أنواع الزواج
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتينقسم الزواج إلى قسمين : دائم ومنقطع ، وكل منهما يحتاج إلى عقد مشتمل على إيجاب
وقبول دالين على إنشاء المعنى المقصود والرِّضا به « النكاح المنقطع سائغ في دين الإسلام ، لتحقق شرعيته ، وعدم ما يدل على رفعه » (1).
وروي عن جابر قال : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر ، وم زلنا نتمتع حتى نهى عنها عمر (2).
وعن عبدالله بن مسعود ، قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس معنا نساء ، فقلنا : يا رسول الله ، ألا نستحصن هنا بأجر؟ فأمرنا أن ننكح المرأة بالثوب (3). ويدل عليه قوله تعالى : ( .. فما استَمتَعتُم بهِ مِنُهنَّ فآتوهُنَّ أُجورهُنَّ فَريضَةً .. ) (4).
يقول العلاّمة الطباطبائي في معرض تفسيره للآية المتقدمة : ( والمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلاشك ، فإنّ الآية مدنيّة نازلة في سورة النساء في النصف الأول من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الهجرة على ما يشهد به معظم آياتها ، وهذا النكاح ـ أعني المتعة ـ كان دائراً بينهم معمولاً عندهم في هذه البرهة من الزمن من غير شك ، وقد أطبقت الأخبار على تسلّم ذلك ، وأصل وجوده بينهم بمرأى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسمع منه لاشكّ فيه ، وكان اسمه هذا الاسم ، ولا يعبّر عنه إلاّ بهذا اللفظّ ، من كون قوله تعالى : ( فما استَمتَعتُم بهِ مِنُهنَّ ) محمولاً عليه مفهوماً منه هذا المعنى .. وجملة الأمر أنَّ المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة ، وهو المنقول عن القدماء من مفسري الصحابة والتابعين كابن عباس وابن مسعود وأُبيّ بن كعب وقتادة ومجاهد والسدّي وابن جبير والحسن وغيرهم ، وهو مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام ) (5).
ويمكننا أن ننظر إلى هذا النوع من الزواج ـ الذي يحاول البعض إثارة الجدل حوله ـ من زاوية العقل ، فالملاحظ أنّ الناس ليس كلهم بقادر على الزواج الدائم سيّما في هذا العصر لأسباب اقتصادية ، أو اجتماعية ، أو نفسية أو غيرها. فيدور الأمر بين ثلاثة أمور : إما الكبت الجنسي الموجب لأمراض خطيرة ، وأما الفساد والرذيلة الذي يؤدي إلى تفكك بناء العائلة والمنظومة الاجتماعية وامتهان الكرامة الإنسانية ، وانعدام النسل السليم وانتشار الأمراض ، وأما العمل وفق الشريعة الإلهية والسُنّة المحمدية القاضية بتحليل المتعة كاسلوب شرعي يعالج جذور المشكلة ويمنع الفساد والعزوبة.
ومن أجل ذلك شرّع زواج « المتعة » صوناً للشباب من الوقوع في شباك الشيطان وممارسة الزنا واللواط وما إلى ذلك من مظاهر الشذوذ والفساد ، وعليه لم يتجاوز الإمام علي عليه السلام الحقيقة عندما قال : « لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنا إلاّ شقي » (6)
وكيفما كان فإنّه لا فرق بين الزواج الدائم والمنقطع في أنّ كلاًّ منهما لايتم إلاّ بعقد ومهر ، وفي نشر الحرمة من حيث المصاهرة ، وفي وجوب التوارث بين أولاد المرأة المتمتع بها وبين أولاد الزواج الدائم وأيضاً سائر الحقوق المادية والأدبية ، وتبقى فروق معدودة يراجع للوقوف عليها كتب الفقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) شرائع الإسلام / المحقق الحلي 2 : 528 كتاب النكاح.
2) وسائل الشيعة / الحر العاملي 14 : 441 كتاب النكاح ـ أبواب المتعة.
3) وسائل الشيعة 14 : 440.
4) سورة النساء : 4 / 24.
5) تفسير الميزان 4 : 271 ـ 272.
6) وسائل الشيعة / الحر العاملي 14 : 436 كتاب النكاح ـ أبواب المتعة.
التعلیقات