ملخص الرجعة في مفاهيم الحركة المهدوية
ولاء اياد الدلال
منذ 14 سنةملخص الرجعة في مفاهيم الحركة المهدوية
ولاء اياد الدلال
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيء بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )) 69 الزمر
بسم الله الرحمن الرحيم
صَلِ اللهم على التجلي الأعظم وكمال بهائك الأقدم شجرة الطور والكتاب المسطور على كل نور في طيخاء الديجور علم الهدى ومجلي العمى ونور أبصار الورى وبابك الذي منه يؤتى الذي يملىْ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا سيدنا وإمامنا بالحق الحجة بن الحسن القائم المهدي أرواح من سواه فداه ولعنة الله على أعدائه أبد الآبدين ودهر الدهرين 0
المقدمة:
تكثر في الآونة الأخيرة وفي أيامنا هذه تداعيات كثيرة حول موضوع الأمام صاحب الزمان وتنقل لنا وسائل الأعلام بأن أكثر بني البشر الذين يؤمنون بالرسالات السماوية وغيرهم يأملون حضور شخص يسمى لديهم ( المَّخلص ) أو المصلح الأكبر في آخر الزمان وكلى الفرقين يترقب بشغف البشارات والعلامات السماوية والأحداث على الأرض 0 ونحن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من أكثر الشعوب والأمم والمذاهب انتظارا للفرج الشريف والنور الأكبر 0 حيث يود كثيراً من المؤمنين الأحياء أن يكونوا في عصر الظهور ليتشرفوا بالطلعة البهية والنور العظيم والفوز الأكبر جنباً إلى جنب مع قائم آل محمد ( عج ) وتصدح حناجرهم بالدعاء ليلاً نهاراً سراً جهاراً للإمام بالفرج حتى ندب كثير من المؤمنين نفسه للتصدق عن الإمام تعجيلاً للفرج وحرص على الدعاء بدعائي العهد والندبة يوم الجمعة 000 وبالرجوع إلى مضمون الأدعية تمني القتلى من المؤمنين ممن محض الأيمان للرجوع مع قائم آل محمد إلى الحياة الدنيا 0
اعلم إن الرجعة سر من إسرار الله و القول بها ثمرة الإيمان بالغيب .
و المراد بها رجوع الأئمة عليهم السلام و شيعتهم و أعدائهم ممن محض من الفريقين الإيمان أو الكفر محضاً ‘ فان الله في الدنيا بالعذاب ، فان من أهلكه الله في الدنيا بالعذاب لا يرجع إلى الدنيا . قال الله تعالى: (( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون )) الآية 95 الأنبياء
روي القمي عنهما عليهما السلام قالا (( كل قرية اهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ))
و روى الطبرسي في (مجمع البيان) عن الباقر عليه السلام قال : ( كل قرية أهلكها الله بعذاب فأنهم لا يرجعون ) إلا إذا كان لهم قصاص كما لو قتلوا ظلما و لم يكونوا ما حضين للإيمان أو الكفر فأنهم يرجعون مع قاتليهم فيقتلوا قاتليهم و يعيشون بعد إن يقتصوا منهم .. ثلاثين .. ثم يموتون في ليلة واحدة . و هو الحشر الأول الذي أشار إليه سبحانه بقوله : (( ويوم نحشر من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون )) 83 النمل
و هو قول الصادق .. عليه السالم .. و الدليل على إن هذا في الرجعة قوله تعالى ( و يوم نحشر من كل امة من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا) قال:(( الآيات أمير المؤمنين و الأئمة عليه وعليهم السلام ..)).
فقال الرجل : إن العامة تزعم إن قوله تعالى :((ويوم نحشر من كل امة فوجاً)) ، عني في يوم القيامة ؟
فقال .. عليه السلام ..: فيحشر الله عز و جل يوم القيامة من كل امة فوجاً و يدع الباقين ؟ لا ، و لكنه في الرجعة . وإما آية القيامة فهي: (( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا))(1)
وعنه عليه السلام 00 :( ليس أحد من المؤمنين قتل إلا ويرجع حتى يموت ولا يرجع إلا من محض الأيمان محضاً ومحض الكفر محضاً )
وفي الكافي عنه عليه السلام 00في قوله تعالى: ((بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد))(2)
إنهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم عيه السلام 00 فلا يدعون وتراً لآل محمد إلا قتلوه 0
وبقوله تعالى ))يوم تأتي السماء بدخان مبين 0 يغشى الناس هذا عذابٌ أليم ))(3) في حديث أشراط الساعة عنه (ص) :أول الآيات الدخان ؛ ونزول عيسى(ع) ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ؛ قيل : وما الدخان ؟ فتلا رسول الله (ص) هذه الآية ، وقال : (يملأ ما بين المشرق والمغرب ، يمكث أربعين يوماً وليلة ، أم المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره )0
وفي تفسير على بن إبراهيم قال : (( ذلك في الرجعة من القبر ... إلى أن قال : ثم قال:(( إننا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون )) (4)يعني يوم القيامة 0 ولو كان قوله : (( يوم تأتي السماء بدخان مبين )) في القيامة لم يقل : (( إنكم عائدون)) لأنه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة يعودون إليها 0 ثم قال : (( يوم نبطش البطشة الكبرى .. ))(5) يعني في القيامة ((إنا منتقمون)) أنتهى0
أقول : قوله : ( من قعر عدن أبين ) معنى أبين أسم رجل وهو الثاني من الأعرابيين . وعدن أسم موضع؛ يعني النار التي تسوق الناس من مسببات مضمرات فتن باطن ذلك الأعرابي 0
والجملة قول للأكثرين من الإمامية للأخبار المتكثرة المتواترة معنى والآيات الكثيرة .وقد أنكرها بعض الأمامية ولم يثبت إلا خروج القائم (عج) لأنه من المجمع عليه بين المسلمين وأن اختلفوا في القائم على ثلاثة أقوال : فمنهم من قال : عيسى بن مريم 00 عليه السلام ومنهم من قال: هو المهدي من بني العباس ، كما رجحه ابن حجر في (الصواعق) 0 ومنهم من قال : هو محمد بن الحسن العسكري ،وهو قول جميع شيعتنا شيعة أهل البيت (ع) وقليل من الجمهور 0 وممن نفى وجودها : الشيخ المفيد . وحمل ما دل عليها على خصوص قيام القائم عليه السلام وطرح أكثر الروايات بالتضعيف.ومما يشير ذلك قوله في آخر لكتابه ( الإرشاد): ( وليس بعد دولة القائم عج إلا ما جاءت به الرواية ولم ترد به على القطع والثبات. وأكثر الروايات أنه لم يمض مهدي هذه الأمة عج إلا قبل القيامة بأربعين يوماً يكون فيها الهرج والمرج ، وعلامة خروج الأموات وقيام الساعة للحساب والله أعلم بما يكون ) (الإرشاد ص 345 )
وأما (الجمهور) فأنهم ينكرون الرجعة أشد الإنكار ويشنعون على الشيعة وينسبونهم في القول بذلك إلى الابتداع 0 قال ابن الأثير في ( النهاية ) : والرجعة مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء ؛ يقولون : إن الميت يرجع إلى الحياة الدنيا ويكون فيها حياً كما كان . ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون إن على بن أبي طالب مستتر في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي منادٍ من السماء أخرج يا فلان ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : (( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ أرجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا ..)) 99 المؤمنون يريد الكفار نحمد الله على الهداية والإيمان ( كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر )0 لأبن الأثير الجزء الثاني صفحة 72 ط القاهرة مادة رجع انتهى .
وأعلم أن المخالفين كانوا في الصدر الأول كثيراً ما ينافون علي بن أبي طالب (ع) ليصرفوا وجوه الناس عنه إليهم. فكانوا يسألون عن أحكامه وأعتقادته فيقولون بخلافها ويتكلفون الأدلة على بدع ويؤولون ما يوافق المذهب الحق ويوردون الشبة التي تخفى على العامة في صورة الحق دليلاً لهم على من لا يفهم وعذراً لهم عمن يفهم 0 فنصبوا – أئمة الهدى (ع) – أدلة الحق الموصلة إلى طريق الرشاد والنافية لحجج أهللا الخلاف والعناد 0 ما بين مجملات وقواعد ومفصلات وشواهد 0 فمن المجملات والقواعد ما أمروا به وجعلوه أصلاً ينفتح به ألف باب وهو قولهم صلى الله عليهم : (خذ بما خالف القوم فأن الرشد في خلافهم ) والعلة في ذلك أن خلافهم هو قول علي عليه السلام واعتقاده.( والرجعة ) من ذلك لما أخبر بها وأهل بيته أنكروها غاية الإنكار وأوردوا عليها الشبه تمويهاً على الحق بالباطل 0
تساؤل / ثمة تباين في مسألة الرجعة بين ما تقرأه في قوله تعالى من سورة المؤمنون أية 99
((قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلاً )) وبين ما نقرأه في الزيارة الجامعة في قولنا((مصدقٌ برجعتكم )) فكيف نوفق بين اليقين ؟
جواب / مسألة الرجعة هي من الأمور الثابتة ومن المسلمات مذهب الأمامية والرجعة عبارة عن عودة مجموعة من خُلص المؤمنين في زمان ظهور الأمام المهدي (عج) ورجوع سائر هل البيت (ع ) الشيخ المفيد في الرجعة وقد جاء القرآن بصحة ذلك , وتظاهرت به الأخبار الأمامية أبجمعها عليه الأ شذاذ منهم أوائل المقالات , ص89-90وكذلك نلاحظ تفاصيل أخرى في تصحيح الإعتقاد , الشيخ المفيد ص71 0
والرجعة تشمل أيضاً رجوع مجموعة من الأفراد ممن محض بالكفر والشرك والعناد . أن هؤلاء يعودون جميعاً إلى الحياة الدنيا مرةً أخرى بقدرة الله تعالى وغني عن القول أن هذا الأمر ممكن وغير ممتنع ذاتاً . وفي مجـال الأخبار الواردة في المسـألة فقد ذكر العلامة المجلسـي أن ما يقارب المأتين من الأخبار والأحاديث نقلت عن أهل البيت (ع ) فـي الرجعة والاعتقاد بها أجمالاً يعد من الواجبات دون أن تكون ثمة ضرورة للعلم بالتفاصيل من كيفية الرجعة ومدتها ومن تشمل من الأفراد . وجواب الشبهة المثارة في السؤال أي كيف توفق بين الآية الكريمة التي تتحدث صراحة عن عدم إجابة دعوة الكفار في العودة إلى الدنيا ورد طلبهم من قبل العزيز الحكيم , فيما نقول في عقيدتنا بالرجعة بأن بعض الكفار سيعودون إلى الحياة الدنيا مرة أخرى .
في الواقع أن جوهـر الإجابة تكمن في الالتفات إلى الاختلاف بين الموضوعين فالآية تتحدث عما يتمناه الكافرون من عودة إلى الحياة الدنيا لتحصيل الأيمان (لأمنيتهم هذه) أما الرجعة فتكون لبعض الكافرين لهدف أخر غير ما تتحدث عنه الآية الكريمة, إذ هم يعادون إلى الحياة الدنيا بقدرة الله تعالـى ليروا السلطة الإلهية الحقه لأل محمد (ص) ثم يقتلون على أيديهم وعلى أيدي أل محمد (ص) ومن الواضح أن عودة هؤلاء تتم لهدف أخر ولهـا موضوعها الخاص الذي يختلف عن الهدف والموضوع اللذين تتحدث عنهما الآية مورد السـؤال فرجعة هؤلاء البعض من الكفار تكون كنوع من الانتقام والجزاء لما اقترفوه من أعمال سيئة في حياتهم الدنيا تماماً كما أن عودة بعض المؤمنين ورجعتهم إلى الدنـيا في زمن الظهور تكون بهدف لأن يروا أهدافهم وما كانوا يتمنونه ويسعون إليه في حياتهم الدنيا من قيام سلطة أل محمد ( ص ) وهذا الأمر في الواقع هو نوع من وهذا الأمر في الواقـع هو نوع من المجازاة والتعويض لما لاقوه في حياتهـم من متاعب وهمـوم وغموم وآلام . وبعبارة ثانية تسـتطيع أن تقول أن عودة مجموعة من الكفار والمؤمنين إلى الحياة الدنيا وقت الظهور ورجعتهم إليها تكون بمثابة تحقق نوع من مراتب ودرجات الثواب والعقاب لكل منهما وهـي بالتالـي لا تكون بهدف تكميل الأيمان وكحصيلة ولا للقيام بالعمل الصالح. لذلك جاءت قضية الرجعة كما يفهم من بعض الأخبار لتعتبر جزء من القيامة حتى أن البعض يذهب إلى تأويل الساعة الواردة في بعض الآيات بأن المقصود منهما هو زمان الرجعة كما جاء في بعض الأحاديث ( أن أيام الله ثلاثة :يوم الظهور ويوم الكرة ويوم القيامة ) وفي رواية أخرى ( يوم الموت ويوم الكثرة ويوم القيامة ) .
والآن .. لا بأس أن نضع هذه العقيدة على طاولة التشريح ، لنطلع على أبعادها وحقيقتها ونعرضها على كتاب الله وسنة رسول الله والعقل ، لننظر موقف القرآن والسنة والعقل من هذه العقيدة وهل أن فيها شيئا يدعو الى التهريج والإستهزاء ؟!
النقاط التي ينبغي التحدث عنها كما يلي:-
إحياء الموتى يوم القيامة.
هل أحيا الله أحدا قبل يوم القيامة ؟
هل في القرآن دليل على الرجعة ؟
هل في الأحاديث (السنة) دليل على الرجعة ؟
لمن تكون الرجعة ؟
الرجعة:
ألف : المعنى اللغوي:
باء : المعنى الاصطلاحي:
الف ـ الرجعة في اللغة:
بالفتح هى المرة فى الرجوع و معناه العود الى الدنيا بعد الموت.
1ـ قال ابن فارس: «رَجَع: الراء والجيم والعين، اصلٌ كبير مطرد منقاس، يدل على ردّ و تكرار. تقول: رَجَع يرجع رجوعاً اذ اعاد و راجع الرجل امراته و هى الرَجعة والرِجعة... والاسم الرجعة...(6).
2ـ ابن الاثير: «الرجعة: المرة فى الرجوع و منه حديث ابن عباس:... سأل الرجعة عند الموت... اى سأل ان يُردَّ الى الدنيا ليحسن العمل و يستدرك مافات... والرجعة مذهب من العرب... و مذهب طائفة من فرق المسلمين...»(7).
3ـ الفيروزآبادي : «يؤمن بالرجعة اى بالرجوع الى الدنيا بعد الموت»(8).
4ـ الطريحي : «الرجعة بالفتح، اي المرة فى الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي عليه السلام»(9).
5ـ الشيرازي: «الرجعة كضربة، الرجوع و فلان يومن بالرجعة اى بالرجوع، رجوع النبي(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين الى الدنيا»(10).
ب ـ الرجعة في الاصطلاح:
و هى عندنا بمعني رجوع الحجج الالهية و رجوع الائمة الطاهرين و رجوع ثلة من المؤمنين و غيرهم الى الدنيا بعد قيام دولة المهدي.
و قد فسرها البعض برجوع دولة الحق لارجوع الاموات الى الدنيا و هو تفسير شاذ لايقول به مشهور الامامية.
1ـ قال الصدوق: «إن الذي تذهب اليه الشيعة الامامية، اَنّ الله تعالي يعيد عند ظهور لمهدي قوماً ممن كان تقدم موته من شيعته و قوماً من اعدائه»(11).
2ـ و قال المفيد: «اتفقت الامامية على وجوب رجعة كثير من الاموات الي الدنيا قبل يوم القيامة و ان كان بينهم فى معنى الرجعة اختلاف»(12).
و قال ايضا: «انما يرجع الى الدنيا عند قيام القائم من محض الايمان او محض الكفر محضاً فأما سوى هذين فلارجوع الى يوم المأب»(13).
توضيح الاختلاف: لعل المراد بالاختلاف الذى اشار اليه الشيخ المفيد هو تأويل بعض الشيعة الامامية، للاخبار المستفيضه فى الرجعة الى رجوع دولة الحق، و رجوع الامر و النهي الي الائمة(عليهم السلام) و الى شيعتهم واخذهم بمجارى الامور، دون رجوع اعيان الاشخاص و اليه اشار الشيخ الصدوق قائلا: «و انّ قوماً من الشيعة تأوّلوا الرجعة على معناها: رجوع الدولة والامر والنهي من دون رجوع الاشخاص و إحياء الاموات»(14).
اقول: و هولاء كأنّهم عجزوا عن فهم هذه الروايات و تصحيح القول بالرجعة استناداً الى النصوص المتظافرة.
الامكان والوقوع.
قبل الخوض فى الادلة واثبات هذه الفكرة، لدينا سؤال يطرح نفسه و هو هل انّ الرجعة امر ممكن ذاتاً ام ممتنع و محال.
والجواب: لايرى العقل اىّ استبعاد فى ذلك ولايراها من الممتنعات العقلية كاجتماع النقيضين والضدين و ذلك لان مفاد الرجعة التى نعتقدها هى عبارة عن احياء بعض النفوس فى هذه النشأة بعد ما ذاقت الموت و هذا امر ممكن الحصول والوقوع و شي معقول، كيف و هو من رشحات قدرة الخالق تعالى قدره الذي عمّت قدرته جميع الممكنات.
اذن لا يلزم من القول بها محال ولا المنافات للتكليف بل على المستشكل فيها من الالتزام باحد الامرين: اما انكار الصغرى و دعوى ان الرجعة ليست من الامور الممكنة.
او انكار الكبرى و دعوى ان الله ليس بقادر ـ والعياذ بالله ـ على ان يحيي الموتى، وكلاهما فى حيَّز المنع بلاريب.
و حينئذ: فلوقامت الادلة الصحيحة على هذه العقيدة والفكرة. فمن اللازم قبولها والالتزام بها، كأىّ عقيدة من العقائد الاسلامية التي تبنّاها المسلمون والتزموا بها نتيجة لقيام البراهين الصحيحة والادلة القاطعة.
هل الرجعة امر واقع؟
قد يقال: هب أنّ الرجعة امر ممكن ولكن هل هو امرٌ واقع؟ اذ ليس كل امر ممكن هو واقع ايضاً.
والجواب: لدينا شواهد قرآنية و احاديث شريفة و نصوص تاريخية، تصرح بالحيات بعد الموت ـ فى هذه الدنياـ و تحقق الرجعة فى الامم السابقة و فى هذه الامة المرحومة بالذات و قد صنف بعض علماء السنة في هذا الحقل مصنفات و اوردوا قائمة باسماء الذين رجعوا الى الدنيا بعد الموت.هذا ابن ابي الدنيا المولود عام 208 والمتوفى 281 ه….ق ـ المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الذائعة فى الرقائق و غيرها الصدوق الحافظ ـ كما عن ابن كثير(15) ـ والاديب الاخبارى كثيرالعلم من حديثه فى غاية العلو ـ كما عن الذهبي(16) ـ والورع الزاهد العالم بالاخبار والروايات، كما عن ابن نديم والصدوق كما عن الرازي تراه يخصص مصنفاً مضفاته بمن رجع الى الدنيا و يسميه «من عاش بعد الموت».
الهدف من الرجعة :
قد يسأل احد عن الهدف من رجوع ثلة من المؤمنين و ثلة من الفاسقين الى الدنيا...؟
والجواب: اولا لدينا كثير من الامور فى عالم التكوين والتشريع. لم يتضح لنا الغرض والهدف منها وهذا ليس معناه انه لم يكن فيه غرض فليكن هذا منه.
ثانياً، قد يقال ان ذلك لاجل تشفّي المؤمنين حينما يرون عذاب الظالمين والانتقام منهم فى الدنيا و ذلك لان عذاب الظالمين فى الاخرة لم يكن بمنظر من المؤمنين و لعل هذا هو مضمون الحديث يرجع المؤمن لزيادة الفرح والسرور والكافر لزيادة الغم والهم.
ثالثاً: ترغيب و تشجيع للسير نحو الكمال والالتزام بتعاليم الدين الحنيف، كى يوفق بلقاء المعصوم في الدنيا .كما انه تحذير للمنافقين والظالمين ليرتدعوا عن غيِّهم وضلالهم قبل أن يبتلوا بعذاب الدنيا قبل الآخرة و هناك نقاط وجهات أخرى تركناها رعاية للاختصار.
مفهوم الرجعة
الرجعة :
إنَّ الرجعة من نوع البعث والمعاد الجسماني ، غير أنها بعث موقوت في الدنيا ومحدود كماً وكيفاً ، ويحدث قبل يوم القيامة ، بينما يُبعث الناس جميعاً يوم القيامة ليلاقوا حسابهم ويبدأوا حياتهم الخالدة ، وأهوال يوم القيامة أعجب وأغرب وأمرها أعظم من الرجعة .
وبما أنَّ الرجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان من حيث النوع ، فالدليل على إمكان المعاد يمكن أن يقام دليلاً على إمكان الرجعة ، والاعتراف بإمكان بعث الحياة من جديد يوم القيامة يترتب عليه الاعتراف بإمكان الرجعة في حياتنا الدنيوية ، ولا ريب أنّ جميع المسلمين يعتبرون الإيمان بالمعاد من أُصول عقيدتهم ، إذن فجميعهم يذعنون بإمكانية الرجعة .
يقول السيد المرتضى قدس سره : إعلم أنّ الذي يقوله الإمامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين ـ بل بين الموحدين ـ في جوازه ، وأنّه مقدور لله تعالى ، وإنّما الخلاف بينهم في أنّه يوجد لا محالة أو ليس كذلك .ولا يخالف في صحة رجعة الأموات إلاّ خارج عن أقوال أهل التوحيد، لاَنَّ الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها ، وإذا كان عليها قادراً ، جاز أن يوحدها متى شاء(17).
فإذا كان إمكان الرجعة أمراً مسلّماً به عند جميع المسلمين ـ حتى قال الآلوسي : وكون الإحياء بعد الإماتة والإرجاع إلى الدنيا من الأمور المدورة له عزَّ وجلَّ ممّا لا ينتطح فيه كبشان، إلاّ أنّ الكلام في وقوعه(18). إذن فلماذا الشكّ والاستغراب لوقوع الرجعة ؟ ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها لورود الإخبار الصحيحة المتواترة عن أئمة الهدى عليهم السلام بوقوعها ؟ يقول الشيخ محمد رضا المظفر : (لا سبب لاستغراب الرجعة إلاّ أنّها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا ، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يُقرّ بها إلى اعترافنا أو يبعدها ، وخيال الإنسان لا يسهل عليه أن يتقبّل تصديق ما لم يألفه ، وذلك كمن يستغرب البعث فيقول : (( مَن يُحيي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)) فيقال له:(( يُحييها الَّذِي أنشَأها أوَلَ مَرةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلقٍ عَلِيمٌ))(19). نعم في مثل ذلك ، مما لا دليل عقلي لنا على نفيه أو إثباته ، أو نتخيّل عدم وجود الدليل ، يلزمنا الرضوخ إلى النصوص الدينية التي هي من مصدر الوحي الإلهي ، وقد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة إلى الدنيا لبعض الأموات ، كمعجزة عيسى عليه السلام في إحياء الموتى (وأُبرىءُ الأكمه والأبرص وأُحيي المَوتى بإذنِ اللهِ )(20) وكقوله تعالى : (أنَّى يُحيي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مُوتِها فأمَاتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ )(21).
يضاف إلى ذلك أنَّ نفوس الظالمين تأبى إقامة العدل وإحقاق الحق لما اقترفته أيديهم الآثمة من الظلم والجور والمنكرات ، والرجعة تنطوي على أمرٍ يحقق العدالة الإلهية في أرض الواقع بانتصاف الظالم من المظلوم وإدالة أهل الحق من أهل الباطل ، ولهذه العلة أبت نفوس المكابرين من أهل الجاهلية الاعتقاد بالمعاد والنشور رغم أنّهم عاينوا المعجزات وضربت لهم الأمثال الواضحة وأقيمت لهم الدلائل البينة والبراهين الساطعة ، لاَنّ قبول هذا الاعتقاد يعني الانصياع للحق والعدل بالوقوف أمام المحكمة الإلهية الكبرى ( يَومَ تَشْهَدُ عَلَيهِم ألسِنَتُهُم وأيديهِم وَأرجُلُهُم بِما كانُوا يَعمَلُونَ )(22).
مفهوم آخر للرجعة
وفي (منتخب البصائر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليهما السلام فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار.
أقول : إعلم أن أيام المجازات على الإعمال ثلاثة (الدنيا) و(البرزخ) و(الآخرة) فأما الإعمال التي لا إيمان معها عن تعمد أو لا إخلاص فجزاؤها في الدنيا بدفع بعض البلايا وأدرار الرزق وكثرة الأموال والأرزاق , وأما الإعمال التي لا إيمان معها عن جهل وما أشبه ذلك من خطب وغفلة فجزاؤها في البرزخ بدفع عذاب القبر أو فتح باب من الجنة إلى القبر فيدخل عليه الروح , وإما الإعمال التي وقعت عن إيمان ومعرفة فجزاؤها في الآخرة وتسمى الإعمال وتوصف بمحلها وتنسب إلى أوقات المجازات عليها0 فالإعمال البرزخية التي يكون المجازات عليها في البرزخ إذا كان من أهل (الرجعة) وقعت المجازات عليها في (الرجعة) لان الرجعة من نوع البرزخ إلا ترى إن المؤمن إذا مات التحقت روحه بجنة الدنيا وان كان كافرا" أو مشركا" أو منافقا" التحقت روحه بنار الدنيا وجنة الدنيا هي الجنتان المد هامتان وهي تخرج في (الرجعة) كما يأتي عند (مسجد الكوفة) 0فإذا كان على المكلف أو له شيء من المجازات البرزخية كان المحاسب عليها هو الحسين عليه السلام وأما ما لا يتعلق بتلك الإعمال البرزخية من الإعمال الأخروية إذا كان حوسب المكلف على الإعمال البرزخية وجوزي عليها في البرزخ وحضر يوم القيامة بحاسب عن الإعمال الأخروية فإذا استحق دخول الجنة أو النار بالإعمال الأخروية بعد المحاسبة عليها وبعث به إلى الجنة أو النار ولم يتوقف دخول ما يستحقه على شيء من الإعمال البرزخية لأنه قد حاسبه الحسين عليه السلام عليها وليس معنى الحديث والله العالم إن جميع حساب الخلائق يقع في (الرجعة) بل المعنى إن الحساب على الإعمال البرزخية يقع في الرجعة ولا يعاد الحساب عليها يوم القيامة فافهم.
أدلة الرجعة :
أورد الحر العاملي في الباب الثاني من كتابه (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) اثني عشر دليلاً على صحة الاعتقاد بالرجعة ، وأهم ما استدل به الإمامية على ذلك هو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام المروية في الكتب المعتمدة ، وإجماع الطائفة المحقة على ثبوت الرجعة حتى أصبحت من ضروريات مذهب الإمامية عند جميع العلماء المعروفين والمصنفين المشهورين ، كما استدلوا أيضاً بالآيات القرآنية الدالة على وقوع الرجعة في الأمم السابقة ، أو الدالة على وقوعها في المستقبل إما نصاً صريحاً أو بمعونة الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها ، وفيما يلي نسوق خمسة أدلة نبدأها بالأدلة القرآنية :
أولاً : وقوعها في الأمم السابقة :
لقد حدّثنا القرآن الكريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل أو الحمل عن رجوع أقوام من الأمم السابقة إلى الحياة الدنيا رغم ما عرف وثبت من موتهم وخروجهم من الحياة إلى عالم الموتى ، فإذا جاز حدوثها في الأزمنة الغابرة ، فلم لا يجوز حدوثها مستقبلاً : ( سُنَّةَ اللهِ في الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تَبدِيلاً )(23).
روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن الحسن بن الجهم ، قال : قال المأمون للرضا عليه السلام : يا أبا الحسن ، ما تقول في الرجعة ؟
فقال عليه السلام : « إنّها الحقّ ، قد كانت في الأمم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والفذة بالفذة ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلى خلفه ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، فطوبى للغرباء . قيل : يا رسول الله ، ثم يكون ماذا ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثم يرجع الحقّ إلى أهله »(24).
وفيما يلي نقرأ ونتأمل الآيات الدالة على إحياء الموتى وحدوث
الرجعة في الأمم السابقة :
إحياء قوم من بني إسرائيل :
قال تعالى : ( ألم تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِم وَهُم أُلُوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لَهُم اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحيَاهُم إنَّ اللهَ لذُو فَضلٍ على النَّاسِ وَلَكِنَّ أكثَرَ النَّاسِ لا يَشكُرُونَ )(25) . فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل على أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طويلة، ثم أحياهم الله تعالى، فرجعوا إلى الدنيا، وعاشوا مدة طويلة.
قال الشيخ الصدوق : كان هؤلاء سبعين ألف بيت ، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة ، فيخرج الأغنياء لقُوّتهم ، ويبقى الفقراء لضعفهم ، فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون ، ويكثر في الذين يقيمون ، فيقول الذين يقيمون : لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ، ويقول الذين خرجوا ، لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم .
فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا على شط البحر ، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا ، فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطريق ، فبقوا بذلك ما شاء الله .
ثم مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرمي(26)، فقال : لو شئت يا ربِّ لأحييتهم ، فيعمروا بلادك ، ويلدوا عبادك ، ويعبدوك مع من يعبدك ، فأوحى الله تعالى إليه : أفتحبَّ أن أحييهم لك ؟ قال : نعم . فأحياهم الله تعالى وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ، ورجعوا إلى الدنيا ، ثم ماتوا بآجالهم(27) .
فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ، وقد سأل حمران بن أعين الإمام أبا جعفر الباقر عليه السلام عن هؤلاء ، قائلاً : أحياهم حتى نظر الناس إليهم ، ثم أماتهم من يومهم ، أو ردّهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام، ونكحوا النساء ؟
قال عليه السلام : « بل ردّهم الله حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ، ثم ماتوا بآجالهم »(28).
إحياء عزير أو أرميا :
قال تعالى : ( أو كالَّذي مرَّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عُرُوشِهَا قال أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بعثهُ قال كم لَبِثتَ قال لَبِثتُ يوماً أو بعضَ يومٍ قال بل لَبِثتَ مائةَ عامٍ فانظُر إلى طعامِكَ وشرابِكَ لم يتسنَّه وانظُر إلى حمارِكَ ولنجعَلَكَ آيةً للنَّاسِ وانظُر إلى العِظَام كيفَ نُنشِزُها ثُمَّ نكسُوها لَحمَاً فلمّا تَبينَ لهُ قال أعلمُ أنَّ اللهَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ )(29).
لقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرَّ على قرية ، لكنها متّفقة على أنّه مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ، ثم مات بأجله ، فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا .
قال الطبرسي : الذي مرَّ على قرية هو عزير ، وهو المروي عن أبي عبدا لله عليه السلام وقيل : هو أرميا ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام(30).
وروى العياشي بالإسناد عن إبراهيم بن محمد ، قال : ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ ابن الكواء الخارجي قال لأمير المؤمنين علي عليه السلام : يا أمير المؤمنين ، ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ؟
قال عليه السلام : « نعم ، أُولئك ولد عزير ، حيث مرَّ على قرية خربة ، وقد جاء من ضيعة له ، تحته حمار ، ومعه شنّة فيها تين ، وكوز فيه عصير ، فمرَّ على قريةٍ خربةٍ ، فقال : ( أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ) فتوالد ولده وتناسلوا ، ثمَّ بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه ، فأُولئك وُلده أكبر من أبيهم »(31).
إحياء سبعين رجلاً من قوم موسى عليه السلام:
قال تعالى : ( وإذ قُلتُم يا مُوسى لَنْ نُؤمنَ لكَ حتى نرى اللهَ جَهرَةً فأخَذَتكُم الصَّاعِقَةَ وأنتُم تنظُرُونَ * ثُمَّ بعثناكُم مِنْ بَعدِ موتِكُم لَعَلَكُم تَشكُرُونَ )(32).
هاتان الآيتان تتحدثان عن قصة المختارين من قوم موسى عليه السلام لميقات ربه ، وذلك أنّهم لمّا سمعوا كلام الله تعالى قالوا : لا نصدّق به حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى عليه السلام : « يا ربِّ ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم » فأحياهم الله له ، فرجعوا إلى الدنيا ، فأكلوا وشربوا ، ونكحوا النساء ، وولد لهم الأولاد ، ثم ماتوا بآجالهم(33).
فهذه رجعة أُخرى إلى الحياة الدنيا بعد الموت لسبعين رجلاً من بني إسرائيل ، قال تعالى: (واختارَ موسى قَومَهُ سَبعِينَ رَجُلاً لِميقاتِنَا فَلَمَّا أخَذَتهُم الرَجفةُ قالَ ربِّ لو شِئتَ أهلَكتَهُم مِنْ قَبلُ وإيَّاي أتُهلِكُنا بِما فَعلَ السُّفَهآءُ مِنَّا)(34) .
المسيح عليه السلام يحيي الموتى:
ذكر في القرآن الكريم في غير مورد إحياء المسيح للموتى ، قال تعالى لعيسى عليه السلام : ( وإذ تُخرِجُ الموتى بإذني )(35)، وقال تعالى حاكياً عنه : (وأُحيي الموتى بإذنِ
التعلیقات