أهمية العمل عند الشاب
السيد حيدر الجلالي
منذ 7 سنواترأيته وهو يُطأطئ برأسه، وتجري الدموع على خده، وهو متكئ على يديه، ويقول: يا ليت كنت قد انتهزت أيام شبابي في الدراسة؛ لكي أستثمر معلوماتي للعمل، ولا أبقى بلا عملٍ وعاطل، وأميل إلى الأصدقاء السوء، وأصرف معظم أوقاتي معهم. ندمت لذلك، لكن لا مجال للرجوع، ولات حين مندم، ولو سمح لي مرة أخرى للرجوع، لكنت أكرس كامل وقتي في الدراسة وعند الإنتهاء منها، كنت أجد عملاً محترماً لائقاً، ولما كنت هنا الآن.
هذا كلام شابٍ كان قد حُكم به السجن لسنتين؛ وذلك لأجل الشجار الذي وقع بين فريقين، وكانت حصيلته وقوع ضحايا من الطرفين، وإلقاء شبابين منهما في السجن.
لو كان لهؤلاء الشباب عملاً لما حصل هذا الأمر. ولو كانوا قد اغتنوا الفرص من قل وكانوا قد ذهبوا إلى المدرسة، ومن ثم التحقوا بالجامعة لكانوا قد حصلوا على عملٍ أو وظيفة، فما كانوا يقعون في هذه المشكلات متورطين بمثل هذه الأمور.
نعم، الشاب الذي لديه عملاً وراتباً لا يُفكر بهذه الأمور، بل يُفكر في أمور أخرى قد تمنعه من التفكير بهذه الأمور، فالشاب الذي يحظى بوظيفة أو عمل ما، يُفكر أولاً بتكوين العائلة، ومِن ثُم توفير ما تحتاجه إليه عائلته، وبالتالي يصبح لحياته هدفاً، وهو يستثمر ما كان قد بذل من أجله سابقاً.
وهذا العمل يحصل مِن خلال الدراسة غالباً فالشاب الذي درس - سواء درس أكاديمياً أو حوزوياً- له الحض الأفر للحصول على العمل، فيمكن القول بأنّ الدرس والعمل مترابطان، ولهما صلة مباشرة.
وإن لأئمتنا كلمات في هذا المجال يحثوننا على العلم والتعلم، وبالتحديد الشباب منا، محذرين من سوء العاقبة، وهذا ما ورد عن إمامنا صادق العترة جعفر بن محمد (ع) حيث يقول: "لَستُ اُحِبُّ أن أرى الشّابَّ مِنكُم إلّا غاديا في حالَينِ: إمّا عالِما أو مُتَعَلِّما، فإن لَم يَفعَلْ فَرَّطَ، فإن فَرَّطَ ضَيَّعَ، وإنْ ضَيَّعَ أثِمَ، وإن أثِمَ سَكَنَ النارَ والذي بَعَثَ مُحمّدا بِالحَقِّ"1.
فكما رأينا هذا الشاب قد عُلِم بنفسه أنه قصَّر مع نفسِه ووقع نفسَه في المفسدة، وضيّع مستقبله وبهذا الفعل (الشجار) ظلم الآخرين وعاقبة الظلم هو النار.
1. أمالي الطوسي،ص333،ح604
التعلیقات