قرة أعين
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنوات( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً ) (١).
فهم في الوقت الذي يؤدون ما عليهم اتجاه خالقهم يريدون منه أن يهيء لهم أزواجاً ، ومن الأزواج ذرية طيبة تقر بذلك أعينهم فهم يجمعون بين الغذائين الروحي والجسدي.
وأما مع مجتمعهم فهم يتحسسون مشاكله ويعيشون آلام الطبقات الضعيفة ينفقون مما رزقهم الله ولا يضنون بالمال عليهم ، ولكن بشكل معتدل يرضون به ربهم ويحفظون به على رصيدهم.
( والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) (٢).
وهذا هو الخط المعتدل في الصرف والانفاق « لم يسرفوا ولم يقتروا » حفاظاً على المال ورعاية له.
( لم يسرفوا ) :
لأن المال الذي أعطاه الله لهم فيه حق لآخرين من الأهل والعيال والورثة فلا بد من رعايتهم لئلا يتركهم من يعول بهم يتسولون.
( ولم يقتروا ) :
لأن في ذلك جناية على المال وكفراناً لنعمة الله على من ملكه ... ذلك لأن الله رزق العبد لينتفع به وفي الوقت نفسه لينتفع به الآخرون من أفراد المجتمع لا ليحبسه ويحجر عليه.
وإذاً فلا بد من الاعتدال في الإنفاق والمحافظة على النقطة ، والوسط بين الحالتين ، ولذلك أوصت الآية الكريمة أن يتحلى الإنسان في هذه الحياة بما فيه إنفاقه بمضمون الآية عندما تقرر قوله تعالى :
( وكان بين ذلك قواماً ) :
والقوام الوسط العدل بين الافراط والتفريط وبين الاسراف والشح وبين الاسراع والتباطؤ.
وبعد أن تعدد الآيات صفات هؤلاء المؤمنين المعتدلين تبشرهم بجزاء هذه الصفات ، وهذا الاعتدال الطبيعي في مسيرتهم الحياتية.
( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً * خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً ) (3).
وكان من هؤلاء الذين ذكرت جزاءهم الآية الكريمة : المؤمنون المعتدلون في الانفاق ـ موضوع بحثنا ـ فقد جزاهم ربهم الغرفة ـ الجنة ـ تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام تكريماً لهم خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً.
***************************
(١) سورة الفرقان / آية : ٧٤.
(٢) سورة الفرقان / آية : ٦٧.
(3) سورة الفرقان / آية : ٧٥ ـ ٧٦.
التعلیقات