يمكنك الزواج من هؤلاء النسوة
موقع ممهدات
منذ 10 سنوات«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ
وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا» (سورة الأحزاب، الآية: 50)
إن بعض مقاطع هذه السورة تبحث واجبات النبي(ص) والمؤمنين على طريقة اللف والنشر المرتب، ولذلك فبعد ذكر جانب من الأحكام المتعلقة بطلاق النساء، وجهت الخطاب هنا إلى النبي(ص)، وفصلت الموارد السبعة التي يجوز للنبي الزواج فيها من تلك النسوة:
1 - فقالت أولا: يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن.
والمراد من هؤلاء النساء -بقرينة الجمل التالية- النساء اللاتي لم يكن يرتبطن بالنبي(ص) برابطة قرابة وقد تزوجنه ، وربما كانت مسألة دفع المهر لهذا السبب، لأن العرف المتبع آنذاك هو أنهم كانوا يدفعون المهر نقدا عند زواجهم من الأجنبيات، إضافة إلى أفضلية التعجيل في هذا الدفع، وخاصة إذا كانت الزوجة بحاجة إليه. إلا أن هذا الأمر ليس من الواجبات على أي حال، إذ يمكن أن يبقى المهر دينا في ذمة الزوج إذا ما اتفق الطرفان على ذلك.
2 - وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك.
أفاء الله من مادة (الفيء)، وتقال للأموال التي يحصل عليها الإنسان بدون جهد ومشقة ، ولذلك يطلق (الفيء) على الغنائم الحربية، وكذلك الأنفال، وهي الثروات الطبيعية التي تعود إلى الحكومة الإسلامية ولا يملكها مالك بالخصوص.
يقول الراغب في مفرداته: الفيء بمعنى الرجوع إلى حالة محمودة، ومنه فاء الظل. (لحالة رجوع الظل) ثم قال: وقيل للغنيمة من دون مشقة فيء. قال بعضهم: سمي ذلك بالفيء تنبيها على أن أشرف أعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل.
صحيح أن الغنائم الحربية لا تنال في بعض الأحيان إلا بشق الأنفس وبذل الجهد المضني، إلا أن مشقتها أقل من مشقة تحصيل الأموال الأخرى.
وقد يطلق "الفيء" أحيانا على الأموال الطائلة التي يحصل عليها من خلال هجوم واحد. لكن من من نساء النبي يصدق عليها هذا الحكم؟ قال بعض المفسرين: إن إحدى نساء النبي وهي "مارية القبطية" -كانت من الغنائم، وكانت زوجتان أخريان- وهما "صفية" و"جويرية"- من الأنفال أعتقهما النبي(ص) ثم تزوجهما، وكان هذا الفعل بنفسه جزءا من خطة الإسلام العامة في تحرير العبيد التدريجي، وإرجاع الشخصية الإنسانية لهم.
3 - وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك.
وبهذا فإن اللاتي يحل للنبي الزواج منهن من بين جميع الأقارب: بنات العم والعمة، وبنات الخال والخالة، وبشرط أن يكن قد هاجرن مع النبي(ص). إن التحديد بهذه الفئات الأربع واضح، إلا أن شرط الهجرة من أجل أنها كانت دليلا على الإيمان في ذلك اليوم، وعدم الهجرة دليل على الكفر، أو لأن الهجرة تمنحهن امتيازا أكبر وفخرا أعظيم، والهدف من الآية هو بيان النساء الفاضلات المؤهلات لأن يصبحن زوجات للنبي(ص). وهل لهذه الفئات الأربع التي ذكرت كحكم كلي في الآية، مصداق خارجي من بين نساء النبي أم لا؟ إن المورد الوحيد الذي يمكن ذكره كمصداق هو زواجه(ص) بزينب بنت جحش، لأن زينب كانت بنت عمة النبي وكان "جحش" زوج عمته (1).
4 - وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي (من دون مهر) إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين.
أي أن هذا الحكم خاص للنبي(ص) ولا يشمل سائر المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم وبناء على هذا فإذا كنا قد حددنا بعض المسائل فيما يتعلق بالزواج من هؤلاء النسوة، فقد كان ذلك استنادا إلى مصلحة حاكمة في حياتك وحياتهن، ولم يكن أي من هذه الأحكام والمقررات اعتباطيا وبدون حساب. ثم تضيف الآية لئلا يكون عليك حرج وبالتالي ستكون قادرا على أداء المسؤوليات الملقاة على عاتقك في القيام بهذا الواجب وكان الله غفورا رحيم.
وفي مورد القسم الأخير -أي النساء اللاتي لا مهر لهن- ينبغي الالتفات إلى النقاط أدناه:
1 - لا شك أن جواز إتخاذ زوجة من دون مهر كان من مختصات النبي(ص) والآية صريحة في هذه المسألة، ولذلك فهي من مسلمات الفقه الإسلامي، وبناء على هذا فلا يحق لأي امرئ أن يتزوج امرأة بدون مهر، قل أم كثر، وحتى إذا لم يرد ذكر المهر أثناء إجراء صيغة العقد، ولم تكن هناك قرينة تعينه، فيجب أن يدفع مهر المثل، والمراد من مهر المثل: المهر الذي تجعله النساء اللاتي تشابهها في الأوصاف والخصوصيات لأنفسهن عادة.
2 - هناك بحث بين المفسرين في أنه هل لهذا الحكم الكلي مصداق في مورد زوجات النبي(ص) أم لا؟ يعتقد البعض -كابن عباس وبعض آخر من المفسرين- أن النبي(ص) لم يتزوج بأية امرأة على هذه الحال، وبناء على هذا فإن الحكم أعلاه كان إذنا عاما للنبي (ص) إلا أنه لم يطبق عمليا مطلقا. في حين أن آخرين ذكروا أسماء ثلاث أو أربع نسوة من زوجات النبي(ص) اللاتي تزوجهن بدون مهر، وهن: "ميمونة" بنت الحارث، و"زينب" بنت خزيمة، وكانتا من الأنصار، وامرأة من بني أسد، واسمها "أم شريك" بنت جابر، و"خولة" بنت حكيم.[...].
لا شك أن أمثال هؤلاء النسوة كن لا يطمعن إلا في الفخر المعنوي عن طريق الاقتران بالنبي(ص)، ولذلك كن على استعداد للزواج منه بدون أي مهر، إلا أن وجود مثل هذا المصداق للحكم أعلاه غير مسلم من الناحية التأريخية كما قلنا، بل المسلم أن الله سبحانه كان قد أذن لنبيه بذلك للغاية التي سنشير إليها فيما بعد.
3 - يستفاد من هذه الآية جيدا أن إجراء صيغة عقد الزواج بلفظ "الهبة" كان مختصا بالنبي(ص) فقط، ولا يستطيع أي فرد آخر أن يجري عقد الزواج بهذا اللفظ، ويجوز إجراء العقد بلفظ الزواج أو النكاح، حتى وإن لم يجر للمهر ذكر فيه، حيث يجب دفع مهر المثل عند عدم ذكر المهر كما قلنا آنفا، فكأنه في الحقيقة قد صرح بمهر المثل.
الهوامش:
1- ذكر بعض المفسرين وجوها أوردها "الفاضل المقداد" في كنز العرفان، في أنه لماذا ورد العم بصيغة المفرد والعمات بصيغة الجمع، وكذلك الخال بصيغة المفرد والخالات بصيغة الجمع، إلا أن أفضلها هو أن العم والخال يستعملان كاسم للجنس في لغة العرب، وليس كذلك العمات والخالات، وقد ذكر ابن العربي عرف أهل اللغة هذا (كنز العرفان، المجلد 2 ، ص 241). وقد رجح الآلوسي هذا الاحتمال في روح المعاني على كل الوجوه الأخرى.
التعلیقات