ثواب السقاية (٣)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتونود الإشارة إلى موقف يكشف المُثل العالية التي يجسدها أهل البيت : في أحلك الظروف
، أنه لما أرسل عبيدالله بن زياد ( لعنة الله عليه ) قوة قتالية بقيادة الحر الرياحي لمضايقة الإمام الحسين عليهالسلام وأصحابه ومحاصرتهم وحملهم على الاستسلام ، وصلت هذه القوة المعادية بالقرب من قوات الإمام الحسين عليهالسلام في حالة يرثى لها من العطش ، وهنا تسجل عدسة التاريخ موقفاً نبيلاً للإمام الحسين عليهالسلام لابد من الإشارة إليه والإشادة به. قال الإمام الحسين عليهالسلام لفتيانه : « اسقوا القوم وارووهم من الماء ، ورشِّفوا الخيل ترشيفاً ، ففعلوا وأقبلوا يملؤون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس ، فإذا عب فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت عنه وسقوا آخر ، حتى سقوها كلها. فقال علي بن الطعان المحاربي : كنت مع الحر يومئذ ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه ، فلما رأى الحسين عليهالسلام مابي وبفرسي من العطش ، قال : أنِخ الراوية والراوية عندي السقاء ، ثم قال : يا ابن أخي أنخ الجمل ، فأنخته فقال : اشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين عليهالسلام اخنث السقاء » أي اعطفه ، فلم أدر كيف أفعل ، فقام فخنثه فشربت وسقيت فرسي (١).
وفي صورة مقابلة نجد الموقف الشائن وغير الشريف الذي جسده عبيد الله بن زياد الكذّاب وابن الكذّاب واللعين ابن اللعين وجنده لعنهم الله حينما منعوا الإمام الحسين عليهالسلام وعياله وأصحابه من الماء ، يقول الرّواة أنه لما اشتد العطش بالإمام الحسين عليهالسلام ركب المسناة يريد الفرات والعباس عليهالسلام أخوه بين يديه ، فاعترضته خيل ابن سعد لعنه الله ، فرمى رجل من بني دارم قبّحه الله الإمام الحسين عليهالسلام بسهم فأثبته في حنكه الشريف ، فانتزع عليهالسلام السهم وبسط يديه تحت حنكه الشريف ، حتى امتلأت راحتاه من الدم ثم رمى به وقال : « اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك » (2). بالمقارنة بين الموقفين تتكشف لنا عظمة مدرسة أهل البيت : وأخلاقها ومثاليّتها مقابل المدرسة الأموية البغيضة التي أُسِّست على جرف هار فانهار بها وبقادتها لعنهم الله في نار جهنّم ، وبئس المصير.
***************************
(١) الارشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٧٨ ، دار المفيد ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهالسلام لتحقيق التراث.
(2) اللهوف في قتلى الطفوف / السيد ابن طاووس : ٧٠ ، ط ١ ـ ١٤١٧ ه ، مطبعة مهر.
التعلیقات