التربية العاطفيّة للأبناء
شبكة المعارف الاسلامية
منذ 8 سنواتالمقصود من العاطفة هو الاستعداد والميل الفطريّ الداخليّ الذي يشكّل دعامة حبّ الإنسان لأخيه الإنسان. وعلى أساس هذا الاستعداد الفطريّ، يستطيع الإنسان أن يظهر ميوله الباطنيّة؛ منطلقاً من المحبّة والعطف لأبناء جِلْدَته، ومن خلال هذا الطريق يؤسّس معهم لعلاقةٍ قلبيّة وأنس وأُلفة.
إنّ الاستعداد العاطفيّ في الإنسان يؤدّي لنموّ كثير من الكمالات. وهذه الكمالات تشمل امتيازاتٍ تظهر في الإنسان استناداً لمحبّة الآخرين؛ من قبيل المحبّة والصداقة، والفداء والإيثار، والعفو والصفح، والجود والبذل، والتعاون، والشفقة والرحمة والمواساة. وبنحوٍ إجماليّ تقديم الآخرين على النفس.
كما أنّ عدم الوفاء، والتغافل، والجهل بمكانة الآخرين وقدرهم، وعدم إبراز الاحترام عند الحاجة واللامبالاة عند الاستغناء، والقسوة، والعنف، والاهتمام والانشغال بالنفس، وعدم الاهتمام بالآخرين، وأمثال ذلك؛ كلّها نواقص روحيّة وأخلاقية منشؤها الفقر العاطفيّ.
والعائلة، هي المؤسّسة الأولى التي ينبغي أن تنمو فيها العواطف الإنسانيّة عند الأطفال. فالمحبّة والعطف التي تُنثر على الطِّفل من قِبَل الأمّ والأقارب؛ كالأب، والأخت، والأخ، لا يمكن أن يتلقّاها من أيّ شخص آخر. فلا يمكن لأيّ حاضنة أو ممرّضة أو قابلة أن تلعب دور الأمّ الطبيعيّ في حياة الطِّفل، وأن تشغل مكانها.
فعندما تحضن الأمّ طفلها بمحبّةٍ عارمةٍ وترضعه، أو عندما تناغيه وتحاكيه بكلّ كيانها؛ فيقفز بَريقُ العشق والمحبّة من عينيها، وينفذ إلى أعماق وجود طفلها، وحينما تبقى الأمّ إلى جانب طفلها طوال الليلِ تلاطفه، وتذيقه حلاوة المحبّة، وترسل حرارة العشق والعاطفة إلى كلّ ذرّة من ذرّات وجوده؛ فإنَّ حرارة العشق والعاطفة المنطبعة نفسها تنمّي بذور العاطفة في وجود الطِّفل، وتعرّفه على إكسير العشق وكيمياء المحبّة.
إنّ الأطفال الذين لا ينالون هذه القوّة المعنويّة من العائلة، لا يمكنهم أن ينمُّوا أنفسهم عاطفيّاً. وقد أُجريت أبحاث عن الأطفال الذين ترعرعوا في الميتم أو فقدوا أهلهم بسبب الحرب أو لأيّ سبب آخر، فكشفت أنّ هؤلاء الأطفال رغم توافر الرعاية والاهتمام البالغين يعانون من خلل عاطفيّ شديد.
بلا شكّ، إنّ كثيراً من الاضطرابات الروحيّة، وعدم سكينة النفس، وارتكاب الذنوب، والانحرافات الأخلاقيّة والاجتماعيّة، والأمراض النفسية، والكآبة، وأمثال ذلك؛ منشؤها النقص العاطفيّ.
وتعدّ ظاهرة اقتناء الحيوانات من قبيل: الكلاب، والقطط، وما شابهها داخل المنازل، وإيواء هذه الحيوانات الصامتة في البلدان الغربيّة، وإنفاق المبالغ المهولة لأجل هذا الغرض؛ هي في الحقيقة إجراءات لملء الفراغ العاطفيّ الحاصل.
الحذر من النقص العاطفي
إنّ أيّ فقدانٍ أو نقصٍ في المحبّة يؤدّي إلى بروز عوارض غير مرضية عند الأبناء، ويبعث على الإحساس بالحقارة، وانعدام الشخصيّة، والانطوائيّة، وربّما يكون سبباً لبروز بعض الانحرافات السلوكيّة والتربويّة. لذا على الوالدين، وللحدّ من هذا النوع من الآثار غير المرضية، أن يُظهرا محبّتهما وعطفهما لأبنائهما.
يحدّثنا الإمام الصادق عليه السلام عن أسلوب والده الإمام الباقر عليه السلام في تعامله مع أحد أبنائه فيقول: "والله إنّي لأصانع بعض ولدي، وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبّة، وأكثر له الشكر، وإنّ الحقّ لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره؛ لئلا يصنعوا به ما فُعل بيوسف وإخوته، وما أنزل الله سورة يوسف إلّا أمثالاً لكيلا يحسد بعضنا بعضا، كما حسد يوسفَ إخوتُه وبغوا عليه فجعلها حجّة ورحمة"1.
العطف والمحبّة في النصوص الدينية
أوصى الإسلام في مجال تربية الأبناء بالعطف والمحبّة. وكانت مورد اهتمام خاصّ وظاهرة بشكل جلي في سيرة المعصومين. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم بخصوص محبّة الأبناء والرأفة بهم، أنّه قال: "أحبّوا الصبيان وارحموهم، وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم؛ فإنّهم لا يدرون إلّا أنّكم ترزقونهم"2. ويؤكّد الإمام علي عليه السلام على ضرورة إظهار الرحمة للأبناء، حيث يقول في وصيّته عليه السلام أثناء شهادته: "وارحم من أهلك الصغير"3.
وأيضاً روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "أنّ النبي موسى عليه السلام سأل الله تعالى: إلهي!! أيّ عمل أفضل لديك؟ أجاب الله تعالى: حبّ الأطفال، فإنّي فطرتهم على توحيدي"4. وفي حديث آخر مرويّ عنه عليه السلام أيضاً: "إنّ الله عزّ وجلّ ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده"5. ومن جملة الأساليب العمليّة التي تساعد على إبراز الرحمة والعطف تجاه الأبناء، التالي:
1. ملاطفة الولد بالمسح على رأسه:
ينقل في سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم العمليّة أنّه كان كلّ يوم صباحاً يلاطف أبناءه بالمسح على رؤوسهم: "وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم إذا أصبح مسح على رؤوس ولده وولد ولده"6.
2. احتضان الولد:
يقول الإمام علي عليه السلام: "وضعنِي فِي حِجْرِهِ وأنا وليدٌ يَضُمُّنِي إلى صدرِهِ، وَيَكْنُفُنِي في فراشه، وَيُمسُّني جسدهُ، وَيُشمُّني عَرْفَهُ، وكان يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقمُنيه"7.
3. التقبيل:
جاء عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "أكثروا من قبلة أولادكم؛ فإنّ لكم بكلّ قبلة درجة في الجنّة؛ مسيرة خمسمائة عام"8.
وروي أنّه جاء رجلٌ إلى رسول الله وقال: "ما قبّلت صبياً لي قطّ؛ فلمّا ولّى قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا رجل عندي أنّه من أهل النار"9.
وذات يوم قبّل الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم ولده الإمام الحسن عليه السلام. فقال أقرع بن حابس: أنا لدي عشرة أبناء وحتى الآن لم أُقبّل أحداً منهم. نظر الرسول صلى الله عليه واله وسلم إليه وقال: "من لا يَرحم لا يُرحم"10.
4. ملاعبة الأولاد:
يقول الإمام علي عليه السلام: "من كان له ولد صبا"11.
وينقلُ أيضاً: "أنّ النبي صلى الله عليه واله وسلم بَرَكَ للحسن والحسين عليه السلام ، فحملهما، وخالف بين أيديهما وأرجلهما، وقال نعم الجمل جملكما"12.
5. الإنصاف والعدالة:
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "اعدلوا بين أولادكم كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللطف"13.
شرائط المحبّة
يلزم أن تتوافر جملة من الشروط في مجال المحبّة التي تُمنَح للأطفال، أبرزها:
1. أن تكون المحبّة حقيقيّة ونابعة من القلب، فلا تكون مصطنعة ومختلقة؛ إذ قد يشخّص الطِّفل ـ أحياناً ـ هذا النوع من المحبّة، ولكنّه لا يتكلّم.
2. ينبغي أن تكون المحبّة بنحوٍ يتذوّق الطِّفل طعمها، وهذا الأمر ممكنٌ عندما يُظهر الوالدان واقعاً محبّتهم له. وبناءً عليه، لا يكفي إبقاء محبّة الطِّفل في القلب من دون إظهارها، بل ينبغي أن يرى الطِّفل مظاهر محبّة أهله، وأن يشعر بوضوح بما يختلج في بواطنهم من مشاعر الحبّ والعطف. وهذا الأمر ممكنٌ عادة عن طريق مساعدة الأهل لطفلهم في تناول الطعام، ومراقبته، والالتفات إليه، وتشجيعه، وإظهار الإعجاب والتقدير، واللعب معه، وأمثال ذلك.
3. لا ينبغي إظهار المحبّة للطفل بداعي كونه جميلاً، أو لأنّ شعره جميلٌ وعينيه جميلتان. وفي المقابل لو كانت المحبّة لوعي الطِّفل وإدراكه الجيّد، أو لأنّه يقوم في المنزل بأعمال جيّدة...فإنّ هذه الجوانب تُهيّىء الأرضيّة لمحبّته أكثر، ولكن لا على أساس أن تصبح هذه الأمور ملاكاً للمحبّة.
4. ينبغي أن تكون محبّة الأهل لأولادهم متساوية في حضورهم.
5. لا ينبغي للأب والأمّ أن يحصرا محبّة الطِّفل والعطف عليه بشخصهما فقط، بل عليهما أن يفتحا الطريق كي يتمكّن الطِّفل من نيل محبّة الآخرين أيضاً.
6. تحبّ الأمّهات بنحو طبيعيّ أبناءهنّ الصغار أكثر، ولكن لا ينبغي أن يؤدّي هذا الأمر لإهمال الإبن الأكبر، فيظنّ أنّ أمّه وأباه قد نسياه، ويعتبر الطِّفل الجديد عدوّاً بالنسبة إليه.
7. يتفاوت مقدار محبّة الأولاد مع تفاوت مراحلهم العمريّة.
8. عادةً ما تكون محبّة الوالدين لأولادهم في سنوات عمرهم الأولى بنّاءة أكثر من السنوات التالية، ولو أنّها لا تقل أهمّيّة عمّا ينبغي إظهاره من محبّة وعطف تجاههم في سنوات البلوغ والشباب.
9. لا ينبغي لمحبّة الوالدين أن تكون مانعاً أمام ممارستهم لعمليّة الأمر والنهي. إذ لا بدّ أن يعطفوا على أبنائهم في مواضع العطف والمحبّة، وأن يأمروهم وينهوهم حين يستلزم ذلك.
الرفق والمداراة
إنّ لأسلوب الرفق والمداراة، واجتناب العنف والشدّة دوراً أساساً في تربية الأبناء دينيّاً. وفي المقابل فإنّ العنف والشدّة في غير مكانهما، يجعلان مذاق الإسلام مرّاً عند الأبناء، ويحولان دون تربيتهم تربية صحيحة ودون هدايتهم، ويُهيّئان أسباب تعاستهم.
لذا، ينبغي على الوالدين أن يجعلا المداراة واللين أساس أسلوبهما في التعاطي، وأن لا يفرضا على الأبناء الأوامر، ولا يجبراهم ويكرهاهم على القيام بالواجبات، وخصوصاً الدينيّة منها؛ بل أن يسعيا لتهيئة الظُّروف في محيط العائلة؛ بأسلوب يرغّب بالدين، والآداب الفاضلة، والقيم الحميدة.
وعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه أوصى الإمام علي عليه السلام فقال له: "إنّ هذا الدين متين؛ فأوغلوا فيه برفق ولا تكرِّهوا عبادَة الله إلى عباده، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى"14.
وينبغي أن يكون اللين والرفق بحيث يبقى الولد فيه تحت السيطرة، فلا يتجرّأ على الوقاحة والعناد، بل لا بدّ أن لا يغفل الوالدان عن الحزم في التربية.
والمقصود من الحزم؛ هو الجديّة والقاطعيّة والثبات على الرأي والقرار الصائب.
وبمقدار ما يكون الصفاء، والرفق، والعاطفة، والمداراة لازماً وحيوياً في محيط العائلة؛ فإنّ وجود القاطعية، والجديّة، والإدارة ضروري. فالعائلة هي عبارة عن مؤسّسةٍ صغيرةٍ تحتاج إلى وجود إدارة؛ مثلما تحتاج كلّ مؤسسة أخرى إلى إدارة. على أنّه لو كانت الإدارة ضعيفة؛ فإنّ الكثير من العيوب ستبرز داخل الأسرة.
فلا بدّ للولد أن يشعر دائماً بمراقبة الأهل، وأن يحترم الأصول والقوانين الخاصّة بالأسرة، وأن يسعى ليحقّق الانسجام التام مع باقي مكوّنات أسرته.
وهذه الطريقة في تربية الولد، تنتقل إلى الجيل التالي؛ ليكون مدرّباً ومهيّئاً لمتابعة النهج نفسه مع أبنائه.
الترغيب والتأديب
1 - الترغيب:
يتحقّق الترغيب بأشكال مختلفة، منها الشُّكر، وإبداء الرضا على فعل الطِّفل، وملاطفة الطِّفل من خلال نظرة أو بسمة أو عمل محبّب، ومدحه أمام الآخرين، وتأييد عمله، والثناء عليه، ومكافأته أو وعده بهدية أو جائزة.
كلّ هذه الأشكال يمكن أن تندرج تحت عنوان الترغيب، ويُنتَفع منها في موارد متنوّعة، مع مراعاة أن يكون الترغيب في كلّ مرحلة من مراحل نموّ الولد متناسباً مع اهتماماته ورغباته. فما أكثر الأشياء التي تبعث على رغبة الطِّفل في عمر الثلاث سنوات، ولا تؤثِّر فيه في عمر العشر سنوات.
ويجدر بالمربّي مراعاة المسائل التالية:
• عدم المبالغة والإفراط في الثواب والترغيب، بل ينبغي الاستفادة من هذا الأسلوب في بعض الحالات حتى تتشكّل شخصيّة الولد.
• أن يكون الثواب والترغيب؛ لإظهار التقدير والثناء، لا أن يؤدّيا به إلى الغرور والعجب.
• أن لا يكون نوع الترغيب بنحو يظن الولد معه أنّه أعلى شأناً من الآخرين.
• لا بدَّ أن تكون موجبات الثواب والترغيب واضحة ومحدّدة، فلا تفيد العناوين الكلّيّة من قبيل إنّك "فتاة جيّدة" أو "فتى جيد"، بل ينبغي أن يكون العمل الذي يلقى الولدُ الثوابَ على ضوئه محدّداً وواضحاً، ليكون له أثره التربوي.
• ينبغي أن يكون الثواب والترغيب متناسبين مع عمل الولد؛ فمثلاً؛ لا ينبغي منحه جائزة مهمّة لقيامه بعمل صغير، ولا ينبغي مثوبته على كلّ عمل تفصيليّ.
• لا ينبغي للترغيب والثواب أن يأخذا عنوان الاستمالة.
• ينبغي للوالدين أن يفيا بكلّ وعد يقطعانه لأبنائهما، ولا يعطيان وعداً كاذباً أبداً، وإلا ستزول ثقة الأبناء بهم، وستغرس بذور الكذب في ضمائرهم.
• لا ينبغي للأولاد أن يعتادوا على الجوائز الثمينة، ومن الضروري صرفهم عن الكماليّات والرفاهية الزائدة والزخارف. فهذا العمل لا صلاح فيه للأسرة؛ سواءٌ أكان من الناحية الاقتصادية أم من ناحية التربية الروحيّة والأخلاقيّة للولد.
• أن تتمّ الإثابة مباشرة وفور تحقّق العمل المنظور إنجازه.
• أن يتمكّن الولد من خلال تحسين أعماله من الحصول على دفعات من الترغيب والثواب. فلا ينبغي أن يكون الثواب؛ بحيث يصعب كثيراً أو يتعذّر الحصول عليه.
• لا ينبغي التمييز بين الأبناء في الترغيب والثواب، فهذا العمل ليس فقط يزيل أثر الثواب والترغيب من البين، بل يحمل الكثير من الآثار الضارّة.
2 - التأديب:
يمكن للتأديب أن يتّخذ أشكالاً متعدّدة؛ منها النظر إلى الولد نظرة عدم رضا وأحياناً غضب، وعدم الاعتناء، والتوبيخ واللوم بشكلٍ غير علني، وسلب الامتيازات، والحرمان من النزهات أو اللعب أو مشاهدة التلفاز ولقاء الضيوف، وعدم الاعتناء بطلباته، وإظهار الحدّة والتشدّد، والتأديب الجسدي. ففي هذه الأشكال كلّها يوجد من ورائها هدفٌ واحد؛ هو أن يستولي الخوف على الولد، فيرتدع عن فعل الأعمال القبيحة.
وينبغي الإلتفات إلى أنّ التأديب الجسدي غالباً ما يكون غير بنّاء مقارنة مع الموارد التي ذُكِرَت، وقد تصاحبه أضرارٌ لا يمكن جبرانها. ومن هنا، نرى أنّ الإسلام ذمّ هذا النوع من التأديب.
يقول الإمام علي عليه السلام: "إنّ العاقل يتّعظ بالأدب والبهائم لا ترتدع إلّا بالضرب"15.
وفي رواية أنّ شخصاً قد شكا ابنه عند الإمام الكاظم عليه السلام ، فأجابه عليه السلام: "لا تضربه واهجره ولا تُطل"16.
كما يلزم في عملية التأديب مراعاة المسائل التالية:
• الاستفادة من التأديب بعد استنفاذ الأساليب التربويّة الأخرى.
• لا ينبغي للوالدين أن يستعينا بالتأديب الجسديّ.
• لا يعود التأديب بالنفع على الولد إذا كان أمام الناس، وخاصّة أمام الأصدقاء.
• ينبغي أن يُذمّ الولد على فعله وليس لشخصه عند تأديبه.
• لا يشترط أن يكون التأديب من خلال الكلام، فأحياناً تكون نظرة لوم، أو عدم اعتناء، أو أمثالها أكثر فعاليّة.
• لا ينبغي الإفراط في العقاب والتأديب والخروج عن الحدّ، فتضيع الفائدة المرجوّة منه.
• أن نمدح أقران الولد على حسناتهم؛ لنستثير (الغبطة) في أكثر الموارد عند الولد.
• ينبغي للولد أن يعلم سبب تأديبه ومعاقبته؛ كي يتجنّب ذلك العمل.
• أن لا يكون العقاب بدافع الانتقام والتشفّي.
• أحد أساليب تأديب الأحداث المتديّنين؛ هو أن يفهموا بأنّ الله غير راضٍ عن تقصيرهم ومخالفتهم.
• في حال خجل الولد وندمه وتراجعه ينبغي قبول ذلك بكلّ لطف ومحبّة.
• في حال لم تنفع مع الولد الوسائل الأخرى واضطر الأهل اللجوء إلى التأديب الجسدي، ينبغي مراعاة الحدود الشرعية في ذلك، وأن يكون العقاب بحيث لا يترتّب عليه مفاسد وأضرار.
المفاهيم الرئيسة
1. المراد بالعاطفة؛ الاستعداد والميل الفطريّ والعاطفيّ الذي يشكّل دعامة حبّ الإنسان لأخيه الإنسان، وسبباً لنموّ كثير من الكمالات. والعائلة هي المكان الذي ينبغي أن تنمو فيه هذه العواطف الإنسانية وتتأجّج.
2. أيّ نقص في البعد العاطفيّ يؤدّي إلى بروز عوارض سلبيّة؛ كالإحساس بالحقارة والنقص، وربّما يكون سبباً لبروز بعض الانحرافات السلوكيّة والتربويّة. لذا على الوالدين أن يُبرزا محبّتهما وعطفهما لأبنائهما.
3. للتربية العاطفيّة والمحبّة شروط وآداب ينبغي معرفتها، ومراعاتها، والالتزام بها بدقّة وعناية؛ حتى تتحقّق الفائدة، ونصل إلى الأهداف التربويّة المرجوّة بشكل سليم.
4. لأسلوب الرفق، والمداراة، واجتناب العنف والشدّة دور أساس في تربية الأبناء العاطفيّة. وفي المقابل، فإنّ العنف، والشدّة في غير مكانهما يجعلان مذاق الإسلام مرّاً، ويحولان دون هداية الأبناء وتربيتهم تربية دينيّة صحيحة.
5. ينبغي عدم الإفراط والتفريط في موضوع الثواب والعقاب، بل يجب أن يكونا متناسبين مع عمل الولد، فلا يؤدّيان به إلى الغرور والعجب، ولا إلى اليأس والقنوط.
6. للتأديب أشكال وسياسات مختلفة ومتعدّدة، تحتاج في مجملها إلى الاستفادة من الأساليب التربويّة الصحيحة للحيلولة دون الوقوع في مشكلة العنف، والتشفّي، والانتقام.
7. من المبادئ التربوية المهمّة في سياسة التأديب أن يعلم الأبناء ويطّلعوا على الأسباب الحقيقيّة والدوافع الواقعيّة للتأديب؛ لكي يتجنّبوا تكرارها في المستقبل.
للمطالعة
أشرف المسؤوليات
لقد كان هدف المستكبرين منذ البداية أن لا يَدَعُوا بناء الإنسان لئلّا يخسروا منافعهم. إنّ الذي يستطيع سحب المنافع من يدهم هو الإنسان، الإنسان الذي يستطيع القضاء على منافعهم هو الذي نشأ في حضن الأمّ الطاهرة. إنّ الأمر يبدأ من هنا.
إنّ كون المرأة أمّاً وقيامها بتربية الأطفال تعدّ أكبر خدمة للمجتمع. لقد حقّروا هذا التوجّه، وهذه خيانة ارتكبوها بحقّ مجتمعنا. لقد حقّروا الأمومة في أعين الأمّهات، رغم أنّ أشرف الأعمال في العالم هي الأمومة وتربية الأطفال.
إنّ جميع منافع بلدنا يتمّ تأمينها من خلال أحضانكن أيّتها الأمّهات. وهؤلاء لا يروق لهم ذلك، فخطّطوا لأخذ الأطفال من أحضانكن والاحتفاظ بهم في الأماكن التي أعدّوها لذلك، ومن هناك أخذوهم إلى المدارس، وقد أعدّوا الوضع في المدارس بشكل ينشأ فيه الأطفال فاسدين. ثم هيّؤوا الأجواء في المراحل التالية بشكل لا يبقى فيها مجال للفضائل الإنسانية. إنّ الهدف هو أن لا تتمّ تربية الإنسان الفاضل في البلد.
بيد أنّ كلّ ذلك قد انتهى الآن بحمد الله، وآمل أن لا يجدوا لهم موطئ قدم بعد الآن، بهممكنّ أنتنّ النساء اللّاتي دفعتنّ بهذه النهضة إلى الأمام. إنّ الذين تمّت تربيتهم على يد أولئك لم يكن لهم اهتمام بهذه المسائل. إنّ الذي سار بهذه النهضة إلى الأمام أنتنّ حيث قمتنّ بخدمتها، لقد قمتنّ بخدمة النهضة في كلّ الأوقات.
إنّ هذه المظاهرات التي حدثت في إيران كانت بفضل أقدامكنّ وتضحياتكنّ. أنتنّ اللّاتي كانت قلوبكنّ تتألّم من أجل البلد، لقد احترقت قلوبكنّ من أجل الشعب، أنتنّ اللّاتي تتبعن الإسلام، أنتنّ اللّاتي دفعتنّ بهذه النهضة إلى الأمام، أنتنّ اللّاتي تستطعن إنقاذ البلد من خلال تربية الأطفال.
لقد حقّروا في أعينكنَّ مهمّة تربية الأطفال، مع أنّ تربية الأطفال تعدّ من المهام النبيلة إذ هي في جميع المجتمعات أفضل من جميع الأعمال. ليس هناك من عمل يوازي شرف الأمومة. وهؤلاء قد أسقطوا هذا العمل واحتقروه، وهذه خيانة كبيرة ارتكبوها بحقّنا وبحقّ أمتنا، لقد جعلوا الأمّهات ينصرفن عن تربية الأطفال.
اعتَبَروا تربية الأطفال شيئاً حقيراً، رغم أنّ حضن الأمّ أنجب مثل مالك الأشتر. ومن حضن الأمّ ينشأ الحسين بن علي عليه السلام. في أحضان الأمّهات ينشأ العظام الذين ينقذون شعباً بأكمله. لقد جعلوا هذا أمراً ضئيلاً. لقد حرصوا على إبقاء اهتمام الأمّهات بعيداً عن مهامهنّ الطبيعية، بعيداً عن مصير الأمّة، ولا شأن لهنّ بمصير هذا الشعب17.
1- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج21، ص419.
2- الكافي، ج6، ص49.
3- بحار الأنوار، ج72، ص136.
4- م.ن، ج104، ص97.
5- م.ن ، ج101، ص 91.
6- م.ن، ص 99.
7- نهج البلاغة، الخطبة 234.
8- وسائل الشيعة، ج21، ص 485.
9- م.ن، ص485.
10- م.ن، ج15، ص203.
11- وسائل الشيعة، ج15، ص203.
12- مستدرك الوسائل، ج15، ص 171.
13- بحار الأنوار، ج101، ص92.
14- أصول الكافي، ج2، ص86.
15- بحار الأنوار، ج68، ص328.
16- م.ن،ج 101، ص99.
17- صحيفة الإمام الخميني، ج7، ص323.
التعلیقات