تكافل الجار (٢)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتروى عن علي بن الحسين عليهماالسلام ، قال : « من بات شبعان وبحضرته مؤمن طاوٍ
، قال الله عز وجل : ملائكتي ، أشهدكم على هذا العبد ، أنني أمرته فعصاني ، وأطاع غيري ، وكلته إلى عامله ، وعزتي وجلالي لا غفرت له أبدا » (١).
فهذه الروايات بطرقها المتعددة وألفاظها المختلفة تصرح بصورة واضحة بضرورة التكافل مع الجيران وخاصة الشق المادي منه ، أما التكافل المعنوي معهم فقد أشار الرسول صلىاللهعليهوآله إليه في معرض كلامه عن الحقوق المترتّبة للجار ، قال صلىاللهعليهوآله : « إن استغاثك أغثته ، وإن استقرضك أقرضته ، وإن افتقر عدت إليه ، وإن أصابته مصيبة عزّيته ، وإن أصابه خير هنّأته ، وإن مرض عدته ، وإن مات اتبعت جنازته... ولا تؤذه بريح قدرك إلاّ أن تغرف له منها » (٢).
ضمن هذا السياق حذّر الرسول صلىاللهعليهوآله أشدّ التحذير من التقصير في حق الجار ، وكشف عن العواقب السلبية لمن أساء لجيرانه أو قصّر في التكافل معهم ، قال صلىاللهعليهوآله : « من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة ، ووكله إلى نفسه ، ومن وكله إلى نفسه فما أسوأ حاله » (٣).
وكان أهل البيت : يسيرون على نهج الرسول صلىاللهعليهوآله ويقتدون به ، فكانوا يحثون أتباعهم على البّر بالجار ، ويعملون على إشاعة روح التعاون مع الجيران ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « من حُسن الجوار تفقُّد الجار » (٤).
تمعّن في هذا الدّعاء من أدعية الصحيفة السجادية ، الذي يقدم لنا رؤية تكافلية كاملة ( أدبية ومادية ) : « اللّهُمَّ تولّني في جيراني بإقامة سُنتَّك ، والأخذ بمحاسن أدبك في إرفاق ضعيفهم ، وسدَّ خَلتَّهم ، وتعهد قادمهم ، وعيادة مريضهم ، وهداية مسترشدهم ، وكتمان أسرارهم ، وستر عوراتهم ، ونصرة مظلومهم ، وحُسن مواساتهم بالماعون ، والعود عليهم بالجدَة والإفضال ، وإعطاء ما يجبُ لهم قبل السؤال والجود بالنوال يا أرحم الراحمين » (5).
**************************
(١) عوالي اللآلي / الأحسائي ١ : ٣٤٤ / ١٢١.
(٢) مسكن الفؤاد / الشهيد الثاني : ١٠٥ ، مؤسسة آل البيت لاحياء التراث ، ط ١.
(٣) أمالي الصدوق : ٥١٥ ، المجلس (٦٦).
(٤) تحف العقول : ٨٥.
(5) الصحيفة السجادية الكاملة : ١٣٢ دعاء ٢٦ ، نشر وتحقيق مؤسسة الإمام المهدي عليهالسلام ، ط ١.
التعلیقات