الطاعة وأثرها في تربية الطفل
مجلة الزهراء سلام الله عليها
منذ 8 سنوات
يقصد بالطاعة الخضوع لسلطة معينة، واطاعة ما تأمر به هذه السلطة، وقد تكون سلطة القانون، او سلطة الوالدين او سلطة الرئاسة من اي نوع. وطالما ان هناك افراداً في مركز السلطة والمسؤولية، فعادة ما يتخذون القرارات ويصدرون الاوامر التي يجب اطاعتها وتنفيذها.
وقد ذكرت الطاعة كثيراً في القرآن الكريم وخاصة الطاعة لله سبحانه وتعالى ورسوله: (واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واطيعوا الله ورسوله).
وقد نهى القرآن الكريم في مواقع كثيرة عن طاعة الكفار والمنافقين مثل ما جاء في قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين
).
وقد حدد القرآن الكريم حدود الطاعة بالنسبة للابناء في علاقاتهم بالآباء، فطاعة الآباء واجبة على الابناء وفاءً لهم واكراماً لما بذلوه من جهد وما عانوه من مشقة في سبيل رعاية هؤلاء الابناء وتربيتهم وتنشئتهم نشأة صالحة. ولكن طاعة الابناء للأباء ليست مطلقة. فهذه الطاعة ليست مطلوبة من الابناء اذا كان فيها خروجاً عن طاعة الله او تعدياً على حدوده كما جاء في قوله تعالى: (وإن جاهداك على ان تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) .
الطاعة في المجتمعات الانسانية
ان اي مجتمع سواء كان بدائياً او متحضراً لا غنى له عن وضع بعض النظم والقواعد والتقاليد ليسير عليها افراده وتختلف نوعية هذه القواعد باختلاف المجتمع السائد ومدى تقدمه والشوط الحضاري الذي قطعه.
ومجتمع الاسرة مجتمع صغير يشبه المجتمع الكبير من ناحية سيادة سلطة معينة فيه ونظام معين يحدد سلوك اعضائه. والسلطة السائدة في الاسرة هي سلطة الوالدين، وهنا يمكننا ان نطرح سؤالاً: الى اي حد تكون طاعة الابناء لأوامر الآباء؟ والى اي حد تسمح للأبناء بمناقشة هذه الاوامر، والاجابة على التساؤل تتوقف على واقع الجو الذي يسود الاسرة، هل هو جو ديمقراطي أو جو استبدادي.
كيف نجعل للطاعة قيمة تربوية؟
حتى نجعل للطاعة قيمة تربوية بالنسبة لاطفالنا، لابد من توافر الامور التالية:
1 ـ أولاً ـ الصراحة :
ان العلاقة بين الآباء والابناء يجب ان تسودها الصراحة، فالطفل اذا لم يكن مقتنعاً بأمر من الاوامر، يستطيع ان يصارح والديه بوجهة نظره في هذا المجال قبل الاستجابة، اي ان يكون مقتنعاً بقيمة الامر وفائدته بالنسبة له وبالنسبة للأسرة التي يعيش فيها. ولا بد من ان تكون الصراحة بشكل بحيث تمكن الابناء من الاعتراض على بعض الاوامر وابداء الرأي فيها في حدود قدرتهم ومستوى نضجهم ودون خروج عن حدود الادب واللياقة .
ثانياً ـ الشعور بالأمن :
ان شعور الطفل بالأمن يجعل العلاقة بينه وبين مصدر السلطة علاقة ود وتفاهم، وهذا يجعله اكثر تقبلاً لأوامر الوالدين .
اما الطفل الذي لا يشعر بالأمن والذي يحس بأن كيانه مهدد في البيت، فانه قد يتقبل اوامر الوالدين ولكن ليس عن اقتناع بل خوفاً أن تؤدي معارضته للامور الى تعرضه للمزيد من الخطر والتهديد.
ثالثاً ـ الاعتراف بنواحي النقص والقصور:
عادة ما تكون الطاعة مرتبطة باعتراف الفرد بجوانب النقص والقصور في نفسه، ذلك لان الفرد اذا لم يعترف بذلك فانه يجد صعوبة في الخضوع لسلطان الآخرين، كما انه لا يشعر في هذه الحالة بالحاجة الحقيقية لغيره من الناس، فهو لايطيع الغير لانه يرى في نفسه الكمال وانه في مركز افضل منهم.
وطالما ان الطفل يعرف حدود قدرته ويعرف ضعفه ونقائصه، فانه يجد طاعة الوالدين امراً يسيراً ومقبولاً، فهو يدرك ان والديه يعرفان اكثر منه وانهما ادرى بمصلحته.
ومن الامور المهمة ان يكون اعتراف الطفل بضعف قدرته واقعياً، وان يدرك ان هذا الضعف بالمقارنة بقدرة والديه لايرجع إلى عيب اصيل فيه بقدر ما يرجع الى مرحلة النمو التي يمر بها.
التعلیقات