الاعتناء بالجار والضيف وقلة الكلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 4 سنواتهناك سُبل كثيرة للإنسان يستطيع بواسطتها يرتقي سُلّم النجاح والفلاح في الدارين، فالإنسان الذي يحب الكمال يجب عليه أن يسعى في تحصيله، وأحسن الطرق الموجودة والمقبولة عند رب العالمين هي تعاليم السنن السماوية الواصلة لنا عن طرق الأنبياء عليهم السلام، وأجمل ما نشاهدها، هي التي أعطاها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لبضعته سيدة النساء عليها السلام، فورد في المصادر أنها جاءت إليه في يوم من الأيام، وهي تريد أن تشتكي إليه بعض أمرها، ولكن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أعطاها تعاليم تسعدها، وتؤنس قلبها، ووصلت إلينا هذه التعاليم الراقية عن طريق أئمة الهدى علهيم السلام، فورد في الخبر عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ تَشْكُو إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ بَعْضَ أَمْرِهَا فَأَعْطَاهَا كَرِيسَة، وقَالَ تَعَلَّمِي مَا فِيهَا فَإِذَا فِيهَا: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ». (1)
شرح مختصر لمضامين الرواية الشريفة:
1ـ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ:
يبتني المجتمع الصالح على عدة من الأسس المهمة؛ لكي ينعم الإنسان بعيش كريم فيه. فالجار الصالح من أهم مرتكزات المجتمع الخيّر، فالاهتمام بالجار بمثابة حجر الأساس في بناء تلك القاعدة الصلبة التي من شأنها أن تجعل التكافل الاجتماعي في ميزان النجاح والديمومية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر». (2)
2ـ ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ:
فقد حث الإسلام، ورغّب على إقامة الضيافة، وذكر لها آداب جميلة ولطيفة بحيث مراعتها تجلب المحبة للطرفين والاحترام، وتؤدي إلى ترابط المجتمع وتضامنه، وذلك بشرط تطبيق تعاليم الإسلام، ومن شروط الضيافة أنه على الإنسان أن يحفظ حرمة ضيفه، ولا يستخدمه في حوائجه أو يكون طامعاً في دعوته بأن يطلب منه شيئاً خارجاً عن طاقته، وقد يؤيد هذا المعنى الرواية المروية عن ابن أبي يعفور قال: «رأیت عند أبی عبد الله علیه السلام ضیفاً، فقام یوماً فی بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك وقام بنفسه إلى تلك الحاجة، وقال: نهى رسول الله صلّى الله علیه وآله عن أن یستخدم الضیف». (3)
3ـ ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ:
إذا كنت لم تحط بالموضوع، فلا تتكلم بكلام فارغ، وإذا كنت لا تعرف شيئا، فكن صريحاً، وقل الحقيقة أو اتخذ الصمت؛ لأنّ الصواب والحل الأفضل قد يكون في ذلك، وأن الصمت يجعل الآخرين يفكرون عنك بالصورة الإيجابية، وبهذا الصمت حافظت على كرامتك، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ تُعَدَّ حَلِيماً جَاهِلًا كُنْتَ أَوْ عَالِماً؛ فَإِنَّ الصَّمْتَ زَيْنٌ لَكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِـ وَسَتْرٌ لَكَ عِنْدَ الْجُهَّال). (4)
فهذه الأمور التي أمر بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أحسن الطرق وأنفعها للحياة، ويستطيع الإنسان أن يجعلها نصب عينيه، ويأخذ الدروس منها؛ لكي يرتقي بنفسه نحو الكمال المطلوب.
فهذه الأمور التي أمر بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أحسن الطرق وأنفعها للحياة، ويستطيع الإنسان أن يجعلها نصب عينيه، ويأخذ الدروس منها؛ لكي يرتقي بنفسه نحو الكمال المطلوب.
1ـ الكافي: ج2، ص 667.
2ـ المحجة البيضاء: 3 : 357.
3ـ الكافي: ج 6، ص 276.
4ـ تحف العقول: ص 305.
التعلیقات