السيدة زينب زينة أبيها صلوات الله عليهما
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتالكلام عن السيدة زينب بنت أمير المؤمنين صلوات الله عليه صعب جداً؛ لأن شخصيتها امتزجت، وترعرت في بيت النبوة والإمامة، وكانت تحظى دائما بمرافقة المعصوم في حياتها؛ ولهذا كان لها منزلة خاصة ومقام رفيع عند أهل البيت عليهم السلام ومحبيهم.
ولادة السيدة زينب
ولما ولدت السيدة زينب عليها السلام أُخبر النبي الكريم صلى الله عليه وآله بذلك، فأتى منزل ابنته فاطمة عليها السلام، وقال: يا بنية إيتيني ببنتك المولودة.
فلما أحضرتها أخذها النبي، وضمها إلى صدره الشريف، ووضع خده على خدها، فبكى بكاءً شديداً عالياً، وسالت دموعه على خديه.
فقالت فاطمة: مم بكاؤك؟ لا أبكى الله عينك يا أبتاه!
فقال: يا بنتاه يا فاطمة، إن هذه البنت ستبلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى، ورزايا أدهى.
يا بضعتي وقرة عيني، إن من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على أخويها، ثم سماها زينب.(1)
وهنا نريد أن نعرف معنى اسمها الشريف؛ لأن كما تعرفون الأسماء مشتقة من المصادر، والمصادر ـ طبعاً ـ لها معنىً ومفهوم، فما هو معنى كلمة «زينب»؟
الجواب: هناك قولان في هذا المجال :
الأول: إن «زينب» كلمة مركبة من: «زين» و«أب».(2)
الثاني : إن «زينب» كلمة بسيطـة، وليست مركبة، وهي اسم لشجرة أو وردة.
وورد في كتاب (لسان العرب) : «الزينب شجر حسن المنظر، طيب الرائحة، وبه سميت المرأة».(3)
فهي زينة أبيها أمير المؤمنين صلوات الله عليه، حيث ورثت منه جميع صفاته الحميدة وشابهته، فورثت منه الفصاحة والبلاغة والشجاعة وطيب النفس والعلم والأدب.
وذكرت الكتب التاريخية أن جمعاً من رجال الكوفة جاؤوا إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وقالوا : إئذن لنسائنا؛ كي يأتين إلى ابنتك، ويتعلمن منها معالم الدين وتفسير القرآن.
فأذن الإمام لهم بذلك، فبدأت السيدة زينب عليها السلام بتدريس النساء.
واللهُ هو الذي يعلم عدد النساء المسلمات اللواتي كن يحضرن درس السيدة .. طيلة أربع سنوات أو أكثر.
وذات يوم دخل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الدار، فسمع ابنته زينب تتحدث للنساء ـ في درسها ـ عن الحروف المقطعة في أوائل السور، وعن بداية سورة مريم بشكل خاص.
وبعد انتهاء الدرس التقى الإمام بابنته، وقال لها: يا نور عيني أتعلمين أن هذه الحروف هي رمز لما سيجري عليك وعلى أخيك الحسين في أرض كربلاء، ثم بدأ يحدثها عن بعض تفاصيل تلك الفاجعة.(4)
فانظر إلى شجاعتها وبلاغتها وفصاحتها، وهي إسيرة وأمام الأعداء تلقي تلك الخطبة التاريخية، فيقول بشير بن خزيم الأسدي عن هذا الحدث العظيم:
ونظرت إلى زينب بنت علي عليه السلام يومئذ، فلم أر خفرةً (5) ـ والله ـ أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا.
فارتدّت الأنفاس، وسكنت الأجراس...(6)
ـــــــــــــــــــ
1ـ زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد: ص 35.
2ـ احتمل ذلك الفيروز آبادي في كتابه «القاموس المحيط»: ج 1، ص 81.
3ـ لسان العرب: ج 1، ص 453.
4ـ كتاب الخصائص الزينبية للسيد الجزائري: ص ٦٨.
5ـ خفرةً : المرأة الشديدة الحياء.
6ـ كتاب «الملهوف» للسيّد ابن طاووس ، ص ١٩٣ ـ ١٩4.
التعلیقات