الإنفاق مما تحبون
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنواتومن الإنفاق من الطيب ينتقل القرآن الكريم إلى توجيه جديد يوجه
به المنفقين إلى مرحلة يربط فيها بين المنفقين والمحتاجين بشكل أكد مما سبق حيث يجعل من الآيتين شخصاً واحداً على نحو يفكر الغني بالفقير كما لو يفكر بنفسه فيختار له ما يختاره لها ويجنبه مما لا يرغب فيه يقول سبحانه :
( لن تنالُوا البرَّ حتّى تنفقُوا ممّا تحبّوُن وما تنفقُوا من شيءٍ فإنَّ اللهَ بهِ عليمٌ ) (١).
البر هو فعل الخير ، أو التوسع في فعل الخير ، ومن خلال هذه الآية تتجلى روعة التوجيه حيث أغلقت في وجه المنفق طريق الوصول لينهل منها إلا إذا كان شعوره بحاجة أخيه المسلم كشعوره بنفسه وما يعاف منه لا يريده له ، وما رغب فيه يريد تماماً كما يقول الحديث :
« حب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك ».
وهذه هي الوحدة التي تجعل من أفراد المجتمع صفاً واحداً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وبهذا النوع من الانصهار بين الطرفين المنفق والفقير تسود روح التعاون بينهما فينظر الغني إلى الفقير نظرة الأخ إلى أخيه فيحب له ما يحبه لنفسه ، وكذلك الفقير ينظر إلى الغني نظر المنعم إليه فيتربص الفرصة ليرد الجميل إليه.
« وقد روي عن الطفيل قال إن أمير المؤمنين عليهالسلام اشترى فأعجبه فتصدق به وقال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة بالجنة ، ومن أحب شيئاً فجعله لله. قال الله تعالى يوم القيامة قد كان العباد يكافؤن فيما بينهم بالمعروف وأنا أكافيك اليوم بالجنة » (2).
وقد تصدق الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام بالسكر على الفقير فقيل له :
« أتتصدق بالسكر ؟ قال : نعم إنه ليس أحب إلي منه وأنا أحبُ أن أتصدق بأحب الأشياء إلي » (3).
*****************************
(١) سورة آل عمران / آية : ٩٢.
(2) مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية (٩٢) من آل عمران.
(3) وسائل الشيعة ـ ٦ / ٣٣٠.
التعلیقات