ما هو الدعاء الذي يقال قبل السفر؟ أدعية لا تفوتك لحفظك وحمايتك
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 6 ساعاتالسفر رحلة تحمل في طياتها الكثير من التحديات والمخاطر، وقد أولى الإسلام أهمية خاصة للسفر، سواءً من حيث آدابه أو الأدعية التي تحفظ المسافر من الأخطار وترافقه بالسلامة والتوفيق. ومن عظمة الإسلام أنه لم يترك المؤمن يسافر دون أن يزوده بأدعية تملأ قلبه طمأنينة وتقيه المخاطر.
إن أهل البيت عليهم السلام كانوا دائماً يهتمون بتوجيه الناس نحو ذكر الله في جميع أحوالهم، وخاصة عند السفر، حيث يكون الإنسان أكثر عرضة للمخاطر والبعد عن الأهل والوطن. فقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين أدعية مباركة تحفظ المسافر، وتمنحه التيسير والبركة في رحلته، وتمنع عنه المكاره وتجنبه العقبات.
في هذا المقال، سنتعرف على مجموعة من الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، التي كان الأئمة عليهم السلام يوصون بها عند الخروج للسفر، وعند المبيت وحدهم في مكان بعيد، وحتى عند اختيار الأيام المناسبة للسفر لضمان البركة والسلامة. كما سنستعرض الأهمية الروحية لحمل تربة الإمام الحسين عليه السلام أثناء السفر، لما لها من أثر في الحفظ من الأخطار، وفق ما ورد في الروايات الشريفة.
نسأل الله أن يجعل هذه الأدعية وسيلة لحفظ المسافرين جميعًا، وأن يرزقنا وإياكم سفراً آمناً وسعيًا مباركًا وعملاً متقبلاً، مستعينين بالله ومتوكّلين عليه في كل خطوة نخطوها.
دعاء جبرئيل عليه السلام لحفظ المسافر
روي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : جائني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد من أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر فأحب أن أوديه سالما مع قضائي له الحاجة فليقل حين يخرج :
« بِسْمِ الله مَخْرَجِي وَبِإذْنِهِ خَرَجْتُ وَقَدْ عَلِمَ قبل أنْ أخْرُجَ خُرُوَجِي وَقَدْ أحْصى عِلْمُهُ ما فِي مَخْرَجِي وَمَرْجِعِي ، تَوَكَّلْتُ عَلى الالهِ الاكْبَرِ تَوَكُّلَ مُفَوِّضٍ إلَيْهِ أمْرَهُ وَمُسْتَعِينٍ بِهِ عَلَى شُؤُوَنِهِ مُسْتَزِيدٍ مِنْ فْضِلِه مُبْرٍ نَفْسَهُ مِنْ كُلِّ حَوْلٍ وَمِنْ كُلِّ قُوَّةٍ إِلاّ بِهِ ، خُرُوجَ ضَرِيرٍ خَرَجَ بِضُرِّهِ إِلى مَنْ يَكْشِفُهُ وَخُرُوجَ فَقِيرٍ خَرَجَ بِفَقْرِهِ إِلى مَنْ يَسُدُّهُ وَخُرُوجَ عائِلٍ خَرَجَ بِعَيْلَتِهِ إِلى مَنْ يُغْنيها وَخُرُوجَ مَنْ رَبُّهُ أكْبَرُ ثِقِتِهِ وَأعْظَمُ رَجائِهِ وَأفْضَلُ اُمْنِيَّتِهِ ، الله ثِقَتِي في جَمِيع اُمُورِي كُلِّها ، بِهِ فِيها جَميعاً أسْتَعِينُ وَلا شَىٍّ إِلاّ ماشَاءَ الله فِي عِلْمِهِ ، أسْألُ الله خَيْرَ الَمخْرَجِ وَالمَدْخَلِ لا إلهَ إِلاّ هُوَ إلَيْهِ المَصِيرُ »(1).
دعاء مأثور لمن أراد السفر
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: « إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ فِي سَفَرٍ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَ الْحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ وَ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ » (2).
وعن صباح الحذاء قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : لوكان الرجل منكم إذا أراد سفرا قام على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه ، فقرء فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله ، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ثم قال : « اللهم احفظني واحفظ مامعي وسلمني وسلم مامعي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل » لحفظه الله وحفظ مامعه وسلمه الله وسلم مامعه وبلغه الله وبلغ مامعه قال : ثم قال : يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ مامعه ويسلم ولا يسلم مامعه ويبلغ ولا يبلغ مامعه؟ قلت : بلى جعلت فداك.
وكان الإمام الصادق عليه السلام إذا أراد سفرا قال : «اللهم خل سبيلنا وأحسن تصييرنا وأعظم عافيتنا ».
وجاء عن الإمام الرضا عليه السلام قال : إذا خرجت من منزلك في سفر أوحضر فقل « بسم الله آمنت بالله توكلت على الله ماشاء الله لاحول ولاقوة إلا بالله » فيتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ماسبيلكم عليه ، وقد سمى الله وآمن به وتوكل عليه وقال : ماشاء الله لاقوة إلا بالله (3).
دعاء لمن يسافر أو يبيت وحده
روي في الخبر عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام قَالَ : مَنْ خَرَجَ وَحْدَهُ فِي سَفَرٍ فَلْيَقُلْ: « مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي وَ أَعِنِّي عَلَى وَحْدَتِي وَ أَدِّ غَيْبَتِي.
قَالَ وَ مَنْ بَاتَ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ أَوْ فِي دَارٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ وَحْدَهُ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي وَ أَعِنِّي عَلَى وَحْدَتِي. قَالَ وَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: إِنِّي صَاحِبُ صَيْدِ سَبُعٍ وَ أَبِيتُ بِاللَّيْلِ فِي الْخَرَابَاتِ وَ الْمَكَانِ الْوَحْشِ فَقَالَ إِذَا دَخَلْتَ فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ وَ أَدْخِلْ رِجْلَكَ الْيُمْنَى، وَ إِذَا خَرَجْتَ فَأَخْرِجْ رِجْلَكَ الْيُسْرَى، وَ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّكَ لَا تَرَى مَكْرُوهاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ » (4) .
دعاء أمير المؤمينن عليه السلام عند عزمه على المسير إلى الشام
دعاء أمير المؤمنين عليه السلام عند عزمه على المسير إلى الشام وهو دعاء دعا به ربه عند وضع رجله في الركاب: « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الاهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَأَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي الاهْلِ، وَلاَ يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ؛ لاِنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لاَ يَكُونُ مُسْتَصْحَباً، وَ الْمُسْتَصْحَبُ لاَ يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً ». وابتداء هذا الكلام مرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قفّاه أمير المؤمنين عليه السلام بأبلغ كلام وتممه بأحسن تمام: من قوله: « وَلاَ يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ » إلى آخر الفصل (5).
اختيار الأيام المناسبة للسفر
قال الشيخ المفيد في كتابه المزار: اذا عزمت إن شاء الله تعالى على الخروج فاختر يوما وليكن اختيارك واقعا على أحد ثلاثة أيام من الاسبوع يوم السبت أو يوم الثلاثاء أو يوم الخميس.
1ـ فأما السبت فانه روي، عن الصادق عليه السلام أنه قال: من أراد سفرا فليسافر في يوم السبت فلو أن حجرا زال من مكانه في يوم السبت لرده الله إلى مكانه.
2ـ وأما يوم الثلاثاء فانه روي عنه عليه السلام أنه قال: سافروا في يوم الثلاثاء واطلبوا الحوائج فيه، فانه اليوم الذي ألان الله عزو جل فيه الحديد لداود عليه السلام.
3ـ واما يوم الخميس فانه روي عنه عليه السلام أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغزو بأصحابه في يوم الخميس، فيظفر، فمن أراد سفرا فليسافر يوم الخميس. واتق الخروج في يوم الاثنين فانه اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وانقطع الوحي وابتز أهل بيته الامر، وقتل فيه الحسين عليه السلام وهو يوم نحس. واتق الخروج يوم الاربعاء فانه اليوم الذي خلقت فيه أركان النار واهلك فيه الامم الطاغية.
4ـ واتق الخروج يوم الجمعة قبل الصلاة؛ فانه روي عن الرضا عليه السلام أنه قال: ما يؤمن من سافر في يوم الجمعة قبل الصلاة أن لا يحفظه الله تعالى في سفره ولا يخلفه في أهله ولا يرزقه من فضله واتق الخروج يوم الثالث من الشهر فانه يوم نحس وهو اليوم الذي سلب فيه آدم وحواء عليهما السلام لباسهما. واتقه يوم الرابع منه فانه يخاف على المسافر فيه نزول البلاء. واتقه يوم الحادي والعشرون منه فانه فيه كمثل ذلك من النحس. واتقه اليوم الخامس والعشرين منه فانه يوم نحس أيضا وهو اليوم الذي ضرب الله تعالى فيه أهل مصر مع فرعون بالآيات.
وان اضطررت للخروج في واحد مما عددنا فاستخر الله تعالى وسله العافية والسلامة وتصدق بشئ واخرج على اسم الله عز وجل (6).
أهمية تربة الإمام الحسين عليه السلام في السفر
يستحب للمسافر أن يأخذ معه شيئاً من تربة الإمام الحسين عليه السلام فإنه أمان من كل خوف وخطر.
لقد ورد في كتاب المزار للشيخ المفيد رحمه الله: « بعث إليّ أبو الحسن عليه السلام من خراسان ثياب رزم وكان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا؟ قال: طين قبر الحسين عليه السلام، ما كان يوجّه شيئاً من الثياب ولا غيره، إلا ويجعل فيه الطين ويقول: هو أمان بإذن الله تعالى » (7).
وورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لرجل : إذا خِفتَ سلطاناً أو غير ذلك فلا تخرج مِنْ منزلك إلاّ ومعكَ مِن طِين قبر الحسين عليه السلام ، وقل إذا أخذتَه : « اللّهُمَّ إنَّ هذِهِ طِينَةُ قَبْرِ الحُسَينِ وَليِّكَ وَابْنِ وَلِيَّكَ ، اتَّخَذْتُها حِرْزاَ لِما أخافُ وَلِما لا أخافُ ، فإنَّه قد يرد عليك ما لا تخاف؛ قال الرَّجل: فأخذتها كما أمرني فصَحَّ والله بدني ، وكان لي أماناً من كلِّ ما خِفتُ وما لم أخف كما قال ، فما رَأيت بحمدِ الله بعدها مكروهاً » (8).
قال العلامة المجلسي رحمه الله في حلية المتقين: و اعلم أنه من الأشياء التي يجب أن يحملها المسافر معه مسبحة من التربة المباركة للإمام الحسين عليه السلام حيث ورد في الحديث أن الإمام الصادق عليه السلام زار العراق في أحد الأيام، فاستقبله الناس و سألوه فقالوا:
نحن نعلم بأن تربة الإمام الحسين عليه السلام فيها الشفاء، من المرض، و لكن هل هي تؤمن حاملها من الخوف؟ فقال عليه السلام: كل من يريد الأمان من كل خوف فعليه أن يحمل معه تربة من هذه التربة الحسينية و يقرأ هذا الدعاء ثلاث مرات:
« أصبحت اللهم معتصما بذمامك و جوارك المنيع الذي لا يطاول و لا يحاول من شر كل غاشم و طارق من سائر من خلقت من خلقك الصامت و الناطق في جنة من كل مخوف بلباس سابغة ولاء أهل بيت نبيك محتجبا من كل قاصد إلى أذية بجدار حصين الإخلاص في الاعتراف بحقهم و التمسك بحبلهم موقنا أن الحق لهم و معهم و فيهم و بهم، أوالي من والوا و أجانب من جانبوا فأعذني اللهم من شر كل ما أتقيه يا عظيم حجزت الأعادي عني ببديع السماوات و الأرض إنا جعلنا من بين أيديهم سدا و من خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ».
ثم قبّل التربة وضعها على عينيك و قل: « اللهم إني أسألك بحق هذه التربة المباركة و بحق صاحبها و بحق جده و بحق أبيه و بحق أخيه و بحق ولده الطاهرين إجعلها شفاء من كل داء و أمانا من كل خوف و حفظا من كل سوء ». فإذا كنت في الصباح فإنك تبقى في أمان من الله إلى الليل، و إذا كنت في الليل فإنك تبقى في أمان من الله إلى الصباح (9).
نسأل الله تعالى أن يجعل سفرنا وسفر جميع المؤمنين سفرًا مباركًا، وأن يرزقنا العودة إلى أهلنا وأوطاننا بسلامةٍ وحفظٍ من كل سوء، إنه سميع مجيب.
1ـ مفاتيح الجنان / الشيخ عباس القمي / المجلّد : 1 الصفحة : 885 ؛ الجواهر السنية / الشيخ حرّ العاملي / المجلّد : 1 / الصفحة : 181.
2ـ الخصال / الشيخ الصدوق / المجلّد : 2 / الصفحة : 634.
3ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 76 / الصفحة : 250 / ط مؤسسة الوفاء.
4ـ المحاسن / ابو جعفر البرقي / المجلّد : 2 / الصفحة : 370
5ـ نهج البلاغة / محمد الدشتي / المجلّد : 1 / الصفحة : 41.
6ـ المزار / الشيخ المفيد / المجلّد : 1 / الصفحة : 58 ـ 60.
7ـ المزار / الشيخ المفيد / المجلّد : 1 / الصفحة : 144 ـ 145.
8ـ كامل الزيارات / ابن قولويه القمي / المجلّد : 1 / الصفحة : 297 / ط مكتبة الصدوق.
9ـ حلية المتقين فى آلادب و السنن و الاخلاق/ العلامة المجلسي / المترجم خلیل رزق العاملي / المجلّد : 1 / الصفحة : 686 ـ 687.
التعلیقات