عناية الإسلام بالجانب الأخلاقي بين الزوجـين (٢)
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتجـ ـ تجنب القذف :
إنَّ الطعن في شرف أحد الزوجين ، ومهما كانت أسبابه ، هو أسلوب خسيس وذنب كبير ، أوجب الله تعالى على فاعله الحدّ في الدّنيا ، والعذاب الشديد في الآخرة ، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « .. ومن رمى محصناً أو محصنة أحبط الله عمله ، وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه ، وتنهش لحمه حيّات وعقارب ، ثمَّ يؤمر به إلى النّار » (
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّ : « قذف المحصنات من الكبائر ؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول : ( لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ) .. » (2)
والملاحظ أن الإسلام تشدد في مسألة الأعراض كما تشدد في مسألة الدماء ، ومن مصاديق ذلك أن القاذف الذي لم يأتِ بأربعة شهود ، أو لم يصرّح بصيغة اللعان إذا كان من الزوجين ، فسوف يتعرض للجلد الشديد ، ولا يتمكن من إسقاطه عن نفسه ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام يقذف امرأته قال : « يجلد ». قلت : أرأيت إن عفّت عنه؟ قال : « لا ، ولا كرامة » (3).
د ـ تجنب الغيرة :
الغيرة من الأسباب التي تدعو إلى تنغيص الحياة الزوجية ، وتعكير صفوها ، لذلك لم يغفل الدين الإسلامي في توجهاته الأخلاقية عن هذه القضية ، فهو يدعو المرأة إلى تجنب الغيرة وخاصة تلك التي تستند الى الأوهام والظنون السيئة أو التي تنطلق من بواعث نفسية ذاتية قد تكون من باب سوء الظن أو الحسد وتؤدي بالنتيجة إلى الحاق الضرر بعلاقتها مع زوجها ، وفي هذا الصدد يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : « غيرة المرأة كفر » (4).
ويرى الإمام الباقر عليه السلام وفق نظرة معرفية ثاقبة أنّ : « غيرة النساء الحسد ، والحسد هو أصل الكفر ، إنَّ النساء إذا غرن غضبن ، وإذا غضبن كفرن ، إلاّ المسلمات منهن » (5).
وقد دلّنا الإمام الصادق عليه السلام على معيار معنوي نميّز من خلاله المرأة المتكاملة عن سواها ، وذلك من خلال إثارة غيرتها ، فعن خالد القلانسي قال : ذكر رجل لأبي عبدالله عليه السلام امرأته فأحسن عليها الثناء ، فقال له أبو عبدالله عليه السلام : « أغرتها؟ قال : لا ، قال : فأغرها. فأغارها فثبتت ، فقال لأبي عبدالله عليه السلام : إنّي أغرتها فثبتت ، فقال : هي كما تقول » (6).
وبالمقابل فإنّ الإسلام ينمي في الرجل خصلة الغيرة إذا كانت على عرضه وسمعة عائلته وكرامتها ، ير المؤمنين عليه السلام : « غيرة الرجل إيمان » (7) ومع ذلك فانه يحثه على تجنب الغيرة في غير موضعها ؛ لأنها قد تؤدي بالمرأة إلى الاعجاب والكبر وغيرهما من الخصال الذميمة ، يا أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الامام الحسن عليه السلام : « .. وإياك والتغاير في غير موضع غيرة ، فإنَّ ذلك يدعو الصحيحة منهنَّ إلى السقم .. » (8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) عقاب الاعمال ، الصدوق : 335.
2) علل الشرائع : 480 / 2 باب 231 العلة التي من أجلها حرم قذف المحصنات.
3) من لا يحضره الفقيه 4 : 34 / 1 باب 10 دار صعب ط 1401 هـ.
4) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : 491 حكمة 124.
5) فروع الكافي 5 : 505 باب غيرة النساء من كتاب النكاح.
6) فروع الكافي 5 : 504.
7) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : 491 حكم 124.
8) تحف العقول : 87.
التعلیقات