اليوم العالمي للغة الأم
السيد حيدر الجلالي
منذ 5 سنواتإنّ اللغة هي الأداة الأقوى التي تحفظ وتطوّر الثقافة والتراث، ويكون ذلك بشكل غير ملموس وغير مباشر، كما أنّها تساعد على تحقيق التضامن عند الشعوب المبنية على التفاهم والتسامح في المجتمع، فلذا عيّنت منظمة يونسكو يوماً خاصاً (21 شباط/فبراير) إجلالاً لتعزيز لغة الأمّ في العالم.
إن الوالدين هما الركن الأساس في تعليم اللغة للطفل، وأوّل ما يتعلّم الطفل هو لغة الأمّ فلا يمكنه أن يرتبط، ويتعايش مع الآخرين إلّا عن طريق اللغة التي يعلمها الأبوين، وبناء على هذا نرى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أكّد على احترامهما وإجلالهما عند التكلم والصحبة فيقول: >لاَ تَجْعَلَنَّ ذَرَبَ لِسَانِكَ عَلَى مَنْ أَنْطَقَكَ، وَبَلاَغَةَ قَوْلِكَ عَلَى مَنْ سَدَّدَكَ<(1)، فقول أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء تأكيداً على عدم استخدام اللسان الذي هو آلة التكلّم والنطق إلّا لبرّ الوالدين وعدم استخدامه بالحدّة والشدّة معهما؛ لأنّهما بنيا شخصيته، وقاما بتثقيفه من خلال تعليمهم، وفي مقدمته التكلّم.
وفي هذا المجال جاء الإسلام لكي يبيّن ويُعيّن بعض الثقافات والآداب الصحيحة وأكّد على بعضها تأكيداً كثيراً منها كيفية التكلّم مع مَن علّمه التكلّم، فقال: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}(2) فهنا يقول القرآن بأنّ مقام الأبوين عال جداً حيث يمنع الشخص بأن يقول لأبويه "أف" الذي هو ليس بكلام، بل هو بيان للإنزعاج من أمرٍ ما، وهو أقل شيء يمكن أن يصدر من الشخص عند عدم رضاه لشيء، فلم يغب عن نظر الإسلام كيفية تعامل الولد مع والديه خاصة إذا باتا عاجزين طاعنين في العمر، فأكّد على اللين معهما في الكلام حتى لو كانا غير مسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــ
- نهج البلاغة، الحكمة 408.
- أسراء: 23.
التعلیقات