الوعي بالحقوق الزوجية
الشيخ حسن الصفار
منذ 16 سنةإن تشريع الحقوق المتبادلة والمناسبة بين الزوجين، في نظام الاجتماع الإسلامي، يشكل الأساس الرصين، والقاعدة الصلبة، لبناء صرح العلاقة السليمة بينهما، ولإقامة حياة أسرية طيبة.
حيث لم يترك التشريع الإسلامي سفينة العلاقات الزوجية، لرياح العاطفة والمزاج الذاتي، ولا لأمواج العادات والتقاليد غير العادلة. بل شرّع ضوابط وحدوداً واضحة للعلاقة بين الزوجين، وحذّر من تعدّيها وتجاوزها، ففي آيتين متتاليتين من سورة البقرة، يتحدث القرآن الكريم عن هذه الضوابط، تحت عنوان (حدود الله)، ويكرر هذا العنوان لها ست مرات في الآيتين الكريمتين. يقول تعالى: (إلاّ أن يخافا ألاّ يقيما حدود اللّه فإن خفتم ألاّ يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود اللّه فلا تعتدوها ومن يتعدّ حدود اللّه فأولئك هم الظّالمون). وفي الآية التي تليها يقول تعالى: ( إن ظنّا أن يقيما حدود اللّه وتلك حدود اللّه يبيّنها لقومٍ يعلمون ).
ثم إن الإسلام لم يجعل الحقوق الزوجية إمتيازاً ولا سلاحاً بيد أحد الطرفين، بل هي حقوق متبادلة متوازنة بينهما، يقول تعالى: ( ولهنّ مثل الّذي عليهنّ بالمعروف ). حيث لم يترك التشريع الإسلامي سفينة العلاقات الزوجية، لرياح العاطفة والمزاج الذاتي، ولا لأمواج العادات والتقاليد غير العادلة. بل شرّع ضوابط وحدوداً واضحة للعلاقة بين الزوجين، وحذّر من تعدّيها وتجاوزها، ففي آيتين متتاليتين من سورة البقرة، يتحدث القرآن الكريم عن هذه الضوابط، تحت عنوان (حدود الله)، ويكرر هذا العنوان لها ست مرات في الآيتين الكريمتين. يقول تعالى: (إلاّ أن يخافا ألاّ يقيما حدود اللّه فإن خفتم ألاّ يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود اللّه فلا تعتدوها ومن يتعدّ حدود اللّه فأولئك هم الظّالمون). وفي الآية التي تليها يقول تعالى: ( إن ظنّا أن يقيما حدود اللّه وتلك حدود اللّه يبيّنها لقومٍ يعلمون ).
والمماثلة هنا (مثل الّذي عليهنّ) لا تعني المشابهة والمطابقة في نوع الحقوق، وتفاصيلها، فكل حق على أحدهما، يكون بذاته حقاً على الآخر، وبنفس القدر، كلا، لأن هناك شيئاً من الاختلاف في طبيعة دور كل منهما في الحياة الزوجية، يستلزم نوعاً من التغاير في الوظائف والحقوق، فالنفقة حق للمرأة على الرجل، وليس له عليها حق الإنفاق، وخروجها من البيت يحتاج إلى إذنه، (ضمن تفصيل) بينما ليس لها عليه مثل هذا الحق. إن المماثلة إذاً تعني المقابلة والمشابهة في أصل وجود الإلتزام بحقوق من كل طرف تجاه الآخر، وهي متوازنة متكافئة، لكنها متغايرة في بعض الجوانب والتفاصيل.
إن تشريع الحقوق الزوجية هو بمثابة تصميم لخريطة البناء الأسري، لكن هذه الخريطة مهما كانت رائعة في هندستها وتصميمها ستبقى حبراً على ورق، إن لم تتوافر إرادة التنفيذ والإلتزام بتلك الحقوق، على الصعيد الفعلي، في العلاقة بين الزوجين.
وملحوظ حصول كثير من التجاوزات والتعديات على الحقوق الزوجية في مجتمعاتنا، وما ارتفاع نسبة الطلاق، وكثافة قضايا الخلافات العائلية في المحاكم، إلاّ مؤشر على وجود تلك التجاوزات والتعديات.
فلا بد من تفعيل ضمانات الالتزام، وبرامج حماية الحقوق الزوجية، لتوفير أجواء التوافق الزواجي، وأرضية الانسجام والسعادة، ولوقاية العلاقات الأسرية من التصدع والانهيار.
ومن أهم ضمانات الإلتزام بالحقوق الزوجية، معرفتها والوعي بها من قبل الطرفين، حيث نلحظ أن كثيراً من الأزواج يجهل الالتزامات المتوجبة عليه، ويتصور أن له على زوجه حقوقاً لم يفرضها الشارع المقدس، ونتيجة لهذا الجهل والتصورات غير الصحيحة، تحدث المشاكل والأزمات العائلية.
فمثلاً: يعتقد بعض الأزواج، أن الخدمة المنزلية حق على الزوجة، فيغضب إذا قصرت أو تقاعست عن بعض الخدمات، كالطبخ والغسل، و رعاية شؤون الأطفال، وقد يتخذ إجراءً لمحاسبتها ومعاقبتها، إعتقاداً منه أنها أخلّت بواجب عليها.
كما أن بعض الزوجات، ترى أن على زوجها تلبية كل رغباتها، خاصة في مجال التسوق ومتابعة موضات الأزياء والكماليات، وامتناع الزوج عن ذلك تعتبره تقصيراً تجاه حقوقها!!
وأكثرهن يعتبرن تفكير الزوج في الاقتران بزوجة أخرى، وإقدامه على ذلك، خيانة وذنباً لا يغتفر، ويصبح مبرراً للتمرد على حقوق الزوج، والتخلي عن كل التزام تجاهه.
إن هذه التصورات والممارسات، تكشف في كثير من الأحيان، عدم المعرفة والوضوح في قضايا الحقوق الزوجية، بينما يريد الله تعالى بيانها ووضوحها للناس كما تشير الآية الكريمة: ( وتلك حدود اللّه يبيّنها لقومٍ يعلمون).
التعلیقات