طبائع النساء
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتلقد كشف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ومن خلال
أحاديث كثيرة في هذا المجال عن طبائع النساء المختلفة ، وذلك لتنمية وعي الشباب وتعميق خبرتهم لاختيار الأنسب والأفضل منهنَّ.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا أُخبركم بخير نسائكم؟ قالوا بلى. قال : إنَّ خير نسائكم الولود الودود الستيرة العفيفة ، العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرّجة مع زوجها الحصان عن غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تتبذّل له تبذّل الرجل » (1).
وفي هذا الصدد يقول الإمام الباقر عليه السلام : « النساء أربعة أصناف : فمنهنَّ ربيع مربّع ، ومنهن جامع مجمّع ، ومنهن كرب مقمّع ، ومنهن غلّ قمّل.
فأما الربيع المربّع : فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، والجامع المجمّع : الكثيرة الخير المحصنة ، والكرب المقمّع : السيئة الخلق مع زوجها ، وغلّ قمّل : هي التي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غلّ من جلد يقع فيه القمل فيأكله ، فلا يتهيأ أن يحلّ منه شيئاً ، وهو مثل للعرب » (2).
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال : « هنَّ ثلاث : فامرأة ولودٌ ، ودود ، تعين زوجها على دهره ، وتساعده على دنياه وآخرته ، ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خُلق ولا تعين زوجها على خير ، وامرأة صخّابة ، ولاّجة ، خرّاجة ، همّازة ، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير » (3).
وفي هذا الاطار يلفت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنظارنا إلى قضية جوهرية لابدّ أن تستحضر في الذهن عند الاختيار ، وذلك في قوله عليه السلام : « خيار خصال النساء شرار خصال الرجال : الزهو ، والجبن ، والبخل ، فإذا كانت المرأة مزهوّة لم تمكّن من نفسها ، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها ، وإذا كانت جبانة فرَقت من كلِّ شيءٍ يعرض لها » (4).
وهكذا نجد أنّ أهل البيت عليهم السلام يؤكدون على ضرورة الاختيار الحر والواعي لشريكة العمر ، ومن خلال استقراء الآيات والروايات الواردة حول مواصفات الزوجة الصالحة ، وجدنا بالإمكان تصنيفها إلى قسمين رئيسين :
أ ـ مواصفات دينية ومعنوية :
إنَّ من الأهمية بمكان أن تكون الزوجة ذات دين يعصمها عن الخطأ والخطيئة ، ويزرع في وعيها العقيدة الصحيحة والآداب السامية التي ستنقلها بدورها إلى أبنائها ، ولأجل ذلك حرم الإسلام الزواج من المشركات ، قال تعالى : ( ولا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حتى يُؤمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤمِنةٌ خَيْرٌ مِن مُشرِكَةٍ ولَو أعجَبَتكُم ) (5).
ولأجل أنّ الدين له مدخلية كبرى في استقامة الزوجة ، أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشباب بأن لا ينظروا بعين الشهوة والطمع لمن يرغبون الاقتران بها كأن يركّزون على جمالها ومالها ، بل عليهم في المقام الأول أن ينظروا إلى دينها وتدينها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تنكح المرأة على أربع خلال : على مالها ، وعلى دينها ، وعلى جمالها ، وعلى حسبها ونسبها ، فعليك بذات الدين » (6). وقال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً : « من تزوج امرأة لا يتزوّجها إلاّ لجمالها لم يرَ فيها ما يحبّ ، ومن تزوّجها لمالها لا يتزوّجها إلاّ وكّله الله إليه ، فعليكم بذات الدين » (27).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تتزوجوا النساء لحسنهنَّ ، فعسى حسنهنَّ أن يرديهنَّ ، ولا تتزوجوهنَّ لأموالهن فعسى أموالهنَّ أن تطغيهنَّ ، ولكن تزوجوهنَّ على الدين » (8).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إذا تزوج الرّجل المرأة لمالها أو جمالها لم يُرزق ذلك ، فإن تزوجها لدينها رزقه الله جمالها ومالها » (9).
ومن المسائل المعنوية التي تتطلب الاشارة في هذا المقام والأخذ بنظر الاعتبار ، هي مسألة النسب والحسب فإنه لا نزاع في أنَّ للنسب دوراً خطيراً في بناء شخصية الإنسان وإرساء دعائمها الأساسية.
إنَّ كثيراً من الصفات المعنوية والجسدية يرثها الإنسان عن آبائه وأخواله وأجداده وهي تتحكم في رسم معالم شخصيته ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تخيّروا لنطفكم ، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهنَّ وأخواتهنَّ » (10).
وفي هذا الصدد قال الإمام الصادق عليه السلام : « تزوَّجوا في الحجز الصالح ، فإنَّ العرق دسّاس » (11).
ممّا تقدّم يتّضح لنا أنّ الاقتران بذات الدين هو قطب الرحى في توجهات القرآن والسُنّة ، وذلك لإرساء أُسس متينة تقوم عليها الحياة الاُسرية ، وبدون ذلك يصبح البناء الاُسري متزلزلاً كالبناء فوق رمال متحركة ، وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام : « أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره في النكاح ، فقال : نعم إنكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك » (12).
ولابدّ من التنويه على أنّ المراد من كون الزوجة ذات دين بإطلاقه ، قد يشمل بإطلاقه الكتابية فقد ( اتفقت مذاهب السُنّة الأربعة على صحة الزواج من الكتابية ، واختلف فقهاء الشيعة فيما بينهم ، فقال أكثرهم : لا يجوز للمسلم أن يتزوج اليهودية والنصرانية ، وقال جماعة من كبارهم ، منهم الشيخ محمد حسن في الجواهر ، والشهيد الثاني في المسالك ، والسيد أبو الحسن في الوسيلة بالجواز ) (13).
ومهما يكن الأمر ، فإن الذي لاشكّ فيه هو تفضيل الزوجة المسلمة ؛ لأنّ الإسلام هو أكمل الأديان ، ويحصن المرأة عقائدياً وسلوكياً ، ويؤهلها للدخول إلى عش الزوجية ، ويوجب عليها طاعة زوجها وعدم خيانته في عرضه وماله ، فعن أبي عبدالله عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسرّه إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله » (14).
ومن المؤكد أنّ مجرد الإسلام لا يكفي بدون الصلاح ، فكثير من المسلمات غير الملتزمات يضربن بتعاليم الإسلام السمحة عرض الحائط عند عدم انسجامها مع رغباتهن الجامحة أو عند تصادمها مع مصالحهن. وعليه فمن الأهمية بمكان اختيار الزوجة المسلمة الصالحة فهي التي تصنع للزوج اكليل سعادته.
ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من سعادة المرء الزوجة الصالحة » (15).
وصفوة القول أنّ الإسلام يرشد الشاب أن يتبع ميزاناً معيارياً يرجّح فيه الصفات المعنوية كالدين والصلاح عند اختيار الزوجة ، قال تعالى : ( وانكِحُوا الأيامَى مِنكُم والصَّالِحينَ مِن عِبادِكُم وإمائكُم .. ) (16).
__________________
1) مكارم الأخلاق : 200.
2) مكارم الأخلاق : 198. ومن لا يحضره الفقيه 3 : 244.
3) من لا يحضره الفقيه 3 : 244 باب أصناف النساء.
4) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : 509 / الحكمة 234.
5) سورة البقرة : 2 / 221.
6) كنز العمال 16 : 303 / 44602.
7) روضة الواعضين ، للفتال النيسابوري : 374 منشورات الرضي ـ قم.
8) كنز العمال 16 : 292 / 44537.
9) من لا يحضره الفقيه 3 : 248 باب الوصية بالنساء.
10) كنز العمال 16 : 295 / 44557.
11) مكارم الاخلاق : 197.
12) وسائل الشيعة 14 : 21 باب استحباب اختيار الزوجة الصالحة.
13) التفسير الكاشف / الشيخ محمد جواد مغنية 1 : 334.
14) وسائل الشيعة 14 : 23 باب استحباب اختيار الزوجة الصالحة.
15) وسائل الشيعة 14 : 23.
16) سورة النور : 24 / 32.
التعلیقات