الصائم والأخلاق الحسنة
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 8 أشهرورد في خطبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في بيان أهمية شهر رمضان المبارك المسمّات بالخطبة الشعبانية : « مَن حَسَّنَ مِنکُم في هذا الشَّهرِ خُلُقَهُ کانَ لَهُ جَوازاً عَلي الصِّراطِ يومَ تَزِلُّ فِيه الأَقدامُ» (1).
تتجلى أهمية هذا القول عندما ننتبه إلى الصائم عندما يفقد أحياناً قوته بسبب العطش والجوع، ونتيجة لذلك تكون قوته أقل في مواجهة الاضطرابات النفسية والاجتماعية؛ خاصة إذا كان يصوم في أيام الصيف الحار ويعاني من الأرق بسبب السهر طوال الليل والاستيقاظ مبكرا في ليالي رمضان. فإذا فقد مثل هذا الشخص صبره ، فإنه يغضب عند أدنى محنة، ويتصرف بطريقة غير لائقة مع الآخرين.
الأخلاق الحسنة مطلوبة في كل وقت وحين، ولكن في شهر رمضان مطلوبة أكثر، لأن فرصة تحسين الأخلاق فيه موجودة أكثر من سائر الشهور؛ لما يفيضه هذا الشهر على الصائم من فيوضات روحية ومعنوية وأخلاقية عالية، ولأن الصائم فيه أكثر قابلية لتهذيب نفسه، وتغيير مسلك أخلاقه، وتعديل سلوكه.
من الممكن ان يقدر الملكلف على الامتناع من الأكل والشرب أي صيام الجسد ، ولكن ليس كل شخص يقدر على صيام النفس، لأن هذه المرحلة أكثر صعوبة وتحتاج إلى تقوى عالية لكي يرقى بها الانسان إلى أعلى مراتب إصلاح النفس وتهذيب الأخلاق ، وكل ذلك يأتي من السعي إلى تطوير الملكات وتحسين السلوك والأخلاق وتغييرها نحو الافضل وهذا ما يستطيع يصل اليه الإنسان، ولولا ذلك لما أتعب الأنبياء والأولياء أنفسهم في دعوة الناس إلى مكارم الأخلاق، ولأنّ النفس الإنسانية تحتاج إلى التأديب والتهذيب والترغيب والترهيب، قال تعالى: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ (2).
الأخلاق عنصر أساسي في التدين وعامل مهم في نجاح الإنسان. ولعل أهم ما يميز رسول الله صلى الله عليه وآله هو أخلاقه الرفيعة، والتي وردت أيضًا في القرآن: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (3) ويمتدح القرآن لطف رسول الله صلى الله عليه وآله، ويؤكد أنه لو كان سريع الغضب لايجتمع الناس حوله.
وفي هذه الخطبة يدعو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أمته إلى عدم إيذاء أحد. بعض الناس أشرار، ووجودهم مضر بالمجتمع، وأحيانًا تصبح هذه الخاصية الدنيئة قوية جدًا لدرجة أنهم يحبون الإزعاج وايجاد المشاكل من دون وعي ، معاذ الله أن يصل الانسان إلى حالة يخافون منه ويحترمونه أو يعطوه شيئا خوفا من أن يصل شره اليهم وكل ذلك لكي يكفّ شره عنهم.
وفي هذا الصدد يقول رسول الله صلى الله عليه وآله في ختام حديثه الشريف : « وَ مَن کَفَّ فِيهِ شَرَّهُ کَفَّ اللهُ عَنهُ غَضَبَهُ يومَ يلقاهُ » (4).
وبالطبع يجب على الإنسان أن يحاول ليس فقط عدم إيذاء الآخرين، بل أيضًا أن يفعل الخير للآخرين ويحل مشاكلهم ويكون مصدرًا للخير.
وَ كَانَ مِنْ دُعَاء الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام فِي مَكَارمِ الْأَخْلَاقِ و مَرْضيِّ الْأفعالِ : « وَ أَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيْرَ » (5).
تتجلى أهمية هذا القول عندما ننتبه إلى الصائم عندما يفقد أحياناً قوته بسبب العطش والجوع، ونتيجة لذلك تكون قوته أقل في مواجهة الاضطرابات النفسية والاجتماعية؛ خاصة إذا كان يصوم في أيام الصيف الحار ويعاني من الأرق بسبب السهر طوال الليل والاستيقاظ مبكرا في ليالي رمضان. فإذا فقد مثل هذا الشخص صبره ، فإنه يغضب عند أدنى محنة، ويتصرف بطريقة غير لائقة مع الآخرين.
الأخلاق الحسنة مطلوبة في كل وقت وحين، ولكن في شهر رمضان مطلوبة أكثر، لأن فرصة تحسين الأخلاق فيه موجودة أكثر من سائر الشهور؛ لما يفيضه هذا الشهر على الصائم من فيوضات روحية ومعنوية وأخلاقية عالية، ولأن الصائم فيه أكثر قابلية لتهذيب نفسه، وتغيير مسلك أخلاقه، وتعديل سلوكه.
من الممكن ان يقدر الملكلف على الامتناع من الأكل والشرب أي صيام الجسد ، ولكن ليس كل شخص يقدر على صيام النفس، لأن هذه المرحلة أكثر صعوبة وتحتاج إلى تقوى عالية لكي يرقى بها الانسان إلى أعلى مراتب إصلاح النفس وتهذيب الأخلاق ، وكل ذلك يأتي من السعي إلى تطوير الملكات وتحسين السلوك والأخلاق وتغييرها نحو الافضل وهذا ما يستطيع يصل اليه الإنسان، ولولا ذلك لما أتعب الأنبياء والأولياء أنفسهم في دعوة الناس إلى مكارم الأخلاق، ولأنّ النفس الإنسانية تحتاج إلى التأديب والتهذيب والترغيب والترهيب، قال تعالى: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ (2).
الأخلاق عنصر أساسي في التدين وعامل مهم في نجاح الإنسان. ولعل أهم ما يميز رسول الله صلى الله عليه وآله هو أخلاقه الرفيعة، والتي وردت أيضًا في القرآن: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (3) ويمتدح القرآن لطف رسول الله صلى الله عليه وآله، ويؤكد أنه لو كان سريع الغضب لايجتمع الناس حوله.
وفي هذه الخطبة يدعو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أمته إلى عدم إيذاء أحد. بعض الناس أشرار، ووجودهم مضر بالمجتمع، وأحيانًا تصبح هذه الخاصية الدنيئة قوية جدًا لدرجة أنهم يحبون الإزعاج وايجاد المشاكل من دون وعي ، معاذ الله أن يصل الانسان إلى حالة يخافون منه ويحترمونه أو يعطوه شيئا خوفا من أن يصل شره اليهم وكل ذلك لكي يكفّ شره عنهم.
وفي هذا الصدد يقول رسول الله صلى الله عليه وآله في ختام حديثه الشريف : « وَ مَن کَفَّ فِيهِ شَرَّهُ کَفَّ اللهُ عَنهُ غَضَبَهُ يومَ يلقاهُ » (4).
وبالطبع يجب على الإنسان أن يحاول ليس فقط عدم إيذاء الآخرين، بل أيضًا أن يفعل الخير للآخرين ويحل مشاكلهم ويكون مصدرًا للخير.
وَ كَانَ مِنْ دُعَاء الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام فِي مَكَارمِ الْأَخْلَاقِ و مَرْضيِّ الْأفعالِ : « وَ أَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيْرَ » (5).
سيأتي مِن هنا رجل مِن أهل الجَنَّة
يقول أنس كنت يوماً في حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأشار إلى جِهة وقال : « سيأتي مِن هنا رجل مِن أهل الجَنَّة ».
وما لبثنا حتَّى جاء رجل عجوز ، وهو يُجفِّف ماء وضوئه بيده اليُمنى فيما علَّق نعلاه في إصبع مِن يده اليُسرى ، تقدَّم وسلَّم .
بعد ذلك كرَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك العبارة عن الرجل في اليومين التاليين قبل وصوله بلحظات .
وكان عبد الله بن عمرو حاضر المجلس في الأيَّام الثلاثة ، وسمع مقالة النبي صلى الله عليه وآله فعزم على مُصاحبة الرجل ؛ ليتعرَّف على عباداته وأعماله الصالحة ، وليعلم ما الذي جعله مِن أهل الجَنَّة ، ورفع مكانته إلى هذه المنزلة ، فنهض وأدركه عند مُغادرته المجلس ، وقال له : إنَّه قد خاصم أباه ، وأقسم على أنْ لا يراه ثلاثة أيَّام بلياليها ، وطلب أنْ يؤويه تلك المُدَّة عنده ، فوافق الرجل وبقي عبد الله عند الرجل ثلاثة أيَّام .
يقول عبد الله : خلال تلك الليالي لم أرَ الرجل ينهض للعبادة أو للقيام بعبادة خاصَّة ، سِوى أنَّه كان كلمَّا تقلَّب في فراشه ذكر الله ، ثمَّ ينام حتَّى الفجر فينهض لصلاة الصبح ، ولكنَّه خلال تلك المُدَّة كلِّها لم يذكر أحداً إلاَّ بالثناء عليه وذكر مَحاسنه .
انقضت الأيَّام الثلاثة ، وبدت أعمال الرجل في نظري تافهة ، حتَّى كدت أنْ أحتقره ولكنِّي ملكت نفسي ، وعند توديعه قلت له :
لم يكن قد حصل بيني وبين أبي أيُّ خِصامٍ ، ولكنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عنك كذا وكذا ثلاثة أيَّام ؛ فأردت أنْ أعرفك وأعرف ما تقوم به مِن عبادات وأعمال صالحات غير أنِّي لم أرَ منك عبادة كثيرة ، فلا أعلم ما الذي أوجب رفع منزلتك ليقول عنك النبي ما قال !
قال الشيخ : لا أقوم بغير ما رأيت مِن الأعمال .
تركه عبد الله وانصرف إلاَّ أن الشيخ ناداه وقال له :
أعمالي الظاهرة هي تلك التي رأيتها ، ولكنِّي في دخيلتي لا أحمل لأحد حِقداً ولا سوءاً ، ولا أحسد أحداً على ما أنعم الله عليه .
فقال عبد الله : إنَّها نيَّتك الحسنة وحُبَّ الخير للآخرين ما شملك برحمة الله وألطافه ، وإنَّه ليصعب علينا نحن أنْ نكون على هذه الطهارة وهذا القدر مِن حُبِّ الآخرين (6).
وما لبثنا حتَّى جاء رجل عجوز ، وهو يُجفِّف ماء وضوئه بيده اليُمنى فيما علَّق نعلاه في إصبع مِن يده اليُسرى ، تقدَّم وسلَّم .
بعد ذلك كرَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك العبارة عن الرجل في اليومين التاليين قبل وصوله بلحظات .
وكان عبد الله بن عمرو حاضر المجلس في الأيَّام الثلاثة ، وسمع مقالة النبي صلى الله عليه وآله فعزم على مُصاحبة الرجل ؛ ليتعرَّف على عباداته وأعماله الصالحة ، وليعلم ما الذي جعله مِن أهل الجَنَّة ، ورفع مكانته إلى هذه المنزلة ، فنهض وأدركه عند مُغادرته المجلس ، وقال له : إنَّه قد خاصم أباه ، وأقسم على أنْ لا يراه ثلاثة أيَّام بلياليها ، وطلب أنْ يؤويه تلك المُدَّة عنده ، فوافق الرجل وبقي عبد الله عند الرجل ثلاثة أيَّام .
يقول عبد الله : خلال تلك الليالي لم أرَ الرجل ينهض للعبادة أو للقيام بعبادة خاصَّة ، سِوى أنَّه كان كلمَّا تقلَّب في فراشه ذكر الله ، ثمَّ ينام حتَّى الفجر فينهض لصلاة الصبح ، ولكنَّه خلال تلك المُدَّة كلِّها لم يذكر أحداً إلاَّ بالثناء عليه وذكر مَحاسنه .
انقضت الأيَّام الثلاثة ، وبدت أعمال الرجل في نظري تافهة ، حتَّى كدت أنْ أحتقره ولكنِّي ملكت نفسي ، وعند توديعه قلت له :
لم يكن قد حصل بيني وبين أبي أيُّ خِصامٍ ، ولكنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عنك كذا وكذا ثلاثة أيَّام ؛ فأردت أنْ أعرفك وأعرف ما تقوم به مِن عبادات وأعمال صالحات غير أنِّي لم أرَ منك عبادة كثيرة ، فلا أعلم ما الذي أوجب رفع منزلتك ليقول عنك النبي ما قال !
قال الشيخ : لا أقوم بغير ما رأيت مِن الأعمال .
تركه عبد الله وانصرف إلاَّ أن الشيخ ناداه وقال له :
أعمالي الظاهرة هي تلك التي رأيتها ، ولكنِّي في دخيلتي لا أحمل لأحد حِقداً ولا سوءاً ، ولا أحسد أحداً على ما أنعم الله عليه .
فقال عبد الله : إنَّها نيَّتك الحسنة وحُبَّ الخير للآخرين ما شملك برحمة الله وألطافه ، وإنَّه ليصعب علينا نحن أنْ نكون على هذه الطهارة وهذا القدر مِن حُبِّ الآخرين (6).
1ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام / الشيخ الصدوق / المجلّد : 2 / الصفحة : 266.
2ـ سورة يوسف : الآية 53.
3ـ سورة القلم : الآية 4.
4ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام / الشيخ الصدوق / المجلّد : 2 / الصفحة : 266.
5ـ الصحيفة السجادية / ترجمة : محسن غرويان ؛ عبد الجواد ابراهيمي فر / المجلّد : 1 / الصفحة : 92 / ط الهادي.
6ـ القصص التربوية: الشيخ محمد تقي الفلسفي / المجلّد : 1 / الصفحة : 408.
التعلیقات