في الاستعداد للموت
الشيخ علي المشكيني
منذ 10 سنوات
من الأمور التي اختص بعلمه خالق الإنسان انقضاء أجله ووقوع موته وهو لمصالح كثيرة كامنة فيه ،
ومنها : إستعداده في جميع أوقات عمره لإجابة دعوة ربه ومراقبته لحالات نفسه وأقواله وأفعاله. ولازمه إعداده ما يلزمه لهذا السفر العظيم الطويل من الزاد ، ورفع ما يمكن أن يكون مانعاً من العبور من العقبات المتعددة ، والمواقف المختلفة كقضاء فوائته الواجبة ، وما عليه من ديونه لخالقه ، وما عليه من حقوق الناس وأموالهم ، وتعيين ما عليه من الحقوق في دفاتر وكتابات ، فيكون في جميع أوقات عمره على تهيؤ بحيث لو نزل به الموت لم يكن مأثوماً في أمره معاقباً على فعل شيء أو تركه ، وهذا القسم من التهيؤ من أفضل خلق الإنسان وأحسن حالاته ، فطوبى لمن كان كذلك.
وقد ورد في النصوص : أنه سئل أمير المؤمنين عن الاستعداد للموت؟ قال : أداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم ثم لا يبالي : أوقع على الموت
أو وقع الموت عليه (1).
وقال عليهالسلام : لاغائب أقرب من الموت ، ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت (2).
وأن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد (3).
وكان عليهالسلام : بالكوفة ينادي بعد العشاء الآخرة : تجهزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى ، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد ، وعلى طريقكم عقبة كؤود ، ومنازل مهولة مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها (4).
وقال عليهالسلام : إن الموت ليس منه فوت ، فأحذروا قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته وهو ألزم لكم من ظلّكم ، فأكثروا ذكره عندما تنازعكم أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظاً وإنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم إليه صائرون (5).
وورد : أن من أكثر ذكر الموت زهد في الدنيا (6).
وأن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم إستعداداً له (7).
وأن عيسى عليهالسلام قال : هول لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك (8).
وأن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير (9). وأن المراد بقوله : ( لا تنس نصيبك من الدنيا ) (10) لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك وغناك أن تطلب به الآخرة (11).
وأنه سئل زين العابدين عليهالسلام عن خير ما يموت عليه العبد ، قال : أن يكون قد فرغ من أبنيته ودوره وقصوره ، قيل ، وكيف ذلك؟ قال : أن يكون من ذنوبه تائباً وعلى الخيرات مقيماً ، يرد على الله حبيباً كريماً (12).
وأن من مات ولم يترك درهماً ولا ديناراً لم يدخل الجنة أغنى منه (13).
وأنه إذا أويت فراشك فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك ، واذكر أنك ميت وأن لك معاداً (14).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الأمالي : ج١ ، ص٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٨ وج٧٧ ، ص٣٨٢.
2 ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣.
3 ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٤٠٣.
4 ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٤.
5 ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٢ وج٧١ ، ص٢٦٤.
6 ـ بحار الأنوار : ج٨٢ ، ص١٧٢.
7 ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.
8 ـ نفس المصدر السابق.
9 ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٤٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٨٢ ، ص١٨١ وج١٠٣ ، ص٢٦.
10 ـ القصص : ٧٧.
11 ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.
12 ـ نفس المصدر السابق.
13 ـ نفس المصدر السابق.
14 ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٧٦ ، ص١٩٠.
التعلیقات