الصدق وأهميته عند أهل البيت (عليهم السلام)
موقع الوارث
منذ 7 سنوات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
وهو: مطابقة القول للواقع،
وهو أشرف الفضائل النفسية، والمزايا الخلقية، لخصائصه الجليلة، وآثاره الهامة في حياة الفرد والمجتمع.
فهو زينة الحديث ورواؤه، ورمز الاستقامة والصلاح، وسبب النجاح والنجاة، لذلك مجّدته الشريعة الاسلامية، وحرضت عليه، قرآناً وسنةّ.
قال تعالى: «والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون، لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين». (الزمر: 33 - 34)
وقال تعالى: «هذا يومُ ينفع الصادقين صدقهم، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبداً». (المائدة: 119 )
وقال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه، وكونوا مع الصادقين».(التوبة: 119)
وهكذا كرَّم أهلُ البيت عليهم السلام هذا الخلق الرفيع، ودعوا إليه بأساليبهم البليغة الحكيمة:
قال الصادق عليه السلام: «لا تغتروا بصلاتهم، ولا بصيامهم، فإنّ الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن إختبروهم عند صدق الحديث، وأداء الأمانة»(1).
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «زينة الحديث الصدق»(2).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إلزموا الصدق فإنّه منجاة»(3).
وقال الصادق عليه السلام: «من صدق لسانه زكى عمله»(4).
أي صار عمله ببركة الصدق زاكياً نامياً في الثواب، لأنّ اللّه تعالى «إنّما يقبل من المتقين» والصدق من أبرز خصائص التقوى وأهم شرائطه.
مآثر الصدق:
من ضرورات الحياة الاجتماعية، ومقوماتها الأصلية هي:
شيوع التفاهم والتآزر بين عناصر المجتمع وأفراده، ليستطيعوا بذلك النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، ومن تم ليسعدوا بحياة كريمة هانئة، وتعايش سلمي.
وتلك غايات سامية، لا تتحقق إلا بالتفاهم الصحيح، والتعاون الوثيق، وتبادل الثقة والائتمان بين أولئك الأفراد.
وبديهي أنّ اللسان هو أداة التفاهم، ومنطلق المعاني والأفكار، والترجمان المفسر عمّا يدور في خلَد الناس من مختلف المفاهيم والغايات، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع، وتجاوب مشاعره وأفكاره.
وعلى صدقه أو كذبه ترتكز سعادة المجتمع أو شقاؤه، فإن كان اللسان صادق اللهجة، أميناً في ترجمة خوالج النفس وأغراضها، ادىّ رسالة التفاهم والتواثق، وكان زائد خير، ورسول محبة وسلام.
وإن كان متصفاً بالخداع والتزوير، وخيانة الترجمة والاعراب، غدا رائد شر، ومدعاة تناكر وتباغض بين أفراد المجتمع، ومعول هَدمٍ في كيانه.
من أجل ذلك كان الصدق من ضرورات المجتمع، وحاجاته الملحة، وكانت له آثاره وانعكاساته في حياة الناس.
فهو نظام المجتمع السعيد، ورمز خلقه الرفيع، ودليل استقامة أفراده ونبلهم، والباعث القويّ على طيب السمعة، وحسن الثناء والتقدير، وكسب الثقة والائتمان من الناس.
كما له آثاره ومعطياته في توفير الوقت الثمين، وكسب الراحة الجسمية والنفسية.
فإذا صدق المتبايعون في مبايعاتهم، ارتاحوا جميعاً من عناء المماكسة، وضياع الوقت الثمين في نشدان الواقع، وتحري الصدق.
وإذا تواطأ أرباب الأعمال والوظائف على التزام الصدق، كان ذلك ضماناً لصيانة حقوق الناس، واستتباب أمنهم ورخائهم.
وإذا تحلى كافة الناس بالصدق، ودرجوا عليه، أحرزوا منافعه الجمّة، ومغانمه الجليلة.
وإذا شاع الكذب في المجتمع، وهت قيمُه الأخلاقية، وساد التبرموالسخط بين أفراده، وعزَّ فيه التفاهم والتعاون، وغدا عرضة للتبعثر والانهيار.
أقسام الصدق:
للصدق صور وأقسام تتجلى في الأقوال والأفعال، واليك أبرزها:
(1) - الصدق في الأقوال، وهو: الإخبار عن الشيء على حقيقته من غير تزوير وتمويه.
(2) - الصدق في الأفعال، وهو: مطابقة القول للفعل، كالبر بالقسم، والوفاء بالعهد والوعد.
(3) - الصدق في العزم، وهو: التصميم على أفعال الخير، فإن أنجزها كان صادق العزم، وإلا كان كاذبه.
(4) - الصدق في النيّة، وهو: تطهيرها من شوائب الرياء، والاخلاص بها الى اللّه تعالى وحده.
_____________________
(1) الكافي.
(2) الامامة والتبصرة.
(3) كمال الدين للصدوق.
(4) الكافي.
التعلیقات