذكرنا آنفاً.
والجبن هذا الذي نعنيه محمود في حفظ العفة والناموس.
والبخل كذلك، صفة محمودة في النساء، لما لها من آثار إيجابية في حفظ أموال الزوج والسعي في عدم الإسراف اعتباطاً.
التفوه بالكلمات النابية وأثرها على الأولاد
أشرنا إلى أن محيط الأسرة هو كالدولة الصغيرة التي يسعى من في داخلها للحفاظ عليها؛ رئاسة المنزل بعهدة الرجل انطلاقاً من حكم الشريعة والعقل، وعليه أن يسلك سلوكاً يوصله إلى مكان تكون كلمته فيه نافذة، ناهيك عن التحكم في عواطف أفراد أسرته.
تنفيذ التكاليف اشتياقاً
أفراد الأسرة الواحدة، وخاصة الزوجة، عليها أن لا تركب رأسها قبالة أوامر رب الأسرة، وينبغي لها أن تنفذ ما تومر به على الرحب والسعة وتتابع مسؤولياتها من دون إكراه وقهر طبقاً لكون الإنسان مختاراً في الإسلام.
ومن لا تعرف وظيفتها، وتشعر بأنها مرغمة على أدائها تفتر علاقتها بزوجها، ولا تنهض بواجبها إلا حين تراه.
ومن هذا الجهل والشعور الخاطئ تنشأ عوامل فناء الأسرة.
ومسؤولية المرأة داخل حدود المنزل مساوية لمسؤولية زوجها خارج المنزل. فكلاهما ينهض بما تحتاج إليه الأسرة من شؤون.
فيجب أن لا تتكاسل في عملها في إيجاد أسرة نافعة على مستوى المجتمع الكبير.
وضعية القائد والمقود، المرأة وزوجها، الأب والإبن كل هؤلاء حري بهم أن يتعاملوا مع من دونهم أو مع من هم أكبر منهم بكامل الاختيار وصولاً للهدف المرسوم وهو المسؤولية وكيفية إنجازها.
وعلى هذه الشاكلة فقط يمكن أن يكون التوفيق حليف العاملين.
يجب أن يعلم الرجل ـ على الرغم من أنه قائد ورئيس ورب أسرته ـ أن حكومته للأسرة والتوفيق الذي قد يصبغ حكومته هذه سوف يمكنه من النفوذ داخل قلوب أفراد أسرته أو حكومته وسيتمكن من تسخير هذه القلوب فيما يريد.
ائتمار الزوجة والأولاد
على الزوجة والأولاد الائتمار بأوامر رب الأسرة والانتهاء عما نهى انطلاقاً من وجوب احترامه وامتثال ما يريد من الحق، لا من الخوف منه.
فبالتودد تحيا القلوب الميتة، وبالتمرد تموت القلوب الحية. ومن التودد معرفة الواجب وأداؤه، وهو كما نصت عليه الآية المباركة:
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
فللرجل القيمومة على زوجه وتوجيهها حفاظاً على ما بينهما من المودة والرحمة. وإنما أوتي هذا الحق لما له من وعي وصبر على خدمة أسرته والحرص على سعادتها أبداً.
فهو لا يحاسب حتى يدرك، وإذا حاسب رحم وأنصف. وحسابه تذكير وتنوير لا تسلط وتجبر.
وإذا كانت الزوجة ـ لا سمح الله ـ طويلة اللسان على زوجها اضطرب سير الأسرة، واضطر الرجل إلى البطش لتقويم الإعوجاج. وقد يزداد الوضع سوءاً باستعمال القوة وسيكون الأمر أشد على المرأة العاصية. ولهذا ننظر في مسألتين مهمتين:
الأولى ـ سوء الخلق
إذا كان الرجل سيئ الخلق لأهله يحمل أسرته ما لا طاقة لهم به، عاملاً طبق ما يمليه عليه هواه، فسوف يلقى حسابه في هذه الدنيا على يد الحكومة الإسلامية علاوة على ما ينتظره من ضغطة القبر.
عذاب البرزخ الطويل
من حسن الحظ، أنكم تعلمون أن الحساب في عالم البرزخ وعالم القيامة يختلف عن الحسابات الدنيوية.
فهناك عذاب شديد وعظيم تعادل فيه الدقيقة من العذاب مع آلاف السنين من حسابنا في هذه الدنيا الفانية على كل حال.
(10) أصول الكافي ج3، ص373.
(11) قال رسول الله (ص): "... وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من بيت يعمر بالنكاح، وما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق". (وسائل الشيعة ج14 ص266).
(12) بحار الأنوار ج103، ص238.
التعلیقات