حقوق المجتمع في القرآن الكريم
السيّد سعيد كاظم العذاري
منذ 11 سنةالقرآن الكريم دستور البشرية الخالد ، يمتاز بالشمول والاحاطة الكاملة بجميع شؤون الحياة ، وقد وضع أُسسا عامة في علاقة الفرد بالمجتمع ، ووضع لكلِّ طرف حقوقه وواجباته للنهوض من أجل إتمام مكارم الأخلاق ، وإشاعة الود والحب والوئام في ربوع
المجتمع الإنساني ، وفيما يلي نستعرض جملة من حقوق المجتمع على الفرد والاُسرة ، الخلية الاجتماعية الاُولى ، وأهم تلك الحقوق هو التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الاثم والعدوان قال تعالى : «وَتَعَاونوا على البرِّ والتَقوى ولا تَعاونُوا على الإثمِ والعُدوانِ»وأمر القرآن الكريم بالاحسان إلى أفراد المجتمع : «واعبُدُوا اللّه ولا تُشرِكُوا بهِ شَيئا وبِالوالدينِ إحسانا وبذي القُربى واليتَامى والمسَاكينِ والجارِ ذي القُربى والجارِ الجُنُبِ والصَّاحبِ بالجنبِ وابنِ السبيلِ وما مَلكَت أيمانُكُم»
وأقرّ القرآن حق النصرة : « وإن استَنصرُوكُم في الدِّينِ فَعَليكُمُ النَّصرُ ... »
وأمر بالاعتصام بحبل اللّه وعدم التفرّق : «واعتَصِموا بِحبلِ اللّه جَميعا ولا تَفَرَّقُوا»
وأمر بالسعي للاصلاح بين المؤمنين : «إنّما المؤمِنُونَ إخوةٌ فاصلِحُوا بينَ أخوَيكُم واتقُوا اللّه لَعلّكُم تُرحَمُونَ»
وأمر بالعفو والمسامحة : «خُذِ العَفو وأمُر بالعُرفِ وأعرِض عَن الجَاهِلينَ»
وأمر بالوفاء بالعقود : «يَا أيُّها الذِينَ آمنُوا أوفُوا بالعُقُودِ»
وأمر باداء الامانة : «إنّ اللّه يأمُرُكُم أن تُؤدّوا الأماناتِ إلى أهلِهَا»
وأمر باداء حق الفقراء والمساكين وابن السبيل وعدم تبديد الثروة بالتبذير والاسراف «واتِ ذا القُربى حقّهُ والمسكِينَ وابن السّبيلِ ولاتُبذّر تبذيراً»
وقال أيضاً : «وفي أموالِهم حقٌ لِلسّائِلِ والمحرُومِ»
ومن أجل إشاعة مكارم الأخلاق ، والسير على النهج القويم ، أمر القرآن بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر : «وَتَواصوا بِالحقِّ وتَواصَوا بالصّبرِ»
ومن حقوق المجتمع على الفرد أن يقوم بواجب الاصلاح والتغيير للحفاظ على سلامة المجتمع من الانحراف العقائدي والاجتماعي والأخلاقي ، وأن يقابل الاساءة والمصائب التي تواجهه بصبر وثبات ، فمن وصية لقمان لابنه : «يا بُنيّ أقِم الصَّلاةَ وأمُر بالمعرُوفِ وانه عَنِ المنكَرِ واصبِر على ما أصابَكَ إنَّ ذلكَ مِن عزمِ الاُمُورِ»
ونهى القرآن الكريم عن الاعتداء على الآخرين ، بالظلم والقتل وغصب الأموال والممتلكات والاعتداء على الأعراض : «ولا تَعتدُوا إنَّ
اللّه لا يُحبُّ المُعتَدينَ»
وحرّم الدخول إلى بيوت الآخرين دون إذن منهم : «يا أيُّها الذينَ آمنُوا لا تَدخُلوا بُيُوتا غَير بُيُوتِكُم حتى تَستأنِسُوا وتُسلِّموا عَلى أهلِها»
ونهى عن بخس الناس حقوقهم : «ولا تَبخَسُوا الناسَ أشياءَهُم»
وحرّم التعامل الجاف مع الآخرين : « ولا تُصعِّر خَدَّكَ للناسِ ولا تَمشِ في الأرضِ مَرَحا ... »
وحرّم جميع الممارسات التي تؤدي إلى قطع الأواصر الاجتماعية ، « يَا أيُّها الذِينَ آمنُوا لا يَسخَر قومٌ مِن قَومٍ عَسى أن يَكُونُوا خَيرا مِنهُم ولا نِساءٌ مِن نِساءٍ عَسى أن يَكُنَّ خَيرا مِّنهنَّ ولا تَلمِزُوا أنفسَكُم ولا تنابزُوا بالألقابِ بِئسَ الإسمَ الفسُوق بعدَ الإيمانِ ... »
وحرّم الظن الآثم والتجسس على الناس واغتيابهم : «يا أيُّها الّذينَ آمنُوا اجتَنبُوا كَثيرا مِن الظنّ إنّ بَعضَ الظنّ إثمٌ ولا تَجَسّسُوا ولا يَغتب بَعضُكُم بَعضا»
وحرّم إشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلامي : « إنّ الذينَ يُحبُّونَ أن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الذينَ آمنُوا لَهُم عذابٌ أليمٌ ... »
وحرّم ارتكاب الفواحش الظاهرية والباطنية : «ولا تَقربُوا الفواحِشَ ما ظَهرَ مِنها وما بَطنَ»
وهكذا يوفر القرآن في هذه اللائحة الطويلة والعريضة ، ما يضمن توفير الحصانة للمجتمع البشري ، وهو يضع النظام الدقيق والشامل ، من أحكام وقيم أخلاقية ، ليكون الامان والتآلف والتعايش والتكافل معالم أصيلة في الحياة الاجتماعية.
التعلیقات