الدرجة الرفيعة للمنفقين
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنوات( قل أؤنبّئكُم بخيرٍ من ذلكم للذينَ اتّقَوا عند ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدينَ فيها
وأزواجٌ مطهّرة ورضوانٌ من الله والله بصير بالعبادِ * الذين يقولونَ ربنا إننا آمنا فأغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار * الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ) (١).
تعرضت في هذه الآية الكريمة الاشادة بالمنفقين والأخذ بيدهم إلى الدرجة الرفيعة التي ينالها عباد الله المتقون تقول الآية الكريمة :
( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم ـ إلى قوله ـ الذين يقولون ربنا إننا آمنا فأغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار * الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ).
هؤلاء المؤمنون الذين يتمتعون بجنات ربهم وهم الذين يخشونه ويتوجهون إليه بقلوب مفعمة بالإيمان وبألسنة رطبة بذكر الله يرددون ويلهجون متضرعين يقولون : ( ربنا اننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ).
وهؤلاء هم وقد وصفتهم الآية :
ب ( الصابرين ) :
على البلاء يمتحنهم الله في هذه الدنيا لتهذيب نفوسهم وصقلها ليكونوا قدوة لغيرهم ومثالاً للإيمان الراسخ والعقيدة الثابتة.
( والصادقين ) :
لأنهم عرفوا أن الكذب منقصة للنفس وخيانة في حق الآخرين فتركوه.
( والقانتين ) :
وهم المطيعون لربهم تعلقوا به واخلصوا له العبودية فكانوا قانتين.
( والمنفقين ) :
مما آتاهم الله ورزقهم أداءاً لحقه وشكراً على ما أنعم عليهم ورعاية الحق هؤلاء المحرومين.
( والمستغفرين بالأسحار ) :
وهو الوقت الذي يخلو به الحبيب لحبيبه يقومون بين يدي الله إذا جنهم الليل متجهين بقلوب مملوءة بالإيمان يستغفرونه ، ويسبحونه.
يقول : في وصفهم أمير المؤمنين عليهالسلام :
« أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً يُحزِنُونَ بِهِ أنفسهم ويستثيرون بِهِ دواء دائهم فأذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً وظنوا أنها نصب أعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامعهم مع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إلى الله فكاك رقابهم » (2).
هؤلاء المؤمنون ، وهم المنفقون لأموالهم في سبيل الله وطبيعي أن يكون جزاؤهم من الله جنات تجري من تجتها الأنهار خالدين فيها وأزواجاً مطهرة ويظلل كل ذلك رضوان من الله وهو غايتهم من الله وهو غايتهم في الدنيا والآخرة.
*****************************
(١) سورة آل عمران / آية : ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.
(2) من خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام : في نهج البلاغة قالها في وصف المتقين.
التعلیقات