حقوق السائلين والمحرومين (٢)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتفالإسلام لا يأمر بقطع خيوط التواصل مع أهل الأديان ، ويأمر بالتكافل معهم في الظروف الصعبة
، إذ يتسامى فوق الفوارق والخلافات الدينية ، ويرفع قوس بصره إلى مستوى الإنسانية.
عن مصادف ، قال : كنت مع أبي عبدالله عليهالسلام بين مكّة والمدينة ، فمررنا على رجل في أصل شجرة وقد ألقى بنفسه ، فقال عليهالسلام : « مل بنا إلى هذا الرَّجل ، فإنّي أخاف أن يكون قد أصابه عطش ، فملنا فإذا رجل نصراني من القراسين طويل الشعر ، فسأله : أعطشان أنت ؟ فقال : نعم ، فقال لي : انزل يا مصادف فاسقه ، فنزلت وسقيته ، ثمّ ركبت وسرنا ، فقلت : هذا نصرانيّ ، فتتصدّق على نصرانيّ ؟! فقال : نعم إذا كانوا في مثل هذه الحال » (١).
فهذا الرجل ـ أي مصادف ـ يستغرب من إقدام الأئمة : على التكافل مع أهل الكتاب. وفاته أن الأئمة ينطلقون من رؤى إنسانية واسعة الأفق تلتقي مع مبادئ الإسلام الداعية إلى التراحم والتعاطف مع كل الناس ، بل وتتّسع لتشمل العطف على الحيوان وعلى كلّ ذي روح.
عن نجيح ، قال : رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام يأكل وبين يديه كلب ، كلّما أكل لقمة طرح للكلب مثلها ! فقلت له : يا بن رسول الله ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك ؟ قال : « دعه ، إنّي لأستحيي من الله تعالى أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وانا آكل ثمّ لا أطعمه » (٢).
*******************************
(١) الكافي ٤ : ٥٧ / ٤.
(٢) مستدرك الوسائل ٧ : ١٩٢ / ٨٠٠٥.
التعلیقات