منهجية الأبناء في النظم الإسلامية
موقع بلاغ
منذ 10 سنواتهناك أحكام قد استوفتها السنة يمكن للمجتمع المسلم التمسك بها أكثر مما ورد في الكتاب
وإن جاء بأُمهات الأحكام وهذا ما أردنا بيانه في عرض الأنظمة القرآنية التي ترشدنا إلى الأصول الكلية العامة مع ملاحظة الأنظمة النبوية ويكون من المجموع جعل نظام عام لصالح المجتمع البشري يسير في نمط معتدل قد جمع الأنظمة الاجتماعية والأخلاقية والنفسية والاقتصادية بدون حاجة إلى آراء الآخرين لأنّ التشريع الرسالي فوق القمة لدركه لمتطلبات المجتمع البشري.
وحافظ لشؤونه لأنّ المرحلة الأساسية التي يقوم بها الدين الإسلامي أخذ الطفل من سن المراهقة في دور التربية ويكون التوجيه من قبل صدور المشكلة وعدم موضوعيتها وعلى هذا تتوحد جميع المجتمعات بصياغة واحدة منظمة بدون حاجة إلى جعل قانون لكل مجتمع كما هو وظيفة القانون الوضعي وإنما المجتمعات تتوحد في خط واحد إلى غاية واحدة كما قال سبحانه: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13).
طلب من الأُم رعاية أبنائها بالتربية الإسلامية على الصدق والوفاء والحياء والأيمان وحب الخير لمجتمعه والفداء والمعرفة.
وجه الإسلام خطابه للأب لأنّه المسؤول عن التربية والتوجيه فقال لاعبه سبعاً وأدّبه سبعاً وصاحبه سبعاً وجعل سير الطفل إلى مراحل ثلاث المرحلة الأولى تكتنفه الأُم حتى تغذيه باللبن والعطف والحنان والثانية مرحلة الاستعداد في التعليم والتلقي والمرحلة الثالثة التطبيق إلا أن بولبي 1951 وسيرز وزملاءه يرون أنّ الأب ليس له أهمية في الناحية التربوية إذ يقول بولبي ان قيمة الأب تعزى إليه من الوجهة الاقتصادية ويقول (سيرز 1957) انّ الرجال احتكروا العلم وفشلوا في الاهتمام بالأطفال ويصف جور 1948 المجتمع الأمريكي بأنّه وطن الأُم ويميل فيما نرى جوسلين 1956 بأنّ الأبوة جبر اجتماعي.
إلا أن تبرسون 1959 يرى أن دولار الأب له الأهمية الكبرى بالرغم من إهمال الباحثين له وهكذا نظر جاردنر 1943 وجونسون 1963 وبيللر 1967 إذ برهنوا على أهمية الأب ما قبل المدرسة.
ويبدو من الظاهرة الإسلامية أنّ التربية في دور النضوج العاطفي في أحضان الأُم وأنّ الأب يعطى دور الإشراف دون التصويب الإرادي سواء كان في الولد أو الأنثى ويرجع التحاق البنت في إدارة أمها التربوية إلى سن السابعة لوحدة المماثلة وتأثير المماثل في المماثل ولإغداق العاطفة في جانب الأمومة للبنت أكثر من الولد وتقليل جانب العاطفة أو الإشباع منها في جانب الولد وإن كانت العاطفة الأمومية لابدّ من بثها في نفسية البنت والولد إلا أنّ الأكثرية يلحظها الإسلام في جانب البنت أكثر من الولد.
وقد جعل الإسلام حقاً يؤديه الوالد لولده كما جاء في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (ع) وأما حق ولدك فإن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ والمعونة على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه.
وقال في فقرة أخرى وحق الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة.
وهذا يعطي دور رعاية المجتمع للصغير بالحفاظ عليه وزجه في عالم الثقافة والتعليم حتى لا يكون أداة عاطلة.
فالرعاية الإسلامية تجعل حقاً على الفرد وهو بالنظر إلى الوالدين ورعاية على المجتمع بأن يدافع في نشر الثقافة والتعليم.
جاء الإسلام بنظم فريدة في نوعها وتوجيهها إلى الأجيال وسار في توجيه الطفل على نسق علماء النفس متخذاً أوّل مرحلة وهي دور الأُم لأنّها الكفيلة في الرعاية والتوجيه ولابدّ أن نبحث عن حياته ومداركه ثمّ المضي إلى احتكاكه في المجتمع وأثر المجتمع الأسري عليه، وهكذا إلى دور الترقي في ميدان المجتمعات الأخرى.
حيث إن تولد الطفل في أوّل تطلعه للحياة تتلقفه الأُم إلى أحضانها وتغذيه بلبنها وحنانها ويسير في ركب التقدم والنضوج.
وأوّل من يعتمد عليه الطفل في قضاء حاجاته هي الأُم أو المرضعة ولكنه ريثما يقيم أوّل خطوة يتدرج إلى توطيد علاقاته الاجتماعية مع محيط أسرته المنزلية وما حوله وهكذا.
وقبل هذه الخطى سيره في اتجاه التمييز بأن يميز صوتها وسحنات وجهها ولو جاءه الغريب بصوت غير ذلك المألوف تجده متغيراً في سحنات وجهه وقد يعرض له الذعر والبكاء ولو جاءه بصورة تدريجية لقل استغرابه وتقلص ذعره وربّما تأخذه الابتسامة والاستقبال الحسن.
ويقع دور الأُم معه باستجابة مطالبه من الغذاء المناسب والنظافة وتنظيم النوم أو البحث عن أسباب بكائه لأنّ كل صوت يرمز إلى ناحية في احتياجه ولابدّ أن تشعر الأُم وتميز تلك الأصوات من صوت متقطع أو مستمر أو مرتفع أو منخفض.
ويقوم في سنته الأولى بدور المحاكاة وتقليد الأصوات ويأخذ في التقاط الأصوات الدالة على المعنى أو العائدة له وأن لا تتخذ الأُم في سلوكها مع الطفل العنف أو فتح الأبواب لرغباته وإنما تأخذ السير المعتدل لأن كل صفة من هاتين الصفتين تمنح الطفل سلوكاً معاكساً لسير المجتمع.
وفي سن الثالثة والرابعة تقوى حركاته وربما يميل إلى الدكتاتورية ولكن لم يفقده تأثير الأبوين في سلوكه وتكون ملاحظة الأُم في هذه الأدوار نظرة رقابة لأنّ هذه الأدوار قد تمر عليه حالة الغضب الحاد أو الخجل أو الانعزال.
فالطفل يقع في معرض عوامل التأثير الذي قد ينسجم مع المجتمع وقد يعارضه ولا بأس بأن نوضح الفكرة أنّ الطفل عندما يولد في مجتمع ذي ميراث ثقافي قد يتكهرب على وفق ذلك النمط الذي سار عليه مجتمعه ويعكس تلك العادات والمفاهيم المستقرة في واقع مجتمعه.
ولقد أجرى كل من جيزيل وتومسون ويولر دراسات مستوعبة عن سلوك الطفل الاجتماعي خلال السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل وتوصلت يولر من دراسة حياة الطفل الأولى إلى أن 60% يوجب تقدم الوعي الاجتماعي خلال الطفولة الباكرة.
وصورة السلوك الاجتماعي للطفل الباكر هي الابتسامة والبكاء وحركات العين استجابة لرؤية الأشخاص الآخرين، وفي أواخر الشهر الثاني يهدأ روعه إلى الملامسة ويبتسم لابتسامة القائم بترضيعه وما بين الشهر الثاني والثالث يشتمل السلوك الاجتماعي للطفل على البكاء إذا تركه المكتفل بحضانته وفي نهاية الشهر الرابع يستجيب للتطلع الباسم بنوع من المناغاة ويظهر علامات من الامتعاض إذا ابتعد عنه مربيه، وهكذا يأخذ دور الترقي في الوعي الاجتماعي وتكثر الاستجابة منه إلى أن يتشوف انتباه الآخرين ويعبر عن ذلك بالحركات.
وخلال العام الأوّل من عمره تكون استجابته بواسطة القائم بخدمته وشؤونه وفي السنة الثانية من عمره تصبح استجاباته ودية وتعاونية فإنّه إذا ضحك كثيراً لأسباب مداعبة من قبل الغير.
وفي السنة الثالثة من حياته يفضل الألعاب وحده إلا أنّه قد يقوم باتصال مع طفل آخر وفي السنة الرابعة والخامسة من عمره يقوم بالاتصال والألعاب مع الأطفال فقد يصبح هجوميّاً وفي وقت تعاونياً وفي وقت آخر قد يظهر منه العطف على رفاقه وربما تظهر على بعض الأطفال في ذلك العمر حب الزعامة والسيطرة وخلال هذا العمر تقوى المنافسة فيه إذا كانت الجماعة التي يقطنها مؤمنه بالتنافس وحينئذ يقوى جانب التنافس فيه بخلاف ما لو كانت الجماعة تحب التعاون فإن روح المنافسة سوف تضمحل ونحن لا نلتزم بإعدام المنافسة بتمامها وإنما نحبذ لها في الجملة ونحبذ أن يكون الطفل فيه وروح التعاون أكثر من روح المنافسة.
وعند مشاهدة الطفل من السنة 6 إلى 12 من عمره يقع أوّل لقاء له مع الآخرين حينما يدخل المدرسة وترتقي معارفه وتكون علاقته مع الآخرين بأسباب رغباته المباشرة وقد تقع أعماله في وقت مرضية وفي وقت غير مرضية كل ذلك ناشىء عن انفعالاته وأحاسيسه وبهذه التفاعلات ينقلب دوره إلى مشاركة المجتمع في أعماله ويصطلح عليه في الاجتماع بالفاعليات الاجتماعية.
ويمكن أن يكون خير مساعد على مشاركة الأعمال الاجتماعية هو ذهاب الطفل إلى روضة الأطفال حيث يوجب له تنمية التقارب والتعاون مع زملائه ولذا إذا دخل المدرسة الابتدائية أوّلاً قبل سابقة دخوله إلى الروضة يقع ميله إلى الانفراد دون النظر إلى التعاون والانضمام الاجتماعي حتى يصل إلى مرحلة الاستعاضة عن والديه ويحب الممازجة مع أقرانه، وقد يسير على وفق رغباتهم لما يجده من التوافق إلا عن طريق التعاون ويظهر هذا الشعور الاجتماعي في ميل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاماً وعندما تجتمع هذه الزمرة المتحدة في الميل تسمى عصابة.
فالأطفال في هذه الأدوار يعطى لهم الحرِّية الوافرة من غير مراقبة في سلوكهم ويعتقد علماء النفس أن خير طريقة لمنع الأطفال من التصرف تصرفاً غير اجتماعي هي تشجيع تكوين الجماعات المنظمة وتدريب القادة الشباب على قيادة فاعليات أعضاء الجماعة وعلى الجملة ان دور الطفل يقع بين فترتين من الزمن.
1- داخل الأسرة وتكون الأُم هي المسؤولة في التربية وإشباعه الغذائي المادي والمعنوي وأن تكون الأُم في سلوك معتدل تراعى دور التربية في شخصية نفسها أمام الطفل وشخصية مولودها والغالب في الأُمّهات يردن للابن والبنت الراحة والأمان والمشاركة في مشاعرها السارة والسيئة وتتصف بالمساواة في الحب لجميع أبنائها من غير تبعيض ولكن التجارب العلمية تقوم على تفضيل البنات على الأولاد لوحدة السنخية بينهما كما أنّ الأب يقدم جانب الذكور لوحدة المثلية بينهما ولابدّ أن يلحظ فيهما الميل الجنسي والميل العاطفي فالأب والأُم مشتركان في الميل العاطفي في الأبناء ومختلفان في الميل الجنسي في ناحية المثلية.
والمهم أنّ المرحلة الأولى من حياة الطفل تقع في دور المحاكاة والتقليد في صفاتها العامة أو يتأثر بها من حيث الظاهرة الاجتماعية كالنظافة والطعام على نمط معين أو لباس خاص ويفقد الحنان والعطف عند فقدانها وإن قدم إليه أتم الرعاية الكاملة فإنّه ينقصه ذلك الميل الطبيعي ويشعر بالاضطراب والتوتر النفسي وقد يتسبب في تعثر سلوكهم الاجتماعي ولكن سيره في خطى الأُم يجب أن يحدد إلى فترة زمنية كما انتهجها الإسلام ولابدّ أن ينفصل إلى حلقة الأب في تنمية شخصيته واتكاله على قدراته ولو ساير الأُم في سلوكها أكثر مما جرى عليه الانتماء إلى الأُم كان الابن اتكالياً وتصعب عليه الحياة لعدم قدرته على الحل فالارتباط في جانب الأُم لابدّ أن يقل عن الطفل لكيلا تؤثر في شخصيته كما يحدثنا القرآن الكريم في تحديد الطفل عن مرحلة الرضاعة، إذ حمله وفصاله ثلاثون شهراً، ففترة الحمل تتراوح ما بين السادسة إلى التاسعة أو العاشرة وما زاد يكون لدور الرضاعة وبعد مرحلة الرضاعة يأتي دور الانماء العاطفي من جانب الأُم وبعد السابعة من عمره تحوله إلى الأب لكفاءته الإدارية في محيط الأسرة وبعد ذلك يأخذه إلى دور التطبيق العملي.
وقد نظر الإسلام إلى ناحية الطفل في مجالات كثيرة قبل الولادة وبعدها:
1- دور الرضاع ويرغب الإسلام بتمامية الحولين له كما في قوله تعالى: (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (البقرة/ 233)، فإن كان الولد ذكراً وجب ختنه للأثر الصحي فيه وإن كان أنثى استحب خفضها لقلة توتر شهوتها حتى لا تقع في حدة الميل الجنسي.
2- دور الحضانة ويراد بها دور الحفاظ على الطفل من تهيئة راحته وتنسيق أدوار نموه.
وقد أقر الإسلام شروطاً للحضانة.
1- إسلام الأُم.
2- حريتها.
3- العقل.
إنّ هذه الشروط ترشدنا إلى ناحية الأثر في الطفل فإن بث الحنان والعطف مع الاختلاف العقائدي يوجب بعداً في مجال التربية وعدم الالتئام بين النفسين هذا مع كون المقارنة لها اشعاعاتها على الجسم الملاصق لها في دور النمو.
إلا أنّ السلوك التربوي في الإسلام جعل الأولوية للأُم في دور الرضاع وإذا فصل عن الرضاع جعل فارقاً بين حياة الأنثى مع الأُم وحياة الأب مع الذكر الأُم يمكنها أن تمضي في دور التربية لبنتها إلى سبع سنوات والأب يمكنه أن يتكفل التربية لولده من حين انقطاع الرضاعة إلى دور البلوغ كل ذلك لعلاقة السنخية والمماثلة في التأثير ولكن الإسلام يلحظ ذلك من ناحية الأفضلية دون الإلزام والانفصال القهري.
وقد أشرنا إلى أنّ البث العاطفي في جانب البنت قد لاحظه الإسلام في أكثر من الولد وان لم يستغن الولد في الإغداق عليه عاطفياً.
أما السلوك الاجتماعي في دور المراهقة، ويتحقق بعدة عوامل:
1- اهتمامه باتصاله مع الجنس الأنثوي.
2- ميله إلى صديق مراهق مثله بمقدار عمره.
3- إيجاد انتباه للجنس الآخر بما يحمله من صفات وخصال لاستمالته نحوه كأن يكون ذا صورة جميلة أو قد رشقيق أو ملبس فاخر أو رائحة طيبة، وكل هذه الخطوط مصيدة للزواج.
ولقد دلت الدراسات التي أجريت على المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15-17 سنة فيما يخص اهتماماتهم.
على أن أبناء الجنسين يهتمون بملابسهم ومظهرهم وذلك للتأثير في أفراد الجنس الآخر ويعزى سبب المراهقة إلى التغيرات الغدية والفيزيقية وقد تسبب العوامل الاجتماعية إثارة هي هذه الانفعالات فالمراهقة لا تصدق على الطفل ولا على البالغ وله انفعالات كثيرة ومما يقلل هذه الحدة أمور:
1- حضور الحفلات.
2- اختيار رفيق الحياة.
3- القبول في عضوية ناد اجتماعي.
4- تنمية المهارات الاجتماعية.
5- شهود الأفلام وبرامج التسلية.
6- التحرر من رقابة الأهل كما أن تزايد الانفعال يمكن تصويره في خمس نقاط:
1- الشدة.
2- نقص الضبط والسيطرة.
3- عدم الثبات أو الميل للتغير السريع بين الانفعالات السارة وغير السارة.
4- نمو القيم كالوطنية أو القيم الدينية.
5- سيطرة الحالات المزاجية.
ولكن المجابهة الإسلامية في اتجاه المراهقة قد أمرته بالزواج المبكر حتى تنطفىء تلك الشعلة الملتهبة وحرّض على المسارعة في التزويج وعبر عن الأعزب إذا نام وحده قرينه الشيطان وبوله يثير سخط الأرض وأنّ المتزوج قد حفظ ثلثي دينه وقال (ص): "تناكحوا تناسلوا حتى أباهي بكم الأمم ولو بالسقط" كلها خطوط دفاعية عن جيش المراهقة وتأثيره على الصفاء الوحدوي في المجتمع.
وتكون للطفل أدوار وهي: الطفولة المبكرة والطفولة والغلومة والمراهقة والبلوغ:
1- أمّا الطفولة المبكرة للبنين من الولادة إلى 3 سنين والبنات 1-3.
2- الطفولة للبنين من 3 إلى 7 وللبنات 3-6 أو 7.
3- الغلومة المبكرة للبنين من 7 إلى 12 وللبنات 7-10.
4- البلوغ العقلي المبكر للبنين من 12 إلى 15 وللبنات 10-13.
5- البلوغ التناسلي المبكر للبنين من 15 إلى 16 وللبنات 13-14 أو 15.
ولنأتي بك إلى الترددات التي جاءتنا من اصداء الروايات الإسلامية في بناء أدوار البلوغ وذلك يأتي على مقاطع بالقياس للولد.
1- البلوغ الواصل سن اثنتي عشرة سنة وهو أوّل النتاج العقلي وفي الخامسة عشرة مرحلة منطلق التكليف.
2- الاحتلام كما في قوله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (النور/ 59).
3- الانبات أو الاشعار.
4- الأخذ والاعطاء.
أمّا بالنظر إلى البنت فبلوغها إلى سن التاسعة وقد تزوج رسول الله (ص) بعائشة وبنت عشر سنين وأما التحليل الروائي في هذه المقاطع الروائية أنّ البلوغ يوجد بالاحتلام والانبات والأخذ والاعطاء كلها طرق لتحقيق عنوان البلوغ وموضوعيته ويكون الحد الحقيقي لتطلع العقل إلى معالم الحياة في سن الخامسة عشرة للولد وفي سن التاسعة للبنت حتى أن رسول الله دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة.
وعن حمران قال: سألت أبا جعفر (ع) قلت له: متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة أو تقام عليه ويؤخذ بها قال: إذا خرج عنه اليتم أدرك قلت: فلذلك حد يعرف به؟ فقال: إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامة وأخذ بها وأخذت له. قلت: فالجارية متى يجب عليها الحدود التامة وتؤخذ بها ويؤخذ لها قال: إنّ الجارية ليست مثل الغلام إنّ الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتيم ورفع إليها ما لها وجاز أمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأخذ لها بها. قال: والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك.
والظاهرة الروائية تلمح إلى مقاطع من إثبات التحديد في جانب البلوغ إلا أنّ الخط النهائي له هو الخمس عشرة سنة في الولد والتاسعة للبنت.
فالنظم الإسلامية في منهجية تربية الطفل تساير ما عليه علم النفس إذ يكون الطفل واقعاً قبل الخامسة عشرة في اتجاه الاستجابة الانفعالية ولكن الاستجابة تحتاج إلى التعديل ورعاية التنسيق سواء كان عن حب أو غضب أو احترام أو تقدير.
ويساير الإسلام دور الانماء الانفعالي من تقدير الذات والثقة في النفس ومساعدة نضوج انفعالاته وتنمية القيم الاجتماعية وعلى تطوير مهاراته.
إلا أن بعض الملاحظات التي يسير عليها الإسلام قد لا تلتئم مع علماء النفس وذلك في جانب التحديد في البلوغ حيث يرى البلوغ في الخامسة عشرة للولد أو التاسعة للبنت بينما علماء النفس قد يدخلون هذا التحديد في إطار المراهقة كما سار عليه الدكتور محمد خيري والدكتور مالك البدري والدكتور محمود الزيادي والدكتور صلاح حوطر والدكتور فاروق محمد صادق والدكتور عبدالعلي الجسماني وغيرهم.
إلا أنّ هذا الاختلاف لا يوقع معركة عدائية وإنما الخط الإسلامي والنفسي كلاهما في خط التوجيه وتعديل المنهجية الصائبة في سير الانفعالات إلى خط رشيد يوافق سير الاعتدال في الصفات كما سار عليه علماء الأخلاق والنظام الإسلامي أيضاً بأن وجود الصفات الحادة تعالج عن تقييم أخلاقي.
أما دور البالغ فله القدرة على قبض العنان في الانفعالات فلا يغضب بسرعة ولا يفرح بشدة إلا أنّ الإدارة الإسلامية جعلته يسير بنمط معتدل حين تطبيقه للأنظمة.
التعلیقات