الهجرة المثمرة
زهراء الكواظمة
منذ 4 سنواتلقد تكلمنا في وقت سابق عن دوافع الهجرة بمناسبة هجرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله من المدينة إلى مكة المكرمة، وبدء التقويم الهجري بهذه المناسبة، وما كان لهذه الهجرة من خيرات في تاريخ الإسلام.
وفي هذه المقالة نريد أن نسلط الضوء على هجرة سيد عبد العظيم الحسني عليه السلام من سامراء إلى الري بمناسبة ميلاده المبارك حيث كان في اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني سنة 173 للهجرة.(1)
هناك تأثير واضح لهجرة بعض الأفراد -من منطقة إلى منطقة- على نفسهم ومن حولهم أو حتى على المجتمع؛ وفي الحقيقة يعود هذا التأثير إلى وجود هذه الشخصيات وما يحملونها من ثقافة بحيث يبثون أفكارهم ومعتقداتهم في ذلك المجتمع الجديد، ومن جملة الهجرات التي لعبت دورا لا يمكن غض النظر عنها في تاريخ الإسلام هي الهجرة النبوية وهجرة أمير المؤمين عليه السلام من المدينة إلى الكوفة وسائر الأئمة عليهم السلام وأصحابهم الذين كانوا يمتثلون بأمرهم ومن تلك الزمرة الطيبة سيدنا عبد العظيم الحسني عليه السلام.
هجرته المباركة
عاش السيد عبد العظيم الحسني في أقسى فترات العصر العباسي على أهل البيت والشيعة وأكثرها إرهاباً ودموية، فقد عاصر السيد عبد العظيم المتوكل الذي تولى الخلافة من عام (232هـ) إلى (247هـ) يقول أبو الفرج الأصفهاني (وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتماً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظنّ والتهمة لهم، واتفق له أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين وعفّى آثاره؛ ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به، فقتله أو أنهكه عقوبة).(2)
فاضطر السيد عبد العظيم إلى الفرار من هذا الجو السياسي المظلم، ويبدو أن خروجه من سامراء إلى الري كان في زمن الإمام الهادي عليه السلام؛ لأنه كان قد التقى بالإمام في سامراء، ولم يرجع من سفره، ومات في الري، وقيل إن خروجه من سامراء كان بإيعاز من الإمام الهادي عليه السلام خوفاً عليه من بطش السلطة التي شددت من ضغوطها على أصحاب الإمام.
خرج السيد عبد العظيم بزي مسافر، ووصل إلى الري، فأقام في بيت لأحد الشيعة الثقات، وتفرّغ للعبادة فيه، فكان لا يخرج منه إلا متخفياً لزيارة قبر السيد حمزة بن موسى بن جعفر عليهم السلام.(3)
كان السيد عبد العظيم عليه السلام يجد في زيارة قبر السيد حمزة عليه السلام بعض السلو، وهو في هذه البلاد البعيدة عن موطن آبائه وأجداده وأهل بيته وبني عمومته بعد أن حُرم منهم وخاصة فراقه لأئمته المعصومين عليهم السلام الذين كان يجد فيهم الملاذ والأمن والقدوة، فكان دائم الحنين إليهم، ولم يُكتب له أن يراهم مرة أخرى، حيث مات غريباً، فدفن قرب قبر السيد حمزة عليه السلام.
بقي السيد عبد العظيم في بيت الرجل الشيعي الذي لم يذكر لنا التاريخ اسمه، ولعل سبب ذلك أنه لم يذكره الشيعة في ذلك الوقت خوفاً عليه من السلطة العباسية، فبقي اسمه مجهولاً، ثم عرف الشيعة مكانه شيئاً فشيئاً، فكانوا يتوافدون إليه للتبرك به، ويأخذون أحكام دينهم، ويتعلمون منه أمور دينهم.
علمه وإيمانه
بلغ السيد عبد العظيم مرتبة كبيرة في العلم حتى أصبح معتمد الأئمة عليهم السلام وثقتهم، وقد خوّلوه بالإجابة عنهم في مسائل الدين وأحكام الشرع وتفسير القرآن الكريم، فقد روى المحدث النوري عن أبي تراب الروياني قال: سمعت أبا حماد الرازي يقول: دخلت على علي بن محمد عليهما السلام بسر من رأى، فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني فيها، فلما ودعته قال لي: « يا حماد، إذا أشكل عليك شئ من أمر دينك بناحيتك، فسل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني، واقرأه مني السلام».(4) فكان الإمام الهادي عليه السلام ينيبه في الإجابة لثقته به، فنرى هنا عظمة وأهمية هجرة سيدنا عبد العظيم عليه السلام، حتى أصبح قدوة في نشر ثقافة الإسلام والعقائد الحقة الصحيحة.
ومما تقدم، تتضح فوائد الهجرة المثمرة، فذهب سيدنا عبد العظيم عليه السلام إلى منطقة كانت فيها أعداء أهل البيت عليهم السلام، ولكن ببركة وجوده ونشر ثقافة أهل البيت عليهم السلام استطاع أن يكون ضياء للمجتمع يستنير بهداه وصراط الحق الذي رسمته مفاهيم أهل البيت (ع) وعلومهم بسلوك هذا العالم الجليل، حتى أصحبت ري مركزا وملاذا لشيعة أهل البيت عليهم السلام.
وفي هذه المقالة نريد أن نسلط الضوء على هجرة سيد عبد العظيم الحسني عليه السلام من سامراء إلى الري بمناسبة ميلاده المبارك حيث كان في اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني سنة 173 للهجرة.(1)
هناك تأثير واضح لهجرة بعض الأفراد -من منطقة إلى منطقة- على نفسهم ومن حولهم أو حتى على المجتمع؛ وفي الحقيقة يعود هذا التأثير إلى وجود هذه الشخصيات وما يحملونها من ثقافة بحيث يبثون أفكارهم ومعتقداتهم في ذلك المجتمع الجديد، ومن جملة الهجرات التي لعبت دورا لا يمكن غض النظر عنها في تاريخ الإسلام هي الهجرة النبوية وهجرة أمير المؤمين عليه السلام من المدينة إلى الكوفة وسائر الأئمة عليهم السلام وأصحابهم الذين كانوا يمتثلون بأمرهم ومن تلك الزمرة الطيبة سيدنا عبد العظيم الحسني عليه السلام.
هجرته المباركة
عاش السيد عبد العظيم الحسني في أقسى فترات العصر العباسي على أهل البيت والشيعة وأكثرها إرهاباً ودموية، فقد عاصر السيد عبد العظيم المتوكل الذي تولى الخلافة من عام (232هـ) إلى (247هـ) يقول أبو الفرج الأصفهاني (وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتماً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظنّ والتهمة لهم، واتفق له أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين وعفّى آثاره؛ ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به، فقتله أو أنهكه عقوبة).(2)
فاضطر السيد عبد العظيم إلى الفرار من هذا الجو السياسي المظلم، ويبدو أن خروجه من سامراء إلى الري كان في زمن الإمام الهادي عليه السلام؛ لأنه كان قد التقى بالإمام في سامراء، ولم يرجع من سفره، ومات في الري، وقيل إن خروجه من سامراء كان بإيعاز من الإمام الهادي عليه السلام خوفاً عليه من بطش السلطة التي شددت من ضغوطها على أصحاب الإمام.
خرج السيد عبد العظيم بزي مسافر، ووصل إلى الري، فأقام في بيت لأحد الشيعة الثقات، وتفرّغ للعبادة فيه، فكان لا يخرج منه إلا متخفياً لزيارة قبر السيد حمزة بن موسى بن جعفر عليهم السلام.(3)
كان السيد عبد العظيم عليه السلام يجد في زيارة قبر السيد حمزة عليه السلام بعض السلو، وهو في هذه البلاد البعيدة عن موطن آبائه وأجداده وأهل بيته وبني عمومته بعد أن حُرم منهم وخاصة فراقه لأئمته المعصومين عليهم السلام الذين كان يجد فيهم الملاذ والأمن والقدوة، فكان دائم الحنين إليهم، ولم يُكتب له أن يراهم مرة أخرى، حيث مات غريباً، فدفن قرب قبر السيد حمزة عليه السلام.
بقي السيد عبد العظيم في بيت الرجل الشيعي الذي لم يذكر لنا التاريخ اسمه، ولعل سبب ذلك أنه لم يذكره الشيعة في ذلك الوقت خوفاً عليه من السلطة العباسية، فبقي اسمه مجهولاً، ثم عرف الشيعة مكانه شيئاً فشيئاً، فكانوا يتوافدون إليه للتبرك به، ويأخذون أحكام دينهم، ويتعلمون منه أمور دينهم.
علمه وإيمانه
بلغ السيد عبد العظيم مرتبة كبيرة في العلم حتى أصبح معتمد الأئمة عليهم السلام وثقتهم، وقد خوّلوه بالإجابة عنهم في مسائل الدين وأحكام الشرع وتفسير القرآن الكريم، فقد روى المحدث النوري عن أبي تراب الروياني قال: سمعت أبا حماد الرازي يقول: دخلت على علي بن محمد عليهما السلام بسر من رأى، فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني فيها، فلما ودعته قال لي: « يا حماد، إذا أشكل عليك شئ من أمر دينك بناحيتك، فسل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني، واقرأه مني السلام».(4) فكان الإمام الهادي عليه السلام ينيبه في الإجابة لثقته به، فنرى هنا عظمة وأهمية هجرة سيدنا عبد العظيم عليه السلام، حتى أصبح قدوة في نشر ثقافة الإسلام والعقائد الحقة الصحيحة.
ومما تقدم، تتضح فوائد الهجرة المثمرة، فذهب سيدنا عبد العظيم عليه السلام إلى منطقة كانت فيها أعداء أهل البيت عليهم السلام، ولكن ببركة وجوده ونشر ثقافة أهل البيت عليهم السلام استطاع أن يكون ضياء للمجتمع يستنير بهداه وصراط الحق الذي رسمته مفاهيم أهل البيت (ع) وعلومهم بسلوك هذا العالم الجليل، حتى أصحبت ري مركزا وملاذا لشيعة أهل البيت عليهم السلام.
1ـ مستدركات علم رجال الحديث: ج 4، ص 450.
2ـ مقاتل الطالبيين: ص 597.
3ـ رجال النجاشي: ص 248.
4ـ مستدرك وسائل الشيعة: ج 17، ص 321.
التعلیقات