هل من خرقة أستر بها
ياسر الشريعتي
منذ 10 سنواتسألت نساء أهل بيت (عليهم السلام) لِيسترجعَ ما أُخِذَ منهنَ لِيتستّرنَ به فقالَ (عمر بن سعد) : "مَنْ أَخذَ من متاعِهنّ شيئاً فليردَّه عليهنّ ؛ فواللهِ ما ردَّ أَحدٌ منهم شيئاً" 1
قد تمّ تحليل حركة الحسين من زوايا عديدة واستخرج العلماء والباحثون من هذا البحر الهائج العميق معارف شتّى. إحدى النقاط المثيرة للاهتمام في هذه الحركة هي المحاولة على حفظ كرامة نساء اهل البيت و حجابهنّ
لقد اشار ارباب المقاتل إلى هجوم القوم إلى خيام الامام الحسين (عليه السلام) ووقاحتهم في سلب مقانع نساء آل البيت. من جملتهم عبارة الشيخ المفيد في الارشاد التي ذكرناه في بدء المقال وظهر منها أنّهنّ لم يطلبن الماء والطعام رغماً لشدة عطشهم وجوعهم لكنّهنّ سألن ليسترجع ما أخذ منهنّ من الستار.
إن أريق دم الامام الحسين (عليه السلام) وأولاده وأصحابه لاستقامة دين رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حفظن نساء اهل البيت هذه الدماء الطاهرة بعنايتهنّ بالحجاب والتّستّر كما قالت فاطمة الصغرى (عليها السلام): "كنت واقفة بباب الخيمة ...وإذا به قد قصدني ففررت منهزمة وأنا أظن أني أسلم منه وإذا به قد تبعني فذهلت خشية منه وإذا بكعب الرمح بين كتفي فسقطت على وجهي فخرم أذني وأخذ قرطي ومقنعتي وترك الدماء تسيل على خدي ورأسي تصهره الشمس وولى راجعا إلى الخيم وأنا مغشي علي وإذا أنا بعمتي عندي تبكي وهي تقول قومي نمضي ما أعلم ما جرى على البنات وأخيك العليل فقمت وقلت يا عمتاه هل من خرقة أستر بها رأسي عن أعين النظار فقالت يا بنتاه وعمتك مثلك فرأيت رأسها مكشوفة ومتنها قد أسود من الضرب".2
ففاطمة الصغرى لم تشتكِ من ضرب كعب الرمح وخرم أذنها وأخذ قرطها و سيل الدماء على خدّها ولكنّها كانت قلقة بحجابها وطلبت من عمّتها خرقة لتستّر رأسها.
وأيضا بعد أن أورد القوم سبايا أهل البيت (عليهم السلام) في الكوفة وصار الناس يناولون الاطفال بعض التمر والخبز والجوز ، صاحت بهم ام كلثوم قائلة: "يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام" وأخذت ذلك من أيدي الاطفال وأفواههم ورمت به إلى الارض.3
ولكن قبل ذلك، لمّا قاربوا الكوفة، اجتمع أهلها للنظر إليهنّ وجاءت امرأة من الكوفيات فقالت: "من أيّ الاسارى أنتنّ؟" فقلن: "نحن اسارى آل محمد" فجمعت ملاء ومقانع فأعطتهن فتغطين.4
فعلى الرغم من تحريم الصدقة عليهنّ، قبلن نساء اهل البيت المقانع للتغطي فإذن نجد أنّ الحجاب والتّستّر أكثر أهميّةً وأقوى مصلحةً ويجب على كلّ امرأة تحذو حذو أهل البيت (عليهم السلام) التحفظ على الحجاب والتعفّف في كلّ الظروف والشرائط.
_________________
1. الشيخ المفيد، الارشاد، ج2، ص113.
2. الشيخ محمدباقر المجلسي، بحارالانوار، ج45، ص60.
3. الشيخ محمدباقر المجلسي، بحارالانوار، ج45، ص114.
4. الشيخ محمدباقر المجلسي، بحارالانوار، ج45، ص108.
التعلیقات