حميدة المُصَفّاة زوجة الإمام الصادق عليه السلام
زهراء الكواظمة
منذ 3 سنواتمدة القراءة 4 دقائق
بعد شهادة الإمام الصادق عليه السلام اشتد حزن السيدة حميدة على إمامها قبل أن يكون زوجها، وما رأت منه إلا الحنان والسعادة، فكانت من بكائها عليه وحنينها تبكي الحاضرين، ومن جملتهم أبو بصير حيث يقول: بكيت لبكاء وحزن حميدة المصفاة على الإمام الصادق عليه السلام، عن أبي بصير قال: دخلت على حميدة أُعزّيها بأبي عبدالله عليه السلام، فبكت وبكيت لبكائها، ثمّ قالت: يا أبا محمّد، لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه، ثمّ قال: اجمعوا كلّ مَنْ بيني وبينه قرابة، قالت: فما تركنا أحداً إلاّ جمعناه، فنظر إليهم، ثم قال: إن شفاعتنا لا تنال مستخفّاً بالصلاة.(1)
- توبة الجارية في السجن على يد الإمام الكاظم عليه السلام
- أسماء بنت عميس المهاجرة مرتين
- مرضعة النبي صلى الله عليه وآله حليمة السعدية
عانى الإمام الصادق عليه السلام أشد المعاناة من هؤلاء الظالمين الذين تربصوا، وشمروا عن ساعديهم لاستئصاله واستئصال ذريته الطاهرة، وقد ضيقوا عليه كل السبل، حتى أنّهم تتبعوا وصاياه، وتعمدوا إلى قتل الوصي من بعده؛ فأخبر الإمام عليه السلام أصحابه المخلصين والمقربين بالحجة من بعده، وهو ابنه الكاظم عليه السلام سواء كان في حال ولادته أو بعدها. وقد أوهم على الساسة العباسيين ذلك، ولم يترك لهم سبيلاً لقتله، كما ورد ذلك عن أبي أيوب الجوزي قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي، وبين يديه شمعة، وفي يده كتاب، فلما سلمت رمى الكتاب إليّ، وهو يبكي، وقال: هذا كتاب محمد بن سليمان والي المدينة يخبرنا أنّ جعفر بن محمد قد مات؛ فانا لله وإنا إليه راجعون ثلاثاً وأين مثل جعفر، ثم قال لي اكتب، فكتبت صدر الكتاب، ثم قال اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه، واضرب عنقه. فرجع الجواب إليه أنّه أوصى إلى خمسة: أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله وموسى ابني جعفر، وحميدة، فقال المنصور ليس إلى قتل هؤلاء سبيل.(2)
وقد ذكر الإمام الصادق عليه السلام السيدة حميدة في جملة الأوصياء للدلالة على أنّها تحمل جملة من وصايا الإمام عليه السلام، والتي من جملتها أنها تعرف أنّ الحجة من بعده هو الإمام الكاظم عليه السلام، وأيضا كما هي كانت من وكلائه في حياته، وتوصل أفكاره وإرشاداته وغيرها إلى الناس، فكذلك هي من أوصيائه بعد وفاته، وتنشر وصاياه وهديه وأداء الحقوق وغيرها إلى عموم الناس.
فنلاحظ أنّه عليه السلام قرنها بابنه الكاظم عليه السلام، مع أنّه لم يذكر امرأة غيرها لا من زوجاته ولا من أقربائه، بالإضافة إلى أنّ ذكرها هنا لم يكن فيه دلالة على الإيهام كما هو الحال في ذكر الطرف الآخر؛ لأن الوصاية بالإمامة والقيادة من المسلمات أنّها للرجال دون النساء لاسيما في الأوساط العربية والعدو وغيره يعرف ذلك، فالمغزى من ذكرها هنا ليس إلا لبيان مكانتها وعظمتها وإشارة إلى ما تحمل من علوم ومعارف استقتها من منبع الحق، فكأنّه أرشد الناس إليها بعده في بيان كثير من الأمور ومن جملتها بيان الحجة من بعده، فذكرها هنا من قبل الإمام يحمل دلالة غير ما يحملها غيره من الذين أوصى بهم، حيث يمكن أنّ نقول الوصاية لها هنا ولابنها المعصوم عليه السلام حقيقة وفي غيرها للإيهام والله العالم. وأمّا ذكره المنصور واضح أنّه للإيهام وللحفاظ على الإمام من بعده كما حدث فعلاً، وإلا كيف يصح أن يجعل عدوه والذي أراد قتله عدة مرات وصياً له؛ فكل لبيب يعرف ذلك، بل ربما حتى العدو عرف ذلك لكن لم يجد سبيلاً لتعيينه الحجة من بعده.(3)
1ـ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص 228.
2ـ أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج1 ص677.
3ـ اُمَّهات الأئمة المعصومين عليهم السلام: ج 2، ص 102.
التعلیقات