في بيان أن الصلة تطيل العمر
قد تظافرت الاخبار بذلك ، ورواه الثقة الكليني باسناده عن محمد بن عبدالله قال : قال ابو الحسن الرضا عليهالسلام : يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها الله ثلاثين سنة ، ويفعل الله ما يشاء
.وباسناده عن اسحاق بن عمار قال : قال ابو عبدالله عليهالسلام ما نعلم شيئاً يزيد في العمر الا صلة الرحم ، حتى أن الرجل يكون عمره ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة ، ويكون اجله ثلاثاً وثلاثين سنة فيكون قاطعاً للرحم فينقصه الله عزوجل ويجعل أجله الى ثلاث سنين.
وباسناده عن الحسن بن علي الوشاء عن ابي الحسن الرضا عليهالسلام مثله.
قلت : لا يضر تفاوت الزيادة في هذا الحديث والذي تقدمه على الاول ، لان الزيادة غير المنافية مقبولة ، وفي قوله عليهالسلام « ما نعلم شيئاً » الخ ، مزيد ترغيب في الصلة وتأكيد لكونها سبباً لها.
وباسناده عن ابي حمزة قال : قال ابو جعفر عليهالسلام : صلة الارحام تزكي الاعمال ، وتنمي الاموال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب [ وتنسيء ] في الاجل.
وباسناده عن عبد الحميد عن الحكم الحناط قال : قال ابو عبدالله عليهالسلام : صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الاعمار.
باسناده عن عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله عليهالسلام قال : ان القوم ليكونوا فجرة ويكونون بررة ، فتنموا أموالهم وتطول أعمارهم ، فكيف أذا كانوا أبراراً بررة
وربما استشكل ذلك باعتبار أن المقدر في الازل والمكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير بالزيادة والنقصان ، لاستحالة خلاف معلوم الله تعالى.
وأجيب بأن المراد به الترغيب أو الثناء بعد الموت ، ومثله « ماتوا فعاشوا بحسن الذكر بعدهم » ، أو زيادة البركة في الاجل دون الزيادة فيه.
وهذا الاشكال وارد في كل ترغيب ووعد ووعيد ورد في الكتاب المجيد والسنة المطهرة.
ويندفع بما تقرر عندنا في علم الكلام من أن العلم تابع للمعلوم لا مؤثر فيه ، فكلما يحدث في العالم معلوم لله تعالى على ما هو عليه واقع من شرط أو سبب ، فاذا قال الصادق « ان زيداً إذا وصل رحمه زاد الله في عمره » ففعل ذلك كان ذلك اخباراً بأن الله تعالى علم أن زيداً يفعل ما يزداد به عمره ، كما انه اذا أخبر انه اذا قال « لا اله الا الله » دخل الجنة ففعل تبين ان الله علم انه يفعل ذلك ويدخل الجنة.
ولا يشكل أيضاً بقوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) (١) ، ( وَلَن يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ) (٢).
وذلك لان الاجل يصدق على الاجل الموهبي والمسببي ، فيحمل في الاية على الموهبي.
أو يقال : الاجل هو الوقت ، فأجل الموت هو الوقت الذي علم الله وقوعه فيه ، سواء كان بعد العمر الموهبي أو السببي. وليس المراد به العمر ، اذ هو مجرد الوقت. وينبه عليه بعد دلالة الاخبار قوله تعالى : ( وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) (٣).
__________________
(١) سورة الاعراف : ٣٤.
(٢) سورة المنافقون : ١١.
(٣) سورة فاطر : ١١.
التعلیقات