شفقة السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
السید حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتلو أن شخصاً سعى في آخر لحظات حياته بالدعاء للآخرين، وطلب من الله عزّ وجلّ الخير لهم، من المعلوم والواضح أنّه في حياته کان كذلك لديه نفس النظرة والاتجاه
إن سيرة أنبياء الله وأوليائه والذين خاطبهم الله في كتابه ﺑ"أهل البيت (عليهم السلام)" في آية التطهير بقوله: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"(1)، كُلّها دروس ورسائل للناس أجمع؛ كي يبينوا أهمية الدعاء والتوسل بالله، وهو ديدنهم حتى نهاية حياتهم الشريفة، فهم يفكّرون، ويهتمّون بقضية هداية الناس وامتنان السعادة لهم.
ومن هؤلاء الطيبين الأخيار هم أهل البيت (عليهم السلام) الذين أشار الله إليهم في القرآن الكريم، والسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي من هذا البيت المطهر من الرجس، ومن أبرز صفاتها أنها كانت تدعو الله، وتؤثر الآخرين على نفسها، بل تؤثر العصاة المذبين بالمغفرة، ففي رواية عن أسماء بنت عميس تقول: رأيتها (عليها السلام) في مرضها جالسة إلى القبلة، رافعة يديها إلى السماء، قائلة: "اِلهی وَسَیدي اَسْئَلُكَ بِالذَّینَ اصْطَفَیتَهُمْ، وَبِبُکاءِ وَلَدَي في مُفارَقَتِي، اَنْ تَغْفِرَ لِعُصَاةِ شیعَتِي وَ شیعَةِ ذُرِّیتِي".(2)
نعم، إنّ السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت حتى في لحظاتها الأخيرة من حياتها الشريفة تفكر بمستقبل المسلمين الحقيقيين ألا وهم الشيعة.
ومن الأخبار الواردة في حقها رواية عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول فيه: إنّ فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستين يوماً، ثم مرضت، فاشتد حالها، فكان من دعائها في شكواها: "یا حي وَیا قَیومُ برَحمَتِكَ أَستَغیثُ فَأَغثني، اللّهُمَّ زَحزِحني عَنِ النّارِ، وَأدخِلني الجَنَّةَ، وَألحِقنی بِاَبی مُحَمّدٍ (صلى الله عليه وآله)".(3)
كذلك جاء في رواياتٍ متعددةٍ مذكورةٍ عند الشيعة والسنة، أنّ السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في لحظاتها الأخيرة كانت تصلي، وكانت منشغلة بذكر الله عزّ وجلّ، وفي هذه الصلاة الأخيرة كان دعائها للشيعة والمسلمين الحقيقيين، كما أنها کانت تدأب في صلاتها، وتطلب المغفرة من الله للمخطئين والمذنبين من هذه الأمة الإسلامية (بالطبع المقصود من الأمة الإسلامية هم المسلمون بالباطن، وليس المنافقين المتلبسين بلباس الإسلام الذين اغتصبوا حقّها، وظلموها، وضربوها، وأسقطوا جنينها).
فمن الواضح فهم ودرك هذا المعنى أنّه يجب تقديرها واحترامها وذكرُها في مواطن كولادتها وشهادتها وبيان مكانتها وشأنها الرفيعة لجميع الخلق؛ لكي نبيّن بأننا نحن المسلمون لدينا مثل هذه القادة نقتدي بهم في حياتنا.
1) الأحزاب:33.
2) صحیفة الزهراء (علیها السلام)،ص 210 / نهجالحیاة، ص 14.
3) بحار الأنوار، ج43، ص218/صحيفة الزهراء، ص206/بيت الأحزان، ص169.
التعلیقات
١