ابنتي لاتتأخري في الزواج
موقع تبيان
منذ 9 سنواتابنتي العزيزة
اعلمي وفقك الله للسعادة أن الإنسان قد فطر على جملة من الغرائز والعواطف
والأبرز الأقوى منها الغريزة الجنسية، وواضح أن انجذاب كل من الرجل والمرأة إلى بعضهما البعض وشدة تأثير كل منهما على الآخر تكشف عن حكمة الباري عز وجل في التناسل وتعمير الأرض.
والزواج هو القناة الصحيحة والسليمة لإشباع هذه الغريزة، ولذا جاءت النصوص الدينية (1) للحث عليه والإبكار فيه، وتنهى عن التعقيد (2) كالمبالغة في المهر والشروط الأخرى.
الزواج الدائم
1. ليس عيباً أن تطلـب البنت الـزواج من أهلها، كما أنه ليس عيباً أن يبحث الآباء لابنتهم زوجاً صالحاً.
وإن كان هذا وذاك من المحرمات العرفية، إلا أنه لا ضير فيه خصوصاً مع عجز العرف عن علاج الكثير من المشكلات المستفحلة المرتبطة بهذا الشأن.
2. مع تنامي ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا ينبغي تخفيض الشروط العرفية وإيصالها إلى الحد الأدنى المعقول.
لذا فإنك أنت أولاً مطالبة بتخفيض شروطك، كما أن أسرتك هي الأخرى مطالبة أيضاً بتخفيض الشروط.
3. الدعوة إلى الإسراع وعدم التعقيد ليست دعوة إلى التسيب في أمر التزويج، بل الحكمة في التزويج.
ونعني به التساهل والتشدد المنضبط بقواعد الشرع والعرف المسئول.
4. عليك وعلى الآباء أن تتوقفي عند ظاهرة فسخ العقود!! أو الطلاق في الأشهر الأولى من الزواج!! فهي ظاهرة خطيرة تنم عن خلل في مقدمات الزواج.
لذا عليك أن تتعرفي على تلك الأخطاء كي لا تقعين فريسة لها، وإذا كنت لا سمح الله واحدة ممن وقعن في هذا الخطأ فعليك أن تقفزي على الفشل مع أخذ العبرة والعظة منه كي لا تقعي فيه مرة أخرى إن شاء الله.
الزواج المنقطع
مع ضغط الغريزة قد يروق لبعض الفتيات التخفيف من حدتها أو إشباعها عن طريق الزواج المؤقت، وهو طريق شرعي حاله حال الزواج الدائم وإن اختلف في بعض التفاصيل المذكورة في كتب الفقهاء.
ولكن عليك أن تلتفتي إلى عدة أمور:
1. ورد في الصحيح عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: (الْبِكْرُ لاَ تَتَزَوَّجُ مُتْعَةً إِلاَّ بِإِذْنِ أَبِيهَا) (3)، وسأل الإمام الصادق (ع) عن المتعة؟
فقال (ع): (إِنَّ أَمْرَهَا شَدِيدٌ فَاتَّقُوا الْأَبْكَارَ) (4) إلى هاتين الروايتين وغيرها أفتى الفقهاء بوجوب أخذ الإذن من الأب على تفصيل يطلب من محله.
علماً بأن تمتع الأبكار في الواقع الاجتماعي قد يخفف ضغط الغريزة لفترة محدودة إلا أنه سيخلف آثاراً نفسية ضاغطة تتمثل بالخوف والقلق المقترن بهذا الزواج، بل قبله وبعده أيضاً، وربما خلف آثاراً اجتماعية أو عائلية سيئة إذا ما انكشف الأمر (ولو بعد التوفيق في زواج دائم) وأصبح في عهدة الألسن التي تتغذى على مثل هــذه الأخـبار، مـع ما يصاحبـها من الزيادة والتضخيم تحت ذريعة (البهارات) أو من ضرورات المخرج.
2. زواج المتعة زواج صحيح ثابت في الشريعة الإسلامية، إلا أن جملة من روايات أهل البيت (ع) يظهر منها التوجيه بالابتعاد عن مثل هذا الزواج خصوصاً لمن ليس له حاجة فيه.
سأل علي بن يقطين الإمام الرضا (ع) عن المتعة فقال (ع): (مَا أَنْتَ وَذَاكَ قَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ عَنْهَا) (5).
وقال الإمام الصادق(ص): (دَعُوهَا أَمَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ يُرَى فِي مَوْضِعِ الْعَوْرَةِ فَيُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى صَالِحِي إِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ) (6).
3. زواج المتعة وإن كان جائزاً في أي وقت وعلى كل حال إلا أن بعض الروايات يظهر منها التوجيه للتعاطي معه كحالة استثنائية. سأل الإمام الرضا(ع) عن المتعة فقال: (هِيَ حَلاَلٌ مُبَاحٌ مُطْلَقٌ لِمَنْ لَمْ يُغْنِهِ اللَّهُ بِالتَّزْوِيجِ فَلْيَسْتَعْفِفْ بِالْمُتْعَةِ فَإِنِ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِالتَّزْوِيجِ فَهِيَ مُبَاحٌ لَهُ إِذَا غَابَ عَنْهَا) (7).
4. لكي يكون زواج المتعة حلاً لمشكلة ينبغي أن لا يكون خارجاً عن علم الأسرة، وعلى الأسرة تفهم حاجيات الأبناء والبنات والإسهام الفعال والإيجابي لإيجاد الطريق المناسب لإشباع تلك الحاجات.
وربما كان الخوف والخجل حائلاً دون ذلك.
وهذا وإن كان صحيحاً إلا أن الأصح هو أن السير في الطريق الواضح الخالي عن المنزلقات هو العلاج الناجع لما تعانيه من مشكلات.
5. ضبط الغريزة وإن كان يورث الألم ابتدءا إلا أنه وبالتدريج علاج فعال، وهو بالإضافة إلى ذلك يصون شخصية الإنسان وقدره ومكانته، وقد ورد عن الإمام علي (ع) قوله: (من حصر شهوته صان قدره) (8).
والحصر هنا لا يعني انعدام الشهوة وإلا لما وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم في مقام مدح نبي الله يحيى (ع).
قَالَ تَعَالَى: (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ(39)) سورة آل عمران.
وإنما تعني: ضبط مقدماتها وزمانها وأسلوب إشباعها، والتحلي بالصبر حتى اكتمال حلقات الإشباع الأفضل والأكمل والأتم، على أن لا يتجاوز ذلك حداً لا يطاق أو غير منسجم مع السنن الطبيعية والأعراف الاجتماعية.
الهوامش :
(1) (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (32) سورة النور .
وقال رسول الله (ص): (تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) مستدرك الوسائل ج 14 ص 153.
وقال الإمام الصادق(ع) قال رسول الله (ص): (مَنْ تَزَوَّجَ أَحْرَزَ نِصْفَ دِينِهِ وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ أَوِ الْبَاقِي) الكافي ج 5 ص 329.
(2) كتب علي بن أسباط إلى الإمام الباقر(ع) في أمر بناته أنه لا يجد أحدا مثله. فكتب إليه الإمام (ع): (فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ بَنَاتِكَ وَأَنَّكَ لاَ تَجِدُ أَحَداً مِثْلَكَ فَلاَ تَنْظُرْ فِي ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا ذَلِكَ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ). تهذيب الأحكام ج7 ص 396.
(3) وسائلالشيعة ج 21 ص 33.
(4) وسائلالشيعة ج 21 ص 35.
(5) وسائلالشيعة ج 21 ص 22.
(6) وسائلالشيعة ج 21 ص 22.
(7) وسائلالشيعة ج 21 ص 22.
(8) بحار الأنوار ج 74 ص 286.
التعلیقات