إناقة الزوج تزيد في عفّة الزّوجة
السيد حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتيقول حسن بن جهم دخلت علی أبي الحسن الرضا (علیه السلام) وهو مخضب بسواد، فقلت: « جَعَلْتُ فِدَاك،َ قَدْ اختَضَبْتَ بِالسّوَادِ؟ قَالَ: إنَّ فِي الخِضَابِ أجراً، إنَّ الخِضَابَ والتَهیِئَةَ مِمَّا یَزِیدُ فِي عِفَّةِ النِّسَاءَ ولَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ العِّفَةَ؛ لِتَركِ أزْوَاجِهِنَّ التَهیِئَةَ لَهُنَّ».(1)
مع الأسف الشديد إنّ الواقع الموجود في المجتمع هو وجوب تهيئة المرأة للرجل بأن تتحلّى بنظافة جسمها، وتلبس ملابساً نظيفةً وجميلةً وجذابةً، وأن تُمكيج لأجله، وتتعطّر بريح جيّد، وكلّ ذلك لاكتساب رضا الزوج، وفي الغالب لكي لا يفكّر الزوج بأن يتزوج مرّة أخرى!!! . لكن كما أنّ للرجلِ مشاعر وأحاسيس كذلك للمرأة ذلك، فللرجل أن یهتم بوضعه الظاهري؛ لأنّ في ترك ذلك آثار قد يعتذّر تعويضها، فمثلاً -كما ذكرنا في الحديث السابق- له أن يخضب شعره، ويهتم بنظافة جسمه من الشعر الزائد، وتقليم الأظافر، وحلق اللحية، وأن يتعطّر دائماً، فلابد أن نأخذ قول الإمام الرضا (عليه السلام): « لَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ العِّفَةَ؛ لِتَركِ أزْوَاجِهِنَّ التَهیِئَةَ لَهُنَّ » بعين الاعتبار، فمن الممكن والذي كَثُرَ في الآونة الأخيرة مع الأسف الشديد هو قلّة عفّة بعض النساء المحصنات اللاتي يتوجّهن إلى رجُلٍ آخر بالخفاء؛ وذلك لعدم اهتمام أزواجهن في بعض الجهات عاطفياً كانت أو ظاهرية -الذي هو مجال بحثنا في هذه المقالة- فبإتّباع هذا الحديث مِن قِبَل بعض الرجال الذين لا يهتمّون بأنفسهم، يمكن القضاء على هذه الظاهرة القبيحة، بالطبع لابد أن نأخذ بعين الاعتبار وجود بعض النساء المرضى اللاتي لا ترتبط أعمالهن القبيحة بسلوكيات الرجل.
كذلك الإسلام وعلى لسان أهل البيت (عليهم السلام) له نظرة خاصة وأصولية تجاه علاقة الزوجين، ويمكننا القول بأنّ نظرته في غاية الديمقراطية، فيُلاحظ علاقة الزوجين من جهتين دون تمييز أحد على الطرف الآخر، ففي المجتمع العالمي الذي يتوقع من المرأة مراعاة النظافة والاهتمام بنفسها، ويهتم قليلاً بجانب الرجل، الإسلام ينظر وبأهمية بالغة إلى الجانب الآخر من هذه القضية أيضاً، وهو اهتمام الرجل بنفسه فمثلاً عن لسان الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: « إِنَّهَا تَشْتَهِي مِنْكَ مِثْلَ الَّذِي تَشْتَهِي مِنْهَا »،(2) فبهذا البيان نفهم مدى هتمام الإسلام في توجّه الزوجين للآخر؛ وذلك لكسب رضا الطرفين.
نحن نعلم بأنّ الرجل والمرأة نصفان يكمل كلّ منهما الآخر؛ لأنّ الله تعالى خلق لكلّ منهما مهمّة تتناسب مع طبيعته وخلقه؛ ليشكّلا معاً مجموعة متكاملة، ويحققان الغاية التي وُجدا من أجلها، وهي وصول البشر إلى قمّة الإنسانية، فلا الرجل يستغني عن المراة، ولا المرأة تستغني عن الرجل، فيقول الإمام الرضا (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): « إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الإِنَاثِ أرْأَفَ مِنْهُ عَلَى اَلذُّكُورِ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يُدْخِلُ فَرْحَةً عَلَى إمرَأَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حُرْمَةٌ إِلاَّ فَرَّحَهُ اللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ».(3)
نعم، بمراعاة هذه الخطوات البسيطة التي أمرنا أهل البيت (عليهم السلام)بها يمكننا بناء أرصن وأحسن حصناً للعائلة، حيث لا يمكن لأحد (رجل كان أو إمرأة) أن يتجاوزه ويتحداه، كما لا يمكن أن يرغب أحد منهما الخروج من هذا الحصن الحصين.
1) بحار الأنوار، ج73، ص100، ح9.
2) مكارم الأخلاق، ص81.
3) الكافي، ج6، ص6،ح7.
التعلیقات