عناية الإسلام بمراحل نشوء الطفل ونموّه (ثالثاً : مرحلة الرضاع والحضانة )
عبّاس الذهبي
2024 Sep 20وهي من المراحل المهمة في حياة الطفل إذ يحتاج فيها إلى عناية فائقة ، فهو يولد
ضعيفاً لا حول له ولا قوة ، ويعتمد على والديه وخاصة أمه في الحصول على غذائه وتنظيف بدنه ولباسه ، وسد حاجاته الاُخرى.
ويعتبر حليب الاُمّ أفضل غذاء كامل للطفل في الأشهر الاُولى من حياته ، لاحتوائه على المواد الضرورية للنمو والمناعة من الأمراض ، ثم إنّ الاُمّ تزوّد وليدها عند الرضاع بغذاء معنويّ لابدّ منه لنموه الروحي ، ألا وهو الحنان والدفء العاطفي الذي تُسبغه عليه عند إرضاعه وحضانته.
ومن أجل ذلك أكدت الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام على أهمية إرضاع الاُمّ لوليدها ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « ما من لبن يرضع به الصبيّ أعظم عليه من لبن أُمّه » (١).
وفي حالة عدم تمكن الاُم من الإرضاع ـ لسبب ما ـ يتوجب على الأب أن ينتخب امرأة صالحة تشرف على ارضاعه ، قال الإمام علي عليه السلام : « انظروا من ترضع أولادكم ، فان الولد يشبُّ عليه » (٢). ويتطلّب أن تتوفر في المرضعة مواصفات حددتها الروايات ، ويمكننا تصنيفها إلى ما يلي :
أ ـ مواصفات جسمية :
كأن تكون حسنة الهيئة ، الإمام الباقر عليه السلام : « استرضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك والقباح فان اللبن قد يعدي » (٣).
ب ـ مواصفات عقلية :
قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تسترضعوا الحمقاء ، فإن الولد يشبُّ عليه » (٤).
كما ورد النهي عن استرضاع المجنونة على ما سيأتي.
جـ ـ مواصفات دينية :
إذ نلاحظ أن الشريعة الإسلامية أكدت على كون المرضعة مسلمة صالحة ، وفي حال تعذّر ذلك فقد جوّزت استرضاع المرأة الكتابية ، ولكن بشرط منعها من شرب الخمر ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « إذا أرضعن لكم ، فامنعوهنَّ من شرب الخمر » (٥).
د ـ مواصفات أخلاقية :
فقد نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من استرضاع المرأة البغية لما له من آثار سلبية على مستقبل الطفل ونشأته ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « توقوا على أولادكم من لبن البغية ، والمجنونة فإن اللبن يعدي » (٦).
وقال الإمام الباقر عليه السلام : « لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحبُّ إليَّ من لبن ولد الزنا » (٧).
وعمّم الإمام الصادق عليه السلام هذا النهي ليشمل ابنة الزانية أيضا ، قال « لاتسترضعها ولا ابنتها » (٨).
هـ ـ مدة الرضاعة :
لقد حدد القرآن الكريم مدة الرضاعة بسنتين ، قال تعالى : ( والوالداتُ يُرضِعنَ أولادهُنَّ حولين كاملين لمن أرادَ أن يتمَّ الرَّضاعة .. ) (٩).
____________________
١) الكافي ٦ : ٤٠ / ١ باب الرضاع.
٢) الكافي ٦ : ٤٤ / ١ من يكره لبنه ومن لا يكره.
٣) الكافي ٦ : ٤٤ / ١٢.
٤) مكارم الأخلاق : ٢٣٧.
٥) الكافي ٦ : ٤٢ / ٣ باب من يكره لبنه ومن لا يكره.
٦) مكارم الأخلاق : ٢٢٣ في فضل الأولاد.
٧) الكافي ٦ : ٤٢ / ٥ باب من يكره لبنه ومن لا يكره.
٨) الكافي ٦ : ٤٢ / ١.
٩) سورة البقرة ٢ : ٢٣٣.
التعلیقات