واجبات الزوجة ... الصالحة
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةإن واجب الزوجة نحو زوجها فرض مقدس ، سنة من قبل الخالق سبحانه وتعالى ، واهمال هذا الواجب وعدم القيام به يعود على المرأة بشقاء مستمر ، إذ أنها فضلاً عن التقصير الديني تخسر محبة زوجها ، وإخلاصه لها وثقته بها. ويا لعظم الخسارة
...يصرف الزوجات حياتهما في نكد وخصام ، بخلاف ما إذا قامت الزوجة بواجباتها الاجتماعية والدينية ، وما يتطلبه مركزها كربة بيت ... وسيدة اسرة.
فإذا أدت واجبها باخلاص وأمانة ، فإن السعادة تظللها بأجنحتها والبركة والسلام ، والإيمان والإطمئنان يأويان منزلها ، وقد أطنب الناس بالزوجة الصالحة كما قيل :
نبغ الفتاة العاقلة الأمينة
ذات الكمال العفة الرزينة
فكم من امرأة هدمت بيت الزوجية وعشها الهنيء بسوء تصرفها ، وعدم معرفتها بالواجبات الزوجية المقدسة واستهتارها باوامر الدين.
تلك التي يسود في بيتها الخصام والشقاق. تفر السعادة من أمامها وتكون حياتها مع زوجها عبارة عن سلسلة متصلة حلقاتها بالمرارة والويلات ، مرتبطة اجزاؤها بالمصائب والتنهدات ...
مع انه كان بوسعها لو تتقي هذا البلاء العظيم بقليل من الصبر والتعقل ، وتعمل ما يفرضه عليها الدين والأدب من الواجبات نحو زوجها وبيتها وأطفالها.
يجب ان تتأكد الزوجة بان سعادتها وسعادة زوجها موقوفة على محبتها ، وحقيقة ثقتها وإخلاصها له ، ومدى تفانيها في تحقيق جميع حاجاته ورغباته ضمن نطاق الشرع والدين.
كما يجب على الزوج ان يقوم بخدمة زوجته ، يفعل كل ما يسرها ويصلح شؤونها وكما قالت تلك الإعرابية لابنتها : « كوني له أمة ... يكن لك عبداً ».
ولا تنسى الزوجة انه من الواجب عليها ان تعمل بقلب فرح إذا لم يكن احب إلى الرجل من الزوجة البشوش ، لأن البشاشة تنير وجهها وتكسبه رونقاً وجمالاً وان يكن غير جميل وكما قيل :
ليس الجمال بمئزر
فاعلم وان رديت بردا
ان الجمال معادن
ومناقب اورثن مجدا
ان الفتاة الجميلة المتكبرة الرعناء ، المغرورة بجمالها المتهاونة في دينها وآدابها التي تصنع بعد زواجها حنجرة كدرة ، ولساناً سليطاً ، لا يهمها إلا نفسها وزينتها ... فإن حياتها البيتية تكون جحيماً لا يطاق.
ولا تقدر هذه الزوجة المغرورة ان تواجه اللوم إلا على نفسها ، إذا أخذ زوجها بالتبرم والتذمر. وأخذ يتغيب عن المنزل لأن من طبع الرجل كراهة الوجه العبوس المنقلب والسحنة الشكسة.
ان اجمل حياة يحياها الإنسان ، في منزل تديره زوجة مخلصة وفية ذات دين وحياء وأدب ...
زوجة تلاقي زوجها بوجه طلق ومحيا بشوش يزيل عنه التعب ، وتهدي اليه من مكارم أخلاقها وعذوبة ألفاظها لطفاً وحلاوة يأخذان منه بمجامع قلبه.
تنظر اليه بألحاظ العطف والفطنة والذكاء ، فتعيره نشاطاً جديداً ، وتسهل أمامه طريق الخير لإجتياز مصاعب الحياة ومتاعب الزمن.
اجل زوجة صالحة مثالية تشاطر زوجها همومه واتعابه ، وقد ارتسم على جبينها التعقل والحلم والرصانة وتزينت بالدين والفضل والعفاف وكريم الخلق هي أجمل ما يلقاه الإنسان في حياته :
وعن انس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ قال :
« الا اخبركم بنسائكم في الجنة ؟ » قلنا بلى يا رسول الله قال :
« الا اخبركم بنسائكم في الجنة ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله قال : « كل ودود ... ولود ... إذا غضبت أو أسيئ اليها ، أو غضب زوجها لحقّ ... قالت : هذه يدي في يدك لا اكتحل بغمض حتى ترضي ... »
وقد تغنى الشعراء بأوصاف المرأة الصالحة قال بعضهم :
وأول احساني اليكم تخيري
لما جدة الأعراق بادٍ عفافها
وقال بعضهم لبنيه :
« قد أحسنت اليكم صغاراً ، وكباراً ، وقبل ان تولدوا ». قالوا له : « وكيف أحسنت الينا قبل ان نولد ؟ » فأجاب : « اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها ».
وقيل ان فاطمة بنت الخرشب رمت نفسها من الهودج حين أسرت ، فماتت لساعتها وهي تقول : « المنية ... ولا الدنية ». وقال احدهم :
لا أتزوج امرأة حتى انظر الى ولدي منها ، قيل له :
كيف ذلك؟ قال : أنظر الى أبيها وأمها. فإنها تجر بأحدهما.
وأول خبث الماء خبث ترابه
وأول خبث القوم خبث المناكح
وفي الحديث الشريف عن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :
« ثلاث من سعادة المرء ، ان تكون زوجته صالحة ... واولاده ابراراً ... وخلطاؤه صالحين ».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال :
« خيركم ... خيركم لأهله ، وأنا خيركم لاهلي »
وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ان من أكمل المؤمنين إيماناً ، احسنهم خلقاً وألطفهم بأهله »
وعن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « من تزوج امرأة لعزها ، لم يزده الله إلا ذلاً ، ومن تزوج امرأة لمالها لم يزده الله إلا فقراً ، ومن تزوج امرأة لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا ان يغض بصره ، ويحصن فرجه أو يصل رحمه ، بارك الله له فيها ... وبارك لها فيه ».
وفي رواية « ذات دين وايمان وورع ... فأظفر بذات الدين تربت يداك »
عن عيون الأخبار أن رجلاً من بني أسد قال : ضلَّت إبل لي ، فخرجت في طلبهن ، فهبطت وادياً ، وإذا أنا بفتاة اعشى نور وجهها نور بصري ، فقالت لي : يا فتى ما لي أراك مدلّها ؟
فقلت : ضلّت إبل لي ، فأنا في طلبها ، فقالت : أفأدلك على من هي عنده ، وان شاء اعطاكها ... قلت : نعم. ذلك ولكِ أفضلها ...
قالت : الذي أعطاكهن أخذهن ، وإن شاء ردهن فسله من طريق اليقين ، لا من طريق الاختبار.
فأعجبني ما رأيت من جمالها ، وحسن كلامها ، فقلت : ألك بعل ؟ قالت : قد دعي فأجاب : فأعيد إلى ما خلق منه.
قلت : فما قولك في بعل ، تؤمن بوائقه ولا تذم خلائقه ؟.. فرفعت رأسها ، وتنفست وقالت :
كنا كغصنين في أصل غداؤهما
ماء الجداول في روضات جنات
فاجتثَّ خيرهما من جنب صاحبه
دهر يكر بفرحات وترحات
وكان عاهدني إن خانني زمن
إلا يضاجع انثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته إن خانه زمن
ألا أبوء ببعل طول محياتي
فلم نزل هكذا والوصل شيمتنا
حتى توفى قريباً من سنياتي
فاقبض عنانك عمن ليس يردعه
عن الوفاء خلاف بالتحيات
هذه قصة امرأة ذات وفاء وإيمان ، غرسه الاسلام في نفسها مع التقوى ...
وأروع من هذه ما ذكر عن نهاية الأرب في فنون الأدب قال : « إن سليمان ابن عبد الملك ، خرج ومعه يزيد بن المهلب إلى بعض جبابين الشام ، وإذا بامرأة جالسة عند قبر تبكي.
فجاء سليمان ينظر إليها ... فقال لها يزيد : ـ وقد عجب سليمان من حسنها ...
يا أمة الله هل لك في أمير المؤمنين حاجة ؟ فنظرت إليهما. ثم نظرت إلى القبر وقالت :
فان تسألاني عن هواي فإنه
حوماء هذا القبر يا فتيان
وإني لأستحييه والترب بيننا
ما كنت أستحييه حين يراني
التعلیقات