فتح خيبر
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 3 سنواتمدة القرأة: 6 دقائق
سبب التوجّه لفتح خيبر
لم يكن بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين يهود خيبر عهد، بخلاف بني قنيقاع والنضير وقريظة، فقد كان بين الرسول صلى الله عليه وآله وبينهم عهد، ومعنى ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وآله توجّه إليهم؛ ليدعوهم إلى الإسلام، أو قبول، الجزية، أو الحرب؛ فلمّا لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية حاربهم.
سبب التوجّه لفتح خيبر
لم يكن بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين يهود خيبر عهد، بخلاف بني قنيقاع والنضير وقريظة، فقد كان بين الرسول صلى الله عليه وآله وبينهم عهد، ومعنى ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وآله توجّه إليهم؛ ليدعوهم إلى الإسلام، أو قبول، الجزية، أو الحرب؛ فلمّا لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية حاربهم.
- إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله
- المسيح عليه السلام والمائدة السماوية
- الكريسمس والعالم العربي
تاريخ فتح خيبر
سار الجيش الإسلامي لفتح خيبر في جمادى الأُولى ۷ للهجرة، وقد تمّ فتح خيبر في ۲۴ رجب ۷ للهجرة على أغلب الأقوال، حيث حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بضعاً وعشرين ليلة.
إعطاء الراية لعلي عليه السلام
في بدء الأمر، بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر برايته وكانت بيضاء لفتح خيبر، ولكن رجع أبو بكر، ولم يفتح، ورجع فاشلا، وقد جهد.
ثمّ بعث صلى الله عليه وآله في الغد عمر بن الخطّاب برايته ومعه جماعة، ورجع عمر وأصحابه كأبي بكر فاشلا مهزموا، فجاؤوا يجبِّنُونه، ويجبِّنُهم كسابقه.
وخرجت كتائب اليهود يتقدّمهم ياسر أو ناشر ـ أخ مرحب ـ فكشفت الأنصار حتّى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فاشتدّ ذلك على رسول الله، وقال صلى الله عليه وآله: « لأُعطِيَنَّ الرّايَةَ غَدا رَجُلاً يُحِبُّ اللّه َورَسولَهُ، ويُحِبُّهُ اللّه ورَسولُهُ، كَرّارا غَيرَ فَرّارٍ، لا يَرجِعُ حَتّى يَفتَحَ اللّه عَلى يَدَيهِ»،(1) فتطاولت الأعناق؛ لترى لمن يعطي الراية غداً، ورجا كلّ واحد من قريش أن يكون صاحب الراية غداً.
وكان الإمام علي عليه السلام أرمد العين، فدعاه صلى الله عليه وآله، فقيل له: إنّه يشتكي عينيه، فلمّا جاء الإمام علي عليه السلام أخذ صلى الله عليه وآله من ماء فمه، ودَلّك عينيه، فبرئتا حتّى كأن لم يكن بهما وجع.
ثمّ قال صلى الله عليه وآله: «اللّهمّ أكفه الحرّ والبرد»،(2) فما اشتكى من عينيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، فعقد صلى الله عليه وآله للإمام عليه السلام، ودفع الراية إليه، وقال له: «قاتل، ولا تلتفت حتّى يفتح الله عليك».
فقال الإمام علي عليه السلام: «يا رسول الله، علام أُقاتلهم»؟
فقال صلى الله عليه وآله: «على أن يشهدوا أن لا إله إلّا الله، وأنِّي رسول الله، فإذا فعلوا ذلك حقنوا منِّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّها، وحسابهم على الله عزّ وجلّ».(3)
خروج الإمام علي عليه السلام لخيبر
قال سلمه: فخرج الإمام عليه السلام –والله- يُهروِل وأنا خلفه، نتّبع أثره، حتّى ركز رايته تحت الحصن، فاطّلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟ قال: «أنا علي بن أبي طالب»، فقال اليهودي: علوتم أو غلبتم.
وخرج إليه أهل الحصن، وكان أوّل من خرج إليه أخ مرحب، وكان فارساً شجاعاً، فانكشف المسلمون، وثبت الإمام علي عليه السلام، فتضاربا، فقتله الإمام علي عليه السلام، وانهزم اليهود إلى الحصن.
فلمّا علم مرحب بمقتل أخيه نزل مسرعاً، وقد لبس درعين، وتقلّد بسيفين، واعتمّ بعمامتين، ولبس فوقهما مغفراً وحجراً قد أثقبه قدر البيضة لعينيه، ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار، وهو يرتجز، ويقول:
قَدْ علِمَت خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ
شَاكي السلاح بَطلٌ مُجرّبُ
أطعنُ أحياناً وحِيناً أضرِبُ
إذا اللُّيوث أقبلَتْ تَلتَهِبُ
فردّ علي عليه السلام عليه، وقال:
أنَا الذي سَمّتْني أُمِّي حَيْدَرة
أكِيلُكُم بالسَيف كَيل السندَرَة
لَيثٌ بِغابَاتٍ شَديد قَسوَرَة
لَيثٌ بِغابَاتٍ شَديد قَسوَرَة
وحيدرة: اسم من أسماء الأسد، فاختلفا ضربتين، فبدره الإمام علي عليه السلام فضربه فقدّ الحجر والمغفر ورأسه، حتّى وقع السيف في أضراسه فقتله.
فكبّر الإمام علي عليه السلام، وكبّر معه المسلمون، فانهزم اليهود إلى داخل الحصن، وأغلقوا باب الحصن عليهم، وكان الحِصنُ مُخندقاً حوله، فتمكّن الإمام علي عليه السلام من الوصول إلى باب الحصن، فعالجه وقلعه، وأخذ باب الحصن الكبيرة العظيمة التي طولها أربعون ذراعاً، فجعلها جسراً فعبر المسلمون الخندق، وظفروا بالحصن، ونالوا الغنائم؟(4)
قال الإمام الباقر عليه السلام: «انتهى ـ أي علي عليه السلام ـ إلى باب الحصن، وقد أُغلق في وجهه، فاجتذبه اجتذاباً وتترّس به، ثمّ حمله على ظهره، واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره، فوالله ما لقيَ عليٌّ من الناس تحت الباب أشدّ ممّا لقيَ من الباب، ثمّ رمى بالباب رمياً».(5)
وقد حاول حمل هذا الباب أربعون رجلاً فلم يتمكّنوا، حتّى تكاملوا سبعين فتمّ لهم حمله، قال ابن أبي الحديد المعتزلي في ذلك:
يا قالع الباب التي عن هزّها
عجزت أكفّ أربعون وأربعُ
شعر حسّان بن ثابت في ذلك
لمّا دفع رسول الله صلى الله عليه وآله الراية إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، أنشأ حسّان بن ثابت بهذه المناسبة شعراً:
وكان علي أرمد العين يبتغي
دواءً فلمّا لم يحسّ مداويا
شفاه رسول الله منه بتفلة
فبورك مرقياً وبورك راقيا
فقال سأُعطي الراية اليوم
صارماً كَمِيّاً محبّاً للرسول مواليا
يحبّ إلهي، والإله يحبّه به
به يفتح الله الحصون العواليا
فأصفى بها دون البريّة كلّها
علياً، وسمّاه الوزير المؤاخيا(6)
1ـ الكافي : ج 8 ص 351 ح 548.
2ـ الأمالي للطوسي: ص 546، ح 168.
3ـ أعيان الشيعة: ج 1، ص 270.
4ـ أعيان الشيعة: ج 1، ص 271.
5ـ إعلام الورى بالهدى: ج 1، ص 208.
6ـ الإرشاد: ج 1، ص 128.
التعلیقات
١