أحكام زواج المتعة
موقع شبكة كربلاء المقدسة
منذ 8 سنوات1 ـ وهو النكاح المؤجّل، والذي يتمّ العقد فيه لمدّة معيّنة زمناً، وهو كالعقد الدائم من حيث
توقّفه على الإيجاب والقبول اللفظيّين، فلا يكفي في وقوع العقد مجرّد الرضى القلبي من الطرفين، كما لا يكفي المعاطاة ولا الكتابة ولا الإشارة إلاّ للأخرس، والأحوط وجوباً أن يكون لفظ الإيجاب والقبول باللغة العربية لمن يتمكّن منها، وأمّا الذي لا يتمكّن فيكفية اللغة المفهِمة للطرف المقابل وإن كان قادراً على أن يوكّل أحداً غيره.
2 ـ ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة: (متَّعتُ)، و (زوَّجْت)، و (أنكحت). فأيّ واحد من هذا الألفاظ حصل، وقع الإيجاب، ولا ينعقد بغير هذه الألفاظ كلفظ (ملّكت) أو (وهبتُ) او (أجّرتُ).
وأمّا القبول فإنّه يتحقّق بكل لفظ دالّ على إنشاء الرضى بذلك الإيجاب كقوله: (قبِلتُ المتعة، أو التزويج، أو النكاح) ولو قال: (قبلتُ) أو (رضيتُ) واقتصر كفى ذلك.
3 ـ إذا باشر الزوجان العقد المؤقت وعقدا لأنفسهما من دون وكالة إلى أحد،
وبعد تعيين المدّة والمهر قالت المرأة مخاطبة الرجل: (أنكحتك نفسي، أو أنكحت نفسي منك أو لك في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت النكاح) صح العقد، وكذا إذا قالت المرأة: (زوّجتك نفسي، أو زوّجت نفسيّ منك في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت التزويج) وهكذا إذا قالت المرأة: (متّعتك نفسي إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت المتعة).
4 ـ لو وكّلا غَيرهما وكان اسم الرجل أحمد و اسم المرأة فاطمة مثلا، فقال وكيل المرأة: (أنكحتُ موكِّلَك أحمد موَكّلَتي فاطمة، أو أنكحت موَكّلَتي فاطمة موكِّلِك، أو من موكِّلِك، أو لموكِّلِك أحمد في المدّة المعيّنة على الصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلت النكاح لموكّلي أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) صح العقد.
وكذا لو قال وكيلها: (زوّجت موكِّلَك أحمد موكِّلَتي فاطمة، أو زوّجت موكِّلَتي فاطمة موكّلَك، أو من موكّلِك، أو بموكّلِك أحمد في المدّة المعيّنة على الصداق المعلوم) فقال وكيله: (قبلت التزويج لموكّلي أحمد في المدّة المعيّنة على الصداق المعلوم).
وهكذا لو قال وكيلها: (متّعتُ موكَّلَك أحمد موَكّلَتي فاطمة إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم)، فقال وكيل الزوج: (قبلتُ المتعة لموكّلي أحمد إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم).
ولو كان المباشر للعقد وليهما، فقال ولي المرأة: (أنكحت ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو أنكحت ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنك أو حفيدك، أو من ابنك أو حفيدك، أو لإبنك أو حفيدك أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) أو قال ولي المرأة: (زوّجت ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو زوّجت ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنك أو حفيدك، أو من ابنك أو حفيدك أو بابنك أو حفيدك أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) أو قال ولي المرأة: (متّعتُ ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال وليّ الزوج: (قبلت النكاح أو التزويج أو المتعة لابني أو لحفيدي أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) صح العقد.
5 ـ كلّ من لا يجوز نكاحها دواماً، سواء كان عيناً كالزواج من أُم الزوجة، أو جمعاً كالزواج من الأُختين، ذاتاً كالأُخت والعمّة والخالة، أو عرضاً كالتي تَحرم بالرّضاعة مثلا لا يجوز نكاحها متعة حتّى بنت أخ الزوجة أو بنت أختها فلا يجوز التمتع بهما من دون إذن الزوجة التي تكون عمّتها أو خالتها، نعم لا بأس بالتّمتع بالنصرانيّة واليهوديّة متعة(1) وإن كان لا يجوز الزواج منهما دواماً على الأحوط وجوباً كما مر.
6 ـ يشترط في النكاح المؤقّت ذكر المهر، فلو عقد بلا ذكر في العقد عمداً أو جهلا أو نسياناً أو غفلة، أو لغير ذلك بطل، وكذا لو جعل المهر ممّا لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير وكذلك لو جعله من مال الغير مع عدم إذنه وردّه بعد العقد.
7 ـ يجوز أن يجعل المهر عيناً خارجيةً كقطعة أرض مثلا، أو كليّاً في الذمّة كألف دينار، كما يصح أن يجعل المهر منفعة كإجارة بيت أو محلّ عمل، أو أن يكون المهر عملا محلّلا صالحاً للعوضيّة وإعطاء الأُجرة، وكذلك يجوز أن يكون حقّاً من الحقوق الماليّة القابلة للانتقال، كحقّ التحجير مثلا، كما إذا وجد أرضاً مواتاً فجعل لها جداراً حتّى لا يتصرّف فيها أحد فعملُه هذا مقدّمة لإحياء هذه الأرض.
8 ـ يعتبر أن يكون المهر في الزواج المؤقّت معلوماً، فلا تصح المتعة بالمهر المجهول، فالأحوط وجوباً أن يكون معلوماً على النحو المعتبر في المعاوضات، بأن يكن معلوماً بالكيل إذا كان مكيلا، وبالوزن إذا كان موزوناً، وبالعدّ كذلك إذا كان معدوداً، وبالمشاهدة فيما يعتبر فيه المشاهدة.
9 ـ لا تقدير للمهر شرعاً بل يصح بأيّ مقدار تراضيا عليه، قليلا كان أم كثيراً، ولو كان كفّاً من الطعام.
10 ـ تملك المرأة المتمتّع بها تمام المهر بالعقد، ولكن استقراره بتمامه مشروط بعدم إخلالها بالتمكين الواجب عليها بمقتضى العقد، فلو أخلّت به ولم تمكّنه من نفسها في بعض المدّة، فيحقّ له أن ينقص من مقدار المهر بنسبة ما أخلّت من المدّة، فإذا أخلّت مثلا بنصف مدّة نكاحها فينقص النصف، وإذا كان ثلثاً من المدّة فينقص الثلث من المهر، وهكذا.
وأمّا الأيام التي يحرم عليها التمكين بالوطء فيها كالحيض، وكذا ما يحرم فيه الوطء على الزوج دونها كحال إحرامه فلا ينقص من المهر شيء، وكذا فترات عدم تمكينها لعذر يتعارف حصوله للمرأة خلال المدّة المعيّنة للعقد من مرض مدنف(2)أو سفر لازم أو غيرهما.
11 ـ لو خاف الزوج من تخلّف الزوجة المتمتّع بها عن التمكين في تمام المدّة، جاز له تقسيط المهر ودفعه إليها أقساطاً حسبما تمكّنه من نفسها.
12 ـ لو حُبس الزوج أو سافر أو مرض مثلا أو مات أو تركها اختياراً حتى مضت المدّة المحدّدة للنكاح حين العقد ولو بتمامها، لا يسقط من المهر شيء وإن كان ذلك قبل الدخول، وكذا لا يسقط من المهر شيء لو ماتت هي أثناء المدّة على الأحوط وجوباً.
13 ـ لو وهبها المدّة ولم يكملها معها، فإن كان ذلك قبل الدخول يجب عليه أن يعطي نصف المهر، وإن كان بعده أعطى جميع المهر حتّى وإن مضت من المدّة ساعة وبقيت منها شهور أو أعوام.
14 ـ لو تبيّن فساد العقد بأن ظهر للمرأة المتمتّع بها زوج، أو كانت أُخت زوجة الرجل الذي يريد أن يتمتّع بها أو أمّها مثلا، فلا تستحقّ المهر قبل الدخول، ولو كانت قد أخذته المرأة أرجعته إليه، ولو تلف وجب عليها إعطاء بدله، وكذلك الحال لو دخل بها وكانت عالمة بفساد العقد، وأمّا إن كانت جاهلة بفساد العقد فلها أقلّ الأمرين من المهر المسمّى ومهر المثل في الزواج المؤقت لا الدائمي، فلو كان المهر المسمّى خمسة آلاف ديناراً ومهر المثل الذي يعطى للمرأة المتمتّع بها عادة أربعة آلاف ديناراً مثلا فيعطيها أربعة آلاف، فإن كان الذي أخذته أكثر من المقدار أرجعت الباقي.
15 ـ يشترط في النكاح المؤقت ذكر المدّة، فلو لم يذكرها عمداً أو نسياناً أو غفلةً أو حياءً أو لسبب آخر، بطل العقد متعة بل ودائماً أيضاً.
16 ـ لا تقدير للأجل في العقد المؤقت شرعاً، بل هو إليهما يتراضيان على ما أرادا، طال أو قصر، نعم لا يجوز جعله أزيد من محتمل عمر أحد الزوجين أو عمرهما معاً، ولو جعلاه أزيد من ذلك بطل العقد، كما يشكل جعله أقلّ من مدّة تسع شيئاً من الاستمتاع بالنسبة إليهما، ومن هنا يشكل العقد على الصغير أو الصغيرة مع عدم قابلية المدّة المعيّنة للاستمتاع فيها من الصغيرة، أو لاستمتاع الصغير فيها بوجه.
17 ـ لا بدّ في الأجل أن يكون معيّناً بالزمان بنحو لا يحتمل الزيادة ولا النقصان، فلو كان مقدّراً بالمرّة أو المرّتين من دون تقدير بالزمان، أو كان مقدّراً بزمان مجهول، كشهر من السنة أو يوم من الشهر، أو كان مردّداً بين الأقلّ والأكثر كشهر أو شهرين أو قدوم الحاج أو نضوج الثمرة بطل العقد، نعم لا بأس بما يكون مضبوطاً في نفسه وإن توقّف تشخيصه على الفحص.
18 ـ بعض الأشهر الهلاليّة تنقص عن الثلاثين يوماً، وهذا لا يؤدّي إلى بطلان العقد فيما لو جعل المدّة شهراً هلاليّاً مع أنّه مردّد بين الثلاثين والتسعة والعشرين يوماً، وكذلك لا بأس لو جعل المدّة إلى آخر هذا الشهر، أو آخر هذا اليوم مع عدم معرفة ما بقي منهما.
19 ـ لو قالت المرأة المتمتّع بها: (زوّجتك نفسي شهراً، أو إلى مدّة شهر) مثلا وأطلقت ولم تعيّن أيّ شهر هو، أو إلى أيّ شهر، بدأ الحساب من حين العقد، ولا تنفصل المدّة عنه، ولا يجوز على الأحوط وجوباً أن تُجعل المدّة منفصلة عن العقد، بأن يكون مبدؤها بعد أُسبوع من حين وقوعه، نعم لا مانع من اشتراط تأخير الاستمتاع مع كون التزويج من حال العقد.
20 ـ لو جعل للعقد مدّة معيّنة ثمّ شكّ في انتهائها، فيبني على عدم انتهائها حتّى يتيقّن من الانتهاء.
21 ـ لا يصح تجديد العقد على المرأة المتمتّع بها، سواء أراد أن يجعل العقد الجديد دائماً أم منقطعاً، قبل أن تنقضي المدّة السابقة، أو قبل أن يهبها لها، فلو كانت المدّة شهراً وأراد أن تكون شهرين فلا بدّ أن يهبها المدّة أوّلا ثمّ يعقد عليها مرةً أُخرى، ويجعل المدّة شهرين، ولا يجوز أن يعقد عليها عقداً آخر ويجعل المدّة شهراً آخر بعد الشهر الأوّل فيكون المجموع شهرين.
22 ـ لا طلاق في المتعة، وإنّما تبين المرأة المتمتّع بها عن الرجل بانقضاء المدّة المذكورة في العقد، أو أن يهبها لها، فإذا انفصلت عنه وجبت عليها العدّة، ولا رجعة الزوج في عدّتها وإنّما يجوز أن يجع عليها بعقد جديد فقط.
23 ـ إذا كان الزوج صغيراً فيحقّ للولي أن يهبّ المدّة لزوجته المتمتّع بها قبل انتهائها إذا كان في الإبراء مصلحةً للصبيّ، وإن كانت المدّة تزيد على زمن صباه كما إذا كان عمر الصبيّ سنتان وكانت مدّة المتعة أربع عشرة سنة مثلا.
24 ـ لا يثبت بالنكاح المنقطع التوراث بين الزوجين، ولو شرطا التوارث بينهما أو خصوص توريث أحدهما كتوريث المرأة ففي نفوذ الشرط إشكال، فالأحوط وجوباً تصالح الورثة معها، أو الرجوع في هذه المسألة إلى الغير مع رعاية الأعلم فالأعلم.
25 ـ لا تجب نفقة الزوجة المتمتّع بها على زوجها وإن حملت منه، ولا تستحقّ من زوجها المبيت عندها الاّ إذا اشترطت ذلك في العقد، أو شرطته عليه في ضمن عقد آخر لازم كعقد البيع مثلا.
26 ـ لو جهلت الزوجة بعدم استحقاقها النفقة والمبيت لا يؤثّر جهلها هذا على صحة العقد، ولا يثبت لها حقّ على الزوج من جهة جهلها، ويحرم عليها الزوج من الدار بغير إذن زوجها إذا كان خروجها منافياً لحقّ الاستمتاع، والأحوط استحباباً أن لا تخرج من دون إذنه حتى إذا لم يكن الخروج منافياً لحقّه أيضاً.
27 ـ إذا انقضت مدّة المتعة أو وهبها للمرأة قبل الدخول بها فلا عدّة عليها، وإن وهبها المدّة بعد الدخول ولم تكن صغيرة أو يائسة فيجب عليها أن تعتدّ، ومقدار عدّتها حيضتان كاملتان، ولا تكفي فيها حيضة واحدة على الأحوط وجوباً، وإن كانت لا تحيض لمرض أو سبب آخر وهي في سنّ من تحيض وليست في سنّ اليأس فعدّتها خمسة وأربعون يوماً، ولو حلّ الأجل أو وهبها المدّة في أثناء الحيض لم تحسب تلك الحيضة من العدّة، بل لا بدّ من حيضتين تامتين بعد هذه الحيضة إذا لم تكن حاملا، أما إذا كانت حاملا فعدّتها إلى أن تضع حملها وإن كان الأحوط استحباباً أن تعتدّ بأبعد الأجلين، والأجلين هما: وضع حملها وانقضاء حيضتين أو مضى خمسة وأربعين يوماً.
وأما عدّة المتمتّع بها في الوفاة فهي أربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملا، وإن كانت حاملا فتعتدّ بأبعد الأجلين من أربعة أشهر وعشرة أيام ووضع حملها كالدائمة.
28 ـ يستحب أن تكون المرأة المتمتّع بها مؤمنة عفيفة، وأن يسأل عن حالها قبل الزواج مع عدم التهمة من أنّها ذات بعل أو ذات عدّة أم لا، وأمّا بعد الزواج فلا يستحب السؤال، وليس السؤال عن حالها والفحص شرطاً في الصحة.
29 ـ يجوز التمتّع بالزانية على كراهة، نعم إذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط وجوباً ترك التمتّع بها إلاّ بعد توبتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ويشترط فيه إذن الزوجة المسلمة بل الأحوط وجوباً الترك حتى مع رضاها كما مر.
(2) مدنف، من دَنِفَ المريض بالكسر، أي ثقل، فهوُ مدنِف ومُدْنَف، الصحاح 4:1361 "دنف".
التعلیقات