مبدأ الأخوّة الإيمانية (١ـ١)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتلم تنبت فكرة التكافل بلا جذور ، ولم تنطلق من فراغ ، وإنّما سبقتها ومهدت لها وأسهمت في
فاعليتها وديمومتها مجموعة من الأسس والمبادئ العامة ، كانت بمثابة البنىٰ التحتية التي عملت على بلورة فكرة التكافل وإرساء قواعدها ، وفي طليعة هذه الأسس والمبادئ :
أولاً : مبدأ الأخوّة الإيمانية
عمل الإسلام على بناء وتدعيم علاقات طيبة بين الناس تقوم على أساس الأخوّة والألفة ، وإذا كان علم الاجتماع معنياً أولاً وقبل كل شيء بالظواهر الاجتماعية ، فإن ظاهرة الأخوّة التي أوجدها الإسلام بين أفراده تستحق الدراسة والتأمل ، فقد كان العرب ـ في الجاهلية ـ على شفا حفرة من نار الخلاف والاختلاف والتمزق والتقاتل ، ولكنهم بعد أن ارتضعوا من لبان ثقافة الإسلام أصبحوا أمة متحدة ، مرهوبة الجانب تمتلك أسباب التمدّن والرّقي.
فقد أحدثت مبادئ الإسلام وخاصة مبدأ الأخوة إنعطافاً اجتماعياً حاداً في أنماط تفكير وسلوك الغالبية الغالبة من المسلمين ، حيث كان الإنسان الجاهلي قبل الإسلام منكفئاً على ذاته ، ومتقوقعاً داخل أسوار نفسه ، فغدا بفضل الإسلام إنساناً إجتماعياً يشعر بمعاناة إخوته ، ويمدّ يده العون لهم ، ويشاركهم في مكاره الدهر.
وهذه النقلة الحضارية يشير إليها القرآن بصورة جلّية ، في قوله عز من قائل : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ) (١).
****************************
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٣.
ادامه دارد
التعلیقات