الانفاق من مميزات المؤمنين
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنواتيختلف لسان الآيات بالنسبة لبيان نوعية الجزاء فهي تارة : تذكر الجزاء ولا ذكر
فيه للجنة.
وأخرى : تذكر الجنة وتبشر المنفق بأنها جزاؤه.
وما ذكر فيه الجنة أيضاً جاء على قسمين :
فمرة : نرى الآية تقتصر على ذكر الجنة جزاء.
وثانية : تحبب إلى المنفق عمله فتذكر الجنة وما فيها من مظاهر تشتاق لها النفس كالانهار والاشجار وما شاكل.
ومن الاجمال إلى التفصيل :
يقول سبحانه :
( إنما المؤمنونَ الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وجلَتْ قلوبُهُم وإذا تليَتْ عليهِم آياتُهُ زادتهُم إيماناً وعلى ربِّهِم يتوكَّلُون * الذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفِقون * أولئِكَ هُمُ المؤمنونَ حقّاً لهم درجاتٌ عندَ ربِّهِم ومغفرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ) (١).
( إنما المؤمنون ) إنما أداة حصر تفيد أن ما بعدها هم المؤمنون هؤلاء الذين عددت الآية الكريمة صفاتهم وهم الذين جمعوا هذه الصفات.
وكانت صفة الانفاق من جملة مميزات المؤمنين وصفاتهم التي بها نالوا هذا التأكيد من الله سبحانه بقوله :( أولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حقّاً ) (٢).
أما ما أعد لهم من جزاء فهو :
( درجات عند ربهم ) وهي الحسنات التي استحقوا بها تلك المراتب العالية.
( ومغفرة ) لذنوبهم من غير حساب على ما فعلوه في هذه الدنيا من مخالفات.
( ورزق كريم ) : وهو رزق لا يصيبه ضرر ولا يخاف من نقصانه لأنه من الله جلت عظمته ، وما كان من الله ينمو وتكون فيه البركة فهو رزق طيب ومن كريم.
وفي آية كريمة أخرى يقول عز وجل :
( إنّ المسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ والقانتينَ والقانتاتِ والصّادقينَ والصّادقاتِ والصّابرينَ والصّابراتِ والخاشعينَ والخاشعاتِ والمُتصدّقينَ والمُتصدّقاتِ ـ إلى قوله تعالى ـ أعدَّ اللهُ لهم مغفرةً وأجراً عظيماً ) (3).
( والمتصدقين والمتصدقات ).
هؤلاء من جملة من أعد الله لهم المغفرة والأجر العظيم جزاء على هذه الصفة وهذا الشعور التعاطفي بالنحو على الضعيف.
وأما الأيات التي ذكرت الجنة جزاء للمنفق فمنها قوله تعالى :
( أفمن يعلمُ أنّما أُنزلَ إليكَ من ربّكَ الحقُّ كمن هو أعمَى إنّما يتذكّرُ أولُوا الألبابِ * الّذينَ يُوفُونَ بعهدِ اللهِ ولا يُنقضُونَ الميثاقَ * والّذين يصلُونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أنْ يوصَلَ ويخشونَ ربّهم ويَخافونَ سوءَ الحساب * والّذينَ صَبَرُوا ابتغاءَ وجهِ ربّهم وأقامُوا الصّلاة وأنفَقُوا ممّا رزقناهُم سرّاً وعلانِيَةً ويدْرَءُونَ بالحَسَنَةِ السّيِّئَةَ أولئك لهم عقبى الدّارِ * جنّاُت عدنٍ يَدخلونَهَا ) (4).
يقف الإنسان عند هذه الآيات وهو يرتلها بخشوع ليلحظ من خلالها إنها فرقت بين صنفين من الناس كافر ، ومؤمن ، وقد وصفت الكافر أنه ( أعمى ) لا يتذكر ولا ينفع معه شيء.
*************************
(١) سورة الانفال / آية : ٢ ـ ٤.
(٢) سورة الانفال / آية : ٤ و ٧٤.
(3) سورة الأحزاب / آية : ٣٥.
(4) سورة الرعد / آية : ١٩ ـ ٢٣.
التعلیقات