النيجة
التسميات
منذ 13 سنة
التسميات بين التسامح العلويّ والتوظيف الأمويّ ص 477 ـ 488 (لـ السيّد علي الشهرستاني)
________________________________________ الصفحة 477 ________________________________________
خلاصة البحث
فالتسمية بعمر وعثمان وأبي بكر لو لم تحمل في مطاويها المخالفة مع رسول الله والمضادة مع الوصي فهي جائزة ، أمّا لو أريد بها التجليل والتبجيل للمواقف الاعتراضية لعمر على رسول الله كما في قضية أسرى بدر ، أو مخالفته لرسول الله في صلاته على المنافق ، أو تأييداً لموقفه في رزيّة يوم الخميس ، أو تصحيحاً وترجيحاً لموقف أبي بكر في أخذه خمس آل البيت وأرض فدك وغصبه الخلافة من آل البيت ، فهي غير جائزة .
________________________________________ الصفحة 478 ________________________________________
فالتسميات من الأمور القلبية التي قد يجوز فعلها أو يستحب كتعظيم النبي والآل ، وقد يحرم الاتيان بها إن كان فيها تعريض أو مساس بصفات الله أو كرامة الرسول والولي .
كما أنّ عدم تسمية الخلفاء الأمويين والعباسيين باسم أبي بكر وعمر ـ إلاّ في النادر ـ لا يدلّ على التضاد فيما بينهم ، وبذلك فالأسماء قد توضع لجمالية الاسم ، أو لتفاؤلهم بالعيش وطول العمر كالتسمية بعائشة وعمر ، وقد يسمّي الإنسان ابنه بأنور أو حُسْني وأمثال ذلك لتناغمه مع معنى هذين الاسمين ، مع عدم ارتياحه لأنور السادات وحسني مبارك .
وقد توضع الأسماء خوفاً أو طمعاً أو مداراةً أو مجاملةً ، وقد تكون هناك احتمالات أُخرى ، فلا يمكن حصر سبب التسمية بسبب واحد هو وضعه للمحبة وتركه للبغض ، وعليه فلا يجوز أن يُقَوَّل الإمام ما لا يقوله إلاّ بدليل ونصّ لا يقبل التأويل ; كما جاء صريحاً في كلام الإمام عليّ وأنّه سمَّى ابنه بعثمان لمكانة عثمان
________________________________________ الصفحة 479 ________________________________________
بن مظعون ، أو قول عائشة في سبب تسمية خادمها بعبدالرحمن : أنّ التسمية كانت حباً لعبدالرحمن بن ملجم ، أو ما جاء عن عبدالملك بن مروان من أنّه سمّى ابنه بالحجاج حبّاً للحجّاج بن يوسف الثقفي .
فلا نرى شخصاً من العامة يرضى بقولنا لو قلنا بأنّ عثمان بن عفان سمّى ابنه بـ (عمرو) لصلته بأبي جهل ـ عمرو بن هشام ـ أو أنّ عمر بن الخطاب سمّى ابنه بعبدالله ، لحبه لعبدالله بن أُبيّ بن سلول رئيس المنافقين ، فكيف يقولون ويرمون الآخرين بما لا يقبلون القول به لأنفسهم وأتباعهم ؟!
غير هذا ، وكذا الحال في أبي بكر فإن اُريد تصوره فهو أبو بكر بن حزم
الأنصاري .
أ. الدلالة على التجويز والتسهيل على الأمة في التسمية بهذه الأسماء إذا
مَرُّوا بظروف صعبة ، وأنّ ما فعله الإمام يشبه فعل رسول الله حينما تزوّج
زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة ـ ابن رسول الله بالتبني ـ فأراد النبيّ
بفعله هذا بيان جواز الزواج بنساء أبناء التبنّي الذي كان محرّماً في
________________________________________ الصفحة 480 ________________________________________
الجاهلية .
ب. أراد الإمام ـ بإقراره هذا ـ سحب البساط من تحت أرجل الأمويين ، والوقوف أمام استغلالهم اسم الشيخين ، واحتمائهم بهما في الصراع بين الأمويين والهاشميين .
ج. بإقراره(عليه السلام) هذه التسمية أراد بيان سُمُوَّه وتعاليه عن الخلافات البسيطة ، فإنّه وإن كان مخالفاً لأبي بكر وعمر ويراهما كاذبين آثميين غادراين ـ كما في نص صحيح مسلم ـ لكنه لا يعكس تلك الخلافات على الأسماء اللّهمّ إلاّ أن تترمَّز وتتمحض تلك الأسماء للشر . بمرور الزمان .
فقبول الأئمّة(عليهم السلام) بهذه الأسماء دليل على تساميهم ، وأنّ الخلاف لا يدعوهم إلى محاربة الأسماء بما هي أسماء ، لأنّ المعصوم يعنيه عمل الأشخاص لا أسمانهم ، فالتسمية ببعض الأسماء مع التأكيد على أعمالهم المشينة له دلالته الخاصة .
د. أنّه(عليه السلام) لكنه كان يجاملهم ويداريهم ويتّقيهم ، فجاء عن سفيان عن فضيل بن الزبير عن نقيع عن أبي كديبة الازدي أنّه قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين فسأله عن قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أَمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...) فيمن نزلت ؟ قال(عليه السلام) : ما تريد ؟ أتريد أن تغري بي الناس ؟
قال : يا أمير المؤمنين ، ولكن أحب أن أعلم .
قال : أجلس ، فجلس فقال : اكتب عامراً ، معمّراً ، أكتب عمر ، أكتب عمّاراً ، أكتب معتمراً ، في أحد الخمسة نزلت ، قال سفيان : قلت لفضيل : اتراه عمر ؟ قال : فمن هو غيره ، وهذا يشير إلى أنّ التسمية قد تكون تقية .
________________________________________ الصفحة 481 ________________________________________
التكنية بأبي بكر لا تُعرف في المعصومين أو في أولادهم بعد السجاد(عليه السلام)(1) ، نعم التسمية بعمر أو عمرو استمرّت عند الطالبيين ، خصوصاً في ولد العُمَرَين الأطرف والأشرف ، وولد زيد بن علي بن الحسين ، وولد الحسن بن علي بن أبي طالب إلى عهود لاحقة لظروف كانوا يعيشونها .
أ مّا بقية الشيعة فكانوا يسمّون بأسماء الثلاثة حتّى أواخر القرن السادس الهجري ، برغم الظلم والاجحاف الذي كان يصبّه الظالمون على كلّ من سُمّي بأسماء الأئمّة ، فلم يقابلوا العدوّ بالمثل ، ولو راجعت كتب رجال الحديث والتراجم لوقفت على تلك الأسماء بين الرواة عن الأئمة ومشايخ النجاشي والصدوق ، والأئمة لم يكونوا يمنعونهم من تلك الاسماء بل يخاطبونهم بها ، فلا نشاهد إماماً من أئمة أهل البيت غيّر اسم أحد أصحابه من أبي بكر أو عمر أو عثمان إلى اسم آخر .
نعم ، إنّ هذه الاسماء أخذت تنقرض عند الشيعة في العصور اللاّحقة شيئاً فشيئاً جرّاء السياسات التعسفية للأمويين والمروانيّين والعباسيّين والسلجوقيّين والعثمانيّين والأيوبيّين وغيرهم .
____________
1- وأمّا ما انفرد به أبو الفرج الإصفهاني على لسان أبي الصلت الهروي في تكنية الإمام الرضا(عليه السلام) فقد تقدم الجواب عنه وأنّه لا يستبعد أن يكون من وضع المأمون نفسه أو المتبصرين ، وأمّا ما لصق بالإمام الهادي(عليه السلام) من التكني بأبي بكر فهو محض افتراء .
________________________________________ الصفحة 482 ________________________________________
فالإمام علي(عليه السلام) حينما صرّح بتسمية ابنه بعثمان لا يجرح بالآخرين ، أي أنّه(عليه السلام)وقف أمام التصوّرات الخاطئة التي يحملها بعض الناس عن سبب التسمية ، وليس فيه تجريح للآخرين من الثلاثة .
الطلقاء هم أقلّ شأناً من أن يدخلوا بين المهاجرين والأنصار والسابقين إلى
الإسلام .
في حين أنّ أهل الشام كان يسمّون بأسماء أهل البيت كي يشتموهم ويلعنوهم ، وهذا ما رواه المدائني عن أبي سلمة الأنصاري(1) ، وجاء في كلام المنصور العباسي أيّام كان مختفياً في زمن الأمويّين ، كيف أنّ الشاميّين كانوا لا يطيقون حتى التسمية بـ علي وحسن وحسين ، وقد مر ذلك في الحديث الذي ذكره الصدوق بسنده عن الأعمش(2) .
وكذلك كنَّوا عبدالله بن الحسن السبط بأبي بكر ، ثمّ اعتبروه اسماً له ، فقالوا : أبو بكر بن الحسن ، في حين صرح الموضح النسابة بأنّ المُكَنى بأبي بكر اسمه عبدالله .
____________
1- مر في صفحة : 188 .
2- مر في صفحة : 190 .
________________________________________ الصفحة 483 ________________________________________
وبعد هذا لا يستبعد وقوع الاشتباه في عبدالله بن علي بن أبي طالب المكنى بأبي بكر ، بن ليلى النهشلية ، والقول بأنّه كان لابن الحسن السبط فسقط اسم (الحسن) فقالوا : عبدالله أو أبو بكر بن علي الشهيد بكربلاء ، وذلك لاتّحاد اسم القاتل ، وطريقة القتل ، ووحدة الأشعار المنشودة فيهما .
ولا يخفى عليك بأنّ اسم (عمرو) أقرب إلى أولاد الأئمة من (عمر) ، وذلك لشيوع اسم (عمرو) عند العرب أكثر من (عمر) ، ولكون اسم جدهم هاشم هو عمرو العلى .
وأنّ التسمية بعمرُ كانت لا تزعج الإمام الحسن ولا غيره ، مع علمه بأن فارس المشركين الذي بارز والده كان اسمه عمرو بن عبدالود العامري ، وأن عدوّ والده اسمه عمرو بن العاص ، وأن اسم أبي جهل كان عمرو بن هشام ، وأنّ جده رسول الله كان يلعنه في القنوت .
فالأئمة وأولادهم كانوا يتسامون من هكذا حساسيات ، فقد سمى الحسين الأصغر ابن الإمام السجاد ابنه بعبيدالله الأعرج مع علمه بدور عبيدالله بن زياد في مقتل جده الحسين(عليه السلام) .
وقد سمى الإمام الكاظم ابنه بهارون وابنته بعائشة ، لأنّ اسم هارون ليس حكراً على هارون الرشيد ، بل الأَولى أن يكون لمكانة هارون من موسى ،
وعائشة ليست حكراً على ابنة أبي قحافة فقد تسمّت بها نساء كثيرات بايعن
رسول الله .
وأ نّهم(عليهم السلام) كانوا يسمّون ويأمرون بالتسمية بعبدالله مع تخالفهم مع عبدالله بن أبي سرح ، وعبدالله بن أُبي بن سلول ، وعبدالله بن الزبير ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن عمرو بن العاص وغيرهم .
________________________________________ الصفحة 484 ________________________________________
عن بقية الأسماء ، ولأجل ذلك ترى المحاربة مع تلك الأسماء حينما يجي السفياني فيقتل كل من اسمه محمّد ، علي ، الحسن ، الحسين ، فاطمة ،
رقية .
وهؤلاء الأمّهات ـ غير أمّهات المعصومين ـ كنّ من النساء العاديّات ، وقد سعت بعضهن إلى قتل الإمام المعصوم مثل جعدة بنت الأشعث التي سمت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) ، واُمّ الفضل التي سمّت الإمام الجواد ، فأمثال هؤلاء النسوة لا يستبعد أن يسمّين أولادهن بأسماء الثلاثة ، والإمام لم يخالفهن لظروف خاصة ولبعض الوجوه المتقدمة .
________________________________________ الصفحة 485 ________________________________________
اتّباعها .
كما لا يخفى بأنّه ليس للإمام عُمَران أو عباسان أو جعفران أو عثمانان ، نعم له محمّدان أو ثلاثة محمّدين ، أو اثنان يسميان بعبدالله أو ثلاثة ، أو له زينب الكبرى وزينب الصغرى ، وأم كلثوم الكبرى وأم كلثوم الصغرى ، ورملة ورملة الصغرى . ورقية ورقية الصغرى .
________________________________________ الصفحة 486 ________________________________________
هجومه على بيت الزهراء وإسقاطه محسناً ووو ...
كما يذوب الرصاص ، و إذا سمع منادياً ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتزّ
وصال ) .
________________________________________ الصفحة 487 ________________________________________
________________________________________ الصفحة 488 ________________________________________
حقيقة فقره ومحاولته سدّ عقدة نقصه ، ولو كان مدافعاً عن الصدقات جميعها لقال (لا أترككم لو منعتموني حبّة حنطه) ولذلك كان مناوئُو أبي بكر يذكّرونه بكنيته السابقة استنقاصاً له وتذكيراً لحالته السابقة .
على وحدة الصف ، فكيف يمنعوننا من التسمية بأسماء الثلاثة التي هي أقلّ
شأناً بأضعاف مضاعفة من الصلاة التي إن قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردّ
ما سواها ؟!1 ـ إنّ اسم عمر ، عثمان ، أبي بكر ، عائشة وأمثالها هي من الأسماء العربية الرائجة في الجاهلية وصدر الإسلام ، وليست مختصّه بعبدالكعبة أو عتيق بن أبي قحافة أو بعمر بن الخطاب أو بعثمان بن عفان أو غيرهم ، فلا مانع من التسمية بها ، وقد سمى ائمة أهل البيت ببعضها ، وأَقرَّ الآخر منها ، كلُّ ذلك قبل أن تصير تلك الأسماء رمزاً لأشخاص معهودين .2 ـ الإسلام نهى عن التسمية بالأسماء القبيحة لغة ، وما تحمل معنى الشرك والوثنية ، كعبدشمس وعبدالكعبة ، وما يتضمن صفات الباري كخالد وحكم وحكيم، وما يدلل على ترك أوامر الرسول ونواهيه كأن يكنّى من اسمه محمّد بأبي القاسم، أو أن يُسمّي أحدٌ ابنته بـ (حميراء) عداوة لعلي بن أبي طالب; لأنّ اسم حميراء صار علماً لعائشة ، بعكس اسمها الذي كان يسمّى به نساء كثيرات منها ابنة الإمام الكاظم .3 ـ إنّ الإسلام أمر بتحسين الأسماء ، وإنّ اسم الحسن والحسين ـ الموضوعَين من قبل رسول الله عن الله ـ هما من أحسن الأسماء ، فلو كان الخلفاءُ الثلاثة محبِّين لرسول الله حقَاً ، وكانت الأسماء لها دلالة على المحبة ، وعدمها على المباغضة فلِمَ لم يُسَمُّوا أولادهم وأحفادهم وأسباطهم باسم الحسن والحسين كرامةً لرسول الله واتّباعاً له في سنته ، بل لماذا لا يسمّون بأسماء أجداد وأعمام رسول الله مع كونها أسماءً عربية رائجة .4 ـ إنَّ وضع الأَسماء لا يَدل على المحبَّة في جميع الحالات ، وكذا عدم التسمية على المباغضة ، وإنّ ما قلته قبل قليل جاء من باب الإلزام ، فقد لا يسمي الطالبيون بناتهم بـ (امنه) و (خديجة) ، و (صفية) و (حليمة) ، لكنّ هذا لا يدلّ على المنافرة والمضادّة أو عدم المحبة فيما بينهم .5 ـ لو قبلنا وضع الإمام علي اسم (عمر) على ابنه للمحبة ، فيجب أن نبحث عن (عمر) المحب لعلي ، لأن عمر بن الخطاب هو المناوئ له ومن أعدائه ، فلا يمكن ترشيح أحد إلاّ عمر بن أبي سلمة عامل الإمام علي على البحرين وفارس ، وربيب رسول الله ، والراوي لحديث الأئمة الاثني عشر بمحضر معاوية ، كما أ نّه المدعّو من قبل الإمام للمسير معه إلى قتال القاسطين ، فلا يمكن تصوّر 6 ـ مَرَّ عليك أنّ عمر بن الخطاب طلب من الإمام تسمية ابنه من الصهباء التغلبية باسمه ، والإمام أقرّ تلك التسمية منه ، لأنّ المولود لو كان لحرَّة لما أمكن لعمر أن يطلب من الإمام أن يهبه اسمه ، لأنّ ذلك تجاوز على العرف آنذاك ، وقد رَجَا الإمام في إمضائه هذه التمسية فوائد كثيرة ، منها :7 ـ إنّ اسم عثمان انقرض في نسل علي من بعده(عليه السلام) ، كما أنّ التسمية أو 8 ـ إنّ تصريح الإمام علي بسبب تسمية ابنه بعثمان كان للوقوف أمام استغلال الآخرِين للأسمين الآخَرَيْن من ولده ، فكأنه يريد أن يقول : لا تتصوّروا إنّي سمّيت ابني بعثمان حبّاً بعثمان بن عفان ، بل بتصريحي أُريد أن أنفي ما قد يُدَّعى من أنّي قد سمَّيت أولادي بأسماء الثلاثة حباً بهم .9 ـ صرحت عائشة بانفعال شديد ـ بعد مقتل الإمام علي(عليه السلام) ـ أنّها سمّت غلامها بعبدالرحمن حبّاً بعبدالرحمن بن ملجم ، وهذا ما لا نشاهده عند الأئمّة ، 10 ـ اتَّهم معاويةُ الإمامَ علي بن أبي طالب(عليه السلام) بأنّه سمَّى أولاده بأسماء الثلاثة بدعوى أ نّه لو ترحم عليهم فقد عنى أولاده ، والإمام يجيبه بأنّ 11 ـ إنّ التصحيف في الأسماء والكُنى أمر ممكن بل واقع ، لكنا نراه في اسم (عمر) بعد الإمام علي تحريفاً وليس بتصحيف ، لأنّ التغيير والإبدال حصل بقصد وليس سهواً ، وقد ذكرنا سابقاً بعض النصوص القائلة بأنّ اسم ابن الإمام الحسن السبط هو عمرو ، لكنّهم أبدلوه في مصادر أُخرى بـ (عمر) ، ثم قالوا جُزافاً بوجود ولد للإمام الحسين باسم (عمر) وهو لم يثبت .12 ـ إنّ أَسماء المعصومين وكناهم مشتقّة من الأسماء الإلهية ، وهي تختلف 13 ـ إنّ اقتناص الأسماء بدأه عمر بن الخطاب ، ثم بَدَأ معاوية بحرب الأسماء بدئها معاوية ، واستمرّت في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ، حتى قال بعضهم (عقَّني والدي حيث سمّاني عليّا) ; لأ نّهم كانوا يقتلون كُلَّ من كان اسمه علياً ، أو يصغرون اسمه فيقولون (عُلَي) بدل (عَلِي) ، أو كان الشخص هو يصغر اسمه فيقول (انا عُلي) ولست بـ (علي) خوفاً من سطوة الحاكم .14 ـ احتملنا سابقاً أن تكون أسماء أولاد الأئمة المطابقة لأسماء الثلاثة هي من وضع الأمهات أو الجدّ للأمّ ، وهذا ليس بعزيز عند العرب ، فالإمام علي خاطب مرحباً بقوله : أنا الذي سمتني أمي حيدره ، وقال الإمام الحسين للحر بن يزيد الرياحي : أنت حرّ كما سمّتك أمّك حرّاً .15 ـ المشاهَد في تسميات الخلفاء يقف على مفارقة فيها ، فعمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان ويزيد يجعلان بدلاً وهدية لمن يتسمّى بأسمائهم ، بعكس الإمام علي الذي لم يمنح عطية بن سعد بن جنادة ، وعليّ بن عبدالله بن عباس ، أو غيرهما ، غير عطائهما من بيت المال ، فعلى أيِّ شيء تدل هذه المفارقة ؟ من الواضح أ نّهم كانوا يريدون أن يجعلوا أنفسهم في مصافّ الرموز الدينية الواجب 16 ـ احتمل الشيخ المجلسي بعد أن نقل كلام الإمام الصادق من أنَّ رسول الله أراد حين موته أن ينهى عن بعض الأَسماء ، فقُبِض(صلى الله عليه وآله) ولم يُسَمِّها ، منها الحَكَم وحكيم وخالد ومالك ، وذكر أ نّها ستة أو سبعة : (بأن تكون الأسماء الثلاثة المتروكة هي عتيق وعمر وعثمان ، وترك ذكرهم تقية) .17 ـ إن المسمَّين بأسماء الثلاثة من ولد علي لم يثبت وضعها من قبل الإمام(عليه السلام) ، إِلاّ اسم عثمان ، فقد كان حبّاً لعثمان بن مظعون ، كما أن وضعها لم يكن بالترتيب الذي ادّعاه بعضهم زوراً وبُهتاناً ، فلو أريد منها الدلالة على المحبّة لكان وضعها بترتيب الخلفاء أوضح وأجلى ، لكنّا نرى عمر هو الأكبر بين الأولاد ثم عثمان ثم عبدالله المكنّى بأبي بكر .18 ـ من المعلوم أنّ مدرسة أهل البيت تجيز بل تُحَبِّذ التسمية بأسماء الأنبياء وخصوصاً اسم النبي محمّد(صلى الله عليه وآله) وترى فضيلة في ذلك ، أمّا عمر فقد نهى عن التسمية بأسماء الأنبياء والتكنّي بأبي عيسى وأبي يحيى ، بدعوى أنْ ليس لعيسى أب ، ويحيى لم يولد له ولد ، وقد منع ذلك متذرّعاً بالخوف من أن يُسَبَّ الأنبياء بهؤلاء الأشخاص ، لكنَّ المجلسيَّ ذهب بعيداً وقال بأنّه منع من التسمية كي لا يبقى على وجه الأرض من يُسمَّى بمحمد(صلى الله عليه وآله) .19 ـ قد يكون هدف عمر من تسمية ابن الإمام علي(عليه السلام) باسمه هو محو صفحات الماضي وما جرى بينه وبين الآل ، فهو نوع مداجاة أراد بها غسل درن 20 ـ إِنّ الطالبيين هجروا عبدالله بن جعفر ولم يكلّموه حتّى توفي ، لتسمية ولده بمعاوية ، وإن لم يرد في النصوص عن الأئمّة نهي صريح عن التسمية بأسماء الثلاثة وحتى معاوية ويزيد ، وذلك لترسَّخ البغض عندهم لمعاوية .21 ـ إنّ عمر نصب معاوية ، ومعاوية نصب يزيد ، والأمويون غيَّروا المفاهيم والأسماء ، منها : نبزهم الرسول بـ (أبي كبشة) ، وتسميتهم مدينة الرسول بالخبيثة أو النتنة ، وتسميتهم بئر زمزم بأمّ الخنافس أو أم الجُعْلان أو أم الجُرْذان ، ومن ذلك تسمية بعض المجاميع والقبائل العربية بأعمال قتلة الحسين ، منهم بنو سنان : أولاد من رفع الرمح الذي كان عليه راس الحسين(عليه السلام) ، ومنهم : بنو الطشت وهم أولاد اللعين الذي وضع رأس الحسين(عليه السلام) في الطشت ، ومنهم بنو النعل وهم أولاد من أركض الخيل على جسد الحسين(عليه السلام) في كربلاء و ...22 ـ استغلال حفيد يزيد وهو علي بن عبدالله بن خالد بن يزيد بن معاوية ـ أيّام خلافه مع العباسيين ـ اسم الإمام علي وكنيته وشعارات الطالبيين ، حتى قال ابنه (علي) : أنا من شَيْخَي صفّين ، يعني علياً ومعاوية ، كي يجمع المخالفين للعباسيين ـ علويين كانوا أم أمويين ـ في محور واحد . وقد دعا أئمّة أهل البيت إلى الوقوف أمام استغلال الآخرين لأسمائهم وكناهم وألقابهم .22 ـ إنّ الإمام الرضا(عليه السلام) أمر أحمد بن عمر أن يسمّي ابنه بـ (عمر) حفاظاً عليه ، من العامّة الذين كانوا يتربصون به الدوائر .23 ـ تقعيد الأئمّة قواعد في التسميات دون التجريح بأحد ، مثل : ( ما الدين إلاّ الحب والبغض ) و ( الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمد يا علي ذاب 24 ـ إنّ الاختلاف في عمر الأطرف (مدة حياته ، موته ، حضوره كربلاء وعدم حضوره) وفي المتنازع معه (الإمام السجاد ، عبدالله بن الحسن ، عبيدالله بن العباس) وفي الشيء المتنازع عليه (الصدقات ، فدك و ...) ، وفي الخليفة المتنازع عنده (مروان ، عبدالملك ، الوليد) ، يشير إلى وجود أصابع أموية في هذه المسألة ، كما هي في زواج أم كلثوم وغِناء سكينة (أعوذ بالله) ، غير منكرين عدم ارتضا الطالبيين والأئمّة لسيرته .25 ـ لم يُطْبِق الأعلام على وجود ابن للإمام علي باسم أبي بكر ، بل اختلفوا هل هو كنية لمن اسمه عبدالله أو محمد أو عبدالرحمن ، أو هو اسم له .26 ـ التنكية بأبي بكر لم تكن بذيئة عند العرب ، وليس في إطلاقها على أحد عيب ذاتي ، لأ نّها تعني الفتيّ من الإبل ، ذلك الحيوان المهمّ في الجزيرة العربية ، لكنّها لم تطلق على ابن أبي قحافة في الجاهلية وصدر الإسلام وحتى بعد وفاة رسول الله ، بل كان يكنّى بأبي الفصيل ، وقد عرفه بذلك معاصروه كأبي سفيان وغيره ، كما أ نّه قد عيّرته هوازن ورجال قريش والهاشميين بذلك .27 ـ إنّ ابن أبي قحافة لم يُعرف كتاجر من تجّار قريش ، مثل أبي سفيان وأبي جهل وعبدالله بن جدعان ـ الذي كان هو وأبو قحافة من الدعاة إلى مائدته ـ بل ذكر ابن سعد عن عمر أنّه لقي ابنَ أبي قحافة لما استخلف وعلى رقبته أثواب يتّجر بها ، فقال : تصنع ماذا وقد وليتَ أمر المسلمين ؟! قال : فمِن أين أُطعم عيالي ؟! لكنّ القوم اخترعوا له نصوصاً تدلّ على ماله وسخائه لمحو نقيصة الحسب والنسب .28 ـ هذه الألقاب : (أبو الفصيل) أو (أبو بكر) أو (ذو الخلال) ترتبط بالأحداث التي تلت وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وإصرار أَبي بكر على استلاب الإبل من معارضيه ، وقول أبي بكر : (لا أترككم لو منعتموني عقال بعير) دون البواقي تؤكّد 29 ـ التسمية بأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة لا تعطي الشرعيّة لهم ، ولا تدلّ على عدالتهم ووثاقتهم ولزوم طاعتهم ، بل هي أسماء فقط ، لا تضرّ التسمية بها ولا ضير في الإيمان بوجودها ، فإنّ ائمتنا أمرونا بالصلاة خلف العامّة حفاظاً
التسميات بين التسامح العلويّ والتوظيف الأمويّ ص 477 ـ 488 (لـ السيّد علي الشهرستاني)
________________________________________ الصفحة 477 ________________________________________
خلاصة البحث
فالتسمية بعمر وعثمان وأبي بكر لو لم تحمل في مطاويها المخالفة مع رسول الله والمضادة مع الوصي فهي جائزة ، أمّا لو أريد بها التجليل والتبجيل للمواقف الاعتراضية لعمر على رسول الله كما في قضية أسرى بدر ، أو مخالفته لرسول الله في صلاته على المنافق ، أو تأييداً لموقفه في رزيّة يوم الخميس ، أو تصحيحاً وترجيحاً لموقف أبي بكر في أخذه خمس آل البيت وأرض فدك وغصبه الخلافة من آل البيت ، فهي غير جائزة .
________________________________________ الصفحة 478 ________________________________________
فالتسميات من الأمور القلبية التي قد يجوز فعلها أو يستحب كتعظيم النبي والآل ، وقد يحرم الاتيان بها إن كان فيها تعريض أو مساس بصفات الله أو كرامة الرسول والولي .
كما أنّ عدم تسمية الخلفاء الأمويين والعباسيين باسم أبي بكر وعمر ـ إلاّ في النادر ـ لا يدلّ على التضاد فيما بينهم ، وبذلك فالأسماء قد توضع لجمالية الاسم ، أو لتفاؤلهم بالعيش وطول العمر كالتسمية بعائشة وعمر ، وقد يسمّي الإنسان ابنه بأنور أو حُسْني وأمثال ذلك لتناغمه مع معنى هذين الاسمين ، مع عدم ارتياحه لأنور السادات وحسني مبارك .
وقد توضع الأسماء خوفاً أو طمعاً أو مداراةً أو مجاملةً ، وقد تكون هناك احتمالات أُخرى ، فلا يمكن حصر سبب التسمية بسبب واحد هو وضعه للمحبة وتركه للبغض ، وعليه فلا يجوز أن يُقَوَّل الإمام ما لا يقوله إلاّ بدليل ونصّ لا يقبل التأويل ; كما جاء صريحاً في كلام الإمام عليّ وأنّه سمَّى ابنه بعثمان لمكانة عثمان
________________________________________ الصفحة 479 ________________________________________
بن مظعون ، أو قول عائشة في سبب تسمية خادمها بعبدالرحمن : أنّ التسمية كانت حباً لعبدالرحمن بن ملجم ، أو ما جاء عن عبدالملك بن مروان من أنّه سمّى ابنه بالحجاج حبّاً للحجّاج بن يوسف الثقفي .
فلا نرى شخصاً من العامة يرضى بقولنا لو قلنا بأنّ عثمان بن عفان سمّى ابنه بـ (عمرو) لصلته بأبي جهل ـ عمرو بن هشام ـ أو أنّ عمر بن الخطاب سمّى ابنه بعبدالله ، لحبه لعبدالله بن أُبيّ بن سلول رئيس المنافقين ، فكيف يقولون ويرمون الآخرين بما لا يقبلون القول به لأنفسهم وأتباعهم ؟!
غير هذا ، وكذا الحال في أبي بكر فإن اُريد تصوره فهو أبو بكر بن حزم
الأنصاري .
أ. الدلالة على التجويز والتسهيل على الأمة في التسمية بهذه الأسماء إذا
مَرُّوا بظروف صعبة ، وأنّ ما فعله الإمام يشبه فعل رسول الله حينما تزوّج
زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة ـ ابن رسول الله بالتبني ـ فأراد النبيّ
بفعله هذا بيان جواز الزواج بنساء أبناء التبنّي الذي كان محرّماً في
________________________________________ الصفحة 480 ________________________________________
الجاهلية .
ب. أراد الإمام ـ بإقراره هذا ـ سحب البساط من تحت أرجل الأمويين ، والوقوف أمام استغلالهم اسم الشيخين ، واحتمائهم بهما في الصراع بين الأمويين والهاشميين .
ج. بإقراره(عليه السلام) هذه التسمية أراد بيان سُمُوَّه وتعاليه عن الخلافات البسيطة ، فإنّه وإن كان مخالفاً لأبي بكر وعمر ويراهما كاذبين آثميين غادراين ـ كما في نص صحيح مسلم ـ لكنه لا يعكس تلك الخلافات على الأسماء اللّهمّ إلاّ أن تترمَّز وتتمحض تلك الأسماء للشر . بمرور الزمان .
فقبول الأئمّة(عليهم السلام) بهذه الأسماء دليل على تساميهم ، وأنّ الخلاف لا يدعوهم إلى محاربة الأسماء بما هي أسماء ، لأنّ المعصوم يعنيه عمل الأشخاص لا أسمانهم ، فالتسمية ببعض الأسماء مع التأكيد على أعمالهم المشينة له دلالته الخاصة .
د. أنّه(عليه السلام) لكنه كان يجاملهم ويداريهم ويتّقيهم ، فجاء عن سفيان عن فضيل بن الزبير عن نقيع عن أبي كديبة الازدي أنّه قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين فسأله عن قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أَمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...) فيمن نزلت ؟ قال(عليه السلام) : ما تريد ؟ أتريد أن تغري بي الناس ؟
قال : يا أمير المؤمنين ، ولكن أحب أن أعلم .
قال : أجلس ، فجلس فقال : اكتب عامراً ، معمّراً ، أكتب عمر ، أكتب عمّاراً ، أكتب معتمراً ، في أحد الخمسة نزلت ، قال سفيان : قلت لفضيل : اتراه عمر ؟ قال : فمن هو غيره ، وهذا يشير إلى أنّ التسمية قد تكون تقية .
________________________________________ الصفحة 481 ________________________________________
التكنية بأبي بكر لا تُعرف في المعصومين أو في أولادهم بعد السجاد(عليه السلام)(1) ، نعم التسمية بعمر أو عمرو استمرّت عند الطالبيين ، خصوصاً في ولد العُمَرَين الأطرف والأشرف ، وولد زيد بن علي بن الحسين ، وولد الحسن بن علي بن أبي طالب إلى عهود لاحقة لظروف كانوا يعيشونها .
أ مّا بقية الشيعة فكانوا يسمّون بأسماء الثلاثة حتّى أواخر القرن السادس الهجري ، برغم الظلم والاجحاف الذي كان يصبّه الظالمون على كلّ من سُمّي بأسماء الأئمّة ، فلم يقابلوا العدوّ بالمثل ، ولو راجعت كتب رجال الحديث والتراجم لوقفت على تلك الأسماء بين الرواة عن الأئمة ومشايخ النجاشي والصدوق ، والأئمة لم يكونوا يمنعونهم من تلك الاسماء بل يخاطبونهم بها ، فلا نشاهد إماماً من أئمة أهل البيت غيّر اسم أحد أصحابه من أبي بكر أو عمر أو عثمان إلى اسم آخر .
نعم ، إنّ هذه الاسماء أخذت تنقرض عند الشيعة في العصور اللاّحقة شيئاً فشيئاً جرّاء السياسات التعسفية للأمويين والمروانيّين والعباسيّين والسلجوقيّين والعثمانيّين والأيوبيّين وغيرهم .
____________
1- وأمّا ما انفرد به أبو الفرج الإصفهاني على لسان أبي الصلت الهروي في تكنية الإمام الرضا(عليه السلام) فقد تقدم الجواب عنه وأنّه لا يستبعد أن يكون من وضع المأمون نفسه أو المتبصرين ، وأمّا ما لصق بالإمام الهادي(عليه السلام) من التكني بأبي بكر فهو محض افتراء .
________________________________________ الصفحة 482 ________________________________________
فالإمام علي(عليه السلام) حينما صرّح بتسمية ابنه بعثمان لا يجرح بالآخرين ، أي أنّه(عليه السلام)وقف أمام التصوّرات الخاطئة التي يحملها بعض الناس عن سبب التسمية ، وليس فيه تجريح للآخرين من الثلاثة .
الطلقاء هم أقلّ شأناً من أن يدخلوا بين المهاجرين والأنصار والسابقين إلى
الإسلام .
في حين أنّ أهل الشام كان يسمّون بأسماء أهل البيت كي يشتموهم ويلعنوهم ، وهذا ما رواه المدائني عن أبي سلمة الأنصاري(1) ، وجاء في كلام المنصور العباسي أيّام كان مختفياً في زمن الأمويّين ، كيف أنّ الشاميّين كانوا لا يطيقون حتى التسمية بـ علي وحسن وحسين ، وقد مر ذلك في الحديث الذي ذكره الصدوق بسنده عن الأعمش(2) .
وكذلك كنَّوا عبدالله بن الحسن السبط بأبي بكر ، ثمّ اعتبروه اسماً له ، فقالوا : أبو بكر بن الحسن ، في حين صرح الموضح النسابة بأنّ المُكَنى بأبي بكر اسمه عبدالله .
____________
1- مر في صفحة : 188 .
2- مر في صفحة : 190 .
________________________________________ الصفحة 483 ________________________________________
وبعد هذا لا يستبعد وقوع الاشتباه في عبدالله بن علي بن أبي طالب المكنى بأبي بكر ، بن ليلى النهشلية ، والقول بأنّه كان لابن الحسن السبط فسقط اسم (الحسن) فقالوا : عبدالله أو أبو بكر بن علي الشهيد بكربلاء ، وذلك لاتّحاد اسم القاتل ، وطريقة القتل ، ووحدة الأشعار المنشودة فيهما .
ولا يخفى عليك بأنّ اسم (عمرو) أقرب إلى أولاد الأئمة من (عمر) ، وذلك لشيوع اسم (عمرو) عند العرب أكثر من (عمر) ، ولكون اسم جدهم هاشم هو عمرو العلى .
وأنّ التسمية بعمرُ كانت لا تزعج الإمام الحسن ولا غيره ، مع علمه بأن فارس المشركين الذي بارز والده كان اسمه عمرو بن عبدالود العامري ، وأن عدوّ والده اسمه عمرو بن العاص ، وأن اسم أبي جهل كان عمرو بن هشام ، وأنّ جده رسول الله كان يلعنه في القنوت .
فالأئمة وأولادهم كانوا يتسامون من هكذا حساسيات ، فقد سمى الحسين الأصغر ابن الإمام السجاد ابنه بعبيدالله الأعرج مع علمه بدور عبيدالله بن زياد في مقتل جده الحسين(عليه السلام) .
وقد سمى الإمام الكاظم ابنه بهارون وابنته بعائشة ، لأنّ اسم هارون ليس حكراً على هارون الرشيد ، بل الأَولى أن يكون لمكانة هارون من موسى ،
وعائشة ليست حكراً على ابنة أبي قحافة فقد تسمّت بها نساء كثيرات بايعن
رسول الله .
وأ نّهم(عليهم السلام) كانوا يسمّون ويأمرون بالتسمية بعبدالله مع تخالفهم مع عبدالله بن أبي سرح ، وعبدالله بن أُبي بن سلول ، وعبدالله بن الزبير ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن عمرو بن العاص وغيرهم .
________________________________________ الصفحة 484 ________________________________________
عن بقية الأسماء ، ولأجل ذلك ترى المحاربة مع تلك الأسماء حينما يجي السفياني فيقتل كل من اسمه محمّد ، علي ، الحسن ، الحسين ، فاطمة ،
رقية .
وهؤلاء الأمّهات ـ غير أمّهات المعصومين ـ كنّ من النساء العاديّات ، وقد سعت بعضهن إلى قتل الإمام المعصوم مثل جعدة بنت الأشعث التي سمت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) ، واُمّ الفضل التي سمّت الإمام الجواد ، فأمثال هؤلاء النسوة لا يستبعد أن يسمّين أولادهن بأسماء الثلاثة ، والإمام لم يخالفهن لظروف خاصة ولبعض الوجوه المتقدمة .
________________________________________ الصفحة 485 ________________________________________
اتّباعها .
كما لا يخفى بأنّه ليس للإمام عُمَران أو عباسان أو جعفران أو عثمانان ، نعم له محمّدان أو ثلاثة محمّدين ، أو اثنان يسميان بعبدالله أو ثلاثة ، أو له زينب الكبرى وزينب الصغرى ، وأم كلثوم الكبرى وأم كلثوم الصغرى ، ورملة ورملة الصغرى . ورقية ورقية الصغرى .
________________________________________ الصفحة 486 ________________________________________
هجومه على بيت الزهراء وإسقاطه محسناً ووو ...
كما يذوب الرصاص ، و إذا سمع منادياً ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتزّ
وصال ) .
________________________________________ الصفحة 487 ________________________________________
________________________________________ الصفحة 488 ________________________________________
حقيقة فقره ومحاولته سدّ عقدة نقصه ، ولو كان مدافعاً عن الصدقات جميعها لقال (لا أترككم لو منعتموني حبّة حنطه) ولذلك كان مناوئُو أبي بكر يذكّرونه بكنيته السابقة استنقاصاً له وتذكيراً لحالته السابقة .
على وحدة الصف ، فكيف يمنعوننا من التسمية بأسماء الثلاثة التي هي أقلّ
شأناً بأضعاف مضاعفة من الصلاة التي إن قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردّ
ما سواها ؟!1 ـ إنّ اسم عمر ، عثمان ، أبي بكر ، عائشة وأمثالها هي من الأسماء العربية الرائجة في الجاهلية وصدر الإسلام ، وليست مختصّه بعبدالكعبة أو عتيق بن أبي قحافة أو بعمر بن الخطاب أو بعثمان بن عفان أو غيرهم ، فلا مانع من التسمية بها ، وقد سمى ائمة أهل البيت ببعضها ، وأَقرَّ الآخر منها ، كلُّ ذلك قبل أن تصير تلك الأسماء رمزاً لأشخاص معهودين .2 ـ الإسلام نهى عن التسمية بالأسماء القبيحة لغة ، وما تحمل معنى الشرك والوثنية ، كعبدشمس وعبدالكعبة ، وما يتضمن صفات الباري كخالد وحكم وحكيم، وما يدلل على ترك أوامر الرسول ونواهيه كأن يكنّى من اسمه محمّد بأبي القاسم، أو أن يُسمّي أحدٌ ابنته بـ (حميراء) عداوة لعلي بن أبي طالب; لأنّ اسم حميراء صار علماً لعائشة ، بعكس اسمها الذي كان يسمّى به نساء كثيرات منها ابنة الإمام الكاظم .3 ـ إنّ الإسلام أمر بتحسين الأسماء ، وإنّ اسم الحسن والحسين ـ الموضوعَين من قبل رسول الله عن الله ـ هما من أحسن الأسماء ، فلو كان الخلفاءُ الثلاثة محبِّين لرسول الله حقَاً ، وكانت الأسماء لها دلالة على المحبة ، وعدمها على المباغضة فلِمَ لم يُسَمُّوا أولادهم وأحفادهم وأسباطهم باسم الحسن والحسين كرامةً لرسول الله واتّباعاً له في سنته ، بل لماذا لا يسمّون بأسماء أجداد وأعمام رسول الله مع كونها أسماءً عربية رائجة .4 ـ إنَّ وضع الأَسماء لا يَدل على المحبَّة في جميع الحالات ، وكذا عدم التسمية على المباغضة ، وإنّ ما قلته قبل قليل جاء من باب الإلزام ، فقد لا يسمي الطالبيون بناتهم بـ (امنه) و (خديجة) ، و (صفية) و (حليمة) ، لكنّ هذا لا يدلّ على المنافرة والمضادّة أو عدم المحبة فيما بينهم .5 ـ لو قبلنا وضع الإمام علي اسم (عمر) على ابنه للمحبة ، فيجب أن نبحث عن (عمر) المحب لعلي ، لأن عمر بن الخطاب هو المناوئ له ومن أعدائه ، فلا يمكن ترشيح أحد إلاّ عمر بن أبي سلمة عامل الإمام علي على البحرين وفارس ، وربيب رسول الله ، والراوي لحديث الأئمة الاثني عشر بمحضر معاوية ، كما أ نّه المدعّو من قبل الإمام للمسير معه إلى قتال القاسطين ، فلا يمكن تصوّر 6 ـ مَرَّ عليك أنّ عمر بن الخطاب طلب من الإمام تسمية ابنه من الصهباء التغلبية باسمه ، والإمام أقرّ تلك التسمية منه ، لأنّ المولود لو كان لحرَّة لما أمكن لعمر أن يطلب من الإمام أن يهبه اسمه ، لأنّ ذلك تجاوز على العرف آنذاك ، وقد رَجَا الإمام في إمضائه هذه التمسية فوائد كثيرة ، منها :7 ـ إنّ اسم عثمان انقرض في نسل علي من بعده(عليه السلام) ، كما أنّ التسمية أو 8 ـ إنّ تصريح الإمام علي بسبب تسمية ابنه بعثمان كان للوقوف أمام استغلال الآخرِين للأسمين الآخَرَيْن من ولده ، فكأنه يريد أن يقول : لا تتصوّروا إنّي سمّيت ابني بعثمان حبّاً بعثمان بن عفان ، بل بتصريحي أُريد أن أنفي ما قد يُدَّعى من أنّي قد سمَّيت أولادي بأسماء الثلاثة حباً بهم .9 ـ صرحت عائشة بانفعال شديد ـ بعد مقتل الإمام علي(عليه السلام) ـ أنّها سمّت غلامها بعبدالرحمن حبّاً بعبدالرحمن بن ملجم ، وهذا ما لا نشاهده عند الأئمّة ، 10 ـ اتَّهم معاويةُ الإمامَ علي بن أبي طالب(عليه السلام) بأنّه سمَّى أولاده بأسماء الثلاثة بدعوى أ نّه لو ترحم عليهم فقد عنى أولاده ، والإمام يجيبه بأنّ 11 ـ إنّ التصحيف في الأسماء والكُنى أمر ممكن بل واقع ، لكنا نراه في اسم (عمر) بعد الإمام علي تحريفاً وليس بتصحيف ، لأنّ التغيير والإبدال حصل بقصد وليس سهواً ، وقد ذكرنا سابقاً بعض النصوص القائلة بأنّ اسم ابن الإمام الحسن السبط هو عمرو ، لكنّهم أبدلوه في مصادر أُخرى بـ (عمر) ، ثم قالوا جُزافاً بوجود ولد للإمام الحسين باسم (عمر) وهو لم يثبت .12 ـ إنّ أَسماء المعصومين وكناهم مشتقّة من الأسماء الإلهية ، وهي تختلف 13 ـ إنّ اقتناص الأسماء بدأه عمر بن الخطاب ، ثم بَدَأ معاوية بحرب الأسماء بدئها معاوية ، واستمرّت في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ، حتى قال بعضهم (عقَّني والدي حيث سمّاني عليّا) ; لأ نّهم كانوا يقتلون كُلَّ من كان اسمه علياً ، أو يصغرون اسمه فيقولون (عُلَي) بدل (عَلِي) ، أو كان الشخص هو يصغر اسمه فيقول (انا عُلي) ولست بـ (علي) خوفاً من سطوة الحاكم .14 ـ احتملنا سابقاً أن تكون أسماء أولاد الأئمة المطابقة لأسماء الثلاثة هي من وضع الأمهات أو الجدّ للأمّ ، وهذا ليس بعزيز عند العرب ، فالإمام علي خاطب مرحباً بقوله : أنا الذي سمتني أمي حيدره ، وقال الإمام الحسين للحر بن يزيد الرياحي : أنت حرّ كما سمّتك أمّك حرّاً .15 ـ المشاهَد في تسميات الخلفاء يقف على مفارقة فيها ، فعمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان ويزيد يجعلان بدلاً وهدية لمن يتسمّى بأسمائهم ، بعكس الإمام علي الذي لم يمنح عطية بن سعد بن جنادة ، وعليّ بن عبدالله بن عباس ، أو غيرهما ، غير عطائهما من بيت المال ، فعلى أيِّ شيء تدل هذه المفارقة ؟ من الواضح أ نّهم كانوا يريدون أن يجعلوا أنفسهم في مصافّ الرموز الدينية الواجب 16 ـ احتمل الشيخ المجلسي بعد أن نقل كلام الإمام الصادق من أنَّ رسول الله أراد حين موته أن ينهى عن بعض الأَسماء ، فقُبِض(صلى الله عليه وآله) ولم يُسَمِّها ، منها الحَكَم وحكيم وخالد ومالك ، وذكر أ نّها ستة أو سبعة : (بأن تكون الأسماء الثلاثة المتروكة هي عتيق وعمر وعثمان ، وترك ذكرهم تقية) .17 ـ إن المسمَّين بأسماء الثلاثة من ولد علي لم يثبت وضعها من قبل الإمام(عليه السلام) ، إِلاّ اسم عثمان ، فقد كان حبّاً لعثمان بن مظعون ، كما أن وضعها لم يكن بالترتيب الذي ادّعاه بعضهم زوراً وبُهتاناً ، فلو أريد منها الدلالة على المحبّة لكان وضعها بترتيب الخلفاء أوضح وأجلى ، لكنّا نرى عمر هو الأكبر بين الأولاد ثم عثمان ثم عبدالله المكنّى بأبي بكر .18 ـ من المعلوم أنّ مدرسة أهل البيت تجيز بل تُحَبِّذ التسمية بأسماء الأنبياء وخصوصاً اسم النبي محمّد(صلى الله عليه وآله) وترى فضيلة في ذلك ، أمّا عمر فقد نهى عن التسمية بأسماء الأنبياء والتكنّي بأبي عيسى وأبي يحيى ، بدعوى أنْ ليس لعيسى أب ، ويحيى لم يولد له ولد ، وقد منع ذلك متذرّعاً بالخوف من أن يُسَبَّ الأنبياء بهؤلاء الأشخاص ، لكنَّ المجلسيَّ ذهب بعيداً وقال بأنّه منع من التسمية كي لا يبقى على وجه الأرض من يُسمَّى بمحمد(صلى الله عليه وآله) .19 ـ قد يكون هدف عمر من تسمية ابن الإمام علي(عليه السلام) باسمه هو محو صفحات الماضي وما جرى بينه وبين الآل ، فهو نوع مداجاة أراد بها غسل درن 20 ـ إِنّ الطالبيين هجروا عبدالله بن جعفر ولم يكلّموه حتّى توفي ، لتسمية ولده بمعاوية ، وإن لم يرد في النصوص عن الأئمّة نهي صريح عن التسمية بأسماء الثلاثة وحتى معاوية ويزيد ، وذلك لترسَّخ البغض عندهم لمعاوية .21 ـ إنّ عمر نصب معاوية ، ومعاوية نصب يزيد ، والأمويون غيَّروا المفاهيم والأسماء ، منها : نبزهم الرسول بـ (أبي كبشة) ، وتسميتهم مدينة الرسول بالخبيثة أو النتنة ، وتسميتهم بئر زمزم بأمّ الخنافس أو أم الجُعْلان أو أم الجُرْذان ، ومن ذلك تسمية بعض المجاميع والقبائل العربية بأعمال قتلة الحسين ، منهم بنو سنان : أولاد من رفع الرمح الذي كان عليه راس الحسين(عليه السلام) ، ومنهم : بنو الطشت وهم أولاد اللعين الذي وضع رأس الحسين(عليه السلام) في الطشت ، ومنهم بنو النعل وهم أولاد من أركض الخيل على جسد الحسين(عليه السلام) في كربلاء و ...22 ـ استغلال حفيد يزيد وهو علي بن عبدالله بن خالد بن يزيد بن معاوية ـ أيّام خلافه مع العباسيين ـ اسم الإمام علي وكنيته وشعارات الطالبيين ، حتى قال ابنه (علي) : أنا من شَيْخَي صفّين ، يعني علياً ومعاوية ، كي يجمع المخالفين للعباسيين ـ علويين كانوا أم أمويين ـ في محور واحد . وقد دعا أئمّة أهل البيت إلى الوقوف أمام استغلال الآخرين لأسمائهم وكناهم وألقابهم .22 ـ إنّ الإمام الرضا(عليه السلام) أمر أحمد بن عمر أن يسمّي ابنه بـ (عمر) حفاظاً عليه ، من العامّة الذين كانوا يتربصون به الدوائر .23 ـ تقعيد الأئمّة قواعد في التسميات دون التجريح بأحد ، مثل : ( ما الدين إلاّ الحب والبغض ) و ( الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمد يا علي ذاب 24 ـ إنّ الاختلاف في عمر الأطرف (مدة حياته ، موته ، حضوره كربلاء وعدم حضوره) وفي المتنازع معه (الإمام السجاد ، عبدالله بن الحسن ، عبيدالله بن العباس) وفي الشيء المتنازع عليه (الصدقات ، فدك و ...) ، وفي الخليفة المتنازع عنده (مروان ، عبدالملك ، الوليد) ، يشير إلى وجود أصابع أموية في هذه المسألة ، كما هي في زواج أم كلثوم وغِناء سكينة (أعوذ بالله) ، غير منكرين عدم ارتضا الطالبيين والأئمّة لسيرته .25 ـ لم يُطْبِق الأعلام على وجود ابن للإمام علي باسم أبي بكر ، بل اختلفوا هل هو كنية لمن اسمه عبدالله أو محمد أو عبدالرحمن ، أو هو اسم له .26 ـ التنكية بأبي بكر لم تكن بذيئة عند العرب ، وليس في إطلاقها على أحد عيب ذاتي ، لأ نّها تعني الفتيّ من الإبل ، ذلك الحيوان المهمّ في الجزيرة العربية ، لكنّها لم تطلق على ابن أبي قحافة في الجاهلية وصدر الإسلام وحتى بعد وفاة رسول الله ، بل كان يكنّى بأبي الفصيل ، وقد عرفه بذلك معاصروه كأبي سفيان وغيره ، كما أ نّه قد عيّرته هوازن ورجال قريش والهاشميين بذلك .27 ـ إنّ ابن أبي قحافة لم يُعرف كتاجر من تجّار قريش ، مثل أبي سفيان وأبي جهل وعبدالله بن جدعان ـ الذي كان هو وأبو قحافة من الدعاة إلى مائدته ـ بل ذكر ابن سعد عن عمر أنّه لقي ابنَ أبي قحافة لما استخلف وعلى رقبته أثواب يتّجر بها ، فقال : تصنع ماذا وقد وليتَ أمر المسلمين ؟! قال : فمِن أين أُطعم عيالي ؟! لكنّ القوم اخترعوا له نصوصاً تدلّ على ماله وسخائه لمحو نقيصة الحسب والنسب .28 ـ هذه الألقاب : (أبو الفصيل) أو (أبو بكر) أو (ذو الخلال) ترتبط بالأحداث التي تلت وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وإصرار أَبي بكر على استلاب الإبل من معارضيه ، وقول أبي بكر : (لا أترككم لو منعتموني عقال بعير) دون البواقي تؤكّد 29 ـ التسمية بأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة لا تعطي الشرعيّة لهم ، ولا تدلّ على عدالتهم ووثاقتهم ولزوم طاعتهم ، بل هي أسماء فقط ، لا تضرّ التسمية بها ولا ضير في الإيمان بوجودها ، فإنّ ائمتنا أمرونا بالصلاة خلف العامّة حفاظاً
التعلیقات